قالت دار الإفتاء المصرية، إنه لا مانع شرعًا من التبرع بالدم إذا اقتضت الضرورة ذلك، بشرط أن يكون مُحَقِّقًا لمصلحةٍ مُؤكدةٍ للإنسان، وألَّا يؤدي إلى ضررٍ على المتبرِّع كليًّا أو جزئيًّا، وأن يتحقق خُلُوُّه من الأمراض الضارة، وأن يكون كامل الأهلية.

حكم التبرع بالدم

وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على سؤال: ما حكم التبرع بالدم وثوابه؟ أنه للمتبرِّع ثوابٌ عظيمٌ وجزاءٌ جزيلٌ على تبرعه هذا؛ لقوله تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داود وغيره.

أوضحت أن التبرع بالدم إن كان يُنقذ إنسانًا من هلاك محقق وأقرَّ أهل الخبرة من الأطباء العدول أن ذلك لا يضر مَن تبرع، ولا يُؤثر على صحته وحياته وعمله، فلا مانع من الترخيص في ذلك إن خلا من الضرر، ويُعد ذلك من باب الإذن الشرعي الذي فيه إحياء للنفس التي أمر الله بإحيائها، ومن باب التضحية والإيثار، وهو ما أمر به القرآن: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9].

ضوابط التبرع بالدم

وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإن التبرع بالدم لا مانع منه شرعًا، خاصة أن الدم عضو مُتجدد، بل دائم التجدد والتغير، وذلك بالضوابط والشروط الآتية:

- وجود ضرورة قُصْوى عند التبرع، كأن يكون بعض الناس أو الأفراد في حاجة ماسة إلى كميات من الدم لإنقاذ حياتهم من الهلاك أو الإشراف على الهلاك؛ كالحوادث والكوارث والعمليات الجراحية.

- أن يكون التبرع بالدم مُحَقِّقًا لمصلحة مُؤكدة للإنسان من الوجهة الطبية، ويَمنع عنه ضررًا مؤكدًا.

- أن لا يؤدي التبرع بالدم إلى ضرر على المُتَبَرع كليًّا وجزئيًّا، أو يمنعه من مزاولة عمله في الحياة ماديًّا أو معنويًّا، أو يؤثر عليه سلبًا في الحال أو المآل بطرق مؤكدة من الناحية الطبية.

- أن يتحقق بالطرق الطبية خلو المُتَبَرِّع بالدم من الأمراض الضارة بصحة الإنسان؛ لأنه لا يجوز شرعًا دفع الضرر بالضرر.

- أن يكون المتبرع بالدم إنسانًا كامل الأهلية.

ثواب التبرع بالدم

أما عن ثواب المتبرِّع فإن القادر الصحيح إذا أعطى الدم لمريض في حاجة ماسة إليه استحقَّ من الله تعالى ثواب ما أعطى وجزاء ما قدَّم بإنقاذه من مهلكة أو برفعة درجاته، أو بحط سيئاته؛ قال تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: 60]،.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لا يَظْلِمُهُ وَلا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه البخاري، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ عَلَى مُسْلِمٍ سَتَرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: التبرع بالدم دار الإفتاء ال الأطباء التبرع بالدم ال ق ی ام ة ال إ ح س ان ع بالدم أن یکون

إقرأ أيضاً:

آداب الطريق.. احذر من البصق على الأرض ممنوع شرعا

حرصَ الإسلامُ على النظافة، وحثَّ أتباعه على اقتفائها، وشَرَع لهم من العبادات ما يحقِّق هذه الغاية، وذلك يأتي في سياق أَنَّ الدين الإسلامي قد وضع ضوابط وآدابًا تَصون كرامةَ الفرد، ويُراعَى فيها شعور المجتمع وتحميه من كل أذى وعدوان.

خطيب الجامع الأزهر: اجتمع كل دين الإسلام في هذا الحديث النبويعلي جمعة: الإسلام علّم الإنسانية مبادئ الحرب الرحيمةآداب الطريق

وعَدَّ رسول الله، كف الأذى عن الطريق،  حَقًّا مِن حقوق الطريق التي ينبغي مراعاتها، ولا شك أنَّ البَصْق على الأرض مِن الأفعال التي يتأذَّى بها الطَّبْع البشري ويستقذرها، كما أنَّه يتنافى مع أهمية النظافة التي شدَّد عليها الإسلام، فالأَوْلَى بالمسلم أن يَتحرَّز عن هذه الفِعْلة المستقذرة لينال الأجر بالتزامه النظافة والطهارة المطلوبَين شرعًا.  

وجَعَل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مِن حق الطريق: كف الأذى، وهو لفظ عام ويَشْمَل كل أنواع الأذى، والذي منه التَّنَخُّم -أي: إخراج النُّخَامة وبَصْقها- على الأرض في الطرقات العامة؛ فهو أمر مستقذرٌ طَبعًا، ويُؤَدِّي إلى نفور النَّاس من الأماكن التي تُلْقَى فيها النُّخَامة، بل قد يؤدّي إلى إلحاق الأذى بهم؛ كإصابتهم بالأمراض والأوبئة.

ولاستقذار هذا الأمر -أي: التَّنَخُّم-؛ وَرَد النهي عن فعله في المسجد؛ ففي الحديث: «الْبُزَاقُ في الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» رواه البخاري.

وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ في وَجْهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَتْفُلْ هَكَذَا» وَوَصف القاسم بن مهران -أحد رواة الحديث- فتَفَل في ثوبه ثم مسح بعضه على بعض. رواه مسلم.

ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عُرِضَتْ عَلَىَّ أَعْمَالُ أُمَّتِى حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا؛ فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ في مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ في الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ» رواه مسلم.

البصق على الأرض

وهذه النصوص النبوية وإن كانت واردة في شأن البصق في المسجد، لكن يُقاس عليها غيرها من الأماكن التي يرتادها الناس بجامع الاستقذار في كُلٍّ؛ فلا فرق في استقذار هذا الأمر بين كونه في أماكن اجتماع الناس للصلاة، واجتماعهم في وسائل المواصلات والحدائق العامة والشوارع والطرقات، فالاستقذار الحاصل من التَّنَخُّم وارد في كليهما.

ومع هذا؛ فقد يكون التَّنَخُّم أمرًا عارضًا يحتاج إليه الإنسان، ولو مُنِع من إخراجه لأصيب بأضرار صحية؛ لذا أجاز الفقهاء في هذه الحالة التَّنَخُّم على الأرض، لكنهم أرشدوا إلى فعل الأَوْلَى في ذلك.

وينبغي للمسلم ألا يَبْصُق على الأرض؛ لأنَّه فعلٌ مُستَقذَرٌ طَبْعًا، وقد يؤدّي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، والأفضل إذا عَرَض التَّنَخُّم للإنسان أن يلقيه في منديل، فإن لم يتيسر له ذلك فليُلقه في طرف ثوبه، فإن لم يستطع فليدفن بصاقه أو يدلكه برجله؛ لأنَّه إذا دُفِن لا يَبْقى له أَثَرٌ، فلا يَلْحَق الآخرين منه أذى.

طباعة شارك آداب الطريق البص الأماكن العامة النخامة كف الأذى النظافة البصق على الأرض

مقالات مشابهة

  • تحت الضوء
  • فضل الحج في الإسلام .. يُنقّي العبد من الذنوب والآثام
  • ثواب لمس ومسح الحجر الأسود في الحج.. الأزهر يكشف فضله
  • صحة البحيرة تُعلن عن حاجتها للتعاقد مع أطباء بعيادات تنظيم الأسرة.. اعرف شروط التقديم
  • فتاوى تشغل الأذهان.. حكم من نوى يضحي ولم يستطع.. وهل الطواف في الطوابق العليا يعدل ثواب أدائه في صحن الحرم؟ ومن هو المضطر الذي يستجيب الله دعاءه؟
  • حكم تغيير وجهة التبرع دون إذن المتبرع.. المفتي يوضح
  • بنوك الدم خاوية في غزة والمجاعة تؤثّر على صحة المتبرعين
  • آداب الطريق.. احذر من البصق على الأرض ممنوع شرعا
  • حتى لا يفوت الثواب.. آخر موعد يجوز فيه نحر الأضحية وطريقة توزيعها
  • أسامة فخري: بر الوالدين يعادل ثواب الحج والعمرة والجهاد