شدد مدير برنامج الجنوب العالمي في معهد "كوينسي" الأمريكي، سارانغ شيدور، على عدم قدرة الولايات المتحدة في عالم يتسم بشكل متزايد بالتعددية على الاعتماد على ولاء حلفائها، مشيرا إلى أن القوة الأمريكية المهيمنة لم تعد صالحة.

وقال شيدور في مقال نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، إنه "في ظل عودة دونالد ترامب المذهلة إلى الرئاسة الأمريكية، يتدافع حلفاء أمريكا لتهنئته.

وخلف رسائلهم الرصينة التي يبعثونها، ينشأ قلق ملموس من أن تعاملهم واشنطن قريبا باعتبارهم مجرد بيادق على رقعة الشطرنج العالمية".

وأضاف في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أنه "سوف يكون هذا بمثابة تغيير كبير. وتحت قيادة الرئيس بايدن، أولت الولايات المتحدة، التي تعمل على شحذ تنافسها مع الصين وتسعى إلى مواجهة غزو روسيا لأوكرانيا، أهمية كبيرة لتعزيز تحالفاتها وشراكاتها".

واعتبر الكاتب أن "هناك الكثير مما يشير إلى نجاحها. فقد حشد حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بقيادة الولايات المتحدة، قوته بقوة ضد روسيا. والآن تحاكي أوروبا استخدام أمريكا للتجارة سلاحا ضد الصين. أما اليابان، فقد اقتربت من الحلف من خلال زيادة إنفاقها العسكري، والانضمام إلى العقوبات ضد روسيا، وتشكيل علاقات أقوى مع كوريا الجنوبية. الواقع أن الفلبين، بعد فترة من الاغتراب، بدأت في تشكيل جبهة مشتركة ضد الصين. وظلت الهند شريكا وثيقا.


"نحن أقوى من أي وقت مضى"، هذا ما استطاع أن يتباهى به بايدن في الذكرى الخامسة والسبعين لتأسيس حلف شمال الأطلسي هذا الصيف، وفقا للمقال.

ولكن إذا أمعنت النظر، حسب الكاتب، فسوف يظهر اتجاه آخر تكشف بهدوء. فقد كان حلفاء وشركاء أمريكا يتحوطون برهاناتهم أيضا، ويبحثون بشكل متزايد عن ترتيبات بديلة مع بلدان ليست في فلك الغرب. وهذا التطور، الأقوى في الجنوب العالمي، لا يحركه قادة فرديون بقدر ما يحركه هيكل النظام الدولي. وفي عالم يتسم بشكل متزايد بالتعددية والمعاملاتية، لم يعد بوسع أمريكا أن تعتمد على ولاء أصدقائها. وهذا يحدث بالفعل، ولا علاقة له بترامب. 

وقال شيدور إنه "منذ سنوات، ابتعد حليفان أمريكيان في العالم النامي، تركيا وتايلاند، عن الولايات المتحدة، فقاما بالوقوف في الوسط بينها وبين منافسيها. فقد أدانت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، بشدة الغزو الروسي لأوكرانيا. ولكن تركيا لم تنضم إلى العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة، بل عمدت بدلا من ذلك إلى تعميق علاقاتها التجارية والطاقة مع موسكو وإشراك روسيا وأوكرانيا في صياغة اتفاقية تصدير الحبوب للأسواق العالمية والتي استمرت حتى الصيف الماضي". 

وفي تايلاند، لفت الكاتب إلى أن "الجهود الرامية إلى السعي لمشاركة أكبر بكثير مع الصين تسارعت بشدة. ونظرا لعدم وجود نزاعات إقليمية مع بيجين والحاجة إلى إدارة التداعيات المترتبة على الحرب الأهلية في ميانمار المجاورة، فقد عززت تايلاند علاقاتها الاقتصادية، وعززت التدريبات العسكرية، وهي الآن تشتري أكثر من 40 بالمئة من أسلحتها من الصين".

وفي هذا العام، وكأنها تؤكد على انفصالها عن الولايات المتحدة، انضمت تركيا وتايلاند إلى مجموعة "البريكس" غير الغربية، بقيادة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، كدول شريكة، حسب المقال.  

ولكن تحركات تركيا وتايلاند لا تشير بأي حال من الأحوال إلى أنها معادية لأمريكا أو للغرب.

وقال الكاتب إن "تايلاند عززت مناوراتها العسكرية السنوية الكبرى مع الولايات المتحدة وتقدمت بطلب للانضمام إلى منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تقودها الولايات المتحدة. ومن جانبها، تعمل تركيا على شراء طائرات مقاتلة من الولايات المتحدة، وقالت إنها ما كانت لتتطلع إلى الانضمام إلى مجموعة البريكس لو تم قبولها في الاتحاد الأوروبي. والواقع أن التحوط، بحكم التعريف، يسعى إلى اغتنام الفرص في كل الاتجاهات". 

بالنسبة للهند، كانت قمة البريكس الشهر الماضي بمثابة مساحة آمنة لكل من رئيس الوزراء ناريندرا مودي والرئيس الصيني شي جين بينغ لعقد أول اجتماع جاد بينهما منذ خمس سنوات.

وأوضح الكاتب أنه "من خلال التحرك لفك الارتباط بين القوات عند نقطتين مشتعلتين على الحدود، ربما تكون الهند قد بدأت بداية انفراج مع الصين ــ الأمر الذي يمنحها المزيد من النفوذ لدى الولايات المتحدة. ولا شك أن العلاقات مع أمريكا تظل قوية. ولكنها تواجه درجة من الخلاف بشأن استمرار العلاقة بين الهند وروسيا ووصول حكومة موالية لواشنطن إلى السلطة في بنغلاديش على خلاف مع الهند".


وقال شيدور "وحتى في قلب نظام التحالف الأمريكي، هناك دلائل تشير إلى نمو التحوط. ففي اليابان، تشير أفكار رئيس الوزراء شيجيرو إيشيبا بشأن حلف شمال الأطلسي الآسيوي لمواجهة الصين إلى الالتزام بالسلام الأمريكي. ولكنه يفضل أيضا إنهاء عدم التكافؤ في التحالف، وإعطاء طوكيو صوتا متساويا وإشراك الصين في التعاون الإقليمي مثل الإغاثة من الكوارث".

وعلاوة على ذلك، من المرجح أن تؤدي النكسة الأخيرة التي تعرض لها الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم في الانتخابات البرلمانية إلى تعقيد الأهداف الطموحة للحكومة فيما يتصل بالإنفاق العسكري وجعل التركيز ــ كما تريد أمريكا ــ على استبعاد الصين أكثر صعوبة، وفقا للمقال.

وفي أوروبا، لفت الكاتب إلى أن "الأحزاب المناهضة للمؤسسة تقدمت إلى مستويات جديدة من الدعم في مختلف أنحاء القارة. وعلى نطاق واسع، تشكك هذه الأصوات في السياسة الأمريكية تجاه أوكرانيا وتتشكك في النظرة الأمريكية السائدة لحلف شمال الأطلسي باعتباره التزاما مقدسا".

ووفقا للمقال، فإن إيطاليا تظهر تحت قيادة جورجيا ميلوني أن وصول مثل هذه القوى إلى السلطة لا ينبغي أن يضعف التحالف. ومع ذلك فإن التأثير الصافي للسياسات الجديدة هو فرض ضغوط متزايدة على أوروبا في انعكاس أولويات أمريكا تجاه روسيا وربما الصين. وتلعب المجر تحت قيادة فيكتور أوربان وسلوفاكيا تحت قيادة روبرت فيكو بالفعل مع كل الأطراف. وبمرور الوقت، قد ينتشر هذا إلى دول أوروبية أخرى. 


وحول العامل الذي يفسر الجاذبية المتزايدة للتحوط، أشار الكاتب إلى أن "الجنوب العالمي غير المنحاز في الغالب، كان رائدا في هذا المجال، حيث استغلت قواه المتوسطة والضعيفة شراكات متعددة للصعود في نظام دولي معاد. ولكن تكتيك التحوط أصبح أكثر جاذبية لسببين جديدين. الأول هو عدم اليقين بشأن النظام العالمي المستقبلي. والثاني هو الحدس بأن العالم أحادي القطب، حيث كانت أمريكا تتحكم في العالم لمدة ثلاثة عقود، يختفي. وفي ظل هذه الظروف، من المنطقي أن ننخرط بشكل جوهري مع منافسي القوة المهيمنة". 

وقال الكاتب إنه "صحيح أن التحوط لا يزال اتجاها ناشئا وليس مهيمنا بين حلفاء أمريكا وشركائها الأمنيين. ولكن الولايات المتحدة يجب أن تكون مستعدة لمزيد من ذلك. فبدلا من الإقصاء والطرح، يمكن لواشنطن في الاستجابة أن تجرب حسابا جديدا: الجمع. وهذا يتطلب منها التخلي عن فكرة الاستثنائية الأمريكية ــ أمريكا كزعيمة للحضارة نفسها، تحارب الهمجية ــ وتبني استراتيجية تحوط خاصة بها".

وشدد على أن "التعامل مع المعاملات التجارية أمر سهل بالنسبة لترامب. ولكن نقل الولايات المتحدة من الهيمنة إلى الأموال التحوطية سوف يتطلب من الرئيس المنتخب أن يرتفع فوق ذروة الدوافع وأن يكتشف كيفية تحويل التعددية لكي تصب في المصلحة الأمريكية"، وقال إنها "مهمة صعبة، لكن العالم المتغير لا يتطلب أقل من ذلك". 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الولايات المتحدة ترامب الصين روسيا تركيا تركيا الولايات المتحدة الصين روسيا ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة حلف شمال الأطلسی إلى أن

إقرأ أيضاً:

إيران وإسرائيل وأمريكا بعد الحرب: لا رابح.. ولكن معادلات جديدة

بعد أسبوعين من التصعيد العسكري الخطير بين إيران وإسرائيل، بدعم أمريكي غير مباشر، ومع دخول وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، تبرز حقيقة واضحة: لا أحد خرج منتصرًا من هذه الحرب، لكن الجميع خرج بدروس عميقة. فقد كشفت المعركة أن القوة وحدها لا تكفي، وأن الشرق الأوسط يدخل مرحلة جديدة من إعادة التوازنات، وربما التفاهمات غير المعلنة.

إيران: باقية وقادرة على الرد

رغم الخسائر البشرية والمادية التي تكبّدتها إيران، خصوصًا في منشآت حساسة وقيادات عسكرية، إلا أنها أثبتت أنها لا تزال قادرة على الرد بقوة، وتمتلك شبكة إقليمية معقدة من الحلفاء قادرة على فتح عدة جبهات في وقت واحد. حزب الله، الحشد الشعبي، والحوثيون جميعهم باتوا عناصر ضغط في يد طهران.

الرسالة الأهم التي بعثت بها إيران عبر هجماتها الصاروخية والمسيّرات: “لسنا لقمة سائغة”. ورغم التفاوت الكبير في الإمكانيات، فإن مبدأ الردع تحقق بشكل غير مسبوق.

إيران: بين الخسائر التقنية والانتصار الرمزي

رغم أن الحرب كشفت عن اختراقات استخباراتية وأمنية مؤلمة داخل إيران، خصوصًا استهداف قيادات عسكرية حساسة ومواقع استراتيجية، إلا أن النتيجة الاستراتيجية تميل لصالحها.
لقد أثبتت إيران أنها تملك صواريخ دقيقة، وتكنولوجيا طائرات مسيّرة متقدمة، وقادرة على اختراق الدفاعات الإسرائيلية المتطورة.

وهذا ما أعاد صياغة الصورة الذهنية لقدراتها العسكرية، ليس فقط في المنطقة، بل حتى على مستوى المجتمع الاستخباراتي والعسكري الغربي.

إيران الآن، وبعد هذه المواجهة، مرشحة لأن تصبح قوة ردع إقليمية فاعلة، بل وربما سوقًا مفتوحًا لإنتاج وبيع السلاح لحلفائها وشركائها من الدول والتنظيمات. ومن المتوقع أن تستثمر هذه التجربة في تسريع تطوير صناعاتها العسكرية، وفرض معادلة جديدة: “لسنا فقط مقاومة… بل نملك منظومة ردع كاملة وقابلة للتصدير”.

إسرائيل: القوة لا تكفي

لأول مرة منذ عقود، تواجه إسرائيل تهديدًا مباشرًا من إيران على أراضيها، في وقت تعاني فيه من أزمة سياسية داخلية وانقسام شعبي متزايد. ورغم تفوقها العسكري، أدركت تل أبيب أن الحرب ضد إيران لا يمكن حسمها بضربات خاطفة.

فشل حكومة نتنياهو في تحقيق نصر حاسم، وتزايد الضغوط الداخلية، جميعها عوامل دفعت نحو قبول وقف إطلاق النار، وإن بدا مشروطًا وغير مستقر. لقد فهمت إسرائيل أن حسم المعركة مع إيران يتجاوز قدراتها المنفردة.

الولايات المتحدة: بين الردع وعدم التورط

رغم دعمها الثابت لإسرائيل، فإن الولايات المتحدة لم تكن راغبة في الانخراط المباشر في حرب شاملة، خصوصًا مع انشغالها بملفات الصين وروسيا. لذلك اكتفت واشنطن بتقديم الدعم اللوجستي والدبلوماسي، ودفعت باتجاه وقف التصعيد.

تدرك واشنطن اليوم أن القوة وحدها لا تصنع الاستقرار، وأن التفاهم مع إيران، رغم صعوبته، قد يكون أكثر واقعية من خوض حروب لا يمكن ضمان مآلاتها، ولا تتحمل تكاليفها في هذا التوقيت الجيوسياسي الحرج.

التكاليف الباهظة… وصدع شعار “أمريكا أولًا”

منذ بداية عملية “طوفان الأقصى”، سارعت الولايات المتحدة إلى دعم إسرائيل بشكل مباشر، وبلغ حجم المساعدات العسكرية والمالية حتى الآن أكثر من 22 مليار دولار، شملت منظومات دفاع جوي، ذخائر دقيقة، ودعم استخباراتي ولوجستي.

كما أن واشنطن لا تزال تتحمل الجزء الأكبر من ميزانية حلف الناتو، والتي بلغت خلال السنوات الأخيرة ما يزيد عن 35 تريليون دولار كمجموع التزامات أمنية وعسكرية في أوروبا وحول العالم.

هذا الانخراط المكثف خارج الحدود، يُضعف من صدقية شعار “أمريكا أولًا”، خاصة في نظر الرأي العام الأمريكي، الذي يُطالب منذ سنوات بتقليص الإنفاق الخارجي، والتركيز على التحديات الداخلية مثل التضخم، الحدود، التعليم، والبنية التحتية.

وتواجه الإدارة الأمريكية سؤالًا صعبًا: كيف يمكنها الاستمرار في الدفاع عن إسرائيل والناتو، والانخراط في صراعات بعيدة، بينما تعاني الداخل الأمريكي من انقسامات اقتصادية وسياسية عميقة؟

سؤال حرج: لماذا لم تشترط إيران وقف العدوان على غزة؟

من أكثر التساؤلات حساسية بعد وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل هو:

لماذا لم تُصرّ إيران على وقف العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين كشرط أساسي في تفاهمات التهدئة؟

رغم أن إيران ترفع شعار “دعم المقاومة” منذ عقود، إلا أن غياب اشتراط وقف الحرب على غزة في أي تفاهم أو مساعٍ للتهدئة أثار شكوكًا حول أولويات طهران الحقيقية.

هذا الموقف أو غيابه، فتح الباب أمام أصوات تقول إن إيران – في لحظات معينة – قد تُقدّم مصالحها الاستراتيجية على حساب القضية الفلسطينية، وإنها مستعدة لتفاهمات تُحصّن أمنها دون شرط حماية حلفائها.

لكن بالمقابل، لا يمكن تجاهل أن إيران ما تزال تعتبر ورقة فلسطين رصيدًا دائمًا في خطابها الإقليمي، وربما تسعى في المرحلة المقبلة إلى العودة للعب هذا الدور بشكل أوضح، من خلال الضغط السياسي والدعم العسكري غير المباشر، خصوصًا إن تعثرت تفاهماتها مع واشنطن.

وإذا أرادت إيران الحفاظ على شرعيتها كـ”راعية للمقاومة”، فعليها أن تربط أي تهدئة مستقبلية بملف فلسطين، وإلا ستخسر هذا الرصيد الرمزي أمام حلفائها وشعوب المنطقة.

ما بعد الحرب: توازنات جديدة وتحالفات قيد التشكل

ما يمكن قوله بثقة بعد هذه الحرب، هو أن الأوضاع في المنطقة والعالم لن تعود كما كانت. فهذه المواجهة لم تكن مجرد اشتباك محدود، بل لحظة كاشفة لحدود القوة الأمريكية، ولعجز إسرائيل عن فرض معادلة ردع من طرف واحد، ولقدرة إيران على الصمود والرد.

الدول التي لا تتفق مع إسرائيل والولايات المتحدة، سواء في الشرق الأوسط أو خارجه، ستأخذ هذه النتائج بعين الاعتبار، وستعمل على بناء قدراتها الذاتية، وتطوير تحالفات جديدة، لا تقوم فقط على الردع العسكري، بل على توازنات تشمل الاقتصاد، الطاقة، والتحالفات السياسية.

العالم يبدو متجهًا نحو نظام دولي متعدد الأقطاب، حيث لم تعد واشنطن قادرة على رسم المسارات وحدها، ولم تعد إسرائيل محصّنة من الرد، وهو ما يدفع قوى دولية صاعدة مثل إيران، وروسيا، والصين، إلى إعادة تعريف موازين القوى انطلاقًا من هذه المعطيات الجديدة.

تركيا بين المحورين: البحث عن مكان في التوازن الجديد

في خضم هذه التحولات، تبرز تركيا كقوة إقليمية طموحة تسعى لإعادة ضبط موقعها بين القوى الكبرى. فبينما هي عضو فعّال في حلف الناتو، إلا أن علاقاتها المتوترة مع إسرائيل، وتفاهماتها السياسية والاقتصادية المتزايدة مع إيران، تجعلها في موقع حساس.

تركيا لا ترغب في القطيعة مع الغرب، لكنها أيضًا لا تثق بالكامل في واشنطن أو تل أبيب. ومن هذا المنطلق، من المرجّح أن تسعى أنقرة إلى تعزيز مكانتها عبر مقاربة براغماتية، تُوازن بين شراكتها مع الغرب ومصالحها في الشرق، خاصة في ظل المتغيرات الجديدة.

ستسعى تركيا للعب دور الوسيط حينًا، والشريك حينًا آخر، وربما تتحوّل إلى فاعل مستقل في معادلة الشرق الأوسط الجديد، مستفيدة من موقعها الجغرافي، وقوتها الاقتصادية والعسكرية، وطموحاتها السياسية.

الخلاصة:

لقد خاضت إيران وإسرائيل وأمريكا اختبار القوة، وخرجت بنتيجة واحدة: لا مجال للحسم العسكري الكامل، بل إعادة تموضع، وبحث عن صيغ تعايش غير مباشر.

المرحلة القادمة ستكون مرحلة الضغط السياسي، وتفاهمات غير مباشرة، وردع متبادل هش. فالحرب أثبتت أن الشرق الأوسط لا يحتمل مغامرات كبرى جديدة، بل يحتاج إلى عقلانية نادرة في زمن الغليان.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

مقالات مشابهة

  • هذه أقل فوائد القروض في تركيا الآن.. ولكن هل هي مناسبة؟
  • إيران وإسرائيل وأمريكا بعد الحرب: لا رابح.. ولكن معادلات جديدة
  • محلل سياسي: أمريكا قادرة على التأثير في قرارات إسرائيل إذا أرادت
  • عراقجي يحذر الولايات المتحدة: "جاهزون للرد مجددا"
  • دبلوماسى لبنانى سابق: إيران حاولت توجيه رسالة دون جر الولايات المتحدة إلى معركة شاملة
  • سيناريوهات رد الولايات المتحدة على إيران بعد استهداف القواعد الأمريكية
  • الولايات المتحدة تكشف عن تكتيك جديد في ضرب المنشآت النووية الإيرانية
  • الصين: هجوم أمريكا على إيران دمر مصداقيتها ويهدد بانفجار إقليمي
  • باحث: غلق مضيق هرمز يؤثر على أسعار الطاقة عالميا ويهدد أمريكا
  • الولايات المتحدة تحث الصين على ثني إيران عن إغلاق مضيق هرمز