سؤال عبدالرحيم دقلو (2-2)
تاريخ النشر: 26th, November 2024 GMT
*سؤال عبدالرحيم دقلو (2-2)..*
*د.ابراهيم الصديق على*
فى يوم 6 سبتمبر 2023م ، فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على عبدالرحيم دقلو قائد ثاني مليشيا الدعم السريع ، وبذلك حجمت من دوره المحوري خارجيا ، واصبحت دائرة تحركاته محدودة فى تشاد وكينيا وجنوب السودان ، ولكن هذا لم يمنع وجود تغطية تقنية واستخباراتية لتحركاته وتأمينه ، وهذه المنطقة واقعة تحت دائرة الاقمار الصناعية الفرنسية ودوائر اخري ذات تاثير فى المنطقة ، فهل يمكن توظيفها لتحقيق هدف اصطياد دقلو الثاني ؟.
إن الحفاظ على حياة دقلو نقطة جوهرية فى احاديث (حظر الطيران) ، ولذلك تعتبر (تقدم) رافعة فى الحديث عن ذلك لانقاذ حياة الرجل الذي كان آخر من اجتمعت به قوى الحرية والتغيير ليلة 15 ابريل 2023م فى عربة صغيرة ، طافوا بها طرقات الخرطوم.. كان تلك لحظات وضع اللمسات الأخيرة ودقلو يهمس للقيادات السياسية (جبريل ومناوي وعقار ومسار) أن استعجلوا قد تبدأ الحرب قبل وصولكم إلى دوركم)..
حالة التضخم الذاتي أمر مفهوم لشخص انتقل من عامل فى مسحنة دقيق (طاحونة) إلى الشخص الأكثر تحكما فى المشهد السياسي والعسكرى والاقتصادي فى البلاد خلال اعوام (2019- 2021م) ..
لقد سيطر عبدالرحيم على اغلب الشركات الوطنية السودانية العامة والخاصة من خلال ما سموه (لجنة إزالة التمكين) ، كانت كل الموارد تصب فى خزينته ، وتمكن من خلال الشركة القابضة السيطرة على كل واردات السودان من السلع والصادرات ، وبموافقة حكومة د.عبدالله حمدوك ووزير ماليته حينها د.ابراهيم البدوي واشراف دكتور الشيخ خضر مدير مكتب رئيس الوزراء ..ووضع يد على صادرات البلاد من الذهب واسواق العملة ، ومن خلال تنازل حمدوك عن وظيفته التنفيذية الأولى وتسليم اللجنة الاقتصادية إلى محمد حمدان دقلو قائد المليشيا ، اصبحت كل مؤسسات الدولة تحت وصاية ورحمة عبدالرحيم دقلو.. هذه صورة الرجل الثاني فى المليشيا حين نصب مضادات الطيران والمدفعية الثقيلة فى بيته بحى المطار..
خلال الاعوام 2021 – 2023م اصبح عبدالرحيم أكثر ميلا إلى لعب دور سياسي اكبر ، وبدأ يتحدث عن مساهمته فى التغيير وعن حماية المتظاهرين ودعم الديمقراطية ، هذا فى ظاهر القول ، ولكن مجالسه الخاصة مع نخبة من خاصته يتحدث عن دولة العطاوة ، واستدعى ناظر عموم الرزيقات للخرطوم للقول (حميدتي أحمر) ، وتوشح ببدلة مدنية لمخاطبة تجمع اسماه الملتقى الاهلى بقاعة الصداقة وهناك نادى (نقول للمكنكشين يا إما تسلموا او ح تشوفوا)..
الآن بعد 19 شهرا من ذلك الهذيان المتهور ، فإن عبدالرحيم بعيدا ومعزولا فى اودية وخيران وتلال دارفور وقد شن 155 هجوما فاشلا على الفاشر.. دون ان يدرى أن رقعة الارض تلك تحولت إلى مشروع مقاومة متكامل ، وبعضها تطارده وتبحث عنه..
الذين تتبعوا صور قائد ثاني المليشيا المطلوب جنائيا وهو يعاني فى حركة يده أو انحناءة ظهره يعرفون أنه يعاني من الانزلاق الغضروفي الحاد ، مما يستصعب معه السير لمسافات طويلة أو المرور من خلال المناطق الجبلية..
وسيكون ممكنا تخصيص فرق خاصة وقوة استطلاع واتصال للبحث عن إشارة عن عبدالرحيم منهك.. وكلمة سر المليشيا..
حفظ الله البلاد والعباد
ابراهيم الصديق على
26 نوفمبر 2024م
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: عبدالرحیم دقلو من خلال
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي كمرآة للإنسان: هل نحن فعلًا بهذا القبح؟
محمد بن زاهر العبري
لطالما تغنّى الإنسان بتفوّقه العقلي وتفرده الأخلاقي بين الكائنات الحية، وظل يؤمن بأن عقله هو ما يميزه ويرفعه فوق سائر الموجودات، حتى جاءت حقبة الذكاء الاصطناعي لتطرح سؤالًا جديدًا مقلقًا لا يتعلق فقط بتفوق الآلة؛ بل بكيفية انعكاس الإنسان نفسه في تلك الآلة.
الذكاء الاصطناعي ليس مجرد تقنية أو أداة حيادية، بل هو بناء إنساني يحمل في طياته القيم والميول والانحيازات التي يغرسها فيه الإنسان بشكل واع أو غير واع، لذلك فإن الذكاء الاصطناعي لا يكشف فقط عن قدرات الإنسان؛ بل يعرّي نواياه ونقاط ضعفه وصراعاته الأخلاقية.
فحين درّبنا الخوارزميات على التعرّف على الوجوه مثلًا اكتشفنا أنها أكثر ميلا مع الوجوه البيضاء عن الوجوه السمراء، وحين تركنا الذكاء الاصطناعي يطوّر نفسه اعتمادًا على المحتوى المتاح على الإنترنت صار عنصريًا وكارهًا للنساء ومليئًا بالتحيّزات ذاتها التي حاولنا نفيها عن أنفسنا.
الذكاء الاصطناعي إذًا لا يخترع القبح من فراغ، بل يعكس القبح الموجود فينا، في بياناتنا، في مواقفنا، وفي قراراتنا اليومية التي لم ننتبه أحيانًا إلى ظلمها وعدم عدالتها.
كل صورة نمطية ترسّخت في المجتمع ستجد طريقها إلى الخوارزمية، وكل تحيّز مرّ دون مراجعة سيتحوّل إلى منطق برمجي محايد ظاهريًا لكنه مشوّه جوهريًا، لدرجة أننا يوما قد نجده يقول لنا: فعلا ينبغي محو فلسطين من خارطة العالم!
نحن اليوم لا نقف فقط أمام مرآة تقنية؛ بل أمام مرآة أخلاقية تسألنا عمّا فعلناه في مجتمعاتنا، وتساءلنا ماذا فعلناه بأنفسنا. الذكاء الاصطناعي لا يبتكر الشر؛ بل يستعيره من الإنسان وهذا ما يجعل سؤال المستقبل سؤالًا أخلاقيًا قبل أن يكون تقنيًا، وهو:
كيف نمنع الذكاء الاصطناعي من أن يكون امتدادًا لقبحنا؟ وكيف نحوّله إلى فرصة لإعادة النظر في أنفسنا وفي ما نعتبره طبيعيًا أو مقبولًا؟
ربما لا يكون الذكاء الاصطناعي نقمة في حد ذاته؛ بل لعنة صادقة ومرآة تكشف ما نخجل من رؤيته في وجوهنا، وإن كانت هذه الحقيقة قاسية فهي البداية الضرورية لأية محاولة تصحيح أو تغيير فحين نعرف أننا نرسم القبح في خوارزمياتنا يمكننا أن نتعلّم كيف نرسم الجمال أيضا.
رسالة المقالة هذه هي: أيها الإنسان، ما لم تزرع في قلبك الجمال والمحبة والخير، لن تجد الذكاء الاصطناعي يوما سيقترحه عليك، لأنه وببساطة انعكاسك الأخلاقي.