هل يحقق دونالد ترامب طموح إيلون ماسك باستعمار المريخ؟
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
كشفت مصادر مطلعة على السياسات المتوقعة للرئيس الأميركي المنتخب حديثا دونالد ترامب، في توجيه التركيز نحو استكشاف كوكب المريخ في ظل إدارته الجديدة وفقا لوكالة رويترز، الأمر الذي سيشكل تحولا كبيرا في أولويات وكالة الفضاء الأميركية ناسا خلال الأعوام القليلة القادمة.
وقد أثار هذا التوجه آمالا كبيرة لدى رائد الأعمال الملياردير الأميركي إيلون ماسك، الذي عبّر في مناسبات كثيرة عن رغبته في إرسال أول فوج من رواد الفضاء إلى المريخ بواسطة شركته "سبيس إكس"، كما أنه من المتوقع أن يتحول برنامج "أرتميس" التابع لوكالة ناسا والمعني بإعادة البشر إلى سطح القمر مجددا، إلى محطة للتجارب والتقنيات التي ستُمهد الطريق للوصول إلى الكوكب الأحمر.
يُذكر أن ماسك كان من أشد المناصرين للرئيس الجديد، متبرعا بمبلغ 119 مليون دولار لحملة ترامب خلال الأشهر القليلة الماضية، إضافة إلى الدعاية المستمرة عبر حسابه على منصة إكس، والذي يمتلك عدد متابعين يتجاوز 200 مليون متابع، وهو الحساب الأعلى متابعة في المنصة.
مهمة أرتميس هي برنامج استكشاف الفضاء الذي تقوده وكالة ناسا، ويهدف إلى إعادة البشر إلى القمر وإنشاء وجود بشري مستدام هناك بحلول نهاية العقد. تمثل هذه المهمة المرة الأولى التي يعود فيها البشر إلى سطح القمر منذ بعثات أبولو قبل أكثر من 50 عامًا.
وتشمل مراحل المهمة أرتميس1 (وكانت رحلة تجريبية غير مأهولة لصاروخ نظام الإطلاق الفضائي ومركبة الفضاء أوريون)، وأرتميس2 (وهي أول مهمة مأهولة للدوران حول القمر)، وأرتميس3 (المهمة التي تهدف إلى إنزال رواد الفضاء على سطح القمر، والمخطط لها حاليًا في عام 2025).
وكان من المفترض بالفعل أن تكون المهمة مقدمة للسفر إلى المريخ، لأن العلماء يرون أن الانطلاق من القمر يسهل الرحلة والتكاليف، لكن ذلك أتى في سياق بناء مستعمرة قمرية أولا، وضمان وجود الأميركان على القمر، ثم الانطلاق للمريخ. ويبدو أن التغيير في الخطط سيشمل إلغاء خطوة المستعمرة القمرية تلك.
التعاون بين ماسك وترامب لاحتلال المريخويأتي استهداف المريخ كوجهة للاستكشاف بمركبات مخصصة لرواد الفضاء بمثابة تحد تقني ومالي يفوق القدرات الحالية والمخصصة لاستكشاف القمر، ذلك لأن المريخ يتمتع ببيئة ديناميكية متقلبة وشديدة على عكس القمر الذي يعمّه السكون والهدوء أغلب الأوقات، مما يجعل مهمة الكوكب الأحمر أصعب وأعقد بكثير، فضلا عن المسافات الشاسعة وصعوبة الوصول.
لكن ثمة علاقة فريدة تجمع بين ماسك وترامب، بالنظر إلى حجم التعزيزات من خلال الدعم العلني للرئيس المنتخب وتقديم تبرع سخي لحملته. العلاقة التي يفسرها البعض بأنها ستصب في مصلحة الصناعات الفضائية، يمكن أن تكون السبب في تخطي هذه التحديات.
وقد علق أحد المستشارين والمختصين في صناعة الفضاء دوغ لوفيرو بأن هذه الخطوة قد تمهد لخطط أكثر واقعية وجدية نحو احتلال المريخ، إذ من المتوقع أن يندرج المريخ ضمن الأهداف الإستراتيجية على المدى القريب، لاسيما أن ترامب سبق أن على مشروع القمر بأنه نقطة انطلاق نحو المريخ.
ويعتقد المحللون أن إدارة ترامب تفضل عقد شراكات ثابتة مع شركات خاصة مثل سبيس إكس، بحيث تتحمل هذه الشركات جزءا كبيرا من المسؤولية المالية، وذلك لتخفيف الضغوط على ميزانية مشروع أرتميس.
كما أن ماسك يطمح إلى التحرر من بعض القيود التنظيمية التي تفرضها الحكومة الأميركية على الرحلات الفضائية التجارية، وهو ما قد يؤدي إلى تغييرات جذرية في مكتب الفضاء التجاري التابع لإدارة الطيران الفدرالية، الذي طالما ظل يشكل دائما تحديا أمام تطوير نظام الإقلاع الفضائي "ستارشيب" التابع لسبيس إكس، كما قد سبق أن عُلّقت رحلات صاروخ "فالكون9" التابع لسبيس إكس هذا العام في عدة مناسبات بسبب بعض الأعطاب.
تغير في الأولويات.. هل يحلّ المريخ مكان القمر؟إذا ما استمرت برامج الفضاء وفقا لخطط إدارة ترامب الجديدة، فقد يتغير برنامج أرتميس جذريا ليصبح أكثر تركيزا على المريخ بدلا من القمر.
ومع تنفيذ المزيد من المهام غير المأهولة إلى المريخ خلال هذا العقد، قد يقترب العالم خطوة كبيرة من تحقيق حلم إيلون ماسك بإنزال مركبته الفضائية العملاقة "ستارشيب" على سطح المريخ، خاصة بعد النجاحات الأخيرة اللافتة، بالرغم من استمرار وجود تحديات تقنية.
وعلى الرغم من أن سياسة ترامب الداعمة لاستكشاف الفضاء والتي تركز على المريخ قد تتماشى مع طموحات ماسك، لا يزال هناك الكثير من العمل غير المنتهي، فبيئة المريخ القاسية تشكل تهديدات حاسمة لبقاء البشر؛ حيث يتطلب تطوير أنظمة دعم حياة متقدمة، وموارد يمكن الاعتماد عليها لبناء أول مستعمرة بشرية على سطح المريخ.
أضف لذلك أن ترامب قد يتغير في أية لحظة، حيث يرى بشكل عام أن مشاريع الفضاء فيها درجة من البذخ الذي لا طائل منه، وبالعودة إلى نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وردًا على سؤال حول آرائه بشأن وكالة ناسا، أخبر ترامب طفلا يبلغ من العمر 10 سنوات مهتمًا بالفضاء الخارجي، أنها "كانت رائعة في الأيام الخوالي، لكن أميركا لديها احتياجات أكثر إلحاحًا من استكشاف الكون، مثل إصلاح الحفر". وأضاف "كما تعلم، ليس لدينا الكثير من المال".
وكان ترامب يشير بشكل متكرر إلى أن الأزمات الاقتصادية أهم من إنفاق الأموال على علوم الفضاء.
ومنذ ذلك الحين، لم تكفّ إدارته يدها عن محطة الفضاء الدولية، ووصل الأمر حد اعتزامها وقف تمويلها بعد عام 2024، والعمل على خطة انتقالية قد تنتهي بخصخصتها وتحويلها إلى نوع من المشاريع التي لا تديرها الحكومة، بل الصناعة الخاصة، وفقًا لصحيفة "واشنطن بوست".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات إیلون ماسک البشر إلى على سطح
إقرأ أيضاً:
ما الذي دفع ترامب لتغيير موقفه من المجاعة في غزة خلال 48 ساعة؟
أثار التحول المفاجئ في موقف الرئيس الأميركي دونالد ترامب من إنكار وجود مجاعة في قطاع غزة إلى اعتبارها فظيعة، جدلا واسعا حول الدوافع الحقيقية وراء هذا التغيير الجذري في الخطاب الأميركي.
وعبر ترامب عن صدمته من الأوضاع التي يعيشها الأطفال وأمهاتهم في غزة، مؤكدا أن رؤيتهم وهم يتضورون جوعا أمر فظيع، في تصريح لافت ومناقض لتصريحاته السابقة عن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
وقال ترامب في تصريحات على الطائرة خلال رحلة عودته من إسكتلندا، إن الجميع يعتقد أن الوضع في غزة فظيع، إلا من كان قاسي القلب أو مجنونا.
وطرح هذا التبدل الذي حدث خلال يومين فقط، تساؤلات عميقة حول طبيعة السياسة الأميركية تجاه الأزمة الإنسانية المستمرة في القطاع منذ أشهر.
وفي محاولة لتفسير هذا التحول، قدم المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري الأميركي أدولفو فرانكو تفسيرا يركز على الجانب الإنساني لشخصية ترامب، مشيرا إلى أن الرئيس الأميركي رغم صورته القاسية، يملك قلبا لينا عندما يتعلق الأمر بمعاناة الناس.
وأكد أن ترامب تلقى مجموعة من التقارير والبيانات التي تشهد على الوضع الصعب في المنطقة، مما دفعه لتغيير موقفه.
وتابع المحلل الأميركي تفسيره بالتركيز على البعد الإستراتيجي للموقف، حيث يرى أن التعاطف العالمي تحول تدريجيا من قضية الأسرى إلى مسألة توزيع المساعدات والمجاعة.
وحذر فرانكو من أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تعمل على استغلال الوضع الإنساني لصالحها في المنطقة، وأن هناك عاطفة كبيرة في أوروبا وأميركا تجاه هذه القضية، مؤكدا أن الطريق الوحيد لحل هذه المعضلة هو إدخال المساعدات إلى غزة تحت مراقبة دولية صارمة.
هروب من فضيحة
وفي المقابل، رفض الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي هذا التفسير، مشددا على أن المسألة لا علاقة لها برقة القلب بل كانت هروبا من الفضيحة التي تعصف بإسرائيل والولايات المتحدة.
إعلانوأكد البرغوثي أن أميركا لا تستطيع الآن التهرب من الاتهام بالمشاركة في جرائم الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والعقوبات الجماعية، بما في ذلك تجويع الشعب الفلسطيني.
ولدعم موقفه، قدم البرغوثي تحليلا مفصلا لآليات القتل المتعددة في غزة، موضحا أن القتل يجري بوسائل عديدة تبدأ بالقصف المتواصل الذي يسفر يوميا عن 130 إلى 150 شهيدا جديدا و300 إلى 400 جريح، مشيرا إلى أن معظم الأسلحة المستخدمة تأتي من الولايات المتحدة.
وأضاف أن القتل يتم أيضا بالتجويع والأمراض عندما تمنع إسرائيل عن غزة المياه والكهرباء ومصادر الطاقة، وبالأوبئة من خلال منع إيصال مطاعيم الأطفال منذ 150 يوما.
وتؤكد البيانات الرسمية حجم الكارثة الإنسانية التي يصفها البرغوثي، حيث قال برنامج الأغذية العالمي إن الأرقام تؤكد أن غزة تواجه خطرا بسبب أزمة الجوع، وأن الوقت ينفد لإطلاق استجابة إنسانية شاملة.
وأضاف البرنامج في بيان له، أن واحدا من كل 3 أشخاص في غزة يقضي أياما دون طعام، و75% يواجهون مستويات طارئة من الجوع، مشيرا إلى أن نحو 25% من سكان القطاع يعانون ظروفا شبيهة بالمجاعة.
وانطلاقا من هذا الواقع، اتفق الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى مع التقييم القائل بأن إسرائيل تواجه أزمة في إدارة الموقف، لكنه ركز على الجانب الإستراتيجي للفشل الإسرائيلي.
وأوضح مصطفى أن إسرائيل اعتقدت أنها تستطيع أن تجوع السكان في قطاع غزة كأداة سياسية للضغط على حماس وتركيع الشعب الفلسطيني، معتبرا أن ما يحدث هو أكبر عملية تجويع ممنهجة ومنظمة في التاريخ الحديث.
تورط إسرائيل
ولفت مصطفى إلى كيف تورطت إسرائيل في هذه السياسة معتقدة أن العالم سوف يصمت وأن الدعم الأميركي يجيز لها التجويع بهذه الطريقة المنهجية.
وأشار إلى أن إسرائيل تعيش الآن في وهم، معتبرة أن كل مشكلتها مع غزة هي مشكلة دعائية وليست جوهرية، مما يعكس انحدارا أخلاقيا عميقا في التفكير الإسرائيلي.
وفيما يتعلق بملف المفاوضات المتعثرة، أكد البرغوثي أن المفاوضات متوقفة أصلا وأن الذي أوقفها هو الجانب الأميركي قبل إسرائيل.
وانتقد ما وصفه بالبيان المضلل وغير الصحيح الذي أصدره المسؤولون الأميركيون حول مسؤولية حماس عن تعطيل المفاوضات، مؤكدا أن الجانب الأميركي هو الذي أعلن انسحاب وفده وخرب عملية التفاوض.
ورفض البرغوثي الادعاءات حول استغلال حماس للمساعدات، مستشهدا بتصريحات رئيسة وكالة الغذاء العالمي التابعة للأمم المتحدة السيدة سيندي ماكين التي تدحض هذه الاتهامات.
وأوضح أن إلقاء المساعدات من الجو لا يحل أي مشكلة، بل يعقدها، مشيرا إلى أن آخر عملية إسقاط للمساعدات من الجو أدت إلى مقتل فلسطينيين عندما سقطت المساعدات على رؤوسهم.
من جهته، قدم البرغوثي اقتراحين عمليين لإنهاء الأزمة، وجههما للرئيس الأميركي مباشرة.
الاقتراح الأول هو إبلاغ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية، بوقف جميع الأسلحة عن إسرائيل وعدم استخدام بطاريات الدفاع الأميركية لمساعدة إسرائيل في الدفاع الجوي.
إعلانوالاقتراح الثاني هو دعوة مجلس الأمن للاجتماع ودعم قرار بوقف الحرب على غزة دون استخدام الفيتو الأميركي، مؤكدا أن تنفيذ هذين الإجراءين سيدفع نتنياهو لوقف الحرب فورا.