بشأن الاتفاق بين لبنان وإسرائيل.. هذا ما كشفه مسؤول لبناني
تاريخ النشر: 21st, November 2024 GMT
قال مسؤول لبناني "طلبنا انسحاب إسرائيل من الجنوب فورا بعد وقف النار بدلا من شهرين". وفي حديث لوكالة "رويترز"، أضاف: "طلبنا في الاتفاق أن يكون الانسحاب الإسرائيلي كاملا وليس جزئيا". وتابع قائلاً: "طلبنا أن يضمن الاتفاق حق الدفاع عن النفس للطرفين وليس لإسرائيل فقط".
.المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
لماذا الآن الاتفاق بين لبنان وقبرص؟ ولماذا تعترض تركيا؟
يمثل ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وقبرص أكثر من خطوة تقنية؛ إنه محطة سيادية فارقة قد تعيد لبنان إلى خارطة شرق المتوسط كدولة تمتلك حقا في ثرواتها.
إن الترسيم يحدد المنطقة الاقتصادية الخالصة لكل دولة، ويمنحها حقوقا سيادية على مواردها استنادا إلى قواعد القانون الدولي. وقد جاء الاتفاق مرتكزا على مبدأ خط الوسط العادل، كما تكرسه اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (UNCLOS)، مما يضمن توزيعا منصفا للفضاء البحري، ويمنح البلدين حدودا واضحة لاستغلال الثروات الطبيعية.
من منظور قانوني وحقوقي، يضع الاتفاق حدا للتداخل والغموض اللذين رافقا عمليات التنقيب لسنوات طويلة، ويشكل أساسا متينا لجذب الشركات العالمية بعيدا عن قلق النزاعات المستقبلية.
ومع ذلك يبقى السؤال مشروعا: لماذا جاء هذا الاتفاق الآن بعد سنوات من التجميد؟ وهل يمكن للبنان أن يحول هذا الإنجاز القانوني إلى مردود اقتصادي فعلي وسط أزمته العميقة؟ وهل يشكل الترسيم مع قبرص فرصة لفتح ملفات أكثر تعقيدا، مثل الحدود مع سوريا ومزارع شبعا، أم أن التعقيدات الإقليمية ستُبقي هذه الملفات معلقة؟
لماذا الآن هذا الاتفاق؟جاء توقيت إبرام اتفاق الترسيم بين لبنان وقبرص بعد سنوات من الجمود، ويعود إلى تداخل عدة عوامل:
ثمة استقرار إقليمي نسبي بعد انحسار الحروب الكبرى في المنطقة؛ من حرب يوليو/تموز 2006 إلى الحرب السورية، وبعد انتهاء الجولة مع إيران، وكذلك مع حزب الله، وهدنة غزة، بات الوضع الأمني أكثر استقرارا، مما أتاح للبنان التركيز على الملفات الاقتصادية المؤجلة. علما أن محاولة الترسيم الأولى جرت عام 2007، لكنها تعطلت بسبب تداعيات الحرب والانقسام الداخلي.
كما أن الحاجة الاقتصادية الملحة خصوصا الانهيار المالي المتسارع منذ 2019، دفعت لبنان للبحث عن مخرج اقتصادي، وأصبح الإسراع في استثمار الموارد البحرية ضرورة ملحة. فكل تأخير إضافي يهدد فرص الانتفاع بالثروات الطبيعية.
إعلانفضلا عن الاهتمام الدولي بالطاقة، لا سيما أن أزمة الطاقة التي فجرتها الحرب في أوكرانيا، دفعت أوروبا للبحث عن مصادر بديلة، ما جعل شرق المتوسط نقطة جذب متزايدة. وقد وفر هذا السياق دعما دوليا للاتفاق اللبناني-القبرصي باعتباره مساهمة في استقرار المنطقة، ويغذي أوروبا إذا ما حصلت أزمة كبيرة مع روسيا.
إضافة إلى كل ذلك، هناك زخم سياسي داخلي من وصول قيادة جديدة إلى الرئاسة، وكذلك الحكومة في بيروت، خلق دينامية مختلفة، عززها توافق سياسي نادر حول ملف الحدود البحرية، ما سهل اتخاذ القرار.
الحدود البحرية مع سوريا: الملف المعقد في الشمالرغم التقدم المحقق مع قبرص، يبقى ملف ترسيم الحدود البحرية مع سوريا الأكثر تعقيدا. فمنذ الاستقلال عام 1943، امتنعت دمشق عن ترسيم الحدود البرية والبحرية مع لبنان، ما خلق فراغا قانونيا سمح بتضارب واسع في الخرائط والمطالب.
وتشير التقديرات إلى أن مساحة النزاع قد تتجاوز 800 كيلومتر مربع، مع تداخل سوري يشمل نحو 652 كيلومترا مربعا من المنطقة التي يعلنها لبنان ضمن منطقته الاقتصادية، مقابل مطالبة لبنانية متداخلة بنحو 69 كيلومترا مربعا داخل ما تعتبره سوريا مياها سيادية.
وتفاقم الخلاف عام 2021 حين منحت دمشق (في عهد النظام السابق) شركة روسية ترخيصا للتنقيب في البلوك رقم 1 السوري، وهو ما تداخل مباشرة مع البلوك رقم 1 اللبناني، واعتبره لبنان تعديا على نحو 750 كيلومترا مربعا من مياهه. بالمقابل، رأت دمشق أن لبنان رسم حدوده البحرية عام 2011 بشكل أحادي، وبالتالي لا يُلزمها.
اليوم، ومع إنجاز الترسيمَين: الجنوبي والغربي، تتجه الأنظار إلى الشمال. فقد أعلن لبنان رغبته بفتح مفاوضات مباشرة مع سوريا لإنهاء النزاع، مستفيدا من مؤشرات إيجابية ظهرت في 2025، بينها تشكيل لجان مشتركة برعاية سعودية، وتسلم بيروت خرائط تاريخية من فرنسا تدعم موقفها. كما يُعتقد أن التغييرات السياسية في سوريا أواخر 2024 قد تجعل دمشق أكثر استعدادا لحل الملف.
ومع ذلك، تظل العقبات كبيرة؛ فدمشق قد تطالب بتعديلات أو بحصص اقتصادية، فيما يبقى الداخل اللبناني منقسما حول مستوى الانفتاح على النظام السوري، ما قد يبطئ المسار. ولذلك يُتوقع أن يتطلب التوصل إلى اتفاق نهائي في الشمال وقتا وجهدا يفوقان ما احتاجه ملف قبرص.
مزارع شبعا: الحلقة الناقصة في استكمال السيادةلا يمكن الحديث عن سيادة لبنان (البحرية دون البرية) من دون التوقف عند مزارع شبعا، تلك الرقعة الجبلية البالغة نحو 25 كيلومترا مربعا، والمحتلة من إسرائيل منذ عام 1967.
ورغم تمسك لبنان بلبنانية شبعا، ظلت سوريا تدرجها ضمن الجولان، ما أوجد غموضا قانونيا تستخدمه الأمم المتحدة ذريعة لربط حسم هويتها بترسيم كامل للحدود اللبنانية-السورية، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.
هذا الغموض جعل ملف شبعا مسألة حساسة داخليا؛ إذ يُستخدم استمرار الاحتلال مبررا لبقاء السلاح في يد حزب الله تحت شعار: احتلال يعني مقاومة. لذلك، فإن ترسيم الحدود البرية مع سوريا، خصوصا في منطقة شبعا وكفرشوبا، ليس تفصيلا تقنيا بل خطوة قد تُعيد رسم معادلة الأمن والسيادة في الجنوب.
وفي أواخر 2025 برزت مؤشرات واعدة، ظهر ذلك من خلال: تغير سياسي في سوريا، تسلم لبنان خرائط فرنسية تعود إلى الانتداب تُظهر شبعا أرضا لبنانية، وتوافق مبدئي على تشكيل لجنة مشتركة لترسيم الحدود البرية الممتدة لنحو 375 كيلومترا، برعاية أممية وعربية. هذه المعطيات تُعد فرصة نادرة لمعالجة نزاع يعود إلى أوائل القرن الماضي.
إعلانومع ذلك، يبقى المسار معقدا؛ بسبب التداخلات السكانية والعشائرية في مناطق أخرى، مثل الهرمل والقصير، ما يتطلب حلولا مرنة تراعي حقوق السكان، وتجنب تقسيم العائلات، أو الإضرار بأنماط العيش الحدودية.
لماذا تحفظت تركيا على الاتفاق؟أثار اتفاق الترسيم البحري بين لبنان وقبرص اعتراضا حادا من تركيا، التي اعتبرته "غير مقبول". ويعود موقف أنقرة أساسا إلى خصوصية الوضع القبرصي؛ فهي لا تعترف بحكومة جمهورية قبرص اليونانية، وتعتبر أن أي اتفاقات بحرية تُبرم من دون إشراك القبارصة الأتراك باطلة.
كما تنطلق تركيا من رؤيتها الإستراتيجية "الوطن الأزرق" التي تُعد شرق المتوسط مجالا حيويا لأمنها القومي، وتخشى أن يؤدي ترسيم الحدود وفق قواعد UNCLOS- التي لم تُوقع عليها- إلى تقليص نفوذها لصالح محور يضم قبرص واليونان (أوروبا) وربما إسرائيل.
وقد اعتبر مسؤولون أتراك أن الاتفاق "يتجاهل حقوق القبارصة الأتراك"، وقد يجر لبنان إلى محور مضاد لمصالح أنقرة، مع إعلان استعدادهم للتعاون مع بيروت في القضايا البحرية، بشرط مراعاة حقوق الشطر الشمالي من الجزيرة.
هذا الموقف ليس جديدا؛ فقد سبق لتركيا أن ضغطت على لبنان عام 2007 لعدم المضي في اتفاق أولي مع قبرص. ومع ذلك، تعترف الخارجية التركية بأن منطقة الترسيم تقع خارج الجرف القاري التركي، لكنها ترى أنها تمس "مصالح القبارصة الأتراك".
وفي الاتجاه نفسه، هاجم زعيم القبارصة الأتراك إرسين تتار الاتفاق بدعوى أن نيقوسيا "تتصرف باسم الجزيرة بأكملها"، مطالبا بآلية تضمن تقاسما متساويا للثروات.
في المقابل، رحب الاتحاد الأوروبي ومعظم الشركاء الدوليين بالاتفاق، باعتباره خطوة تعزز الاستقرار والتعاون الطاقوي، ما جعل الاعتراض التركي أقرب إلى موقف سياسي معزول منه إلى اعتراض ذي أثر عملي.
العلاقات اللبنانية-التركية مقابل العلاقات اللبنانية- القبرصيةيتكشف خلف التباين في المواقف سؤال أوسع: كيف تقارن علاقات لبنان بكل من تركيا وقبرص؟
وعلى الرغم من الجوار الجغرافي غير المباشر بين لبنان وتركيا- إذ تفصل بينهما الأراضي السورية برا- ترتبط بيروت وأنقرة بعلاقات تاريخية وتجارية متينة.
تُعد تركيا اليوم من أبرز الشركاء التجاريين للبنان، حيث تعتمد الأسواق اللبنانية على استيراد كميات كبيرة من المنتجات التركية، ولا سيما في قطاعي الأغذية والصناعات الاستهلاكية.
كما تُعد تركيا وجهة سياحية وعلاجية مفضلة لعدد متزايد من اللبنانيين، بفضل موقعها وسهولة الوصول وكلفة الخدمات فيها، وتسمح أنقرة للبنانيين بالدخول إلى أراضيها من دون تأشيرة، ما يعزز حركة السفر والتبادل بين البلدين.
وفي الإطار الاقتصادي نفسه، يبرز تشغيل شركات تركية خطوط الشحن البحري بين مرفأي بيروت وطرابلس والموانئ التركية، بوصفه نموذجا لعلاقة قائمة على المصالح المتبادلة، واستمرارية التدفق التجاري بين البلدين.
كما قدمت تركيا مساعدات مباشرة للبنان في السنوات الماضية، من بينها بناء مستشفى متخصص بالحروق في الجنوب، ودعم قطاع الكهرباء عبر سفينة "فاطمة غُل" التي وفرت طاقة للبنانيين.
وعلى الصعيد السياسي، حاولت أنقرة في السنوات الأخيرة أن تلعب دورا داعما للبنان في بعض المحطات، من أبرزها عرض المساعدة عقب انفجار مرفأ بيروت عام 2020، وزيارات التضامن التي قام بها مسؤولون أتراك كبار إلى بيروت.
كما شاركت تركيا في قوة حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) في جنوب لبنان لفترة من الزمن. ومع ذلك، يبقى الحضور السياسي التركي في الساحة اللبنانية محدودا مقارنة بدول إقليمية أخرى، وهي لم تنخرط في الانقسامات الداخلية، ولا تمارس تأثيرا مباشرا في المعادلات الطائفية أو الأمنية.
وفي المقابل، تتسم العلاقة اللبنانية-القبرصية بالاستقرار والهدوء النسبي على مدى العقود الماضية. فقبرص تُعد الأقرب جغرافيا إلى لبنان عبر البحر، وتفصل بينهما مسافة لا تتجاوز 180 كيلومترا. وقد شكلت قبرص في عدة مراحل من تاريخ لبنان الحديث، ملاذا إنسانيا خلال الأزمات، كما حدث في الحرب الأهلية أو خلال حرب يوليو/تموز 2006، حيث استقبلت نيقوسيا آلاف اللبنانيين الهاربين من الصراع.
إعلانأما الخلاف الوحيد بين البلدين فكان ملف الحدود البحرية، الذي ظل معلقا منذ 2007 إلى أن أُنجز الاتفاق النهائي في أواخر 2025، فاتحا الباب أمام تعاون اقتصادي وتقني أوسع، خصوصا في مجالات الطاقة والسياحة والاتصالات.
ويُدرس حاليا مشروع لمد كابل كهربائي بحري بين البلدين؛ لتعزيز أمن الطاقة، إلى جانب إمكانية مد خطوط غاز مستقبلية في حال أثبتت الاكتشافات اللبنانية جدواها.
ما تحقق وما لم يتحقق بعد؟رغم هذا الاتفاق، لا تزال هناك أسئلة مفتوحة بحاجة إلى معالجة جادة: ماذا عن الحدود البحرية اللبنانية- السورية؟ وماذا عن الشريط البري حيث تقع مزارع شبعا، وتلال كفرشوبا، وغيرها من المناطق الحدودية الرمادية؟ أسيستثمر لبنان هذا الزخم التقني والدبلوماسي لإنجاز ترتيبات مماثلة في الشمال والشرق، أم أن تعقيدات المشهد السياسي والعلاقات الإقليمية ستُعيد العجلة إلى حالة المراوحة؟ ثم، أيستطيع لبنان فعلا أن يُحول هذا الاتفاق إلى نقطة انطلاق لنهضة اقتصادية تخفف من معاناة شعبه، أم أن غياب الاكتشافات التجارية الفورية سيحصره في الإطار الرمزي والقانوني دون مردود ملموس؟
على الجبهة المقابلة، يتعين مراقبة سلوك تركيا حيال هذا الاتفاق. فعلى الرغم من اعتراضها اللفظي الشديد، تبدو خياراتها العملية محدودة. فهل تكتفي أنقرة بالتعبير عن استيائها السياسي، وإعادة التذكير بموقفها الثابت تجاه قضية قبرص؟ أم قد تُقدم على خطوات تصعيدية تُعقد المشهد شرق المتوسط؟
الأرجح- في ضوء التوازنات الحالية- أنها ستتجنب المواجهة المباشرة، خاصة أن الاتفاق يحظى بتأييد دولي واسع، بما فيه من جانب خصومها ومنافسيها في الإقليم وأوروبا.
العبء الآن يقع على الدولة اللبنانية؛ وهي أن تُثبت أنها قادرة على استكمال بقية الملفات السيادية المعلقة، سواء مع سوريا برا وبحرا، أم في المسارات الإدارية والتشريعية الداخلية.
كما أن عليها أن تُحسن تفعيل هذا الاتفاق اقتصاديا، بحيث لا يبقى مجرد ورقة قانونية محفوظة في الأدراج، بل يتحول إلى رافعة تنموية حقيقية يشعر بها المواطن اللبناني المنهك. وكذلك إقرار الاتفاق في البرلمان؛ لأن ما تحقق هو اتفاق سياسي-تقني ينتظر الاستكمال الدستوري.
وفي هذا السياق، تبرز دعوة رئيس الجمهورية لانتهاج مقاربة تفاوضية أوسع مع مختلف الأطراف المعنية، بما فيها المسار غير المباشر مع إسرائيل، مسار يفترض ـ من الناحية النظريةـ أن يفتح هوامش أكبر للبنان للانخراط في بيئة إقليمية أقل توترا وأكثر تعاونا.
غير أن هذه الأطروحات، بما فيها الحديث عن تحولات ما بعد الحرب الأخيرة على لبنان، تضع الدولة أمام اختبار شديد الحساسية: هل يمكن للبنان أن يعيد تموضعه الإستراتيجي من دون أن يدفع أثمانا سياسية أو سيادية داخلية؟ وهل يستطيع تحويل الترسيم من حدث دبلوماسي إلى مدخل لإعادة هندسة موقعه في الإقليم؟
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline