الأحاديث القدسية ليست جزء من القرآن ولكنها تتميز بأنها كلام الله تعالى، ومنها حديث جليل يحمل بين طياته رسالة عظيمة من الله سبحانه وتعالى إلى عباده، تبرز رحمة الله واهتمامه بعباده ويشجعهم على التقرب منه.

 

نص الحديث القدسي:

يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى يقول في الحديث القدسي الرابع رقم 104:

"يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي.

يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. يا ابن آدم، لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة."

شرح الحديث:

يحمل هذا الحديث القدسي معانٍ عميقة تبث في النفوس الطمأنينة والرجاء في رحمة الله عز وجل. يقول الله تعالى لعباده إنه طالما دعوه واستغفروه، فإنه يغفر لهم دون أي قيود أو شروط معقدة، بل بمجرد الدعاء والرجاء.

ويبيّن الحديث رحمة الله الواسعة، حتى لو كانت ذنوب العبد قد بلغت عنان السماء، فإن الله يغفرها بمجرد استغفار العبد. وهذا دليل على أن الله يغفر الذنوب مهما عظمت، بشرط التوبة الصادقة وطلب المغفرة.

وفي النهاية، يشير الحديث إلى أن من جاء إلى الله يوم القيامة بقلب خالص من الشرك، فإن الله سيستقبله برحمته ومغفرته، حتى لو كانت ذنوبه عظيمة. وهذه رسالة تُشجع المؤمنين على عدم اليأس من رحمة الله، وأن باب التوبة مفتوح دائماً ما دام الإنسان على قيد الحياة.

معاني ودروس من الحديث:

1. التوبة والاستغفار: يشجع هذا الحديث على ضرورة الاستغفار والعودة إلى الله بصدق. ويبرز أن الله يغفر الذنوب جميعها مهما كانت.


2. عدم اليأس من رحمة الله: هذا الحديث يدعو إلى عدم اليأس مهما ارتكب الإنسان من الذنوب، إذ أن رحمة الله وسعت كل شيء.


3. التوحيد وأثره في المغفرة: يُشدد الحديث على أهمية التوحيد والإخلاص لله وحده؛ فالمرء إذا توفى وهو مخلص لله من دون شرك، فإن ذلك يفتح له باب المغفرة والرحمة.


4. الرجاء في الله: يجسد هذا الحديث دعوة قوية للرجاء في الله وعدم القنوط، ويعد هذا من العبادات القلبية التي يثاب عليها المؤمن.

 

والجدير بالذكر أن هذا الحديث يعبر عن عمق محبة الله لعباده ورحمته الواسعة بهم، فهو لا يغفر لهم فحسب، بل يرحب بتوبتهم ودعائهم واستغفارهم. هذا الحديث يجسد رسالة أمل ورحمة من الله، ويشجع المؤمنين على التقرب من الله بقلوب صادقة وعلى الثقة بكرمه وغفرانه، وأن يسعوا دائماً للتوبة وتصفية قلوبهم من كل شرك أو معصية.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الله الحديث القدس الحديث رحمة الله التوبة هذا الحدیث رحمة الله

إقرأ أيضاً:

ليبيا.. انتخابات بلا دستور تعني رئاسة بلا حدود

يتجدد في ليبيا، من حين إلى آخر، الحديث عن ضرورة إجراء الانتخابات بوصفها المخرج السحري من الأزمة، أحدث هذه الدعوات تأتي من معسكر الشرق، وتحديدا من خليفة حفتر.

تأتي هذه الدعوة في سياق سياسي ومؤسسي يكاد يكون الأكثر هشاشة منذ ثورة فبراير عام 2011، في بلد منقسم، بمؤسسات منتهية الولاية، وفي غياب كامل للإطار الدستوري الذي يُفترض أن تُبنى عليه أي عملية انتخابية ذات معنى.

منذ سنوات، كلما طُرحت كلمة "الانتخابات" في ليبيا، بدت كأنها تُقال بوصفها تعويذة، لا مسارا سياسيا، كلمة تُلقى في الهواء كلما انسدت الطرق، دون أن يسأل أحد في أي شكل للدولة ستُجري هذه الانتخابات؟ وبأي قواعد؟ ولصالح من؟

ليبيا اليوم لا تعاني فقط من انقسام سياسي، بل من انقسام مؤسسي ومجتمعي عميق. حكومتان، وشبه برلمانين، كلاهما انتهت مدته منذ سنوات، ومع ذلك لا يزال الجميع متمسكا بكراسيّه، ويُلوّح من موقعه بالدعوة إلى انتخابات يعلم، قبل غيره، مدى صعوبة -بل استحالة- تنفيذها في هذا السياق.

الأكثر خطورة أن البعثة الأممية التي يفترض أن تقدم الحلول المنطقية تبدو وكأنها تمضي في تمهيد طريق الانتخابات دون دستور. تخيّل انتخابات رئاسية مباشرة في بلد لم يُحدَّد فيه شكل النظام السياسي، ولا صلاحيات الرئيس، ولا طبيعة العلاقة بين السلطات. هذا ليس مسارا ديمقراطيا، بل وصفة جاهزة لصناعة ديكتاتورية جديدة، تُمنح فيها الشرعية الشعبية لسلطة غير مُقيّدة، وتُسلَّم لها رقاب الناس باسم "صندوق الاقتراع".

السؤال الجوهري الذي يتم تجاهله باستمرار: كيف يمكن طرح مسألة الانتخابات في بلد مترامي الأطراف، لا تحكمه دولة واحدة، ولا تحتكر فيه السلطة الشرعية القوة والتنظيم؟ كيف يمكن تأمين عملية انتخابية، أو ضمان نزاهتها، في مناطق تخضع فعليا لنفوذ قوى عسكرية أو مليشيات تمتلك قرار السلم والحرب خارج أي إطار قانوني؟

التاريخ، لا الشعارات، هو ما يجيب عن هذا السؤال.. لا انتخابات نزيهة في ظل وجود أطراف قادرة على فرض رأيها بالقوة، وترهيب الخصوم، وتوجيه النتائج.

عبث بعثة الأمم المتحدة في التعاطي مع الأزمة الليبية يتواصل، وكأن المشكلة تقنية يمكن حلها بجداول زمنية واجتماعات مغلقة، بينما الحقيقة أبسط وأقسى، لا ديمقراطية دون دولة، ولا انتخابات دون سيادة قانون، ولا قانون يُحترم في ظل سلاح خارج الشرعية.

التاريخ الحديث مليء بالأمثلة؛ الحرس الحديدي اليميني المتطرف في رومانيا، وسهم الصليب في المجر، وجنود العاصفة في ألمانيا؛ كلها تشكيلات شبه عسكرية ظهرت خارج سلطة الدولة، وخلقت مناخا من الخوف، وأرعبت الخصوم خلال الانتخابات، ومهّدت في النهاية لصعود ديكتاتوريات الحزب الواحد. لم تكن الانتخابات حينها حلا، بل كانت الأداة التي مرّ عبرها الانهيار.

المسار المنطقي في ظني، إن كان هناك بالفعل إرادة لبناء دولة، واضح ولا يحتاج إلى ابتكار، هو البدء باستفتاء شعبي على الدستور، برقابة دولية حقيقية على نتائجه، ثم انتخابات برلمانية تُجرى على أساس هذا الدستور، تُنهي وجود الأجسام الحالية المنتهية الولاية، يلي ذلك تشكيل حكومة تسيير أعمال موحدة، تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية وفق قوانين واضحة، دون استثناءات، ودون نصوص مفصّلة على مقاس أشخاص بعينهم.

عندها فقط يمكن الحديث عن بداية استقرار، وعن دولة وضعت بالفعل أولى عجلات القاطرة على سكة التأسيس. أما ما عدا ذلك، فليس سوى إعادة تدوير للأزمة، تحت لافتة جذابة اسمها "الانتخابات"، بينما الجوهر لا يزال كما هو: دولة غائبة، وسلطة مبعثرة، وخطر دائم بإعادة إنتاج الاستبداد، هذه المرة عبر صندوق الاقتراع.

أختتم حديثي بأن في ليبيا المشكلة لم تكن يوما في الصندوق.. بل في ما يُراد وضعه داخله، ومن يقف حارسا عليه يعمل على تفصيل المشهد المقبل كما يشتيهه، أو كما يشتهي أسياده..!

مقالات مشابهة

  • ليبيا.. انتخابات بلا دستور تعني رئاسة بلا حدود
  • صريح جدا : هذه هي حدود الغيرة بين الزوجين عند الجزائريين
  • ما هي صحة حديث شاوروهن وخالفوهن؟.. عالم أزهري يوضح
  • مصيبة كبيرة وإثم عظيم.. إياك وهذا الفعل يحرمك من عفو الله
  • توروب: أنا رجل طموح جدًا واحب أكون تحت ضغط..وأعرف قيمة الأهلي وأنه يريد الفوز دائمًا
  • دعاء التوبة النصوح.. أدعية لتكفير الذنوب ومحو المعاصي
  • تعرف على شرح حديث "قل آمنت بالله ثم استقم"
  • علي جمعة: باب التوبة مفتوح ما لم يغرغر الإنسان
  • إعلاميات وناشطات في حديث خاص لـ (الأسرة): فاطمة الزهراء.. قدوة المرأة المسلمة في العطاء والتضحية
  • خطيب المسجد النبوي: رحمة الله تسع العاصي والجاهل والمنكر فكيف بمن يطيعه ويحبه