المؤرخ بيتر فرانكوبان: طريق الحرير قصة تفاعلات حضارية معقدة
تاريخ النشر: 12th, November 2024 GMT
استضافت فعاليات الدورة الـ 43 من معرض الشارقة الدولي للكتاب بيتر فرانكوبان المؤرخ البريطاني الشهير، ومدير مركز الدراسات البيزنطية بجامعة أكسفورد، في جلسة حوارية حول طرق الحرير الذي استحوذ على اهتمام الكتاب والروائيين، وحتى رجال الأعمال والسياسيين على مدار التاريخ، وأخذ فرانكوبان جمهور الجلسة في رحلة معرفية شائقة لاستكشاف الأهمية التاريخية لطريق الحرير، وجاذبيته الدائمة في الكتابة الخيالية والواقعية.
استهلت مقدمة الندوة الدكتورة مانيا سويد الندوة بتوجيهِ سؤال لفرانكوبان حول العلاقة بين الثقافة والتجارة والاقتصاد، حيث أوضح المؤرخ البريطاني الكبير في سياق إجابته أن ما يربط بين الثقافة والتجارة والاقتصاد هو السفر، وقال: «كان السفر عبر الطرق التجارية القديمة هو أساس التواصل بين الشعوب والحضارات، حيث لم تكن تلك الطرق مجرد مسارات لنقل البضائع، بل جسوراً لنقل الأفكار والثقافات والعادات، لذلك أرى أن التجارة لم تسهم فقط في تنمية الاقتصاد، بل خلقت تفاعلات ثقافية عميقة تركت بصماتها على الفن، واللغة، والعادات الاجتماعية في مختلف المجتمعات».
تاريخ جديد للعالم
تطرق بيتر فرانكوبان إلى كتاب له صدر بعنوان «طريق الحرير تاريخ جديد للعالم»، لافتاً الانتباه إلى أن تصوير طريق الحرير غالباً ما يجيء مجتزأً أو رومانسياً في الكتب والروايات، حيث يختزل هذا الطريق إلى قصص عن الكنوز الغامضة والمغامرات المثيرة والسفن الغارقة المحملة بالفخار والذهب، بينما طريق الحرير يعد بمثابة شبكة واسعة من الطرق الحيوية التي ربطت بين آسيا وأوروبا وأفريقيا، وساهمت في انتقال العلوم والأفكار والأديان بقدر ما ساهمت في نقل البضائع، وقال: «طريق الحرير هو قصة تفاعلات حضارية معقدة، مليئة بالتحديات السياسية والصراعات والتبادلات الثقافية، وهو محور حقيقي للتاريخ العالمي، حيث تشكلت الهويات والثقافات على طول مساراته».في ختام ندوته، تحدث فرانكوبان عن كتابه «الأرض المتحولة.. تاريخ غير مروي»، الذي قدم فيه سرداً مبتكراً لتاريخ البشرية على مدار 5 مليارات عام، لكنه تناوله من منظور بيئي، حيث استعرض فرانكوبان مع جمهور الندوة كيف أثرت التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية عبر العصور على تطور الحضارات والثقافات، والدور الحاسم الذي لعبته البيئة في تشكيل مسارات التاريخ، وما سببته من تغييرات جذرية على المستويين الاقتصادي والسياسي، مثل انقراض بعض المجتمعات وازدهار أخرى.
أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: طریق الحریر
إقرأ أيضاً:
أحرار العالم في مواجهة الإبادة.. أين العرب من تاريخ العدالة؟
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتفاقم المآسي، تقف غزة شاهدة على واحدة من أفظع جرائم الإبادة في العصر الحديث. بينما يرفع أحرار العالم من أمريكا اللاتينية والعالم صوتهم في وجه هذه الجريمة، ويتحركون على أرض الواقع من خلال محكمة العدل الدولية، يبقى العالم العربي، الذي يفترض أن يكون في طليعة المدافعين، غائبًا بشكل مريب. هذا الغياب ليس فقط غيابًا سياسيًا، بل هو انكسار أخلاقي يطرح سؤالًا مؤلمًا: أين العرب من تاريخ العدالة؟
في الوقت الذي تُحاصر فيه غزة، وتقتل أطفالها ونساؤها بلا هوادة، ترتفع أصوات دول من الجنوب العالمي، كالبرازيل، نيكاراغوا، كولومبيا، تشيلي، بوليفيا، وكوبا، لتعلن بوضوح مسؤولية الكيان الإسرائيلي عن جريمة الإبادة الجماعية التي تُرتكب في القطاع المحاصر. فالبرازيل، كدولة كبرى في أمريكا اللاتينية، تتقدم الخطوات النهائية للانضمام إلى الدعوى المقدمة أمام محكمة العدل الدولية، حيث وصف رئيسها، لولا دا سيلفا، ما يحدث في غزة بـ»الإبادة الجماعية الممنهجة»، مؤكدًا أن هذه ليست مجرد صراع عسكري، بل قتل ممنهج للمدنيين الأبرياء.
هذه الخطوات ليست عشوائية أو مجرد بيانات شكليه، بل تحركات قانونية وإنسانية واضحة ترفع راية العدالة الدولية، وتحمل إسرائيل المسؤولية أمام محكمة لاهاي. وعلى النقيض من ذلك، يظل العالم العربي في حالة من الصمت المطبق، أو الأسوأ من ذلك، غارقًا في تحالفات سياسية ضيقة وأعذار واهية تمنعه من التحرك الفعلي على المستوى القانوني.
مفارقة لا تصدق أن دولًا لا تجمعها بفلسطين روابط الدم والقربى تتقدم في ساحات العدالة، فيما تتوارى دول عربية يفترض أنها أكثر حماسة والتزامًا بالقضية الفلسطينية عن هذه المعركة المصيرية. هذا الغياب العربي المروع لا ينعكس فقط على المستوى السياسي، بل هو سقوط أخلاقي مريع يُختزل في تاريخ أمة فقدت موقعها في أعظم قضاياها.
في يناير 2024، أصدرت محكمة العدل الدولية أوامر مؤقتة بوقف الإبادة وفتح المعابر الإنسانية في غزة، لكنها لم تُحكم بعد في القضية، ما يفتح الباب لكل دولة للتدخل والدفاع عن الحق الفلسطيني. ومع ذلك، بقي هذا الباب مغلقًا أمام العرب، الذين تركوا غزة وحيدة في مواجهة آلة القتل، وتركوا التاريخ يسجل غيابهم المريع.
إن هذا الغياب ليس مجرد تقصير أو إهمال، بل هو خذلان مدوٍّ يطرح علامات استفهام كبيرة حول مصداقية مواقف أمة تدعي الدفاع عن قضايا العدل والحق. فالتاريخ لن يسأل من أدلى ببيان تنديد فقط، بل من وقف في وجه الظلم ورفع راية العدالة.
اليوم، تكتب أحرار العالم فصولًا ناصعة في سجل النضال ضد الإبادة، بينما تُسجل أمة العرب موقفها المؤلم في مقعد الغياب. هذا الاختبار ليس فقط للقضية الفلسطينية، بل هو اختبار لضمير أمة بأكملها. هل يستفيق العرب من صمتهم، ويعيدون كتابة تاريخهم من جديد في ميدان العدالة، أم سيبقى هذا الغياب وصمة لا تزول من ذاكرة الإنسانية؟