هل يكسر فلسطينيو 48 حاجز الصمت بعد مظاهرة أم الفحم؟
تاريخ النشر: 15th, November 2024 GMT
القدس المحتلة – عند مقهى البلدة في مدخل أم الفحم الذي كان شاهدا على عقود من مسيرات النضال، يتذكر الفلسطيني حلمي محطات النضال التي خاضها فلسطينيو الداخل ضد السياسات الإسرائيلية، متسائلا "هل سيخرج الفلسطينيون للشارع نصرة لغزة؟ الناس ضد الحرب لكنها تخشى سياسات الإخراس والترهيب التي تعتمدها إسرائيل".
واحتشد الآلاف من فلسطينيي الداخل قبالة مسجد الفاتح اليوم الجمعة بمدينة أم الفحم جنوبي حيفا للمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ولبنان، في مظاهرة قطرية تعتبر الأولى من نوعها منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، بتنظيم من لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية ضد الحرب على غزة ولبنان، رغم استمرار الخوف من تداعيات السياسات الإسرائيلية.
وجاءت المظاهرة ردا على استمرار حرب الإبادة على قطاع غزة والضفة الغربية، وامتداد الحرب إلى لبنان، وسن القوانين الاستبدادية والعنصرية في الكنيست الإسرائيلي التي تستهدف الوجود الفلسطيني.
تاريخيا، شكلت مسيرات النضال والاحتجاج التي كانت تخرج من بلدة أم الفحم محطة فارقة في العلاقة ما بين المؤسسة الإسرائيلية وفلسطينيي 48، مثل "هبة الروحة" عام 1998 التي تم على إثرها تحرير 13 ألف دونم صادرها الجيش الإسرائيلي لأغراض عسكرية، والانتفاضة الثانية التي أشعلت أم الفحم شرارتها الأولى بالداخل الفلسطيني، و"هبة الكرامة" في مايو/أيار 2021.
وبعد اندلاع معركة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، شكلت الحرب على قطاع غزة صدمة للداخل الفلسطيني، الذي وقع في فخ التخويف والترهيب من قبل المؤسسة الإسرائيلية، التي اعتمدت سياسات كم الأفواه والملاحقة السياسية والقضائية للمجتمع، فضلا عن التهديد الحقيقي لكل من يناهض الحرب ويتضامن مع غزة.
وخلافا لما كان سائدا خلال عام الحرب، الذي قل فيه خروج مظاهرات حاشدة لفلسطينيي 48، بدت مشاهد المظاهرة القطرية، التي وثقتها الجزيرة نت وسجلت انطباعات المشاركين فيها، نقطة تحول في كسر حاجز الخوف ومواجهة التحديات، حيث رفعت الشعارات المنددة بالحرب والسياسات الإسرائيلية، وتعالت صرخات الحناجر المتضامنة مع غزة ولبنان.
ورغم مشاركة الآلاف، فإن الناشط المدني عمرو إغبارية يرى أن كل المسيرات والاحتجاجات لم ترتقِ من الناحية الاجتماعية والسياسية والتربوية إلى مستوى الحدث وما تتعرض له غزة من حرب إبادة، قائلا "فلسطينيو 48 جزء لا يتجزأ من الشعب الفلسطيني، ونحن أولى أن نكون في مقدمة النضال ونرفع صوتنا عاليا ضد الحرب، حيث تكمن لدينا القدرة على التأثير من الداخل".
وأشار إغبارية إلى أن "الداخل الفلسطيني يشهد حالة من الحراك المتزايد الذي لم نعهده خلال عام الحرب، حيث تتحدى الجماهير سياسات كم الأفواه وتخرج عن صمتها تضامنا مع غزة وتنديدا بالحرب"، معلقا على المظاهرة بالقول إنها تعد "مؤشرا مهما جدا يحمل في طياته رسائل لتحريك الطاقات الكامنة بالداخل لتوسيع الأنشطة التضامنية مع أهلنا في غزة".
وحذر إغبارية من مغبة أن يفقد الشعب الفلسطيني البوصلة، داعيا إلى الخروج عن الصمت ونصرة قطاع غزة، قائلا إن "الشعب الفلسطيني وفي ظل حرب الإبادة هذه، عليه أن يعمل على تجديد المشروع الوطني ليشمل أيضا فلسطينيي 48، وأن يطرح إجابات مغايرة في ظل هذه المتغيرات، فالمسألة ليس هبة شعبية وحراكا، بل تحديد ملامح مشروع التحرر الوطني، فما بعد طوفان الأقصى ليس كما كان قبله".
القراءات ذاتها استعرضها القيادي في حركة أبناء البلد وعضو لجنة المتابعة العربية قدري أبو واصل، الذي يقول إن "ما قبل 7 أكتوبر ليس كما بعده بالنسبة للجماهير الفلسطينية بالداخل، التي تواجه معركة وجودية بسبب الممارسات الإسرائيلية، مقابل التراجع الكبير على صعيد القرارات التي تتخذها القيادات في لجنة المتابعة والأحزاب، وبالتالي تصاعد الحراك يمكن أن يؤثر على ما يحدث".
وعزا أبو واصل قلة الحضور والمشاركة لفلسطينيي 48 في المظاهرات والمسيرات خلال عام الحرب إلى اختفاء دور الأحزاب واللجان الشعبية بين الجماهير، قائلا إن "الأخطر من ذلك هو المشروع السلطوي للحكومة الإسرائيلية لضرب المجتمع الفلسطيني بالداخل وسلخه عن شعبه وقضيته، عبر إشاعة فوضى السلاح، وتفكيكه من خلال تشجيع العنف والجريمة".
ويعتقد القيادي في حركة أبناء البلد أن الداخل الفلسطيني يواجه من خلال تصاعد جرائم القتل حربا وجودية من نوع آخر، قائلا إن "السلاح الإسرائيلي ذاته الذي يستخدم في الضفة الغربية، وكذلك في قطاع غزة يستخدم ضد فلسطينيي 48، الذين لا يوجد لديهم قدرة على مقاومة المخطط السلطوي الإسرائيلي".
ويضيف "إننا نشعر بخطر كبير أمام التشريعات العنصرية والفاشية بالكنيست، وتحول المجتمع الإسرائيلي بغالبيته العظمى إلى أقصى اليمين"، مشددا على ضرورة وحدة الجماهير لتغيير الواقع الذي يعيشه الداخل الفلسطيني من خلال أخذ دور أكبر وأوسع للجان الشعبية والأحزاب والقوى الوطنية والإسلامية، ووضع برنامج عمل لمواجهة التحديات التي تستهدف وجودهم في البلد.
وبقوله "نحن أمام تحديات، نكون أو لا نكون"، لخّص عضو بلدية أم الفحم عن التجمع الوطني الديمقراطي أدهم جبارين الواقع الذي يعيشه الفلسطينيون في الداخل في ظل حرب الإبادة في قطاع غزة، متسائلا "هل الداخل الفلسطيني محصن من التهجير والتشريد الذي ينعكس على مخطط ضم الضفة الغربية الذي تروج له الحكومة الإسرائيلية؟".
ويضيف جبارين بأن هناك تغييرات تحدث في المجتمع الإسرائيلي وأيضا على مستوى العالم. ويقول بأهمية إحداث تغييرات على مستوى الوعي للشعب الفلسطيني، الذي هو في هذه المرحلة بأمسّ الحاجة لقيادات تبلور التحولات والتغييرات وتحولها إلى برنامج عملي في سياق المشروع الوطني للكل الفلسطيني.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن الداخل الفلسطيني، ورغم كسر حاجز الصمت وتخطي حواجز الخوف والهواجس من خلال المشاركة في المسيرات وتنظيم الوقفات الاحتجاجية والأنشطة والفعاليات التضامنية مع غزة ولبنان، فإنه يعيش حالة من الترهيب، ليس فقط في سياق الإجراءات العقابية والانتقامية التي تمارسها المؤسسة الإسرائيلية بحقه، وإنما في سياق البقاء والوجود في أرضه.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الداخل الفلسطینی الشعب الفلسطینی فلسطینیی 48 غزة ولبنان ضد الحرب قطاع غزة أم الفحم من خلال فی سیاق مع غزة
إقرأ أيضاً:
إعلام الأسرى الفلسطيني: البلبيسي أقدم أسرى غزة يمضي ثلاثة عقود بعيدًا عن الوطن والعائلة
الثورة نت/
قال مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني، اليوم الأحد، إن الأسير المؤبد عبدالحليم ساكب البلبيسي (56 عامًا) من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، والذي يُعد أقدم أسرى القطاع، أمضى 30 عامًا متواصلة في سجون العدو الإسرائيلي منذ اعتقاله بتاريخ 6 ديسمبر 1995.
وأوضح المكتب، في بيان اطلعت عليه وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن الأسير البلبيسي محكوم بـ 23 حكمًا بالسجن المؤبد، ويُعد واحدًا من أسيرين فقط من القطاع ما يزالان يقضيان أحكامًا مؤبدة حتى اليوم.
وأضاف أن أخبار السجون انقطعت بشكل شبه كامل منذ إعلان حالة الطوارئ عقب حرب الإبادة، مع منع عائلة الأسير من زيارته، ما زاد من معاناة ذويه وقلقهم على وضعه الصحي والمعيشي.
وبيّن المكتب، أن الأسير حسن عبد الرحمن سلامة من خان يونس يأتي بعده من حيث الأقدمية، وهو معتقل منذ عام 1996، ومحكوم بـ 48 مؤبدًا إضافة إلى 30 عامًا.
وأشار إلى أن البلبيسي بدأ نشاطه خلال انتفاضة الحجارة في صفوف حركة الجهاد الإسلامي، وتعرّض للاعتقال والتحقيق في تلك الفترة، قبل أن يُعاد اعتقاله لاحقًا عند حاجز بيت حانون أثناء محاولته استخراج تصريح عمل، حيث وُجّهت إليه تهمة المشاركة في عملية بيت ليد عام 1995.
ولفت إلى أن الأسير البلبيسي عانى خلال سنوات اعتقاله من التنقّل بين السجون والعزل الانفرادي، إلى جانب التضييق على عائلته، فيما توفيت والدته عام 2007 دون أن تتمكن من زيارته أو رؤيته.
وأكد مكتب إعلام الأسرى أنه، وبعد تحرر معظم رفاقه في صفقات التبادل، بقي البلبيسي آخر الأسرى القدامى من غزة بانتظار حريته وعودته إلى أهله ووطنه.