حصاد ضعيف يهدد لقمة العيش.. هل ينجو اليمن من أزمة الغذاء؟
تاريخ النشر: 14th, November 2024 GMT
شمسان بوست / الشرق الأوسط
يشتكي غالبية مزارعي الحبوب في اليمن من تراجع إنتاجهم سنوياً بسبب تقلبات المناخ وتغير مواسم الأمطار وما تسببه غزارتها غير المتوقعة من جرف للتربة وتخريب للأراضي، وهو ما يتسبب لاحقاً في الإضرار بأمنهم الغذائي خلال الأشهر المقبلة التي تدخل فيها البلاد حالة من الجفاف الموسمي.
وينتهي، منتصف الخريف، موسم زراعة الحبوب في غالبية أنحاء اليمن، بالتزامن مع انخفاض درجات الحرارة وانقطاع الأمطار الموسمية ودخول البلاد في حالة من الجفاف، ويبدأ المزارعون حصر إنتاجهم من الحبوب وتخزينها للاستهلاك، كما يتم تخزين الزرع كأعلاف للمواشي التي تعاني من جفاف المراعي وشح الحشائش والأعشاب التي تتغذى عليها.
وبقدر ما يشعر المزارعون بالفرح خلال فترة جمع محصول موسم زراعة الحبوب، التي تشهد احتفاليات متوارثة تتعدد فيها الأغاني والأهازيج، يخالطهم شعور بالحزن بسبب اضطرارهم لانتظار موسم الأمطار المقبل لأشهر طويلة، وأملهم بهطول أمطار شتوية تساعدهم في زراعة أنواع أخرى من الحبوب.
يقول سعيد محمد، وهو مزارع مخضرم في مديرية الشمايتين جنوب محافظة تعز (جنوب غرب) إن فصلي الخريف والشتاء يشهدان في الغالب تراجعاً كبيراً في الإنتاج الزراعي، لكن بعض الأعوام قد تشهد سقوط أمطار خفيفة تساعد بعض المزارعين في إنتاج كميات محدودة من حبوب مختلفة عن تلك التي أنتجوها خلال الموسم السابق.
ويوضح المزارع السبعيني في رسالة نقلها لـ«الشرق الأوسط» أحد أبنائه، بسبب عدم خبرته في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، أن بعض المزارعين يحتاطون لمواسم الجفاف بتجميع مياه السيول في خزانات مبنية من الحجارة والأسمنت لزراعة أنواع من الخضراوات، بينما ينتظر آخرون هطول الأمطار الشتوية الخفيفة، وهي نادرة ويقضي المزارعون شتاءهم في انتظارها.
الأمل بأمطار الشتاء
ينتج المزارعون خلال موسم الأمطار الصيفية الذرة الشامية والذرة الرفيعة بأنواعها ومن البقوليات اللوبياء، أما في الشتاء فيكتفون بالذرة الشامية والشعير والعدس والخضراوات.
لكن المزارع حسين أحمد، من مديرية القبيطة التابعة لمحافظة لحج (جنوب)، يشير إلى أن أمطار الشتاء عادة ما تكون وخيمة على المزارعين، خصوصاً مالكي المواشي التي قد تعاني لأسابيع وأشهر طويلة من الجوع وانقطاعها عن المرعى، واعتمادها على ما جرى تخزينه من أعلاف.
ويبين أحمد، لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الشتوية تأتي خفيفة وعلى مدى أيام طويلة متصلة مصحوبة بانتشار ضباب كثيف، خصوصاً في المرتفعات الجبلية، ويمنع المزارعون من استخدام الأراضي بشكل جيد، بينما لا تتمكن المواشي من مغادرة مأواها بسبب هذه الأمطار.
إلا أنه، وبعد انقشاع الضباب وتوقف الأمطار، تعود الحياة إلى المراعي التي تعود الحشائش للنمو فيها، وهو ما يفيد المزارعين في الحصول على المزيد من الألبان ومنتجاتها.
وتساهم أمطار الشتاء، على ندرتها، في زيادة المياه الجوفية بفضل هطولها البطيء والطويل مما يساهم في تغلغلها داخل طبقات الأرض وفقاً للخبراء الجيولوجيين، كما تعمل على تحسين جودة الإنتاج الحيواني.
وتراجعت المساحة التي تحتلها زراعة الحبوب في اليمن من أكثر من 585 ألف هكتار قبل الحرب الدائرة في البلاد منذ عام 2014، إلى أقل من 529 ألف هكتار بحسب بعض البيانات والتقديرات عن هيئات حكومية وأخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، أي بما يزيد على 56 ألف هكتار، من إجمالي المساحة المحصولية المقدرة بـمليون و 124 ألف هكتار.
استثمار بلا ضمانات
يستمر موسم زراعة الحبوب أكثر من 5 أشهر، ويبدأ غالباً منتصف مايو (أيار) الذي يشهد إلقاء البذور في التربة، لينتهي في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) وبدايات نوفمبر (تشرين الثاني) بحصد السنابل، ثم نزع الزرع.
ويرى الخبير الزراعي محمد سيف ثابت أن أوضاع المزارعين في السنوات الأخيرة تتشابه في جميع الفصول، خصوصاً مع تبدل مواسم الأمطار الصيفية وتغير مواقيتها، ما يصعِّب عليهم تحديدها أو توقعها، إلى جانب التغير الكبير في كمياتها وما تتسبب به من جرف للتربة وتخريب للأراضي.
ويقول ثابت في إيضاحاته لـ«الشرق الأوسط» إن ما يعاني منه المزارعون في الصيف خلال الأعوام الأخيرة، يشبه إلى حد كبير ما يمرون به في الشتاء، حيث يلجأ الكثير منهم إلى بذل جهد كبير وإنفاق أموال في تسوية الأرض ودفن البذور متوقعاً هطول الأمطار. إلا أن تلك البذور قد تتحلل قبل هطول الأمطار، أو تنبش الطيور التربة لتناولها، وهو ما يدفع بعضهم إلى دفن بديل عنها. أما إذا هطلت الأمطار ولم تنبت تلك البذور بسبب تحللها أو نبشها من قبل الطيور، فإنه يستحيل على المزارعين إعادة التجربة قبل أن تعود التربة إلى الجفاف مرة أخرى.
وأبدى مصدر في وزارة الزراعة اليمنية انزعاجه من لجوء غالبية المزارعين إلى حصد سنابل الحبوب قبل نضجها وتناولها بعد شيها أو سلقها بوصفها وجبات إضافية، فيما يُعرف محلياً بـ«الجهيش»، وهو ما يتسبب في إهلاك الكثير من المحصول والإضرار بالأمن الغذائي للمزارعين خلال الأشهر اللاحقة.
وتابع المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن هذه العادة المتوارثة أصبحت غاية لغالبية المزارعين، لكن الفارق أن المزارعين في السابق، قبل عشرات وربما مئات السنين،كانوا يعتمدون على «الجهيش» بوصفها وجبات أساسية، إلى جانب قلة استهلاكهم لها، في الوقت نفسه الذي يملكون فيه كميات من ناتج الحبوب يغطي موسم الجفاف.
أما في الوقت الراهن؛ فإن غالبية المزارعين يكتفون بالحصول على «الجهيش» ولا يقومون بتخزين سوى كميات قليلة من الحبوب.
المصدر: شمسان بوست
كلمات دلالية: الشرق الأوسط المزارعین فی زراعة الحبوب ألف هکتار وهو ما
إقرأ أيضاً:
اليونيسيف تحذر من تفشي الكوليرا بين أطفال دول أفريقية
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) الأربعاء إن نحو 80 طفلا معرضون بشكل كبير لخطر الإصابة بالكوليرا في غرب ووسط أفريقيا مع بداية موسم الأمطار في المنطقة.
واعتبر جيل فانيونو المدير الإقليمي لليونيسيف في غرب ووسط أفريقيا أن الأمطار الغزيرة والفيضانات الواسعة النطاق ومستويات النزوح المرتفعة عوامل تؤدي إلى زيادة خطر انتقال الكوليرا وتعرض حياة الأطفال للخطر.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ألبانيزي تشكو العقوبات الأميركية المفروضة عليها وتصفها بالمدمرةlist 2 of 2أحلام أطفال غزة مبتورة كما أطرافهمend of listوأضاف "نحن في سباق مع الزمن، ونعمل جنبا إلى جنب مع السلطات لتوفير الرعاية الصحية الأساسية والمياه الآمنة والتغذية المناسبة للأطفال المعرضين بالفعل لخطر الأمراض المميتة وسوء التغذية الحاد".
وأضاف "بالتعاون مع مجموعة من الشركاء، نقوم بتعزيز مشاركة المجتمعات المحلية وتوسيع نطاق تدخلاتنا إلى المناطق النائية والمحرومة، ونبذل كل جهد ممكن لضمان ألا يُترك أي طفل خلف الركب".
والكوليرا هي عدوى حادة تسبب إسهالا حادا نتيجة تناول طعام أو ماء ملوث بالبكتيريا، ويمكن علاج المرض بمحلول الإماهة الفموية والمضادات الحيوية، لكنه قد يكون قاتلا خلال ساعات إذا لم يُعالج.
ويُعد الأطفال الصغار أكثر عرضة للإصابة بالكوليرا بسبب عوامل مثل سوء النظافة، وضعف أنظمة الصرف الصحي، ونقص الوصول إلى المياه النظيفة، إضافة إلى زيادة خطر الإصابة بالجفاف الشديد.
وسجلت اليونيسيف أن جمهورية الكونغو الديمقراطية ونيجيريا تشهدان تفشيا للكوليرا، مما يزيد من خطر انتقال العدوى عبر الحدود إلى الدول المجاورة.
وتُعد جمهورية الكونغو الديمقراطية الأكثر تضررا، حيث تم تسجيل أكثر من 38 ألف حالة و951 وفاة خلال شهر يوليو/تموز فقط.
ويشكل الأطفال دون سن الخامسة نحو 26% من الحالات في البلاد، وإذا لم تُتخذ إجراءات أقوى للاحتواء، فقد يواجهون أسوأ أزمة كوليرا منذ عام 2017.
إعلانوأشارت المنظمة الأممية إلى أن الوضع في العاصمة كينشاسا "حرج للغاية"، حيث أدى هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى ارتفاع حاد في عدد الحالات خلال الأسابيع الأربعة الماضية، مما أدى إلى إنهاك النظام الصحي وزيادة معدل الوفيات بنسبة 8%.
كما سجلت المنظمة أن نيجيريا تعد ثاني أكثر البلدان تضررا، إذ تم الإبلاغ عن 3 آلاف و109 حالات مشتبه بها و86 وفاة حتى نهاية يونيو/حزيران الماضي، وأكدت أن الكوليرا يعد مرضا متوطنا في نيجيريا، إذ شهدت البلاد موجات تفشٍ كبيرة خلال السنوات الماضية.
كما أشارت إلى أن كلا من تشاد والكونغو وغانا وكوت ديفوار وتوغو تعرف بدورها تفشيا مستمرا للمرض، حيث تم الإعلان في غانا عن 612 حالة كوليرا حتى 28 أبريل/نيسان.
وفي كوت ديفوار سُجّلت 322 حالة و15 وفاة حتى 14 يوليو/تموز الجاري، كما أُبلغ عن 209 حالات و5 وفيات حتى 22 يونيو/حزيران الماضي في توغو.
كما تخضع دول مثل النيجر وليبيريا وبنين وجمهورية أفريقيا الوسطى والكاميرون للمراقبة الدقيقة نظرا لهشاشتها وتعرضها المحتمل لتفشي المرض.
وقالت اليونيسيف إن هناك حاجة ملحة لتكثيف الجهود من أجل منع المزيد من انتشار المرض واحتوائه على مستوى المنطقة.
وقدرت اليونيسيف في غرب ووسط أفريقيا حاجتها بشكل عاجل إلى 20 مليون دولار خلال الأشهر الثلاثة المقبلة لتوسيع نطاق الدعم الحيوي في مجالات الصحة والمياه والصرف الصحي والتواصل المجتمعي وإدارة المخاطر.