حرصاً على المصالح الأمريكية.. أفريقيا تمثل أهمية خاصة لدى ترامب
تاريخ النشر: 17th, November 2024 GMT
شددت لِيلي هارفي، باحثة خبيرة في الشؤون الأفريقية،على ضرورة أن تعمل إدارة الرئيس دونالد ترامب الجديدة على تطوير شراكة استراتيجية وديناميكية مع أفريقيا، رغم ازدحام أجندة سياسته الخارجية بالفعل بقضايا حاسمة مثل الحرب في أوكرانيا وطموحات إيران النووية والمنافسة الصينية.
الفشل في التعامل بشكل حاسم مع أفريقيا قد يكون له عواقب وخيمة
وقالت الباحثة في مقالها في مجلة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، إن إهمال أفريقيا وسط هذه التحديات من شأنه أن يعرض المصالح الأمريكية للخطر على المستويين المحلي والدولي.نمط من الإهمال والمشاركة السطحية
وأشارت الباحثة إلى قضية متكررة في السياسة الخارجية الأمريكية تتمثل في ميلها التاريخي إلى التذبذب بين إهمال أفريقيا والانخراط في تفاعلات سطحية. فقد أعطى الانخراط الأمريكي مع أفريقيا الأولوية في كثير من الأحيان لأهداف ضيقة وقصيرة الأجل بدلاً من تعزيز الشراكات الحقيقية بدءاً من التدخلات العسكرية الأمريكية المبكرة في حروب البربر إلى المبادرات الدبلوماسية الأكثر حداثة.
وأوضحت الكاتبة أن هذا النهج ترك العديد من الدول الأفريقية عالقة في دورات من عدم الاستقرار والتخلف، مما يجعلها عرضة للاستغلال من قبل الجهات الفاعلة الخارجية مثل الصين وروسيا.
My views on possible shifts of the US policy towards africa ????????https://t.co/WwlPeNVmOS
— Carlos Lopes (@LopesInsights) November 13, 2024خلال فترة ولاية ترامب الأولى، عكست العلاقات بين الولايات المتحدة وأفريقيا هذا النمط. وتبنت إدارته نهجاً يركز على الأعمال التجارية، وأكد على المبادرات الاقتصادية مثل قانون النمو والفرصة في أفريقيا ومبادرة ازدهارها. في حين كانت هذه الجهود تهدف إلى تعزيز التجارة والاستثمار، فإنها تقوضت بسبب الافتقار إلى المشاركة الدبلوماسية والديمقراطية التكميلية.
على نحو مماثل، فشلت إدارة بايدن، رغم التأكيد على التواصل الدبلوماسي ومبادرات المناخ وتوزيع اللقاحات. ووصفت الكاتبة هذه الجهود بأنها غير متماسكة وسطحية، مما جعل الدول الأفريقية متشككة في نوايا واشنطن. وأدى التأخير في تقديم التمويل المناخي واللقاحات إلى تآكل الثقة، ما أدى إلى تأجيج الشكوك حول صدق مشاركة الولايات المتحدة.
وشددت الكاتبة على أن دور إفريقيا في الجغرافيا السياسية العالمية أكثر أهمية من أي وقت مضى. اقتصادياً، تعد القارة موطناً لبعض أسرع الاقتصادات نمواً في العالم وأصغر السكان سناً، حيث يزيد عمر أكثر من 60% من مواطنيها عن 25 عاماً.
تخلق هذه الديناميكية الديموغرافية فرصاً كبيرة للنمو الاقتصادي والابتكار والتنمية. ومع ذلك، فإنها تفرض أيضاً تحديات، وخاصة فيما يتعلق بتلبية احتياجات البنية الأساسية والرعاية الصحية والتعليم. وسوف يتطلب معالجة هذه التحديات استثمارات كبيرة، ويسعى القادة الأفارقة بنشاط إلى إيجاد شركاء لدعم هذه الجهود.
Trump's regime may prove catastrophic to Africa, as experts predict cuts to US aid, which currently amounts to about $8 billion annually, leaving millions —especially women and children— vulnerable to food insecurity, water scarcity, and the growing influence of authoritarian… pic.twitter.com/987IijGr6n
— Anonymous (@YourAnonCentral) November 10, 2024وبجانب الاقتصاد، تلعب أفريقيا دوراً مهماً في قضايا الهجرة وتغير المناخ والأمن؛ فهي نقطة عبور للهجرة، مما يؤثر على الاستقرار الإقليمي في أوروبا والشرق الأوسط وخارجهما؛ وضعف أفريقيا في مواجهة تغير المناخ يجعل تقدمها هشاً بطبيعته، مع ارتفاع مخاطر انعدام الأمن الغذائي والنزوح والصراع في المناطق التي تعتمد على الزراعة، وكلها تحديات تتطلب مشاركة أكبر من جانب الولايات المتحدة لضمان التواجد والمنافسة.
صعود الصين وروسيا في إفريقيا وأشارت هارفي إلى النفوذ المتزايد للصين وروسيا في القارة الأفريقية، مسلطةً الضوء على استراتيجياتهما المتميزة في التفاعل والمشاركة. فقد وضعت الصين نفسها كأكبر شريك اقتصادي لإفريقيا، حيث بلغ حجم التجارة السنوية 282 مليار دولار. وطورت بكين البنية التحتية لإفريقيا بشكل كبير، من السكك الحديدية إلى الموانئ، من خلال "مبادرة الحزام والطريق" الطموحة.وأوضحت الباحثة أن المساعدات المالية الصينية تأتي غالباً بشروط أقل من المساعدات الغربية، مما يجعلها جذابة للغاية للحكومات الأفريقية. لم يعمل هذا النهج على تهميش الشركات الأمريكية فحسب، بل عزز أيضاً رواية الشراكة والامتنان بين الدول الأفريقية، وهو ما يتناقض بشكل حاد مع الموقف الأكثر انتقاداً المرتبط غالباً بالتدخلات الغربية.
من ناحية أخرى، تستخدم روسيا تكتيكات حقبة الحرب الباردة لتوسيع نفوذها من خلال كيانات مثل مجموعة فاغنر (تغير الاسم مؤخراً إلى فيلق أفريقيا)، وتستغل وسائل الإعلام لتأطير نفسها كشريك في التنمية لتقويض النفوذ الغربي. فرصة للقيادة الأمريكية ورغم هذه التحديات، ترى هارفي فرصة كبيرة للولايات المتحدة لإعادة تأكيد نفوذها في أفريقيا. وتزعم أن إدارة ترامب القادمة يمكن أن ترسم مساراً جديداً من خلال تنمية شراكة تتجاوز الدبلوماسية التقليدية. وينبغي أن تركز هذه الشراكة على تكثيف العلاقات الاقتصادية، وموازنة الالتزامات الأمنية، وإحياء جهود التنمية مع تعزيز الديمقراطية وحقوق الإنسان.
وأوضحت الباحثة أن مثل هذه الاستراتيجية تتطلب من الولايات المتحدة أن تنظر إلى أفريقيا كشريك في الوقت الحاضر وليس كمنطقة ذات إمكانات مستقبلية. إن هذا التحول في المنظور يعني إعطاء الأولوية للسياسات التي تعمل على تمكين الشركات المحلية، ودعم التجارة العادلة، ومعالجة الاحتياجات الملحة للقارة. ويمكن للولايات المتحدة أن تضع نفسها كحليف موثوق به في رحلة التنمية في إفريقيا من خلال تعزيز النمو الاقتصادي الشامل وتوفير الدعم الهادف. مخاطر التقاعس وحذرت الباحثة من أن الفشل في التعامل بشكل حاسم مع أفريقيا قد يكون له عواقب وخيمة على المصالح الأمريكية ونفوذها في القارة، بما يسمح للصين وروسيا بتشكيل مستقبل القارة، وإعادة تعريف معايير التجارة والتنمية العالمية، وتآكل النفوذ الأمريكي.
من هنا، تقول الباحثة، إن المخاطر عالية، ويجب على إدارة ترامب أن تدرك أهمية أفريقيا كلاعب رئيس في العلاقات الدولية، بما يضمن بقاءها قادرة على المنافسة في عالم متعدد الأقطاب على نحو متزايد.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الولایات المتحدة مع أفریقیا من خلال
إقرأ أيضاً:
دراسة عمانية تناقش أثر بطاقة الأداء المتوازن في التطوير المؤسسي
في ظل المتغيرات الاقتصادية المتسارعة، وتعاظم متطلبات الكفاءة والاستدامة، بات تحسين الأداء المؤسسي إحدى أهم الأولويات الاستراتيجية للمؤسسات الحكومية والخاصة على حد سواء.
وانطلاقًا من هذه الأهمية، قدمت الباحثة فاطمة بنت راشد الحديدية دراسة بحثية عن
أثر تطبيق بطاقة الأداء المتوازن على تحسين الأداء المؤسسي، باعتبارها أحد أهم النماذج الإدارية الحديثة في دعم الأداء وتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
هدفت الدراسة ـ التي حصلت بموجبها الباحثة على درجة الماجستير من الكلية الحديثة للتجارة والعلوم ـ إلى تحليل أثر بطاقة الأداء المتوازن بأبعادها الأربعة: (المالي، العملاء، العمليات الداخلية، التعلم والنمو) في تحسين الأداء المؤسسي، من خلال دراسة تطبيقية على شركة مسقط الوطنية للتطوير والاستثمار“أساس”، باعتبارها إحدى الشركات العمانية الرائدة في قطاع التطوير والاستثمار.
واعتمدت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي، باستخدام استبانة وزّعت على موظفي الشركة، وتحليل البيانات باستخدام أدوات إحصائية علمية.
وقد أظهرت نتائج الدراسة وجود أثر إيجابي ذي دلالة إحصائية لتطبيق بطاقة الأداء المتوازن بجميع أبعادها على تحسين الأداء المؤسسي، حيث أسهم البعد المالي في تعزيز الكفاءة والرقابة على التكاليف، بينما ساعد بعد العملاء في رفع مستويات الرضا والولاء، وأسهم بعد العمليات الداخلية في تحسين جودة العمليات وكفاءتها، في حين كان لبعد التعلم والنمو دور واضح في تطوير مهارات الموظفين، وتعزيز الابتكار المؤسسي.
وتكمن أهمية هذه الدراسة في أنها تسد فجوة بحثية في السياق العماني، إذ تُعد من الدراسات القليلة التي تناولت التطبيق العملي لبطاقة الأداء المتوازن في قطاع التطوير والاستثمار.
وقالت الباحثة فاطمة الحديدية إن أهمية الدراسة تكمن في أنها تقدم إطارًا علميًا ومنهجيًا يمكن الاستفادة منه في قياس وتحسين الأداء المؤسسي باستخدام أدوات قياس متكاملة، بدلًا من الاعتماد على المؤشرات المالية التقليدية فقط.
وعلى مستوى القطاع الحكومي، يمكن الاستفادة من نتائج الدراسة في دعم توجهات التحول المؤسسي، ورفع كفاءة الخدمات الحكومية، وربط الخطط التشغيلية بالمستهدفات الاستراتيجية، بما يعزز الشفافية والمساءلة وجودة الأداء.
أما على مستوى القطاع الخاص، فتسهم الدراسة في توفير نموذج عملي يساعد المؤسسات على تحسين كفاءتها التنافسية، وتعزيز الاستدامة، وتحقيق توازن فعّال بين النمو المالي وتطوير رأس المال البشري ورضا العملاء.
وتنسجم نتائج الدراسة بشكل مباشر مع رؤية عُمان 2040، لا سيما في محاور الاقتصاد والتنمية، والحوكمة والكفاءة المؤسسية، وتنمية رأس المال البشري، حيث تدعم الدراسة تبنّي أدوات قياس حديثة تسهم في تعزيز الأداء المؤسسي، ودعم القطاعات غير النفطية، وتحقيق النمو المستدام.
وأكدت الباحثة أن بطاقة الأداء المتوازن منظومة استراتيجية متكاملة تمكّن المؤسسات في حال تطبيقها من تحسين أدائها، وتعزيز قدرتها على التكيّف مع المتغيرات والتحديات ، وتحقيق أهدافها بكفاءة واستدامة، بما يخدم تطلعات اقتصاد سلطنة عمان نحو مستقبل أكثر تنوعا وتنافسية واستدامة.