العمل عن بعد.. نافذة أمل لشباب وفتيات غزة في ظل حرب مدمرة
تاريخ النشر: 10th, November 2024 GMT
غزة– مع كل انفجار، وبشكل مستمر ومتكرر طوال ساعات عملها خارج خيمة النزوح في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تمسك نهال نعيم بهاتفها النقال بيد للاتصال والاطمئنان على أسرتها، في حين لا تتوقف يدها الثانية عن مواصلة العمل على الحاسوب المحمول، في سباق مع الزمن لإنجاز عملها لصالح شركات خارجية.
نهال (32 عاما) نزحت من شمال قطاع غزة في اليوم الثالث من الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفي الشهر الرابع من هذه الحرب فقدت شقيقها مجدي، وبسببها "توقفت عقود عملي وكل مشاريعي وأحلامي"، تقول هذه الفتاة الطموحة التي تعمل مستشارة في تطوير الأعمال، ومدربة تحسين محركات البحث على الإنترنت.
وقبل اندلاع الحرب بأيام قليلة كانت نهال تستعد لإطلاق منصتها الإلكترونية الخاصة للتدريب على التسويق الإلكتروني وتدريب وتأهيل الشباب الغزي والعربي على الانخراط في سوق العمل بمهارات عالية، "ولكن بفعل القصف العنيف وانقطاع مصادر الكهرباء والإنترنت توقفت عجلة الحياة في غزة".
خسرت نهال مصدر دخلها لـ7 أشهر متواصلة، وهي المعيل المادي لأسرتها (7 أفراد)، وتقول للجزيرة نت "خلال هذه الفترة عاشت أسرتي ظروفا صعبة للغاية، وهي مرحلة طويلة من صراع البقاء للحفاظ على الحالة النفسية والمادية لأهلي".
وحتى مايو/أيار الماضي استمرت محاولات نهال التي تصفها بـ"الفاشلة" للبحث عن مصدر كهرباء وإنترنت لتقول للعالم وللشركات والهيئات التي تتعامل معها خارج غزة "نحن هنا"، وتقصد أنها لا تزال على قيد الحياة، ومهتمة بإعادة تفعيل عقود العمل.
ووسط حالة العتمة لمست نهال النور في مبادرة "طاقات" التي توفر مجانا للعاملين عن بعد مساحة عمل ومصدر طاقة وإنترنت، ونجحت في الارتباط بعمل مستشارة تطوير مع واحدة من كبريات وكالات السياحة والسفر الخليجية، وإعادة تفعيل عملها مع شركة برمجة بالضفة الغربية.
وفي ظل حالة الانهيار التي طالت مفاصل الحياة كافة في القطاع جراء الحصار والتدمير الهائل، كانت لعودة نهال للعمل أثر كبير عليها، فمن ناحية أخرجتها مما تصفها بـ"دائرة الحزن والخمول الدماغي" إثر صدمتها الشديدة باستشهاد شقيقها، ومن ناحية ثانية "وفرت غطاء ماليا ونفسيا لأسرتي وحتى لدائرة الناس والنازحين المقربة والمحيطة بنا".
وتذكر نهال أن العمل في ظل الحرب صعب للغاية "ومطلوب أن نعمل بإنتاجية عالية في ظل ظروف مستحيلة وبيئة غير آمنة"، وتضيف "من خيمة بائسة مطلوب أن نعمل ونستمر ونتواصل مع العالم الخارجي من أجل أنفسنا وأسرنا".
ولا تعتبر نهال عودتها للعمل خيارا أخيرا، وإنما ضمن رسالتها في الحياة والأهداف التي تصبو إليها، وتكافح من أجل ذلك، وتبدأ يومها مبكرا بوداع أسرتها على أمل اللقاء سالمين.
وبعد شهور من الانقطاع عن العمل ضمن فريق شركة محلية تتعامل مع زبائن خارج القطاع، يعتبر الشاب العشريني حسان كمال المصدر عودته للعمل -مبرمج هواتف نقالة- "حياة جديدة"، ويقول للجزيرة نت "لفترة طويلة تأثر عملي لاعتمادي الأساسي على الكهرباء والإنترنت".
وتزامنا مع شنها الحرب على غزة قطعت إسرائيل مصادر الكهرباء، وطال التدمير الهائل الذي ارتكبه جيشها محطة توليد الكهرباء الوحيدة، وشبكات الكهرباء والاتصالات والإنترنت.
وجراء ذلك تأثر حسان (24 عاما) نفسيا وماديا، وتضاعفت معاناته مع اضطراره للنزوح القسري مع أسرته من "قرية المصدر" في وسط القطاع، وإصابة شقيقه الأكبر عبد الله، وقد تماثل للشفاء بعد شهرين من مكوثه بالمستشفى.
واستمر هذا الواقع حتى توفرت له مساحة العمل الحالية، وقد واجه مع رفاقه بالعمل صعوبة في البحث عن زبائن، وقد خسروا من كانوا متعاقدين معهم قبل اندلاع الحرب جراء انقطاع التواصل بينهم وتعاقدهم مع مبرمجين آخرين.
عاد هذا الشاب لحياته تدريجيا، ونجح مع 3 من رفاقه بالشركة في عقد اتفاقات عمل جديدة، لكن باقي أعضاء الفريق لم يتمكنوا من الالتحاق مجددا بالعمل لأسباب مختلفة، واستشهد أحدهم وهو الزميل أسامة أبو سمرة.
وتدرس أسيل أبو سلطان لدرجة الماجستير في إدارة الأعمال، وواجهت قبل الحرب صعوبة في العثور على وظيفة ثابتة، ومن هنا كانت رحلتها في عالم العمل الحر عبر الإنترنت، مستلهمة تجارب ناجحة لأشخاص استطاعوا العمل مع شركات دولية من منازلهم.
واندلعت الحرب، وتوقف كل شيء لدى أسيل (26 عاما) وهي الأكبر في أسرة متوسطة الحال ولديها شقيق و5 شقيقات، نزحوا مرات عدة من شمال القطاع وحتى محطتهم الحالية في مدينة دير البلح وسط القطاع، وتقول للجزيرة نت إن "عدم توفر الكهرباء والإنترنت خلال الأشهر السبعة الأولى من الحرب كان يشكل تحديا كبيرا ومأساة حقيقية".
وبعد فترة طويلة كانت تقطع فيها مسافات طويلة سيرا على قدميها للوصول إلى الكهرباء والإنترنت، أصبح لأسيل مساحة عمل وتصف مبادرة "طاقات" بأنها "شعلة التغيير"، التي مكنتها من العودة إلى عملها في تطوير إستراتيجيات التسويق الخاصة بالشركات وكتابة المحتوى والتصميم.
وتؤمن أسيل بأنه رغم الظروف الصعبة، فإنه يمكن للإصرار والعمل الجاد أن يصنعا الفارق، وفي ظل الواقع المعقد الذي فرضته الحرب الإسرائيلية يمكن للإنترنت أن يفتح أبواب الفرص للجميع رغم التحديات المفروضة.
وللمهندس شريف نعيم حكاية تحدٍ وإصرار، وقد كان قبل اندلاع الحرب مديرا لشركة برمجية ولديه فريق تقني من 12 شابا وفتاة، واندلعت الحرب وانقطعت اتصالات نعيم بفريقه وشركاء العمل بالخارج لنحو 6 أشهر، وتوقفت المشاريع، وكانت شركة يتعاملون معها بالإمارات أكبر الخاسرين لاعتمادها عليهم برمجيا بشكل كامل.
نزح نعيم من شمال القطاع وتنقل من مكان إلى آخر، وكان للحرب أثرها عليه باستشهاد عدد كبير من أقاربه وأفراد عائلته وأحبته، وخسر منزله في منطقة السودانية.
وبعد فترة عصيبة مرت بنعيم نجح في إعادة تواصله مع الشركة بالإمارات، واستأنف عمله معها مبرمجا، بعدما تمكن من توفير الإنترنت وكهرباء بواسطة لوحة شمسية، ثم قرر العمل على عودة فريقه باستثمار علاقاته مع مؤسسات خارجية والحصول على دعم لمبادرة "طاقات" التي بدأت في مايو/أيار الماضي بفرع واحد، وتطورت إلى 4 فروع في مدينة دير البلح.
ولدى هذه المبادرة موقع تشغيل باسم "طاقات غزة" وهي منصة للتشبيك بين الطاقات الشبابية في غزة والشركات الخارجية، وتضم هذه المنصة حاليا 1200 عضو، ويقول المهندس شريف "نجحنا حتى اللحظة في خدمة زهاء 300 شاب وفتاة نوفر لهم مساحات عمل مجانية، وتمكنوا من العودة إلى أعمالهم عن بعد (أونلاين)، وتقدر قيمة العقود الشهرية التي تم استعادتها لهؤلاء بنحو 350 ألف دولار".
وتواجه هذا المهندس المبادر معوقات للحفاظ على استمرارية العمل وتطويره، أبرزها توفير مكان يصلح بيئة عمل، وقيمة الإيجارات المرتفعة، إضافة إلى الغلاء الهائل في أنظمة الطاقة الشمسية وهي ركيزة أساسية لتوفير الكهرباء، ويقول إنه يحاول من خلال الداعمين التغلب على هذه المعوقات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الجامعات الکهرباء والإنترنت عن بعد
إقرأ أيضاً:
8 مزايا يحققها التوطين لمنشآت القطاع الخاص
سامي عبد الرؤوف (دبي)
أخبار ذات صلةأكدت وزارة الموارد البشرية والتوطين، أن الالتزام بمستهدفات التوطين يحقق 8 مزايا للمنشآت الخاضعة لنسب توطين نصف السنوية والسنوية، حيث تستفيد هذه الشركات بالحصول على استشارات التوطين والدعوة لحضور الورش التوعوية بقرارات التوطين بشكل دوري، والحصول على خدمة التوعية المهنية.
وذكرت الوزارة، أن مزايا الالتزام بالتوطين، تمتدّ لتشمل تأهيل وتدريب الباحثين عن عمل، وحصول المنشآت المستهدفة على كوادر إماراتية مؤهلة لشغل الوظائف المهارية، وكذلك الحصول على عضوية نادي شركاء التوطين وتصنيف الفئة الأولى من خلال الالتزام بأحكام قانون تنظيم علاقات العمل وتحقيق ثلاثة أضعاف المستهدف بالتوطين بما لا يقل عن 30 مواطناً سنوياً.
وأشارت الوزارة إلى ميزة الحصول على دعم خبير في التوظيف طوال العام، داعية الشركات المعنية إلى الالتزام بتحقيق مستهدفات التوطين، وهي الشركات التي يعمل لديها 50 عاملاً فأكثر، حيث يتوجب عليها تحقيق مستهدفات التوطين نصف السنوية والسنوية، بالإضافة إلى الشركات التي يعمل لديها من 20 إلى 49 عاملاً عليها تعيين مواطن واحد على الأقل قبل نهاية شهر ديسمبر المقبل.
وانتهت أمس (الاثنين) الموافق الثلاثين من شهر يونيو الجاري، الفترة المسموح بها لتحقيق مستهدفات التوطين نصف السنوية لعام 2025، والتي تشمل الشركات التي لديها 50 عاملاً فأكثر، ويتوجب عليها تحقيق نمو 1% في توطين وظائفها المهارية.
وتبدأ اليوم، وزارة الموارد البشرية والتوطين، قياس ومتابعة مدى التزام الشركات بتحقيق المستهدفات نصف السنوية المطلوبة، واتخاذ الإجراءات والقرارات اللازمة وذلك تنفيذاً لسياسات وقرارات التوطين، مؤكدة في الوقت نفسه ثقتها بوعي شركات القطاع الخاص، وامتثالها لقرارات وسياسات التوطين.
ويتم تطبيق مساهمة مالية بقيمة 9 آلاف درهم عن كل شهر على المنشأة عن كل مواطن لم يتم تعيينه وفقاً لمستهدفات التوطين، وفقاً للنسبة المطلوبة للنصف الأول من العام 2025.
وتعمل وزارة الموارد البشرية والتوطين، بالتعاون والتنسيق مع برنامج «نافس» لتعزيز تنافسية الكوادر الإماراتية، في الوقت الحالي، على حصر الشركات غير المحققة لمستهدفات التوطين نصف السنوية، وعدد الوظائف التي كان يتوجب أن يشغلها المواطنون ولم يحدث ذلك.
ومن المرجح أن تكون الشركات غير المستوفية لنسبة التوطين المطلوبة، نسبة قليلة جداً في ظل وصول معدلات التوطين إلى مستويات غير مسبوقة عبر توظيف أكثر من 141 ألف مواطن ضمن لدى 28 ألف شركة خاصة، بحسب ما أظهرته أحدث إحصائيات الوزارة حتى نهاية شهر مايو الماضي.
وأعربت الوزارة عن ثقتها بوعي شركات القطاع الخاص، والمواطنين الباحثين عن عمل بالمنافع الاستراتيجية والوطنية وانعكاس آليات التوطين الإيجابية على تنافسية بيئة العمل في الدولة، وتعزيز النمو الاقتصادي.
وأكدت الوزارة دعمها المتواصل للشركات الملتزمة، من خلال المنافع التي يقدمها برنامج نافس، واستمرار تقديم المزايا والمنافع للشركات التي تحقق نتائج استثنائية في التوطين، عبر إدراجها في عضوية نادي شركاء التوطين، وبالتالي استفادتها من خصومات مالية تصل إلى 80% على رسوم خدمات وزارة الموارد البشرية والتوطين، ومنحها الأولوية في نظام المشتريات الحكومية ما يعزز من فرص نمو أعمالها.
دعم كبير
أشارت الوزارة إلى الدعم الكبير الذي تحققه منصة برنامج نافس الإلكترونية، في تسهيل تحقيق الشركات لالتزاماتها، كونها تزخر بالكوادر الإماراتية المؤهلة، مشيدة بتفاعل القطاع الخاص مع سياسات التوطين والتزامه بتحقيق المستهدفات المطلوبة، وهو ما انعكس إيجاباً على هذا الملف الوطني، وتسجيل نتائج تاريخية غير مسبوقة في أعداد المواطنين العاملين في هذا القطاع، والذي وصل أكثر من 141 ألف مواطن يعملون لدى 28 ألف شركة في القطاع الخاص بنهاية شهر مايو الماضي.
ودعت الوزارة المواطنين للإبلاغ عن أية تجاوزات وحالات سلبية تتعارض مع سياسات التوطين في الدولة، من خلال التواصل مع مركز الاتصال على الرقم 600590000 أو من خلال التطبيق الذكي والموقع الإلكتروني للوزارة.
ودعت المواطنين الباحثين عن عمل إلى ضرورة التأكد من جدية عروض العمل، وعدم التورط في محاولات الاحتيال والتوطين الصوري، حرصاً على استدامة استفادتهم من منافع برنامج نافس، والإبلاغ عن الممارسات السلبية التي تتعارض مع سياسات التوطين.
الآلية المحددة
أكدت الوزارة ثقتها حيال الآلية المحددة لتطبيق مستهدفات التوطين التي تضمن استمرار وتيرة توظيف المواطنين على مدار العام والمحافظة على معدلات استبقائهم في القطاع الخاص واستدامة توفير فرص عمل وطرح شواغر على منصة «نافس» على مدار العام بما يتواكب مع وتيرة تسجيل الباحثين عن عمل.
تنمية وتطوير
تحرص الوزارة، على الشراكة مع القطاع الخاص في التنمية وتطوير سوق العمل وتحقيق مستهدفات وتوجهات الدولة بالارتقاء ببيئة الأعمال وخلق مناخ استثماري يشجع الشركات والمستثمرين ورواد الأعمال والموهوبين من أرجاء العالم على العمل في دولة الإمارات وخاصة بالقطاعات الاستراتيجية ذات الأولوية.