حينما يكون التكريم رمحًا في خاصرة الوعي .. أيُكافَأ اللهو ويحارب الإصلاح؟
تاريخ النشر: 30th, November 2024 GMT
#سواليف
كتب المحامي علاء هاني الحياري * –
بالجانب الآخر، يقبع الكاتب الوطني أحمد حسن الزعبي وصوت الضمير الأردني خلف القضبان بعد أن أمضى عمره مشهراً “قلمه” في وجه الظلم والفساد نصرة للوطن.
في زمن تزداد فيه تحديات العيش الكريم وتتعاظم فيه الحاجة إلى رموز تجسد القيم الوطنية تبرز أسئلة حول معايير التكريم وأهدافه.
في الوقت الذي يواجه الأردنيون فيه أعباء اقتصادية خانقة وتحديات اجتماعية وسياسية تهدد حاضرهم ومستقبلهم، تجري مراسم تكريم لفنانة اشتهرت مؤخراً بمحتواها الترفيهي مما يشير لانعزال كامل للبعض عن الواقع غير آبهين لأولويات المرحلة وهموم الناس وأشجانهم المتكسرة تحت وطأة ما يجري أمام الأعين، فتوقيت مثل هذا التكريم لفنانة ترفيهية يثير تساؤلات حول الرسائل والمضامين المراد إيصالها، في وقتٍ تصارع فيه الأسر الأردنية للبقاء وتغص بيوتهم بالعاطلين عن العمل أو الذين يبحثون عن دنانير تغطي رحلة تهريبهم للمجهول أملاً بحياة أفضل.
ما الذي تحول لدينا حتى استطعنا تجاهل صناع التغيير الحقيقيين واخترنا بدلاً منهم شخصيات لا تُشكل أولوية ولا تشكل إضافة حقيقية لقيمنا وأعرافنا؟
الرسالة التي بعثها هذا الحدث تقول إننا ما نزال أسرى سطحية تقاس بعدد المتابعين لا بقيمة التأثير.
كيف استمرأنا مشاهدة الأضواء والأجواء الاحتفالية في الوقت الذي يتجرع فيه الأشقاء في غزة أفظع أشكال الظلم والإبادة؟
إن تبدل هذه الرؤية والتحول بالأولويات شاهد خطير على ضياع البوصلة الأخلاقية والتخلي عن المسؤولية.
بالجانب الآخر، يقبع الكاتب الوطني أحمد حسن الزعبي وصوت الضمير الأردني خلف القضبان بعد أن أمضى عمره مشهراً “قلمه” في وجه الظلم والفساد نصرة للوطن.
*الكاتب عضو الملتقى الوطني للدفاع عن الحريات.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف
إقرأ أيضاً:
“فرسان الحق” .. حينما تتجلى الأخلاق في عقيدة المخابرات الأردنية
صراحة نيوز – بقلم :ا.د احمد منصور الخصاونة
في وطننا الذي يفخر بجنوده وأجهزته الأمنية، تبرز المخابرات العامة الأردنية ليس فقط كدرع واقٍ من المخاطر، بل كمدرسة في القيم والمروءة والإنسانية. ليست القصة التي رواها المواطن حمزة العجارمة إلا نافذة صغيرة تطل على جبل من النبل والرجولة والشهامة المتجذرة في نفوس أبناء هذا الجهاز السيادي الوطني العريق.
فحين تجد فتاة جامعية نفسها وحيدة، مرهقة، في ساعة متأخرة، عاجزة عن العودة إلى بيتها، لا تجد حولها سوى نظرات العابرين وقلق الظلام … يُشرق النور فجأة من حيث لا تتوقع، من رجال لا يعرفون التفاخر ولا ينتظرون الشكر، لكنهم جبلوا على أن يكونوا عونًا وسندًا لكل محتاج وضعيف.
“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” .. فلسفة أمنية تتجاوز التعليمات وتلامس القلوب، ليست هذه الجملة العابرة مجرد تعبير ارتجالي خرج من لسان رجل أمن في موقف إنساني عابر؛ بل هي اختزال صادق لفلسفة عميقة تجسد العقيدة الأمنية الأردنية التي نشأت على القيم، وتشكلت من رحم الأخلاق، وتربّت على سُنة الوفاء والانتماء.
“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” تعني أن المواطن ليس رقماً في سجل، بل هو شريك في الوطن، وأن من ينتسب الى الدائرة، لا يُحركه القانون وحده، بل تُحركه الروح، والضمير، والرحمة، والفطرة الأردنية الأصيلة. هذه الجملة البسيطة كشفت عن وجه آخر لدائرة المخابرات العامة، الوجه الذي لا تراه الكاميرات، ولا تتصدر أخباره العناوين، لكنه حاضر في لحظة وجع، في موقف حيرة، في ساعة عتمة. هناك حيث لا أحد، يظهر رجال المخابرات، لا ليمارسوا سلطة، بل ليحملوا مسؤولية، لا ليفرضوا تعليمات، بل ليقدموا الطمأنينة.
دائرة المخابرات العامة الأردنية ليست فقط خط الدفاع الأول عن الوطن، بل هي أيضاً الحضن الأول لمن يشعر بالخوف أو الضياع. هي النموذج الحي على أن الأمن لا يُبنى بالعتاد وحده، بل يُبنى بالإنسان أولاً، ويصان بالعطاء، ويُروى بالرحمة. في زمن تتآكل فيه القيم عند البعض، ويعلو فيه صوت المصالح، تظل المخابرات العامة الأردنية صرحاً من صروح النبل، ومدرسة في الشرف والكرامة، وعنواناً للثقة التي نُسلمها لهم دون تردد لأننا نعلم أنهم أمناء عليها، كما هم أمناء على تراب الوطن.
ولأن الأردن وُلد من رحم الكرامة، ونشأ في مدرسة الهاشميين، فإن منسوبي مخابراته ليسوا مجرد موظفين، بل هم فرسان لا يغيب عن أعينهم نبض الأردني، ولا تغيب عن ضمائرهم دمعة أم، أو حيرة طالبة، أو قلق مواطن.
فطوبى لمن كانت “بنت الناس” عنده “بنته”، وطوبى لمؤسسة تُقدّم المثال لا المقال، والرحمة لا الجمود، والانتماء لا الادعاء.
لقد عرفناهم عن قرب، وتعاملنا معهم في مواقف ومناسبات مختلفة، فكانوا كما عهدناهم: رجال دولة، فرسان مبدأ، وأصحاب نخوة لا تهاب ولا تساوم. لا يخشون في الحق لومة لائم، ينجزون في صمت، ويحمون الوطن وأبناءه دون أن يسألوا عن مقابل.
دائرة المخابرات العامة، قدموا لنا في هذه الحادثة درسًا في الإنسانية، قبل أن يكونوا نموذجًا في الحماية. هم رجال تمرسوا في ميادين التضحية، وتشربوا أخلاق الجيش العربي، وتربّوا على أن الكرامة لا تتجزأ، وأن البنت الأردنية أمانة في أعناقهم كما هي في كنف والدها.
وإننا – أبناء هذا الوطن – لا نملك أمام هذه النماذج إلا أن نرفع القبعات احترامًا، ونسأل الله أن يحفظهم، ويسدد خطاهم، ويجعلهم دائمًا كما عهدناهم: سندًا للوطن، وعنوانًا للرجولة، ورمزًا للحق.
دام الأردن عزيزًا، دامت مخابراته درعًا حصينًا، ودامت عقيدتها مدرسةً في الشرف والإنسانية.