تأثير فوز ترامب على القضية الفلسطينية والعلاقات العربية
تاريخ النشر: 7th, November 2024 GMT
أحمد بن محمد العامري
ahmedalameri@live.com
تعود الولايات المتحدة كفاعل رئيسي في الشرق الأوسط كلما شهدت تغييرات في إدارتها، لا سيما حين تكون هذه الإدارة عائدة إلى البيت الأبيض بنهج وسياسات غير تقليدية مثلما هو الحال مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
فوز ترامب بولاية رئاسية ثانية سيحمل تداعيات عميقة على القضايا العربية، وبالأخص القضية الفلسطينية، التي تأثرت بشكل كبير خلال فترة ولايته الأولى، فماذا قد يحمل فوز ترامب لهذه القضية المحورية؟ وما انعكاسات ذلك على العلاقات العربية والدولية؟
1.
تقوية الدعم الأمريكي لإسرائيل على حساب الحقوق الفلسطينية
إن عودة ترامب إلى السلطة قد تكون بمثابة تعزيز للمواقف المتشددة تجاه القضية الفلسطينية، حيث يُتوقع أن يعيد ترامب دعمه اللامحدود لإسرائيل، بما في ذلك سيادتها على الأراضي المحتلة -سبق أن اعترفت إدارته بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقلت السفارة الأمريكية إليها- كما دعمت شرعنة المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية. هذه الخطوات تعتبر محاولة لتغيير الحقائق على الأرض وتكريس الاحتلال، مما يجعل أي حل سياسي مستقبلي أكثر صعوبة.
بالإضافة إلى ذلك، قد يسعى ترامب إلى تهميش دور المؤسسات الدولية، مثل الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، التي تقدم دعمًا للحقوق الفلسطينية وتدعو إلى حل الدولتين، هذا التوجه سيعزز من موقف إسرائيل في المحافل الدولية ويقلل من الضغوط عليها لإيجاد تسوية عادلة.
2. التطبيع العربي الإسرائيلي وتداعياته على القضية الفلسطينية
خلال فترة رئاسة ترامب الأولى، شهدنا تطبيع عدد من الدول العربية لعلاقاتها مع إسرائيل عبر "اتفاقيات أبراهام". ومع العودة للبيت الأبيض قد يضغط ترامب على دول عربية أخرى من أجل السير في هذا الاتجاه، في ظل تشجيع أمريكي للتعاون بين إسرائيل والعالم العربي على أسس اقتصادية وأمنية.
إلا أن هذه الخطوات قد تؤدي إلى شعور الفلسطينيين بالعزلة، إذ قد يجدون أنفسهم في موقف ضعيف دبلوماسياً أمام انفتاح عربي متزايد على إسرائيل دون وجود تقدم حقيقي في ملف حقوقهم الوطنية.
ومثل هذا السيناريو سيضعف الموقف العربي حول القضية الفلسطينية، وقد يجعلها قضية ثانوية على جدول الأولويات الإقليمية.
3. الضغوط المالية والسياسية على السلطة الفلسطينية
سبق أن قطعت إدارة ترامب السابقة الدعم المالي عن وكالة الأونروا ومؤسسات دولية وفلسطينية، وسياسة كهذه قد تتكرر، مما يضاعف الأعباء الاقتصادية على الفلسطينيين ويؤدي إلى تدهور الأوضاع الإنسانية في غزة والضفة الغربية، إن تقليص الدعم قد يدفع السلطة الفلسطينية إلى اتخاذ قرارات صعبة ويزيد من صعوبة تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، ما يؤدي إلى مزيد من التوترات الداخلية.
كذلك، قد يتعرض الفلسطينيون لعزلة دبلوماسية في حال تجاهلت الإدارة الأمريكية الجديدة طلباتهم، وقلصت من دعمها للهيئات الدولية التي تسهم في تحسين أوضاعهم، مما يضعف من أوراق الضغط السياسي المتاحة لهم.
4. تصاعد الاستقطاب الإقليمي وتفاقم التوتر مع إيران
عودة ترامب قد تعني إعادة التركيز على مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث من المتوقع أن يدفع بحلفائه العرب إلى تبني مواقف أكثر تشدداً تجاه إيران، هذا التصعيد قد يساهم في خلق حالة استقطاب إقليمي بين الدول العربية المؤيدة لهذا المحور والمناهضة له.
وتداعيات هذا الاستقطاب قد تكون كارثية، حيث يمكن أن يتسبب في توترات عسكرية أو حتى صراعات داخل بعض الدول العربية مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن، مما يعمّق من أزمات هذه الدول ويزيد من معاناة شعوبها.
5. تجاهل حقوق الإنسان وتدعيم سياسات الاستبداد
تميل سياسات ترامب إلى إعطاء الأولوية للمصالح الاقتصادية والأمنية على حساب حقوق الإنسان، وهذا النهج قد يشجع بعض الأنظمة العربية على اتخاذ إجراءات قمعية ضد المعارضة والتضييق على الحريات.
قد تجد بعض الأنظمة العربية في غياب الضغوط الأمريكية بشأن حقوق الإنسان فرصة لتوسيع سيطرتها وتقوية نفوذها الداخلي، خاصةً إذا استمر الدعم الأمريكي المباشر لها.
وهذه السياسة قد تؤدي إلى تراجع الحريات العامة وتفاقم قضايا حقوق الإنسان في بعض الدول العربية، مما يؤثر على استقرار المجتمعات بشكل عام.
6. تعزيز الصفقات الاقتصادية على حساب الحلول السياسية
تعكس سياسة ترامب في الشرق الأوسط تفضيله للصفقات التجارية والعقود الاقتصادية، ومن المحتمل أن يركز في حال فوزه على تعزيز صفقات اقتصادية كوسيلة لتحقيق الاستقرار السياسي، بدلاً من الضغط لحل القضية الفلسطينية بطرق دبلوماسية مستدامة.
هذا النهج التجاري قد يحقق مكاسب اقتصادية قصيرة الأمد للدول العربية، إلا أن غياب الحلول السياسية الدائمة سيتسبب بتفاقم الأزمات على المدى الطويل، فالاقتصاد وحده لا يمكن أن يكون بديلاً عن تحقيق العدالة والحلول الشاملة، وقد يؤدي هذا إلى زيادة التوترات في المستقبل بسبب غياب رؤية سياسية متكاملة.
الخلاصة.. أنه مع عودة ترامب للرئاسة الأمريكية، من المرجح أن يواجه الفلسطينيون تحديات أكبر في ظل دعم أمريكي غير محدود لإسرائيل، وتزايد التطبيع العربي معها. وهذا الدعم قد يعزز من حالة الانقسام العربي ويزيد من تدهور الأوضاع في بعض الدول العربية.
إن عودة ترامب قد تجعل الحلول السياسية بعيدة المنال وتدفع باتجاه تفاقم الأزمات الإنسانية والسياسية في المنطقة.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
برلماني: مصر كانت و لا زالت في طليعة الدول الداعمة للقضية الفلسطينية
أكد الدكتور جمال أبو الفتوح، عضو مجلس الشيوخ، أن مصر بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي تبذل جهودًا مضنية على كافة الأصعدة لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتقديم الدعم الكامل للشعب الفلسطيني الشقيق، موضحًا بأن تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جاءت لتكشف أمام العالم أجمع حجم تلك الجهود ومدى وانعكاساتها على القضية الفلسطينية وإقرار حقوق الشعب الفلسطيني، مشيرًا إلى أن الخارجية المصرية قادت معركة دبلوماسية تاريخية لرفض التهجير القسري وأيضا لإدانة العدوان الإسرائيلي والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، وحماية المدنيين الأبرياء.
وأضاف "أبو الفتوح"، أن الدبلوماسية المصرية لم تدخر جهدًا في التواصل مع كافة الأطراف الفاعلة لدفع عملية السلام والوصول إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، موضحًا أنها قدمت كافة سبل الدعم الإغاثي والإنساني، منوهاً بأن مصر كانت وما زالت في طليعة الدول التي تقدم المساعدات الإنسانية والإغاثية لقطاع غزة، مشددًا على أن المعابر المصرية لم تتوقف عن استقبال وإدخال المساعدات الإغاثية والطبية والوقود، بالرغم من كل التحديات، بخلاف ذلك فإن مصر قدمت الرعاية الطبية ونجحت في استقبال الجرحى والمصابين الفلسطينيين.
وأشار عضو مجلس الشيوخ، إلى أنه على الصعيد السياسي، فإن الجميع يدرك أن مصر تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية والأولى، وأن دعم حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية هو مبدأ ثابت لا يمكن التنازل عنه، مؤكداً بأن هناك إيمان راسخ لدى مصر شعبا وقيادة بعدالة القضية الفلسطينية، وأن تضحيات الشعب الفلسطيني وصموده إزاء الجرائم الإنسانية التي ترتكب كل لحظة ستنجح في إنهاء هذا الاحتلال والحفاظ على أرضه وحقه في العيش بسلام.
وأوضح الدكتور جمال أبو الفتوح، أن مصر ستظل دائمًا السند والعون للشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه المشروعة كاملة، لافتاً إلى أنه على مدار العامين الماضيين استضافت القاهرة عدة جولات من الحوار الفلسطيني - الفلسطيني، بهدف إنهاء الانقسام وتوحيد الصف الوطني الفلسطيني، كما شاركت مصر في تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لوقف التصعيد، وسعت إلى تثبيت التهدئة، بالتعاون مع الأمم المتحدة وعدد من القوى الدولية، لكن إسرائيل مازالت تتعنت وترفض الوصول إلى حل سلمي يحقن دماء الأبرياء، مشدداً على أهمية مواصلة جهود المجتمع الدولي لرفض سياسة العقاب الجماعي ضد المدنيين، وإدانة استهداف المستشفيات والمدارس والبنية التحتية، مع ضرورة العمل على فتح أفق سياسي حقيقي يفضي إلى حل الدولتين، وفقًا للمرجعيات الدولية.