استطلاع: مخاوف واسعة من ارتفاع الدين الأميركي تحت إدارة ترامب
تاريخ النشر: 9th, November 2024 GMT
أظهر استطلاع جديد أجرته رويترز بالتعاون مع إيبسوس أن معظم الأميركيين يعتقدون أن الرئيس المنتخب دونالد ترامب سيدفع الحكومة الأميركية نحو ديون أكبر خلال فترة ولايته القادمة.
وكشفت نتائج الاستطلاع، الذي استمر يومين واختُتم أمس الأول الخميس، أن 62% من المشاركين -بما في ذلك 94% من الديمقراطيين و34% من الجمهوريين- يعتقدون أن سياسات ترامب "ستدفع الدين الوطني الأميركي إلى الارتفاع".
وفاز ترامب بالانتخابات الرئاسية بعد تعهده بتخفيضات ضريبية تشمل الشركات والعمال ومستفيدي الضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى فرض تعريفات جمركية أعلى على الواردات وترحيل جماعي للمهاجرين.
ومع احتمال سيطرة الجمهوريين على مجلسي الكونغرس والشيوخ، قد تكون لديهم سلطة واسعة لتمرير أجندة تشمل خفض الإنفاق وتخفيف القيود على قطاع الطاقة.
مخاوف الدين العامأشارت رويترز إلى أن خطط ترامب لتخفيض الضرائب قد تضيف نحو 7.5 تريليونات دولار إلى الدين الوطني خلال العقد القادم، وذلك وفقًا لتقديرات اللجنة غير الحزبية للموازنة الفدرالية المسؤولة. وبينما يعرب الديمقراطيون عن قلق أكبر تجاه الوضع المالي في ظل سياسات ترامب، إذ عبر 89% منهم عن خشيتهم من ارتفاع الدين العام، يرى 19% فقط من الجمهوريين هذه المخاوف مبررة.
من جانبهم، يشير الجمهوريون في الكونغرس إلى الزيادة في إيرادات الضرائب الفدرالية منذ عام 2017 كدليل على أن تخفيضات ترامب الضريبية أسهمت في رفع العائدات، ويؤكدون أن جدول أعماله الحالي سيعزز من هذه المكاسب الاقتصادية.
والشهر الماضي توقعت لجنة الميزانية الفدرالية الأميركية أن الخطط الاقتصادية التي طرحها ترامب خلال حملته الانتخابية في حال تطبيقها ستؤدي إلى زيادة الدين الفدرالي بنحو ضعف الزيادة المتوقعة للخطط الاقتصادية المقترحة من قبل منافسته كامالا هاريس.
ووفقًا لتحليل اللجنة غير الحزبية، رجحت أن يتضخم الدين الفدرالي بحلول عام 2035 بمقدار 7.5 تريليونات دولار إذا فاز ترامب ونفذ تعهده بخفض الضرائب على الأفراد والشركات، وطبّق تعريفات جمركية كبيرة على السلع المستوردة ورحّل ملايين المهاجرين، مع إجراءات أخرى يعتزم تطبيقها.
في حين توقع أن يزيد برنامج هاريس -الذي ينص على توسيع الإعفاءات الضريبية للشركات الصغيرة وتحسين الوصول إلى رعاية الأطفال والإسكان بأسعار معقولة لكنه يزيد الضرائب على الشركات المتوسطة والكبيرة- الدين الفدرالي بمقدار 3.5 تريليونات دولار خلال الفترة نفسها.
ويبلغ الدين الأميركي حاليا 99% من الناتج المحلي الإجمالي، وفق مكتب الميزانية في الكونغرس، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 125% بعد 10 سنوات من الآن إذا لم تكن ثمة تغييرات في القوانين الحالية.
وفي حال تطبيق برنامج ترامب الاقتصادي يتوقع أن يزيدها 17% إلى 142% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يربو على 28.8 تريليون دولار.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
لماذا يبدو الاقتصاد الأميركي متماسكا رغم التحذير من سياسات ترامب؟
رغم مرور 6 أشهر فقط على بدء الولاية الثانية للرئيس دونالد ترامب، لم تُفضِ سياساته الاقتصادية والجيوسياسية المثيرة للجدل إلى التراجع المتوقع في المؤشرات الاقتصادية.
وعلى عكس التحذيرات، يبدو أن الاقتصاد الأميركي -على الأقل في الوقت الراهن- يُبدي قدرا كبيرا من الصمود في مواجهة سلسلة من الصدمات شملت الرسوم الجمركية، والقيود على الهجرة، وتقليص حجم الحكومة الفدرالية، وفقا لتحليل موسّع نشرته فايننشال تايمز بقلم مايلز ماكورميك وكلير جونز.
البيانات تفوق التوقعاتوفي أبريل/نيسان الماضي، شهد الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة انكماشا بنسبة 0.5%، وهو أول انكماش ربع سنوي منذ 3 سنوات.
بيد أن الأسواق تجاهلت هذا التراجع، وفسّر المستثمرون ذلك على أنه نتيجة لاندفاع الشركات نحو استيراد البضائع قبل بدء تنفيذ الرسوم الجديدة التي أُعلنت في ما سُمي بـ"يوم التحرير" في الثاني من أبريل/نيسان الماضي.
ووفقا لتوقعات الاحتياطي الفدرالي في أتلانتا، من المنتظر أن يرتفع النمو إلى 2.4% خلال الربع الثاني. ويقول توماس سيمونز، كبير الاقتصاديين في بنك جيفريز الاستثماري، إن "الاقتصاد لا يُظهر حاليا إشارات مقلقة"، مضيفا أن النظرة التشاؤمية للمستهلك الأميركي أصبحت في كثير من الحالات منفصلة عن الواقع الاقتصادي.
ثبات رغم العاصفةوفي ظل السياسات الجديدة، كان يُتوقع أن يتأثر سوق العمل بشدة، لكن البيانات جاءت معاكسة. فقد أُضيف نحو 800 ألف وظيفة خلال النصف الأول من العام، مع استقرار معدل البطالة عند 4.1%، وهو ما يُعتبر قريبا من التوظيف الكامل.
في الوقت ذاته، ارتفعت ثقة المستهلك في يوليو/تموز الحالي إلى أعلى مستوى لها في 5 أشهر، بحسب استطلاعات جامعة ميشيغان.
كما جاءت نتائج الشركات الكبرى مفاجئة في قوتها. فبحسب بيانات شركة "فاكتست" للبرمجيات المالية، فإن 80% من الشركات المدرجة في مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" التي أعلنت نتائجها حتى نهاية الأسبوع الماضي، سجلت أرباحا فاقت التوقعات.
واستغل ترامب هذه الأرقام للضغط على الاحتياطي الفدرالي لخفض أسعار الفائدة، وقد قام مؤخرا بزيارة نادرة للبنك الفدرالي الأميركي، هي الأولى من نوعها منذ زيارة الرئيس جورج دبليو بوش قبل نحو عقدين، في محاولة جديدة لدفع جيروم باول لتيسير السياسة النقدية.
التضخم والسياسات الجمركيةوخلافا لما حذّر منه الاقتصاديون، لم تؤدِ الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب إلى ارتفاع فوري في الأسعار. فقد بلغ معدل التضخم السنوي 2.7% في يونيو/حزيران الماضي، وهي نسبة تظل دون سقف 3%، وتُعد قريبة من هدف الاحتياطي الفدرالي البالغ 2%.
إعلانوكان التضخم قد تجاوز 9% في 2022 على خلفية تداعيات جائحة كورونا (كوفيد-19).
بيد أن بعض المؤشرات بدأت تُظهر تغيرا، فقد ارتفعت أسعار بعض السلع المستوردة -مثل الأدوات المنزلية والملابس والإلكترونيات- بشكل طفيف، كما تراجعت مبيعات المنازل إلى أدنى مستوى لها خلال 9 أشهر، بفعل ارتفاع الأسعار وأسعار الفائدة العقارية.
وفي هذا السياق، يقول موريس أوبستفيلد من معهد بيترسون للاقتصاد الدولي: "الاقتصاد يبدو متماسكا على السطح، لكن هذه المتانة قد تكون مضللة، وقد تتكشف هشاشته في الفصول المقبلة".
جدل اقتصادي وإعادة تقييم النماذج التقليديةوأثار الأداء الاقتصادي غير المتوقع جدلا واسعا بين الاقتصاديين والمستشارين. وصرح جو لافورنيا، مستشار وزير الخزانة، للصحيفة: "الاقتصاديون أخطؤوا في التوقعات على مدار 5 أشهر متتالية، فلماذا أُصدّقهم الآن؟".
ويرى أن النماذج الاقتصادية السائدة تعتمد بشكل مفرط على فرضية أن الأسواق الحرة دائما هي الأمثل، متهما أصحاب هذه النماذج بـ"الجمود الجماعي" والتركيز الزائد على جانب الطلب.
من جانبه، اعتبر بيتر نافارو، مهندس الحرب التجارية لترامب، أن الرسوم الجمركية تُحمّل عبئها على المنتجين الأجانب "اليائسين للبيع داخل السوق الأميركية"، وليس على المستهلك الأميركي كما يروّج المنتقدون.
لكن مع ذلك، بدأت بعض المصارف الاستثمارية -مثل "غولدمان ساكس"- تخفّض من توقعاتها لنمو الناتج المحلي. فبعدما كانت تتوقع نموا بنسبة 2.4% في مطلع العام، عدّلت تقديراتها إلى 1.1% فقط بنهاية يوليو/تموز.
ورغم المؤشرات الإيجابية، لا يبدو أن لجنة السوق المفتوحة في الاحتياطي الفدرالي ستُقدم على خفض أسعار الفائدة في اجتماعها المقبل هذا الأسبوع. فقد أشار التقرير إلى أن معظم أعضاء اللجنة يفضلون انتظار المزيد من البيانات قبل اتخاذ قرار.
مع ذلك، من المتوقع أن يُسجّل اجتماع الأربعاء رفض عضوين للتوجه الحذر، وهما الحاكمان كريستوفر والر وميشيل بومان -وكلاهما عيّنه ترامب- إذ أعربا عن قناعتهما بأن أثر الرسوم الجمركية على الأسعار سيكون مؤقتا.
استنتاجات متضاربة ومخاوف كامنةوعلى الرغم من التفاؤل داخل البيت الأبيض، لا تزال هناك مخاوف من أن التأثير الكامل للسياسات التقييدية، كحملات الترحيل الجماعي وتقليص العقود الحكومية، لم يظهر بعد.
ويحذّر خبراء من أن الشركات قد تبدأ في تمرير التكاليف الإضافية للمستهلكين مع استقرار السياسات التجارية.
وفي هذا السياق، يقول أوبستفيلد: "الاقتصاد، من الخارج، يبدو صلبا. لكن هناك توترات واختلالات كامنة قد تتفاقم قريبا".
وبينما يواصل ترامب المضي قدما في أجندته الاقتصادية غير التقليدية، تبقى الولايات المتحدة -كما تُظهر فايننشال تايمز- في منطقة رمادية، بين أداء مفاجئ بالقوة ومخاطر يصعب التنبؤ بموعد تفجرها.