احتفالات مولد السيدة نفيسة.. روحانية ومحبة قبل الليلة الختامية
تاريخ النشر: 1st, December 2024 GMT
في قلب القاهرة القديمة، وتحديدًا في حي السيدة نفيسة، تظل الأجواء الروحانية لمولد السيدة نفيسة تحتل مكانة خاصة في قلوب المصريين، ويحتفل المسلمون في الخامس من رجب من كل عام بمولد هذه السيدة الجليلة، وقد بدأت الطرق الصوفية في الاحتفال منذ الجمعة الماضية على أن تكون الليلة الختامية الأربعاء المقبل.
وقد عُرفت السيدة نفيسة بالتقوى والعلم، وجاءت إلى مصر لتترك بصمة لا تُنسى في تاريخها الإسلامي، وتعد هذه الاحتفالات أكثر من مجرد طقوس دينية، فهي فرصة للتواصل الروحي والإنساني، ولإعادة إحياء القيم الإسلامية السامية التي نشرتها السيدة نفيسة في حياتها.
السيدة نفيسة، حفيدة الإمام الحسن بن علي، ليست مجرد شخصية تاريخية بل هي رمز للزهد والعلم. وُلدت في المدينة المنورة، لكن مصر كانت هي المحطة الأخيرة في حياتها، حيث قدمت إليها عام 195 هـ، لتصبح أحد أكبر العلماء والداعيات في عصرها.
كانت السيدة نفيسة معروفة بتقواها، ولم تقتصر حياتها على العبادة فقط، بل كانت محط أنظار العلماء والناس في كل مكان بسبب علمها الذي لا ينضب، وقدرتها على حل المشكلات الدينية.
أجواء الاحتفال: روحانية وحب
عندما يحل الخامس من رجب، تتحول منطقة السيدة نفيسة إلى قلب نابض بالحياة. يتجمع الآلاف من المصريين من مختلف أنحاء البلاد في هذا اليوم، ليشاركوا في الاحتفالات التي تعكس روح المحبة والتآخي بين الناس.
يبدأ اليوم بتلاوة القرآن الكريم في المسجد الذي يحمل اسم السيدة، مع حضور كبير للمصلين الذين يأتون للدعاء والتضرع إلى الله.
الاحتفالات في المسجد
يُعد مسجد السيدة نفيسة نقطة تجمع رئيسية للزوار والمصلين، حيث يبدأ اليوم بتلاوة القرآن والدعاء. وفي الداخل، تنبعث الروحانية من كل زاوية، فالكل هنا يتوجه إلى الله بتضرع، يطلبون الرحمة والمغفرة، ويتذكرون حياة السيدة نفيسة التي كانت نموذجًا للتقوى والعلم.
في شوارع حي السيدة نفيسة، تتحول المدينة إلى لوحة من الألوان والأضواء. تزين المنازل والمحال التجارية بالأضواء واللافتات التي تحمل اسم السيدة نفيسة وصورًا تاريخية لها. هذه الزينة تجعل من المدينة مكانًا مميزًا، حيث يشعر الزوار بأجواء الاحتفال ويشعرون بروحانية المكان، وهو ما يضفي على اليوم مزيدًا من الجمال.
في هذا اليوم، لا يقتصر الاحتفال على الصلاة والذكر فقط، بل يمتد ليشمل الفعاليات المجتمعية، يزور الناس بعضهم البعض لتهنئة بعضهم البعض بالمناسبة، ويشعر الجميع بحالة من الألفة والتكافل الاجتماعي. العديد من الأسر تتجمع في المساجد وتقوم بتوزيع الحلويات والمشروبات على الزوار، وتتناقل الأحاديث عن سيرتها وأثرها في حياتهم.
مثل أي احتفال مصري، لا تكتمل الفرحة بدون الأطعمة الشعبية. ويُعد "الكعك" و"القطايف" من أبرز الحلويات التي تُقدَّم في هذه المناسبة، حيث يتم توزيعها على الزوار وأهالي المنطقة. هذا التقليد الشعبي يعكس روح المشاركة والتواصل بين الناس في هذا اليوم المبارك.
الاحتفالات بمولد السيدة نفيسة ليست فقط مناسبة دينية، بل هي فرصة لتعميق الصلة بالأرض والمجتمع. يقول أحمد، أحد السكان المحليين في حي السيدة نفيسة: "المولد دايمًا بيجمعنا مع بعض. نحن هنا نشعر أننا جزء من تاريخ طويل، نحتفل مع بعض، ونذكر بعض بعاداتنا وتقاليدنا التي تربينا عليها."
وتُعد هذه المناسبة أيضًا فرصة لتعزيز الروح الجماعية بين الأجيال المختلفة. تقول فاطمة، سيدة مسنّة: "أجيال وراء أجيال، وكل سنة بنشوف نفس الفرحة. الأطفال بيحضروا الاحتفال مع أمهاتهم وجداتهم، عشان يعرفوا من هي السيدة نفيسة، ويشعروا بحب الناس لها."
في يوم مولد السيدة نفيسة، لا تقتصر الفرحة على الدعاء والصلاة فقط، بل تتجسد في التواصل الإنساني الذي يعبر عن الحب والاحترام، بين الناس والمجتمع. ففي حي السيدة نفيسة، وبينما تزين الشوارع بالأضواء والأنوار، يظل هذا اليوم شاهدًا على وحدة المصريين وحبهم للماضي الروحي. فالمولد ليس مجرد مناسبة، بل هو رسالة عن التكافل والمحبة والتراحم، وهي القيم التي تجسدها السيدة نفيسة، وتظل حية في القلوب عبر الأجيال.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: السيدة نفيسة مولد السيدة نفيسة قلوب المصريين المسلمون مولد الصوفية هذا الیوم
إقرأ أيضاً:
اليونان تحتفي بقيم الديمقراطية والحرية وسط توترات سياسية داخلية وأوروبية
جاءت احتفالات الذكرى الـ51 لعودة الديمقراطية في اليونان هذا العام وسط أجواء توتر سياسي داخلي وأوروبي، حيث تعكس الرسائل الموجهة من الفعاليات تقديرًا عميقًا لقيم الحرية والديمقراطية، رغم وجود خلافات واضحة بين قادة الأحزاب السياسية في البلاد.
تُعد هذه المناسبة فرصة لاستذكار فترة الحكم العسكري الاستبدادي التي مرت بها اليونان بين عامي 1967 و1974، والتي شهدت قمعًا واسعًا للحريات، قبل أن تبدأ مرحلة انتقالية هامة قادها الزعيم قسطنطينوس كرامنليس من المنفى، والتي مهدت الطريق نحو تأسيس الديمقراطية الحديثة في البلاد.
24 يوليو رمز وطني لرفض الاستبداد وترسيخ الحرية والديمقراطية الحديثةيُعتبر يوم 24 يوليو ذكرى وطنية تمثل الانتصار على الاستبداد والعودة إلى قيم الحرية والديمقراطية، وهو اليوم الذي شهد عودة قسطنطينوس كرامنليس لقيادة البلاد، ليصبح رمزًا للمسار الديمقراطي والتزام اليونان بحقوق الإنسان والحريات السياسية.
قال عبد الستار بركات، مراسل "القاهرة الإخبارية" من أثينا، إن هذه الذكرى تتجاوز الاحتفالات لتكون رسالة سياسية ورسالة أمل لشعب اليونان وللمنطقة بأسرها في ظل الأوضاع الراهنة.