لجريدة عمان:
2025-07-31@00:02:12 GMT

محور الشر يغزو أوروبا

تاريخ النشر: 25th, November 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

باتت الحرب الروسية الأوكرانية ساحة قتال لا من أجل السيطرة على الأرض وحسب وإنما هي ساحة قتال على مستقبل الإنسانية. وتجتذب هذه الساحة جهات فاعلة من أنحاء العالم لتنخرط في صراع شديد المخاطر من أجل إعادة صياغة توازن القوى العالمي. ويستمر «محور الشر» الجديد في التصعيد، إذ ينضم إلى القتال جنود من كوريا الشمالية، فاضحين سياسة «إدارة التصعيد» التي تتبعها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن.

في الوقت نفسه، يبدو العالم الغربي مترددا. إذ تصارع أوكرانيا، وهي أقل عددا وعتادا، من أجل التشبث بالخط الأخير في مواجهة موجات من القوات الروسية والكورية الشمالية. وفي ظل استمرار صناع السياسة الديمقراطيين في الافتقار إلى الإحساس بالعجلة في مساعدة أوكرانيا، يظل السؤال الملح هو هذا: هل ستمتلك قوى الديمقراطية إرادة الانتصار والسيادة، أم ستنجح القوى الاستبدادية في تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ؟

إن قوات كوريا الشمالية تقاتل الآن من أجل روسيا على أرض أوروبية. وتسعى روسيا سعيا حثيثا إلى زيادة تعزيزات حربها من أجل استعادة الأجزاء الخاضعة حاليا لسيطرة أوكرانيا في منطقة كورسك أوبلاست. وفي الوقت نفسه، تستثمر كوريا الشمالية اللحظة لتأمين دعم روسيا لها في طموحاتها الأوسع نطاقا من أجل زعزعة استقرار شرق آسيا.

لقد حشد الروس والكوريون الشماليون معا خمسين ألف جندي لهجومهم المضاد على الجيش الأوكراني في كورسك. وتحتاج روسيا بشدة إلى المزيد من الأفراد. فقد قدَّر مسؤولو الدفاع الأميركيون أن القوات الروسية اعتبارا من أكتوبر 2024 تكبدت أكثر من ستمائة ألف ضحية من القتلى ومن الجرحى.

وخلال شهر أكتوبر، بلغ متوسط عدد الضحايا في روسيا ألفا وخمسمائة ضحية في اليوم، وهو معدل غير قابل للدوام. ويسعى فلاديمير بوتن إلى تجنب جهود التعبئة واسعة النطاق من أجل منع الاضطرابات داخل المجتمع الروسي والحفاظ على الدعم الشعبي للحرب.

غير أن روسيا تمتلك المال، والكثير من المال، من عائداتها من النفط والغاز التي فشل الغرب في استهدافها بالقدر الكافي. وهذه الوسادة المالية تتيح لروسيا أن تدعم جهودها الحربية على الرغم من نقص الأفراد لديها. وعلى العكس من ذلك، تنعم كوريا الشمالية بوفرة من الأفراد ولكنها في حاجة ماسة إلى عملات أجنبية. ومن المرجح أن تسعى كوريا الشمالية إلى استغلال احتياج روسيا الماس في استجلاب التكنولوجيا الحساسة اللازمة لتعزيز برامجها النووية والصاروخية، وهو الأمر الذي يزيد من تهديدها للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها.

وعلاوة على ذلك، ترى كوريا الشمالية، شأن الصين، دعمها لروسيا وسيلة لاستنزاف الموارد الغربية. والغرب الضعيف مفرط التوسع يتماشى تماما مع طموحات كوريا الشمالية في شبه الجزيرة الكورية. وفي حال تخلي الغرب عن أوكرانيا، فسوف يؤدي ذلك إلى إضعاف مركزه بشكل كبير وتشجيع أعدائه.

ولقد واصل المستشار الألماني أولاف شولتز إضعاف المركز الغربي إذ كسر أخيرا العزلة الدبلوماسية المفروضة على روسيا بمكالمة هاتفية. فمنح لفلاديمير بوتن انتصارا رمزيا بحديثه الهاتفي معه، حتى لو كان الهدف من المكالمة هو محاولة الدفع إلى المفاوضات. ويعكس رد فعل الغرب الصامت على انضمام القوات الكورية الشمالية إلى الهجوم في كورسك موقفا انهزاميا تجاه أوكرانيا. ومن المرجح أن يفهم القادة الغربيون أن روسيا لن توافق على وقف لإطلاق النار بينما تحتفظ أوكرانيا بالسيطرة على كورسك. ومن وجهة نظرهم، قد يكون السماح لروسيا باستعادة كورسك تمهيدا لطريق الخروج السريع من دعم أوكرانيا تماما.

في حين رفعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أخيرا القيود المفروضة على استخدام القوات الأوكرانية للصواريخ بعيدة المدى داخل روسيا، فإن هذا القرار يأتي بعد سنوات من الوقت الذي كان ينبغي اتخاذه فيه، كما أنه يقتصر على منطقة كورسك. من المرجح أن يكون الرئيس الأمريكي جو بايدن قد قدَّر أن السماح لأوكرانيا بضرب القوات الكورية الشمالية والروسية في كورسك لن يعد في نظر موسكو استفزازا مفرطا، وخاصة مع استعداد إدارة رئاسية أمريكية جديدة لتولي السلطة، ويحتمل أن تقلص هذه الإدارة الجديدة الدعم لأوكرانيا.

كان يمكن أن يكون أفضل رادع هو تزويد أوكرانيا بكل الأسلحة التي تحتاج إليها في بداية الحرب دونما فرض قيود على استخدامها. فقد كان هذا النهج ليضمن عدم حصول جنود كوريا الشمالية على فرصة الانضمام إلى الصراع بعد سنوات. وكان يمكن أن يكون ثاني أفضل الخيارات هو رفع جميع القيود فورا وتزويد أوكرانيا بقدرات محسنة بعيدة المدى فور ظهور تقارير عن دعم جنود من كوريا الشمالية لروسيا. فقد كان من شأن هذا أن يكون أفضل موقف لردع كوريا الشمالية عن الانخراط بشكل أكبر في الحرب.

أما النهج الانهزامي الذي تبناه زعماء من أمثال شولتز فلن يؤدي إلا إلى تمهيد الطريق لصراعات أكبر كثيرا في المستقبل، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى تقوية محور الشر. وفي حال استمرار الغرب في الوقوف مكتوف الأيدي بينما القوات الروسية والكورية الشمالية تشن حربا على أوكرانيا دونما زيادة كبيرة في دعم كييف، فسوف تكون النتيجة فوضى أكبر وتآكلا متسارعا للنظام الدولي الذي حافظ على السلام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية - لا في أوروبا وشرق آسيا فقط، وإنما في جميع أنحاء الكوكب. فأوكرانيا الآن هي التي تعمل على حماية العالم الغربي بدمائها. وهي واقفة في ذلك بمفردها، وتزداد يوما بعد يوم وقوفا بمفردها.

ديفيد كيريشينكو صحفي مستقل وزميل باحث مشارك في جمعية هنري جاكسون، وهي مؤسسة بحثية مقرها لندن.

ذي ناشونال إنتريست

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: کوریا الشمالیة أن یکون من أجل

إقرأ أيضاً:

تغيُر مواقف ترامب حول أوكرانيا يُثقل كاهل أوروبا

كل الكلام الذي نسمعه من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس في محلّ الثقة، ويرجع ذلك ببساطة لأنه دائما ما يتكلم كثيرا، فهو الذي نجح في الوصول إلى منصبه السياسي من خلال اللعب بالصورة والأحاسيس، وجعل ذلك أولويته، بعيدا عن الجوهر.

لذلك، حينما نريد قياس مدى الجدية في الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا، ومدى تراجع الدعم الأمريكي عن تلك القضية، فلا يجب علينا الاستماع إلى حكومة ترامب، بل من يستحق الاستماع إليهم هم الأوكرانيون بأنفسهم، وكذلك الاستماع إلى خصومهم الروس، وكلاهما لم يتفاجأ بهذا التراجع في الموقف الأمريكي.

ومع ذلك، رحّب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بوعود ترامب بتزويد بلاده بالأسلحة وأنظمة الدفاع الجوي المتقدمة، رغم التناقض في موقف وزارة الدفاع الأمريكية الذي أُعلن عنه بشكل صريح قبل أسبوع واحد فقط من وعود ترامب. ولمزيد من الدعم، خاطب الرئيس الأوكراني زعماء أوروبا طالبا منهم تزويد بلاده وبشكل عاجل بمزيد من الأسلحة.

ما تعيشه أوكرانيا في الوضع الراهن هو حرب من أجل البقاء الوطني، وفي هذه الحالة فإنها لا تملك إلا السلاح، الذي يُعتبر القيمة الحقيقية والقوة التي تعزز مقاومة الجنود وتقوّي كفتهم.

وحتى تصل الأسلحة إلى أوكرانيا، والتي لا يُعرف مدى حقيقتها ولا توجد معلومات دقيقة حولها، لا بد أن تخوض البلاد حربا إعلامية، لذلك قد يكون للوعود الأمريكية بعض التأثير في هذه الحرب، فهي بمثابة رسائل يرسلها ترامب إلى فلاديمير بوتين، رئيس روسيا، وإن وصلت تلك الرسائل وسببت قليلا من القلق لروسيا، إلا أنها مؤقتة ورهينة قرارات البيت الأبيض. تلك الرسائل، مهما كثرت، فلن تستطيع إنقاذ الأرواح بشكل مباشر.

وفي تلك الأثناء، يواصل فلاديمير بوتين ما يُعرف بـ «الهجوم الصيفي» الذي يخوضه جيشه في الأراضي الأوكرانية، محاولا الاستيلاء على مزيد من المساحة الجغرافية في أوكرانيا، كما واصل قصف بعض المدن، رافضا أي تعهّد بوقف إطلاق النار قبل الموافقة على شروط صارمة.

وهناك جانب مهم آخر يتعلق بوعود ترامب، التي لا يُعرف مدى تنفيذها، فقد تكون تلك الوعود سببا في تخفيف الضغط على فلاديمير بوتين بشأن وقف القتال، ولكن للجانب الأمريكي تأثير آخر بعيدا عن الأسلحة، متمثّلا بالمهلة التي حددها ترامب لروسيا بشأن وقف النار، والتي حُدّدت بـ 50 يوما، وإلا سوف تفرض أمريكا عقوبات اقتصادية جديدة على روسيا، وهذا أمر مهم للغاية ويلعب دورا في مجريات الحرب.

وهذا الأمر قد يدفع فلاديمير بوتين إلى محاولة تحقيق أكبر قدر من المكاسب من بداية المهلة حتى نهايتها، وبعد ذلك من المرجّح جدا أن يلجأ بوتين إلى نقطة استئناف المحادثات مع الولايات المتحدة الأمريكية في سبيل السعي إلى إعفاء بلاده من العقوبات لفترة طويلة.

ويمثل هذا الوضع الخطة الأمثل بالنسبة لبوتين، الذي يأمل في تحقيق تقدم في «الهجوم الصيفي»، والذي يُعتبر وفق المعطيات بطيئا ولا يسير كما هو مخطط، ولكنه من الممكن أن يحقق التقدم، وهذا الأمر مرهون بتقديم الأسلحة من الدول الأوروبية في أقرب وقت ممكن لتعزيز موقف الجيش الأوكراني.

وبحسب السيناريو المطروح بالوقت الحالي من قبل ترامب، لا يبدو أن بوتين في حاجة للتفكير العميق في مستقبل حربه حتى ما بعد انتهاء الصيف، فبحلول ذلك الوقت، كما يتصور بوتين، ربما يكون ترامب قد غيّر رأيه مرارا وتكرارا.

وربما رأى بوتين أن الجدل السياسي الدائر داخل أوكرانيا مؤخرا، بشأن التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس زيلينسكي، والادعاءات المتعلقة بالفساد، هي إشارات مشجعة على أن الحكومة الأوكرانية بدأت تفقد صلابتها أمام الضغوط السياسية والانتقادات الداخلية.

وبناء على هذه المعطيات، فإن التغير الأخير في موقف ترامب لا يغيّر من حقيقة أن زمام المبادرة الفعلية ما يزال بيد الحكومات الأوروبية.

إن قرار ترامب باستئناف تسليم الأسلحة مشروط بأن تتكفل الدول الأوروبية بدفع تكاليف تلك الأسلحة، لذا فإن كان هناك أمل بوصولها قريبا، فإن على الأوروبيين الإسراع في إقرار هذه المدفوعات وتحويلها، وعلاوة على ذلك، فإن جميع المفاوضات المتعلقة بصفقات التسلح هذه، ستجري في ظل خلفية شائكة تتمثل في المحادثات التجارية الجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية، وهو ما يمنح الأمريكيين ورقة تفاوض إضافية طوال فترة استمرار تلك المحادثات.

وقد تمتد هذه الفترة حتى الأول من أغسطس، كما هو محدد مؤخرا، أو حتى الأول من سبتمبر، كما لمح وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت.

هذه الأجواء المشحونة قد تُعقّد جهود التوصل إلى اتفاقات بشأن صفقات الأسلحة وتسريع إيصالها، خاصة أن مفاوضي الاتحاد الأوروبي التجاريين بدأوا هذا الأسبوع بإطلاع وسائل الإعلام على نيتهم فرض رسوم جمركية مضادة وقيود على صادرات الخدمات الأمريكية إلى أوروبا، وبالأخص تلك التي تقدمها شركات التكنولوجيا الكبرى، في حال أقدمت واشنطن فعلا على تنفيذ تهديد ترامب بفرض رسوم بنسبة 30 بالمائة على السلع الأوروبية.

إن نشوب حرب تجارية عابرة للأطلسي لن يكون ظرفا مناسبا أو مساعدا في إنجاز المهمة العاجلة المتمثلة بدعم أوكرانيا في مواجهة الحرب الحقيقية التي تشنها روسيا عليها.

ينبغي الآن على الدول الأوروبية الأربع التي تقود جهود الدفاع الأوروبي، وهي ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وبولندا، أن تحافظ على تركيز صارم على الاحتياجات اليومية لأوكرانيا، وألا تنخدع بانعكاسات التغير الظاهري في موقف ترامب، فالدول التي تملك مخزونات الأسلحة وخطوط الإنتاج القادرة فعليا على دعم أوكرانيا للخروج من صيف 2025 وهي أكثر قوة، هي الدول الأوروبية، التي قد يثقل كاهلها موقف ترامب المتقلب.

وعلى المدى البعيد، تطمح أوروبا إلى الاعتماد على شركاتها المحلية في مجال الدفاع، بدلا من اللجوء إلى الولايات المتحدة. ولا يعني هذا الامتناع عن الشراء من أمريكا على المدى القصير، إذا توفرت الإمدادات، لكنه يؤكد ضرورة الإسراع في توقيع الطلبات بعيدة المدى مع الموردين الأوروبيين، لإعطائهم الوقت الكافي للاستثمار والتخطيط والإنتاج.

كما يعني هذا أيضا أن صناعة الدفاع الأوكرانية، التي باتت كبيرة ومبتكرة وتنافسية من حيث التكلفة، قد تصبح في المستقبل موردا استراتيجيا مهما لأوروبا، مما يجعل من الضروري حماية هذه الصناعة من الهجمات الروسية.

وفي الأجواء المتوترة لهذا الصيف الرابع من حرب روسيا على أوكرانيا، على الحكومات الأوروبية الرائدة أن تتحمل المخاطر اللازمة للحيلولة دون تدهور الوضع الأمني في عموم القارة الأوروبية.

قد توفر الوعود الأمريكية الأخيرة بعض الطمأنينة بشأن توفّر الأسلحة خلال الأشهر القادمة، وربما خلال عام 2026، ما يسهّل على الدول الأوروبية اتخاذ قرار تسليم أنظمة الدفاع الجوي الحرجة لأوكرانيا خلال الأسابيع القادمة، بل وحتى الصواريخ بعيدة المدى التي تحتاجها كييف لردع روسيا وإلحاق الخسائر بها.

لقد فات وقت القلق من تصعيد الصراع مع روسيا، فالرئيس بوتين هو من يقود وتيرة التصعيد، وإن أرادت أوروبا أن تردعه، بل وتدفعه إلى التراجع، فعليها أن ترسل رسائلها الخاصة، لا بالكلمات، بل بالأفعال.

مقالات مشابهة

  • تغيُر مواقف ترامب حول أوكرانيا يُثقل كاهل أوروبا
  • حوار بلا تنازلات نووية.. كوريا الشمالية تذكر ترامب بـ«الواقع الجديد»
  • كوريا الشمالية: على ترامب القبول بحقيقتنا النووية الجديدة
  • ممنوع على الأجانب.. شاهد كيف يبدو منتجع ونسان-كالما في كوريا الشمالية
  • امرأة أميركية مكّنت قراصنة كوريا الشمالية من اختراق 300 شركة
  • كوريا الشمالية تصعّد ضد سيئول: لا وحدة ولا حوار ولا قمة مرتقبة
  • شقيقة زعيم كوريا الشمالية ترفض الحوار مع سول وتهاجم رئيسها الجديد
  • شقيقة زعيم كوريا الشمالية ترفض السلام مع الجنوب
  • شقيقة زعيم كوريا الشمالية: لسنا مهتمين بمبادرات السلام مع الجنوب
  • شقيقة زعيم كوريا الشمالية: ليس لدينا مصلحة في المصالحة مع بيونج يانج