بينما ينشغل كثيرون بما يجري من تغيرّات طارئة على الحالة السعودية مع مواصلة "هيئة الترفيه" لمهرجاناتها وعروضها التي توصف بكونها "مثيرة لغضب ملايين العرب والمسلمين"؛ عُرض في مصر 3 أعمال درامية "مثيرة للجدل" بمُحتواها عن: العلاقات خارج إطار الزواج، وتسود أحداثها الخيانة الزوجية، ومشاهد شرب الخمر، والملابس المثيرة.



المسلسلات الثلاثة هي: "وتر حساس" للأردنية صبا مبارك، و"رقم سري" للمصرية ياسمين رئيس، و"باسوورد" للمصرية آية سماحة، وبينها إنتاج مصري بإشراف "الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية"، وتم إذاعة اثنتين منها عبر منصة "ووتش ات" التابعة للشركة، وعبر فضائيات مصرية منذ نهاية تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، وامتدّت حتى تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري.

"وتر حساس"
العمل من إنتاج الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، وبطولة صبا مبارك، وإنجي المقدم، وهيدي كرم، ومن ﺗﺄﻟﻴﻒ أمين جمال ومينا بباوي، وﺇﺧﺮاﺝ، وائل فرج.

وبدأ عرضه عبر شاشة "قناة on"، في 27 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، في حين تدور أحداث المسلسل في 45 حلقة، حول قضية "الخيانة الزوجية" بطلاتها ثلاث سيدات من الطبقة الراقية من المجتمع.



"رقم سري"
يُعرض من تاريخ 9 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، عبر قناة "دي إم سي" ومنصة "ووتش ات"، لياسمين رئيس، وصدقي صخر، وناردين فرج، وعمرو هبة، من تأليف محمد سليمان عبد المالك، وإخراج محمود عبدالتواب، وإنتاج "أروما ستوديوز" للمنتج تامر مرتضى، فيما تدور الأحداث في 30 حلقة يتخللها مشاهد الخيانة الزوجية.



"باسورد"
جرى عرضه في 8 حلقات بمعدل حلقتين كل أسبوع، منذ 23 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بطولة آية سماحة، وجلا هشام، ومنى خالد، ومحمد السباعي، من ﺗﺄﻟﻴﻒ محمد مهران، وﺇﺧﺮاﺝ أسامة عرابي، وفيه يقدم المخرج مشاهد الخيانة والعلاقات المحرمة بجانب شرب الخمر.

العمل يعرض حصريا في مصر على "Twist TV"، وحصريا على منصة "شوفها" المنتجة للعمل، في باقي الدول.



"حفل الأهرامات"
وفي السياق نفسه، أثار حفل موسيقي نظمته إحدى الشركات التابعة لرجل الأعمال والملياردير نجيب ساويرس، ليل 15 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، تحت سفح أهرامات الجيزة، مدة 9 ساعات من الساعة 6 مساء حتى 3 صباحا، بحضور نحو 15 ألف شاب وفتاة، غضب المصريين لما اعتراه من عري وشرب للخمور ورقص على موسيقى من "الهاوس" إلى "التكنو"، " لفرقة "سيركولوكو" الأسبانية.

الناس اللي كانت بتسأل عن صورة الأهرامات من يوم وهي حمرا بالإضاءة وبيسالوا ايه حصل

المهندس نجيب ساويرس كان بيحتفل وبيركب الحنطور وبيتحنطر

تكنو الهرم pic.twitter.com/zdBmnuAkdy — منير الخطير (@farag_nassar_) November 17, 2024
وسبق تلك الأعمال وذلك الحفل، الكثير من الجدل حول العلاقات غير المشروعة في المجتمع المصري عبر الفضائيات ومواقع الإنترنت.

متابعون مصريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، انتقدوا المسلسلات الثلاثة، وما تقدمه من تأصيل لأفعال تتناقض وقيم المجتمع المصري والعربي، متسائلين عن الهدف من تلك الموجة من الأعمال وسر تتابعها ونحوها نفس المنحى من العري والعلاقات وشرب الخمر، كما ربط البعض بين عرضها بالتوازي وبين مهرجانات الرياض العارية، متوجّسين من أن تكون تلك الموجة ضمن توجّه عالمي نحو "الإباحية".



"ظاهرة صحية مرغوب فيها"
وكان للمنتج والمؤلف المصري، محمد يوسف، رأي مخالف لبعض المتحدثين مع "عربي21"، حول القصة، حيث أكد أنه "في العموم مع التحرر في الأعمال الفنية وضد الانغلاق".

وأضاف يوسف: "أرى أن هذا التوجه من التحرر هو رد فعل طبيعي للتخلص من تيار (الوهابية) الذي اجتاح بلدنا، وشوه إسلامنا الوسطي"، مؤكدا: "حتى لو كان هناك بعض التجاوزات، إلا أنها في نظري تظل ظاهرة صحية مرغوب فيها".

"خلفه الحركة الصهيونية"
وعلى الجانب الآخر، قال مساعد رئيس تحرير الأهرام الأسبق، أسامة الألفي، لـ"عربي21": "منذ سنوات المسلسلات والأفلام الجديدة، تخلو من أي مضمون مفيد، بعدما انفصل الفن عن واقع الشعب وتطلعاته".

ولفت إلى أنه يقرأ ما يقال عنها على صفحات الصحف والمواقع ووسائل الاتصال الاجتماعي، وهو في معظمه "يشير إلى بثها مضمونا، يحرض على الفسق والبلطجة والانحرافات السلوكية من إدمان الخمر والمخدرات، وجميعها ينم عن اتجاه عالمي تقوده الحركة الصهيونية للسيطرة على شباب العالم".


وأضاف: "ربّما اهتمامنا بما يحدث بالسعودية من منطلق ما تعنيه المملكة باعتبارها حاضنة الحرمين الشريفين، أقدس مقدسات المسلمين، هو ما حال بيننا وبين تلمس خطر ما تقدمه الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية من إسفاف، يدور حول العلاقات غير المشروعة في المجتمع المصري، وهي أفعال تتناقض وقيم مجتمعنا وطبيعة شعبنا".

ويعتقد الأديب المصري أن "ما يحدث لا يحدث عبثا، بل ضمن مخطط تقوده الدول الكبرى، لإفساد شباب الشعوب الإسلامية والعربية، وتفرضه فرضا على النظم الحاكمة، مخطط يسعى لدفع المجتمع المسلم للقبول بالفكر المنحرف للدول الكبرى، عبر محاولة إقناع الشباب إن زنا المحارم والشذوذ الجنسي ينضويان تحت راية الحرية الشخصية للفرد، وأن على المجتمع تقبلها ليصير متحضرا".

ويرى أن "هذه خطتهم وتلك نياتهم؛ وهي هدم مجتمعنا بتمزيق الأسرة لبنته الأولى، ونحن ندرك ذلك ونستوعب مرادهم ونتحرز منه، إلا أن ما لا نستوعبه أن تروج لمثل هذا شركة تتبع جهاز سيادي مهم، شركة أسست بأموال الشعب المصري، لكنها للأسف لا تعبر عن قيمه".

"دوافع مختلفة"
من جانبه، قال الكاتب والباحث الإعلامي، خالد الأصور، لـ"عربي21"، إن "دوافع العهر والعري وإباحية الفن في السعودية، غير دوافعها في مصر".

وأوضح أنه "نعلم جميعا أن عراب هذا الانحدار الأخلاقي ومن وقف وراءه بكل قوة هو الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في دورته السابقة، ومع عودته، يحاول الغلام الذي كان ترامب سببا في تصعيده وتثبيته وبطشه باثنين من أولياء العهد ليحل محلهم، يحاول إثبات أنه ما زال على عهده مع ترامب، مع اقتراب بدء دورته الرئاسية الثانية".


وتابع: "أما في مصر فإنّ الدوافع هي خلق مناخ عام بأن الفساد الأخلاقي مصدره المجتمع وليس تهيئة السلطة لأجواء هذا الفساد، لذا نجد كل الأعمال التي تنتجها الشركة المتحدة المهيمنة حصريا على كل وسائل ووسائل الإعلام والفن تسيء للمجتمع".

ويعتقد أنه "من ناحية أخرى لتكون مادة للتسلية وإلهاء وشغل الناس في مثل هذه القضايا الرائجة، في حقبة حسني مبارك، كنا نجد أعمالا من هذا القبيل، لكننا كنا أيضا نجد أعمالا كثيرة تنتقد السلطة وأجنحتها وسياساتها بوضوح وجرأة، أما الآن فتعرية المجتمع وفضحه والإساءة إليه هي الهدف".

"الشللية واحتكار الصناعة"
يعتقد الكاتب والباحث المصري، محمد فخري، أن "الموضوع مرتبط بأزمة في صناعة الدراما المصرية على وجه الخصوص، تلك الأزمة بدأت منذ أكثر من عقدين، حيث طغت المادة على حساب الإبداع، وأصيبت الدراما بداء المقاولات كما أصيبت السينما من قبل، فأصبح هناك دراما المقاولات، وهي دراما كالوجبات السريعة الرديئة، تُسند كتابتها لورش الكتابة، والعمل بكامله، تحكمه المحسوبية والشللية والمصالح والعلاقات".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "ولم يعد غريبا أن يسند تأليف الدراما إلى غير المؤهلين والمثقفين، وكأن الدراما هي تسويد الصفحات بحوارات ركيكة تنطق عبر شخصيات غير حية دراميا، داخل أحداث مفتعلة، ووصل الأمر إلى أن يقدم مخرج كمحمد سامي وهو زوجته (الممثلة مي عمر) إلى التأليف بجانب الإخراج والتمثيل وبالطبع كانت النتيجة مفجعة".


ويرى فخري، أنه "مع سيطرة نظام السيسي على الدولة بشكل كامل أضيف إلى الاستهتار والفشل وإسناد الأمر لأهل الثقة، احتكار الصناعة تماما من قبل المتحدة، مع فرض أجندة سياسية وفكرية، تعمد إلى التسفيه من قيم المجتمع، وتشويه تاريخه ورموزه وعاداته وتقاليده، وتقديم المجتمع بشكل يخالف تعدد قناعات أطيافه".

وتابع: "لنفرض بدلا من ذلك شكل محدد للمرأة المصرية، وعادات جديدة للمجتمع، ونموذج معين معظمه حسي لطبيعة العلاقات بين الجنسين، وبذلك انتقلت الدراما من مربع الارتقاء بذوق المشاهد المصري وتنويره، إلى مربع الانحطاط به إلى درك الانحلال والتغريب والجريمة والعنف".

"توجه مقصود وليس صدفة"
وفي رؤيتها، تعتقد الناقدة الفنية، إيمان نبيل، أن "بداية ظهور الأعمال الدرامية الخارجة عن تقاليد المجتمع العربي كانت من عرض الدراما التركية المدبلجة، التي حملت في طياتها كل الممنوعات التي تجنبها الكتاب العرب للدراما، بل إن مسلسل تركي واحد مدبلج نسفها، والناس تقبلوه على أساس أنه تمثيل وأننا لسنا أتراك".

وفي حديثها لـ"عربي21"، واصلت نبيل، عرض فكرتها، مبينة أنه: "عندما رأى الكتاب والمخرجين وصناع الدراما المصرية بل والعربية الشعبية والرواج التي قوبلت بها الدراما التركية قرروا اتخاذ ذات الطريقة".

وأكدت أنهم "فجروا بصراحة، وأخرجوا كل الممنوعات التي كانت توجهها الرقابة المصرية وترفض عرضها، وتجاوزوها، بل إنه صار هناك تنافس في درجات التجاوز وحدوده وأنواعه".

وأضافت: "لست من أنصار نظرية المؤامرة، ولكن هل من المعقول أن تكون هذه الموجة العاتية بلا راعي ولا دعم مالي؟"، متسائلة: "وما المقصود من تلك الظاهرة الخطيرة؟، وهل هو تدمير المجتمعات العربية؟".


وحول رؤيتها كناقدة فنية لطريق البداية نحو أعمال فنية راقية ترقى بالمجتمع وتبني لا تهدم، ودور المؤلف والمنتج والمخرج فيها ودور الدولة، أيضا؟، قالت نبيل، إن "الدولة لو مهتمة بالأسرة والحفاظ على ترابط المجتمع وقيمه حاليا كنا رأينا مستوى ومحتوى مختلف".

وأوضحت أنه "ليس من السهل الإجابة على مثل هذا السؤال، فالمؤلف والمنتج والمخرج الجميع يسعى لكي يلحق بالماركت أو السوق، وبالتالي لن يهتموا بأن يخرج للناس صورة الشخص الصالح في المجتمع" متسائلة: "هل هناك عائلة في العالم كله كلها بلا أخلاق؟، لا يوجد رجل رشيد ولا أم تصلي؟، لم كل هذا الإصرار على إظهار كل من في الأسرة بأنهم منحلين خلقيا؟، ولذا أعتقد أن هذا توجه مقصود وليس من قبيل الصدفة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية مصر المسلسلات ساويرس مصر ساويرس الأفلام المسلسلات المتحدة للخدمات الاعلامية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرکة المتحدة فی مصر

إقرأ أيضاً:

جولة في إسطنبول على خطى الدراما والسينما

تُبدل عدسة الكاميرا قدر الأماكن، فتحول الزوايا المنسية إلى وجهات يحج إليها عشاق السينما والتلفزيون. فكم من معلم في مدينة إسطنبول اكتسب حياة جديدة بعد أن تألق على الشاشة، وكم من شارع عابر أصبح مزارا مشهورا بفضل مشهد مؤثر أو لقطة خاطفة!

في إسطنبول، لا يستدعي الحاضر وحده خطوات الزائر، بل تستدعيه قصص راسخة في الوجدان، رصيف تردد عليه وقع مطاردة لاهثة، قصر أضاءته قصة حب عبرت القارات، ومئذنة سامقة خلدتها لقطة خاطفة.

صنعت الأفلام والمسلسلات من إسطنبول أكثر من مجرد مدينة تُزار؛ فصنعت منها ذاكرة جماعية يتوق ملايين العشاق لاجتيازها، مشيا على خطى أبطالهم المفضلين. أحياء مثل بلاط، وقصور على البوسفور، وأسواق تنبض بالحياة، باتت تحمل بين جدرانها ظلال المشاهد وأصداء القصص.

صنعت الأفلام والمسلسلات من بعض مناطق إسطنبول أكثر من مجرد أماكن تُزار وفي الصورة جانب من البازار الكبير (غيتي)

ولأن السينما والتلفزيون قد رسخا ملامح هذه المدينة في وجدان البشر، أصبحت مواقع التصوير معالم يقصدها الزوار، لا لمجرد جمالها بل لاستعادة مشهد، أو لالتقاط صورة في المكان الذي عشقوه أول مرة عبر الشاشة.

فيلا "العشق الممنوع"

عند منحنيات البوسفور الهادئة، قرب حي بيبك الراقي، تطل فيلا بيضاء يحيط بها سياج من الأشجار الكثيفة. لسنوات، ظلت هذه الفيلا منزلا عائليا عاديا، يحتضن بين جدرانه صمت البحر وصفاء الإطلالة. لكن حين وقعت عليها عدسة مسلسل "العشق الممنوع"، تبدل مصير المكان، وتحول إلى أحد أشهر معالم الدراما التركية.

تغير مصير هذه الفيلا في حي بيبك بإسطنبول بعدما صور فيها مسلسل "العشق الممنوع" (وزارة الثقافة التركية)

بين جدران هذه الفيلا دارت قصة حب مشتعلة ومأساة عائلية هزت قلوب المشاهدين. أصبحت الفيلا مرتبطة باسم عائلة زياجيل، التي أحبها جمهور المسلسل وتابع تفاصيل حياتها بشغف، ومع النجاح الهائل الذي حققه العمل، لم يعد هذا المكان مجرد موقع تصوير، بل بات محطة يقصدها الزوار ليسترجعوا لحظات الدراما العاطفية التي خُلدت بين أروقته.

إعلان

اليوم، تمر العبارات السياحية ببطء أمام الفيلا، ويحرص الزوار على التقاط الصور، وتتناثر الهمسات بين الركاب وهم يتذكرون مشاهد مهند وسمر.

وللاستفادة من الشهرة التي حصدها المكان، حوّلت عائلة كوتش المالكة الفيلا عام 2018 إلى متحف صغير للسجاد التقليدي التركي، فجمعت بين أصالة التراث وسحر الدراما تحت سقف واحد.

وتقع الفيلا في منطقة ساريير شمالي إسطنبول، ويمكن الوصول إليها بالسيارة عبر الطريق الساحلي المتعرج على الضفة الأوروبية، أو عبر رحلة بحرية إلى ميناء ساريير، تليها نزهة قصيرة سيرا على الأقدام.

قصر "نور ومهند"

على ضفاف البوسفور في الجانب الآسيوي من المدينة، يتربع قصر تاريخي فخم في حي قنديلي تبدو شرفاته البيضاء كأنها تعانق المياه. هذا الصرح البديع أصبح معروفا لدى الجمهور باسم "قصر نور ومهند"، نسبة للمسلسل الرومانسي الذي صُور بين جدرانه ويحمل اسم بطليه نور ومهند.

كان مسلسل "نور" (بث في القنوات العربية في العام 2008) أول عمل يرسخ حب الجمهور العربي للدراما التركية، والشرارة التي دفعت الكثيرين من العرب لاكتشاف إسطنبول عن قرب.

قصر "عبود أفندي" الذي شهد تصوير أحداث مسلسل "نور" (التواصل الاجتماعي)

وقد احتضن القصر مشاهد قصة الحب الحالم بين نور ومهند وسط أجواء من الفخامة البوسفورية، فترك بصمة خاصة في ذاكرة كل من تابع تلك الحلقات.

يحمل القصر في الأصل اسم "عبود أفندي"، وبُني في منتصف القرن التاسع عشر، بتوقيع من المهندس العثماني الشهير جارابت باليان، والذي حمل إلى هذا المكان روح الفخامة العثمانية التي لا تخطئها العين. ورغم أن القصر ملكية خاصة مغلقة ولا يستقبل الزوار، فإن رؤيته من عرض البحر تترك أثرا لا يقل عن الدخول إليه، خاصة لأولئك الذين عرفوه أولا عبر مشاهد المسلسل.

التقاط الصور

عقب عرض المسلسل، بات هذا القصر محطة أساسية على جدول السياح القادمين من الشرق الأوسط. صار الزوار يتساءلون عن موقعه ويحرصون على رؤيته، لدرجة أن بواخر مضيق البوسفور السياحية أصبحت تتوقف في مياه قنديلي، ليشير المرشد إلى القصر ويتيح للركاب التقاط الصور واستعادة ذكريات المسلسل.

بواخر البوسفور السياحية تتوقف بمياه قنديلي لتتيح للركاب التقاط الصور واستعادة ذكريات مسلسل نور ومهند (شترستوك)

تتعدد الطرق للوصول إلى قنديلي، إلا أن الرحلة عبر مياه البوسفور تظل الأجمل. من حي أُسكودار على الطرف الآسيوي لإسطنبول يمتد الطريق الساحلي متعرجا بمحاذاة المضيق، حتى يكشف عن القصر في هدوئه الفريد، حيث يقف بين الماء والسماء، حارسا لحكاية ما تزال حية في الذاكرة.

إعلان حي "الحفرة"

في قلب إسطنبول التاريخية، وعلى ضفاف القرن الذهبي، يقع حي بلاط العريق بأزقته المتعرجة وبيوته الملونة المتراصة.

لطالما عُرف هذا الحي بطابعه الشعبي الأصيل وأجوائه التي تمزج عبق الماضي بالحياة اليومية البسيطة، لكن في السنوات الأخيرة ارتبط اسمه بلقب جديد هو "حي الحفرة". فبعد تصوير مسلسل الإثارة والجريمة التركي "الحفرة" (Çukur) في أزقته، اكتسبت شوارع بلاط الضيقة شهرة خاصة، وأضحت مزارا سياحيا لعشاق الدراما.

تحولت أرجاء حي بلاط إلى ما يشبه متحفا مفتوحا لاستحضار بعض تفاصيل مسلسل "الحفرة" التركي(شترستوك)

تحولت أرجاء الحي إلى ما يشبه متحفا مفتوحا لاستحضار تفاصيل المسلسل: على الجدران كتابات وشعارات العصابة التي ظهرت في المشاهد، والمقهى الشعبي الذي كان ملتقى شخصيات "الحفرة" بات يستقبل الزوار الفضوليين الراغبين في احتساء الشاي على ذات المقاعد التي جلس عليها أبطال القصة.

وبفضل النجاح الكبير الذي حققه المسلسل في تركيا والعالم العربي، بات حي بلاط يعج بالزائرين الباحثين عن تجربة أجواء "الحفرة" على أرض الواقع.

مطاردات ومعارك

فهنا يستطيع الزائر التجول في الأزقة نفسها التي شهدت مطاردات ومعارك درامية، ويمر تحت حبال الغسيل المعلقة بين الشرفات والتي أضفت على المشاهد طابعها الواقعي المميز.

ورغم لقب "الحفرة" المستجد، فإن هذا المكان هو في الحقيقة جزء من حي بلاط ضمن منطقة الفاتح داخل أسوار إسطنبول القديمة، بالقرب من جامع أيوب سلطان.

حي بلاط يشعر المرء وكأنه جزء من المشهد فيما تمضي الحياة الحقيقية من حوله في تمازج  بين الدراما والواقع (الأناضول)

ويعتبر الوصول إلى حي بلاط سهل نسبيا؛ إذ يمكن للزائر ركوب حافلة من منطقة أمينونو باتجاه أيوب والنزول عند بلاط، ثم المشي باتجاه شارع السبيل متتبعا الكتابات الملونة على الجدران، حتى يجد نفسه وسط أجواء "الحفرة". هناك، بين الأزقة العتيقة، سيشعر المرء وكأنه جزء من المشهد فيما تمضي الحياة الحقيقية من حوله في تمازج فريد بين الدراما والواقع.

إعلان "قيامة أرطغرل"

عند مشارف إسطنبول الشمالية، تمتد أرض هادئة تحتضن واحدة من أكثر الحكايات التلفزيونية حضورا في الذاكرة. قرب قرية ريفا شُيدت مدينة متكاملة لتكون مسرحا لملحمة "قيامة أرطغرل"، المسلسل الذي أعاد رسم ملامح التاريخ وأسر قلوب الملايين.

لم يفقد الموقع وهجه بانتهاء تصوير "أرطغرل" بل ازدادت نبضاته مع تصوير "المؤسس عثمان"(موقع الشركة المنتجة)

هنا، بين المروج الواسعة والخيام المنصوبة والأسواق الخشبية، يتسلل إلى الزائر شعور غريب، كما لو كان يعبر بوابة خفية إلى القرن الثالث عشر.

ساحات التدريب، أبراج المراقبة، ميادين القتال، كل زاوية تحمل آثار أقدام شخصيات ألفها المشاهد وتابعها بشغف. لا يبدو المكان مجرد استوديو تصوير، بل أشبه بمدينة حية تنبض بحياة قبائل الكايي، وأحلام المحاربين الأوائل.

لم يفقد الموقع وهجه بانتهاء تصوير مسلسل "أرطغرل"، بل ازدادت نبضاته مع استكمال مشاهد مسلسل "المؤسس عثمان"، فكأنما روح البطل القديم ما تزال تتردد بين الخيام والميادين.

وقد تحول هذا الموقع إلى وجهة يقصدها الزوار، لا لمجرد المشاهدة، بل لخوض تجربة كاملة؛ من التجوال بين أسواق الخشب والحدادة، إلى تذوق أطباق مستوحاة من وصفات عثمانية ضاربة بجذورها في الزمن.

يعد هذا الموقع في قرية ريفا من أضخم مواقع الإنتاج التلفزيوني في أوروبا، ويُفتح أمام الزائرين ضمن جولات منظمة يومية. وتبعد القرية عن وسط إسطنبول نحو ساعة بالسيارة، لكن المسافة تتلاشى أمام متعة السير بين تفاصيل صنعت على مهلٍ لتشبه الحياة كما كانت قبل قرون.

البازار الكبير

تحت قباب حجرية تعاقبت عليها القرون، ووسط أزقة تتعرج بين دكاكين الذهب والتوابل، ينبض البازار الكبير في إسطنبول بحياة لا تخبو. هنا، في هذا السوق العتيق الذي يعود تاريخه للقرن الخامس عشر، تنبض المدينة بتاريخها وروائحها وأصواتها المختلطة. كل ممر فيه يحمل آثار أقدام تجار وعابرين، وكل زاوية تخبئ قصة من زمن بعيد.

إعلان

لكن التاريخ وحده لم يعد كافيا لرسم ملامح هذا المكان. ذات يوم اجتاحت الكاميرات السوق وجعلت من أسطحه الضيقة والقباب العتيقة مسرحا لمغامرة لا تُنسى.

اجتاحت الكاميرات البازار الكبير في إسطنبول وجعلت من أسطحه الضيقة والقباب العتيقة مسرحا لمغامرة لا تُنسى (غيتي) "سكاي فول"

في بدايات فيلم "سكاي فول"، اندفع جيمس بوند بدراجته النارية فوق بلاط البازار وأقواسه المرتفعة، يقفز من قبة إلى أخرى، متجاوزا الزمن والحشود بروح المغامرة. امتزجت حينها إثارة هوليوود بروح إسطنبول الشرقية، ليغدو السوق مشهدا سينمائيا لا يُنسى.

ولم تكن تلك المطاردة المشهورة الظهور الوحيد للبازار الكبير ومحيطه، ففي فيلم الأكشن "تيكن 2" للممثل ليام نيسون، جابت السيارات شوارع حي أمينونو المجاورة، اندفعت عبر زوايا ضيقة بجوار مسجد يني جامع، وشقت طريقها وسط الزحام في مشهدٍ حبست فيه الأنفاس.

بعد هذه المشاهد، لم تعد أزقة البازار الكبير مجرد معبر للمتسوقين، بل تحولت إلى مساحة تختلط فيها تجارة الشرق بإثارة السينما.

بعد مشاهد فيلم "سكاي فول" لجيمس بوند و"تيكن2″ لليام نيسون، لم تعد أزقة البازار الكبير مجرد معبر للمتسوقين، بل تحولت إلى مساحة تختلط فيها تجارة الشرق بإثارة السينما.

اليوم، يقف الزائر وسط البازار الكبير وقد رفع رأسه نحو القباب القديمة، متخيلا ظل جيمس بوند يحلق فوقه بدراجته، أو يسير بخطى متأنية بين الحشود وهو يتذكر الهروب المحموم الذي صورته الكاميرات منذ سنوات.

يقع البازار في قلب منطقة السلطان أحمد، متاحا لكل من يصل إلى المدينة القديمة، سواء عبر الترام الذي يتوقف عند محطة بايزيد، أو سيرا على الأقدام من مسجد آيا صوفيا والسوق المصري.

مقالات مشابهة

  • نائب: اقتحام الأقصى استفزاز سافر وانهيار أخلاقي..ويؤكد: مصر لن تتخلى عن أشقائها
  • محطات فنية في حياة كاتب الروائع أسامة أنور عكاشة.. فيديو
  • تفاصيل ترحيل الأجانب المقيمين بصورة غير شرعية لخارج الخرطوم
  • مستنقعات الصرف الصحي تغرق شوارع عدن وسط صمت حكومي مريب
  • وزير الخارجية يترأس الجانب المصري خلال أعمال اللجنة المشتركة مع موريتانيا في نواكشوط
  • وزير الخارجية والهجرة يترأس الجانب المصري خلال أعمال اللجنة المشتركة المصرية الموريتانية في نواكشوط
  • نائب محافظ القليوبية تتابع منظومة النظافة وأعمال رصف الطرق بحي شرق شبرا
  • جولة في إسطنبول على خطى الدراما والسينما
  • محافظ البحيرة تتابع أعمال توريد القمح بصوامع الغلال بأبو المطامير
  • تحالف “البديل”.. ولادة سياسية جديدة من رحم احتجاجات تشرين