قادة عرب يهنئون ترامب ويتطلعون لإحلال السلام بالمنطقة
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
الولايات المتحدة – قدم زعماء ورؤساء عرب، امس الأربعاء، التهاني إلى المرشح الجمهوري دونالد ترامب لفوزه بانتخابات الرئاسة الأمريكية، متطلعين إلى التعاون وإحلال السلام والاستقرار بالمنطقة.
جاء ذلك في مواقف رسمية صادر عن السعودية والإمارات وقطر والكويت والبحرين وسلطنة عمان، ومصر والأردن وفلسطين والعراق ولبنان واليمن والسودان وموريتانيا والجزائر والمغرب.
وبعد تجاوزه 270 صوتا اللازمة للفوز، أفادت وكالة “أسوشيتد برس” بأن ترامب أصبح الرئيس الـ47 للولايات المتحدة بفوزه بواقع 277 صوتا في المجمع الانتخابي، مقابل 224 لمنافسته الديمقراطية كامالا هاريس.
** تمنيات بتعزيز التعاونوبعث العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير محمد بن سلمان برقيتي تهنئة إلى ترامب بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية، متمنين له التوفيق ولشعب الولايات المتحدة المزيد من التقدم والازدهار، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية بالبلاد.
ووجه رئيس الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عبر منشور بمنصة إكس، التهنئة إلى ترامب، متمنيا له التوفيق في خدمة الشعب الأمريكي، متطلعا إلى “مواصلة تعزيز هذه الشراكة خلال الفترة المقبلة”.
وكذلك قال أمير قطر، في منشور عبر حسابه بمنصة إكس: “أهنئ الرئيس المنتخب دونالد ترامب على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، أتمنى لك كل التوفيق خلال ولايتك”.
وأضاف: “أتطلع إلى العمل معًا مرة أخرى لتعزيز علاقتنا وشراكتنا الاستراتيجية، وتعزيز جهودنا المشتركة في تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم”.
وبعث أمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، برقية تهنئة إلى ترامب، مشيدا بالعلاقات التاريخية والراسخة التي تجمع البلدين، وفق ما نقلته وكالة الأنباء الرسمية للبلاد.
كما بعث عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى، برقية تهنئة إلى ترامب، مشيدين بالعلاقات الاستراتيجية والشراكة الوثيقة التي تجمع البلدين، متطلعا إلى العمل معا لتعزيز علاقات التعاون وتعزيز الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة، وفق وكالة الأنباء الرسمية للبلاد.
وهنَّأ سلطان عمان هيثم بن طارق، عبر برقية تهنئة ترامب بمناسبة انتخابه رئيسًا جديدًا للولايات المتحدة، متطلعا للدفع بالجهود الرامية لنشر السلام والاستقرار في كافة دول العالم.
** تطلعات إلى استقرار المنطقةبدوره، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في منشور عبر حسابه الرسمي بفيسبوك: “أتقدم بخالص التهنئة للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب وأتمنى له كل التوفيق والنجاح في تحقيق مصالح الشعب الأمريكي”.
وأعرب عن “التطلع للوصول مع ترامب لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين”.
وأضاف: “لطالما قدم البلدان نموذجا للتعاون ونجحا سويا في تحقيق المصالح المشتركة للبلدين الصديقين، وهو ما نتطلع إلى مواصلته في هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم”.
وفي وقت لاحق مساء الأربعاء، أجرى الرئيس المصري، اتصالا هاتفيا، بترامب”، هنأه بالفوز، مؤكدا “تطلع مصر لاستكمال العمل المشترك في ضوء التعاون المميز بين الجانبين الذي شهدته فترة ولايته الأولى (2017-2021)، وبما يعود على الشعبين المصري والأمريكي بالمنفعة المشتركة، ويحقق الاستقرار والسلام والتنمية في منطقة الشرق الأوسط”، وفق بيان للرئاسة المصرية.
ومن جانبه أكد ترامب “اعتزازه بعلاقات الشراكة الاستراتيجية التي تجمع البلدين، وحرص الولايات المتحدة على تعزيزها وتطويرها بما يحقق المصالح المشتركة سواء على المستوى الثنائي أو على صعيد حفظ السلم والأمن الإقليميين”، وفق المصدر ذاته.
بينما كتب ملك الأردن عبد الله الثاني، في منشور على حسابه بمنصة إكس: “أطيب التهاني للرئيس دونالد ترامب على فوزه في الانتخابات الرئاسية الأمريكية”.
وأضاف: “أتطلع إلى العمل معك مجددا لتعزيز الشراكة الطويلة الأمد بين الأردن والولايات المتحدة، في خدمة السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي للجميع”.
وفي اتصال هاتفي مع ترامب، أكد الملك عبد الله الثاني “متانة علاقات الصداقة والشراكة الاستراتيجية بين البلدين، والحرص على توطيدها وتعزيز التعاون في مختلف المجالات”، وفق بيان للديوان الملكي، وصل الأناضول.
وشدد على “ضرورة تكثيف الجهود الدولية للحفاظ على أمن المنطقة وحماية السلم والأمن الدوليين، مشيرا إلى دور الولايات المتحدة المحوري بهذا الخصوص”، وفق ذات المصدر.
** مرحلة جديدةوهنأ رئيس فلسطين محمود عباس، في برقية، ترامب بانتخابه رئيسا للولايات المتحدة، متطلعا إلى العمل معه من أجل السلام والأمن في المنطقة، مؤكدا “التزام شعبنا بالسعي إلى الحرية وتقرير المصير والدولة، وفق القانون الدولي”، بحسب وكالة الأنباء الرسمية “وفا”.
في سياق متصل، هنأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ترامب والشعب الأمريكي بنجاح العملية الانتخابية.
وكتب السوداني، في منشور على حسابه بمنصة إكس: “نؤكد التزام العراق الثابت بتعزيز العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة على أسس من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة”.
وأضاف: “نتطلع لأن تكون هذه المرحلة الجديدة بداية لتعميق التعاون بين بلدينا في مجالات متعددة، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ويعود بالنفع على الشعبين الصديقين”.
الرئيس العراقي عبد اللطيف جمال رشيد، هنأ ترامب أيضا في منشور على حسابه بمنصة إكس، وتمنى له ولإدارته التوفيق في قيادة الولايات المتحدة نحو مزيد من التقدم والازدهار.
وأضاف: “كما نتطلع إلى مرحلة جديدة يسودها الأمل في تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وتعزيز العلاقات البناءة”.
وفي تعليق مقتضب، وجه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، خلال جلسة مجلس الوزراء “التهنئة إلى الرئيس المنتخب والشعب الأمريكي على ممارسته الديمقراطية”، وفق وكالة الأنباء الرسمية للبلاد.
** آمال بترقية العلاقاتوبعث رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، برقية تهنئة إلى ترامب بمناسبة فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، وأشاد بمواقف ترامب وإدارته خلال ولايته السابقة إلى جانب اليمن وشعبه، وقيادته السياسية، وتطلعاته في استعادة مؤسسات الدولة، وفق وكالة الأنباء الرسمية بالبلاد.
وهنأ رئيس مجلس السيادة الانتقالي في السودان عبد الفتاح البرهان، في منشور بمنصة إكس، ترامب على فوزه بالانتخابات الرئاسية معربا عن تطلع بلاده لتطور العلاقات السودانية الأمريكية.
كما هنأ الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني عبر منشور بحسابه على منصة “إكس” ترامب مؤكدا رغبته في تعزيز التعاون بين نواكشوط وواشنطن.
وفي بيان للرئاسة الجزائرية، هنأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ترامب، وأعرب عن عزمه “العمل معه لترقية علاقات البلدين إلى آفاق أرحب أجل بما يخدم مصالحهما المشتركة”
كما قدم العاهل المغربي الملك محمد السادس، برقية تهنئة لترامب، وأعرب عن “تطلعه للتعاون المشترك من أجل إحلال الأمن في الشرق الأوسط وإفريقيا”، وفق وكالة الأنباء الرسمية بالبلاد.
الأناضول
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: السلام والاستقرار الولایات المتحدة تهنئة إلى ترامب والاستقرار فی دونالد ترامب إلى العمل مع برقیة تهنئة فی المنطقة فی تحقیق فی منشور
إقرأ أيضاً:
استراتيجية «السلام بالقوة» وممانعة الشعوب
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية ثانية في يناير 2025، اتضح سريعاً أن السياسة الخارجية الأمريكية تسير على نهج أكثر صرامة ووضوحاً في إعادة تعريف مفهوم «السلام»، لا بوصفه، بحسب أدبيات التطبيع، عمليةً سياسية تقوم على التفاوض والتنازلات المتبادلة، بل كأداة للإخضاع وفرض الأمر الواقع. فقد جاء ترامب هذه المرة بفريق أكثر انسجاماً مع فكرته القديمة-الجديدة: السلام بالقوة (Peace by Force)، يتقدّمه وزير خارجيته ماركو روبيو، المعروف بتشدّده حيال قضايا الشرق الأوسط، ومعه نخبة من المستشارين الأمنيين والعسكريين الذين يرون أن الإكراه العسكري والاقتصادي هو الطريق الأقصر إلى الاستقرار.
وبموازاة ذلك، واصل رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تمسكه بعقيدة «السلام مقابل السلام»، أي نفي مبدأ المقايضة السياسية، ورفض أي التزامات تجاه الفلسطينيين أو العرب، سواء انسحاباً من الأراضي المحتلة أو قبولاً بحل الدولتين. هذه التوأمة بين ترامب ونتنياهو ـــ في نسختيهما الأشد تطرفاً ــــ هي ما شكّل الموجة الجديدة من «السلام القسري»، التي لا تكتفي بنفي حقوق الشعوب، بل تسعى إلى فرض الاستسلام عليها من بوابة القوة العارية.
لكن هذه الإستراتيجية ـــ وإن بدت ناجحة في ظاهرها من حيث إبرام اتفاقيات أو تحالفات إقليمية ــــ تغفل عاملاً حاسماً: رفض الشعوب للخضوع القسري، خصوصاً حين يمسّ كرامتها وهويتها التاريخية. وهو ما ظهرت مؤشراته بوضوح في فلسطين ولبنان وإيران وسوريا، بل حتى في بعض الدول العربية المطبعة.
من »صفقة القرن« إلى »سلام الأمر الواقع«
لم تكن إستراتيجية «السلام بالقوة» وليدة الولاية الثانية لترامب، بل تعود جذورها إلى «صفقة القرن» التي طرحها في ولايته الأولى، والتي صاغها صهره جاريد كوشنر. إلا أن الفرق الجوهري أن فريق ترامب الجديد في 2025 لم يعد يتحدّث بلغة الصفقة ولا حتى التسوية، بل بلغة فرض المعادلة الجديدة بالقوة، من دون الحاجة إلى أي تغليف ديبلوماسي.
فماركو روبيو، الذي تولى وزارة الخارجية، دائماً ما عبّر عن موقفه الرافض لحل الدولتين، ودعوته إلى تعزيز «الردع الإسرائيلي»، مؤكّداً أن «السلام لا يأتي بالمفاوضات بل بإسكات الطرف الآخر». إلى جانبه، وقف مستشارو الأمن القومي الجدد الذين يميلون إلى الصقورية الكاملة، ناظرين إلى أن الشرق الأوسط لا يفهم سوى منطق القوة، وأن دعم إسرائيل في سحق معارضيها، سياسياً أو عسكرياً، هو الطريق الأقصر لترسيخ الهيمنة الأمريكية.
وقد انعكست هذه العقيدة في دعم مطلق لحملة نتنياهو في غزة ولبنان وسوريا، ورفع الغطاء عن أي نقد دولي للجرائم المرتكبة بحق المدنيين، بوصفها «أثماناً ضرورية» لتحقيق الاستقرار.
السلام مقابل السلام
منذ منتصف العقد الثاني من القرن الحالي، ومع صعود نتنياهو، تخلّت إسرائيل عملياً عن منطق «الأرض مقابل السلام» الذي شكّل أساساً لمؤتمرات مدريد وأوسلو، لتنتقل إلى معادلة أكثر تطرفاً: «السلام مقابل السلام»، أي تطبيع العلاقات دون تقديم أي شيء في المقابل. هذه المعادلة ما كانت لتترسّخ لولا الغطاء الأمريكي الصلب، والذي بلغ ذروته مع إدارة ترامب الثانية، حيث لم تعد واشنطن ترى في الاحتلال أو الاستيطان عوائق للسلام، بل تحسبهما من عناصر السيادة الإسرائيلية.
تراهن واشنطن وتل أبيب على أن الشعوب منهكة، وأنها باتت تفضّل الخبز على الكرامة، والصمت على المقاومة، ولكن الوقائع تثبت غير ذلك
ووفقاً لهذا المنطق، لم تعد إسرائيل ملزمة حتى بإطلاق مفاوضات شكلية مع الفلسطينيين. فالمطلوب ليس سلاماً سياسياً، بل إخضاع تام يفرضه تفوق عسكري – اقتصادي مدعوم أمريكياً. وهذا هو جوهر السلام بالقوة. وقد طبّق الكيان الإسرائيلي عقيدته السياسية القائمة على أساس السلام بالقوة، في غزّة ولبنان وسوريا.
غزة.. سحق الإرادة بالصواريخ
بعد العمليات التي شنّتها المقاومة الفلسطينية في 2023، شنّت إسرائيل واحدة من أعنف الحروب على غزة، بدعم أمريكي غير مسبوق من إدارة ترامب الجديدة. الحملة لم تكن تستهدف فقط الردع، بل سحق الإرادة الشعبية، وتدمير أي بنية تحتية يمكن أن تُبقي على المقاومة حيّة.
منطق هذه الحرب لم يكن عسكرياً صرفاً، بل نموذجاً عملياً لإستراتيجية السلام بالقوة: أن يُجبر سكان غزة على الرضوخ بسبب انعدام الخيارات، وأن يُفرض على الفلسطينيين «سلام الأمر الواقع» بعدما يُمحى كل أثر للمقاومة. لكن النتيجة كانت مغايرة. فرغم الدمار الهائل، لم تنهَر الروح الجمعية، بل أثبت المجتمع الفلسطيني أن الكرامة لا تُشترى بالقصف، وأن الذاكرة التاريخية لا تموت تحت الأنقاض.
لبنان.. تصفية معادلة الردع
على الجبهة الشمالية، سعت إسرائيل ــــ مدفوعةً بمنطق ترامب وروبيو ــــ إلى إسقاط معادلة الردع مع حزب الله، التي ثبتت منذ 2006، فشنّت سلسلة اغتيالات وهجمات جوية، واستعدت لمعركة قد تكون شاملة. الهدف هنا لا يتوقف عند حدود الردع العسكري، بل يمتد إلى تغيير المعادلة السياسية في لبنان، وإنهاء أي قدرة على الممانعة، وفرض منطق الهيمنة الكاملة.
لكن المجتمع اللبناني، رغم انقساماته، لا يزال يتمسك بفكرة السيادة، وأن الانهيار الاقتصادي لم يلغِ الوعي بأن ما يُراد للبنان ليس السلام، بل استسلام باسم الاستقرار.
سوريا.. هندسة شرق أوسط جديد بالنار
في سوريا، استغل الكيان الإسرائيلي الغطاء الأمريكي المطلق لتصعيد غاراته، وتصفية كل ما يعدّه «تهديداً إستراتيجياً». وسكتت إدارة ترامب عن كل تلك الهجمات، بل وفّرت لها غطاءً سياسياً في المحافل الدولية. الغرض من ذلك لم يكن مجرد منع التموضع الإيراني، بل إعادة هندسة الخريطة الجيوسياسية لسوريا والمنطقة، عبر إرغامها على البقاء خارج «محور المقاومة»، والقبول بوضعية خاضعة. ليس مستغرباً أن تكون 200 غارة إسرائيلية على سوريا خلال يومين لا صلة لها بحوادث السويداء، بحسب الإعلام العبري.
لكن هذا الهدف لم يتحقق بالكامل، نظراً إلى تشابك المعادلات الإقليمية، وصعوبة فصل سوريا عن محيطها المقاوم، رغم كل الضغوط.
ممانعة الشعوب.. العامل الحاسم
تراهن واشنطن وتل أبيب على أن الشعوب منهكة، وأنها باتت تفضّل الخبز على الكرامة، والصمت على المقاومة. لكن الوقائع تثبت غير ذلك. فالشعوب التي قد تقبل مؤقتاً بالحرب الناعمة، لا تلبث أن تثور حين يُطلب منها القبول بالإذلال، وهذا ما حصل في غزة، ولبنان، وسوريا، وما يلوح في الأفق حتى في المجتمعات المطبّعة.
فالسلام القسري لا يبني شرعية، بل يعمّق الاحتقان، ويحوّل الهدوء الظاهري إلى قنبلة موقوتة، ولا يمكن لقوة عسكرية، مهما بلغت، أن تُخضع الذاكرة الجمعية لشعب، أو أن تطمس معنى الحق.
سوف يكتشف المراهنون على «القوة العارية» لفرض الاستسلام فشل رهانهم، وهذا الفشل يعود إلى عدم إدراك المعنى الثقافي والحضاري والنفسي العميق للكرامة. حين يُفرض «الاستسلام» من طرف واحد، وتُجرد الشعوب من كرامتها وتاريخها، فإنه قد يتحول إلى تهدئة شكلية، أو إلى هدنات مؤقتة تنهار عند أول اختبار.
إنّ إدارة ترامب، في ولايته الثانية، تُعيد إنتاج منطق استعمار القرن التاسع عشر، القائم على «جلب الحضارة بالقوة»، ولكن هذه المرة تحت مسمّى «السلام». وهو منطق تجاوزه التاريخ، ولا يمكن أن يصمد أمام عناد الشعوب.
إنّ العقيدة الجديدة التي تبنّتها إدارة ترامب الثانية، بالتحالف مع اليمين الإسرائيلي، تقوم على وهم كبير: أن السلام يمكن أن يُفرض من فوهة البندقية، وأن الشعوب يمكن أن تُروّض بالقهر الاقتصادي والعسكري. لكن التاريخ في منطقتنا، من فلسطين إلى لبنان وسوريا، علّم الجميع أن الكرامة لا تموت بالقوة، وأن الهوية لا تُستبدل بصفقات.
وقد يحقّق الكيان الاسرائيلي انتصارات تكتيكية، وقد تنجح إدارة ترامب في توقيع اتفاقيات شكلية، ولكنها لن تصنع سلاماً حقيقياً. لأن هذا السلام، في جوهره، استسلام. وإنّ قدر شعوب هذه المنطقة المقاومة.