وظيفة مجلس النواب كما جاء فى الدستور هى أن يتولى سلطة التشريع، واقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية. وحتى يتمكن نواب المجلس من القيام بهذه المهام منحهم الدستور حصانة، وهى ليست ميزة أو حقا لهم وحدهم، وإنما هى حق للمجلس، وحماية للنواب فى أداء رسالتهم ومباشرة مسئولياتهم لصالح الشعب كله، ولهذا كانت السوابق البرلمانية تؤكد أن النائب من حقه أن يتنازل عن الحصانة، لأنها ليست ملكا له، وأنها أى الحصانة تقف عقبة ضد أى محاولة لمنع النائب من أداء واجباته ومسئولياته البرلمانية عندما تريد السلطة التنفيذية أن تنكل به، لأنها تخشى من انتقاداته وآرائه وكشف المستور.
خلاصة القول، إن الحصانة البرلمانية ليست ميزة تمكن النائب من خرق دائرة القانون، والاعتداء على حقوق الأفراد أو المجتمع واغتيالها، فهى ليست مقررة لمخالفة القانون، أو الافلات من المسئولية أو العقاب، فكيف للنائب عن الشعب أن يرتكب المخالفات والجرائم باسم القسم على احترام الدستور والقانون، ورعاية مصالح الشعب وكيف له أن يلوذ بالحصانة، وليس للحصانة أن تحميه من التحقيق أو المساءلة والملاحقة؟
فى فترة من الفترات بدت الحصانة البرلمانية غاية أخاذة وأصبحت تغير الكثيرين إلى خوض الانتخابات البرلمانية، وإلى التضحية الجنونية بالأموال، واستخدام البلطجة لتحقيق الوجاهة وصولا إلى الحصانة التى كانوا يستغلونها فى امتطاء القانون لتحقيق الثراء وحصد الامتيازات.
منذ زمن بعيد كشفت محكمة النقض عن وجوب ترفع النائب وارتفاعه فوق الشبهات فيبادر إلى التخلى عن حصانته ويرحب بالتحقيق، فيضرب القدوة والمثل بأنه أول المرحبين بتطبيق القانون شأن كل الناس بل هو أولى الناس رفعة وثقة، فى عام 1926 طلب النائب حسن باشا رشدى عضو مجلس الشيوخ رفع الحصانة عنه، لأنه علم بأن شكوى قدمت ضده فبادر هو وقبل علم المجلس بطلب رفع الحصانة وقرر المجلس رفعها والإذن بالتحقيق بناء على طلبه!! وكما حدث فى مجلس الشيوخ منذ 98 عاما عندما طلب حسن باشا رشدى من مجلس الشيوخ رفع الحصانة البرلمانية عنه فى مواجهة الاتهام الموجه ضده، حدث فى مجلس الشيوخ أيضا منذ أيام فى جلسات الأسبوع الحالى، والتى كشفت أن النائب أحمد دياب عضو مجلس الشيوخ تقدم بطلب إلى النائب العام من تلقاء نفسه لمخاطبة مجلس الشيوخ للحصول على الإذن منه برفع الحصانة البرلمانية عنه لاستكمال اجراءات التحقيق فى قضية وفاة أحمد رفعت لاعب نادى فيوتشر ومنتخب مصر.
كل التقدير ومزيد من الاحترام للمستشار عبدالوهاب عبدالرازق رئيس مجلس الشيوخ الذى وصف طلب دياب مثوله للتحقيق أمام النيابة العامة بأنه التزام راسخ بمبادئ العدالة واحترام الدستور والمؤسسات القضائية، والحرص على اتاحة السبل الممكنة لإظهار الحقيقة فى وفاة اللاعب أحمد رفعت يبعد عنه أى شبهة.
كما قال المستشار عبدالوهاب عبدالرازق إن ما حدث هو درس لكل من يتبوأ موقعا عاما أن يضع دائما المصلحة العامة فوق كل اعتبار، وكل الشكر لأعضاء مجلس الشيوخ الذين وافقوا على رفع الحصانة عن زميلهم دون تردد لإجلاء الحقيقة.
وهذه رسالة مهمة من نائب نرجو أن تنتشر فى أوساط الحصانة لكسر الحصار المفروض على الحصانة، والتى تحولت فى وقت من الأوقات إلى ما يشبه مصباح علاء الدين تراق من أجلها الدماء وتزور بسببها ارادة الشعب!!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن محمود غلاب مجلس النواب الخطة العامة للتنمية الحصانة البرلمانیة مجلس الشیوخ رفع الحصانة
إقرأ أيضاً:
نائب ينتقد قضاء أربيل المسيس لصالح حزب بارزاني
آخر تحديث: 5 يوليوز 2025 - 11:41 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق علّق النائب الكردي السابق، أحمد الحاج رشيد، السبت، على مذكرة القبض الصادرة بحقه من قبل محكمة تحقيق أربيل، مشيرًا إلى أنها “ذات دوافع سياسية”، ومؤكداً أن الاتهام جاء بسبب مواقفه الانتقادية.وقال الحاج رشيد في حديث صحفي، إن “المذكرة سياسية بحتة، واستندت إلى المادة 226 من قانون العقوبات العراقي، وهي مادة من قانون مجلس قيادة الثورة المنحل”.وأضاف أن “هذه المادة تتعلق بسب وشتم وقذف رئيس الجمهورية أو من ينوب عنه، في حين أني لم أسب، ولم أشتم، وكل ما صدر عني هو انتقاد”.وتابع: “سأطلب نقل القضية إلى السليمانية وسأذهب إلى المحكمة لثقتي بالقضاء، لأني أخشى أن يتم تسييس القضية في أربيل”، مشيرًا إلى أن “ما يجري يرتبط بترشيحي للانتخابات المقبلة، وما يرافقه من قلق لدى بعض الجهات من تصاعد شعبيتي”.وكانت محكمة تحقيق أربيل قد أصدرت مذكرة قبض بحق النائب السابق في مجلس النواب العراقي، أحمد الحاج رشيد، استنادًا إلى المادة 226 من قانون العقوبات، والمتعلقة بإهانة رموز الدولة، وذلك على خلفية تصريحات إعلامية له.