لجريدة عمان:
2025-12-15@05:07:25 GMT

فلسطين في عيون مناضل ُمطارد

تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT

فلسطين في عيون مناضل ُمطارد

أن يكتب مناضل فلسطيني طورد من قبل المحتلين لتسع سنوات، رواية عن هذه السنوات التسع، (الأقانيم الثلاثة، صدرت عام 1998 عن دار نشر كنعان في فلسطين) فهذا مغوٍ ومثير للفضول وللمخيلة، ويأخذنا إلى أدب جديد تكتبه عيون فلسطينية جديدة بسياق مختلف، وسام رفيدي مناضل من مدينة البيرة، في فلسطين، أمضى جزءا كبيرا من حياته في السجون الاحتلالية، كيف تراه يبدو العالم في عيون مناضل وكاتب، اختبأ في بيت لتسع سنوات، وواصل أثناء اختبائه نضاله العنيد؟ كيف سيتحمل هذا الفلسطيني العاشق لبلاده وجود احتلال بشع يدمر حياة شعبه ويمنع تطوره الطبيعي؟ وهنا يسأل سائل ساذج: ألا يكفي وساما هذا النضال؟ لماذا يزج نفسه في أتون الكتابة؟

وأجيب أنا: لأنه يومن بأن فلسطين قضية مقدسة لكنها أيضا توثيق جمالي و فن وأغان ونصوص ومسرح ورقص؟ في كل حركات التحرر يسير الفن جنبا الى جنب مع البندقية، وسؤال آخر ساذج: ألا يستطيع وسام أن يكتفي بالكتابة كوسيلة مقاومة ويعيش حياته الطبيعية؟ أتخيل وساما يبتسم الآن ويجيب: هل تمزح معي؟ أين هي الحياة الطبيعية التي سأكتفي بها؟ هل هناك حياة طبيعية مع الاحتلال؟

تحتاج المعركة إلى الأدب، ليشرح عمقها، ويفهم أبعادها ويحتاج الأدب إلى المعركة لتعطيه معناه، وشرف الوجود، يتدخل الأدب ويقف خلف جبل مراقبا تفاصيل المعركة، فيصورها ويستكشفها ويختبر صلابتها، لا شيء كالأدب والفن، يوضح لنا سر البلاد، ومغزى حاجتنا للحرية، لا شيء كالمسرح مثلا يخلد قيمنا الوطنية ويرسخ ثوابتنا، ويعكس وهج روحنا الوطنية ويحرض على سطوعنا الدائم أمام عالم ذابل وتافه ومنافق.

خلف شخصية كنعان يختبى وسام كمناضل منتم وثوري، تخلى عن حياته الطبيعية، واندفع في أجمل أنكار للذات، وفي أروع استعداد للتضحية، من أجل بلاده، يا له من قناع هذا الكنعان الذي يذكرنا بالبلاد الأصلية بكنعانييها،!.

في سجن النقب الصحراوي كتب وسام أقانيمه الثلاثة، ونسمعه هنا وهو يشكر رفاقا ثلاثة:

(أخيرا وليس آخرا إنني مدين بشكري للرفاق الثلاثة الرائعين (عمر تايه ويوسف العاطي ويوسف عبد العال) في سجن نفحة الذين تجشموا عناء المهمة المملة وهي نسخ الرواية هذه على 54 كبسولة وتنظيم تهريبها عبر 6 سجون حتى وصلتني سالمة).

ثمة أشخاص آخرون إذن تقاسموا بعض بطولة هذه الرواية المدهشة، هم رفاق مخلصون، لم تكن الرواية لترى النور لولا إيمانهم بضرورة الكتابة، حقا مقدسا للفلسطينيين للتعبير عن حياتهم وحقا آخر لهم لتمجيد بطولتهم وتخليد نضالهم.

يوضح الكاتب وسام رفيدي سياق الرواية ودافعها في رسالة إلى حركة الشباب الفلسطيني في أمريكا التي لاحقا قررت ترجمتها إلى اللغة الإنجليزية: (كُتبت «الأقانيم الثلاثة» في سجن النقب (1991-1994، وهي واحدة من فترات الاعتقال العديدة التي تعرض لها الكاتب)، لتوثيق تجربة «كنعان» الذي أوكل إليه تنظيمه، «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، مهمة التخفّي وعدم السماح للاحتلال بتقييد طاقاته الثورية: «لا تستقبل أحدا ولا تزر أحدا»، ذلك في مرحلة انتقالية مهمة من تاريخ الثورة الفلسطينية تطلّبت بناء أدوات نضالية وتنظيمية جديدة ومختلفة، من ضمنها تجربة الاختفاء عن الأنظار: «للنضال فاتورته التي ينبغي دفعها عن طيب خاطر وللحياة السرية اشتراطات ينبغي مراعاتها، وللثورية طريقها في غسل الذات، وها هي تفعلها بقسوة الوحدة).

لم ُيكتب الكثير مما يعتد به عن الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1989- 1993) كانت الأقانيم الثلاثة أول عمل أدبي فلسطيني يكتبه مناضل منخرط في الحدث الكبير وأحد صناع مشهد الانتفاضة التي هزت العالم آنذاك، ورغم أن هذا الكتاب هو كتاب يصور تجربة حزبية خاضها المناضل وسام، إلا أنها عكست مجمل النار التي اندلعت في وجه العدو وصورت الحركة الموّارة للشعب كله.

لغة الرواية بسيطة وصفية دقيقة، وحادة تشبه مضمونها الثوري فهي موجودة لتعكس النار لا لترقص أمامها، ولا لتختال بملابسها، فهي جادة وليس لديها وقت للدلال ولا تفكر بقارئ يطرب لها ولرنينها.

قدم الرواية المناضل القومي الشهير المرحوم جورج حبش ونقتبس من تقديمه: (الرواية سيرة ذاتية للبطل الإيجابي، الذي يقتحم لجة المجهول، ويقبل التحدي، ولا غرو أن مراحل وتعقيدات نضالنا تتطلب بطلا نخبويا، باهرا وهذا ما كانه وديع وما كانه كنعان).

الكاتب في سطور

وسام رفيدي هو باحث ومحاضر متفرغ في دائرة العلوم الاجتماعية في جامعة بيت لحم- فلسطين، عمل سابقا كمحاضر غير متفرغ في جامعة بيرزيت لعلم الاجتماع والدراسات الثقافية. حاصل على شهادتي ماجستير من جامعة بيرزيت، الأولى في علم الاجتماع عن رسالته، التحولات على مكانة المرأة في الرواية الفلسطينية المعاصرة، ما قبل وبعد أوسلو، والثانية في الدراسات العربية المعاصرة.

يحاضر منذ سنوات في مساقات عدة منها النظرية الاجتماعية، والحركات الاجتماعية، والإعلام والاتصال، والسكان، والعائلة، كما يساهم حاليا مع زملائه في الدائرة تطوير مساقات إضافية في التاريخ الاجتماعي الفلسطيني وعلم اجتماع الدين. للباحث رواية منشورة (الأقانيم الثلاثة) بطبعتين في رام الله ودمشق، وكتاب صدر عن الفارابي حول المرأة والرواية الفلسطينية بين زمنين: أوسلو والمقاومة، وكتاب ثاني صدر في رام الله حول صناعة الكتاب في فلسطين قُدِم لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب، كما أن له العديد من الدراسات المنشورة في مجلات وكتب، منها دراسات في الهوية الفلسطينية بعد أوسلو، القومية المتخيلة والعنف في النص التوراتي، والخطاب الفكري للمنظمات.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

زيدان: اختيار الرئاسات الثلاثة بيد القوى السياسية العراقية

13 دجنبر، 2025

بغداد/المسلة: وجه رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي فائق زيدان، السبت، دعوة للكتل والشخصيات السياسية للاحتكام إلى الإرادة الوطنية في إنجاز الاستحقاقات الدستورية المتمثلة باختيار الرئاسات الثلاث.

وقال القاضي زيدان في بيان نشره مجلس القضاء الأعلى، إنه في العاشر من كانون الأول من كل عام يحتفل العراقيون بيوم النصر الكبير، اليوم الذي اكتمل فيه تحرير كامل أرض العراق من كيان داعش الإرهابي في عام 2017، بعد معركة بطولية استمرت لسنوات قُدِّمت فيها تضحيات جسام، لم تكن فقط لتحرير الأرض بل لتحرير الفكر واستعادة السيادة في قدرة الدولة على بسط سلطتها على كامل أرض العراق وفرض القانون وضمان الأمن والنظام.

وأضاف زيدان: ولا يمكن الحديث عن هذا النصر من دون الحديث عن السيادة، فكل انتصار عسكري لا يُعد كاملاً ما لم يتوّج بسيادة كاملة للدولة على أرضها وقرارها، فحين تنتصر الدولة في مواجهة الإرهاب فإنها لا تنتصر فقط عسكرياً بل تعيد فرض سيادتها على الأرض والقرار وتعلن للعالم أنها قادرة على حماية نفسها.

وتابع: لذا فإن الانتصار وحده لا يكفي ما لم يتبع بسيادة حقيقية تحفظ الاستقلال وتمنع التدخل، فالسيادة هي الضمان لاستدامة النصر وتثبيت الاستقرار وبناء مستقبل آمن.

وأوضح: تُعدّ السيادة من أهم مقومات الدولة الحديثة، وهي تعني قدرة الدولة على اتخاذ قراراتها بشكل حر ومستقل دون خضوع لإملاءات خارجية.

ولفت زيدان الى تكمن أهمية السيادة في اتخاذ القرار في أنها الضمانة الأساسية لبقاء الدولة قوية محترمة وقادرة على إدارة شؤونها بالشكل الذي يعكس إرادة شعبها ومصالحه العليا، لا مصالح قوى خارجية أو جماعات ضاغطة. كما أن القرار السيادي يعبر عن استقلال الدولة في علاقاتها الخارجية والداخلية ويمنحها القدرة على تحديد سياساتها الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بحرية.

وأوضح، وفي ظل الظروف الدقيقة التي تمر بها المنطقة وانطلاقاً من المسؤولية الوطنية وحرصاً على احترام إرادة الشعب وصيانة السيادة الوطنية نوجّه دعوتنا المخلصة إلى جميع القوى والشخصيات السياسية المعنية إلى الاحتكام إلى الإرادة الوطنية الخالصة في إنجاز الاستحقاقات الدستورية في اختيار الرئاسات الثلاث (مجلس النواب، الجمهورية، مجلس الوزراء)، سيما وأن الدول الإقليمية والدولية أكدت التزامها بعدم التدخل في هذا الشأن وترك هذا الاستحقاق بيد القوى السياسية العراقية.

وبين رئيس مجلس القضاء، ونتيجة هذا الموقف الإيجابي من الأطراف الخارجية فإن المسؤولية الكاملة تقع اليوم على عاتق الكتل السياسية لإنجاز هذا الاستحقاق المهم بطريقة تعزز الاستقرار السياسي وتحفظ هيبة الدولة في العبور نحو مرحلة جديدة تُبنى فيها الدولة على أسس السيادة والقرار الوطني المستقل.

وأشار الى ان التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تنسى، ومن يقف اليوم موقفاً وطنياً شجاعاً، يساهم في بناء عراق مستقل، يُقاد بإرادة أبنائه.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author moh moh

See author's posts

مقالات مشابهة

  • فيلسوف الرواية العربية
  • الهباش: الجرائم التي يرتكبها الاحتلال في فلسطين تزيد موجة العنف
  • نادي الفرير بسكنتا ينظم احتفال برالي الاستقلال لتوزيع الجوائز برعاية كنعان
  • أخصائية تقدم بدائل صحية للأطفال عن الأغذية المصنعة
  • كانديس أوينز.. اليمينية السوداء التي ناصرت فلسطين وعادت الصهيونية
  • الرئيس عباس يتكفل برعاية الطفل وسام بدران من مخيم جباليا
  • «الهيئة الدولية لدعم فلسطين»: حماية «الأونروا» في غزة واجب للحفاظ على القضية الفلسطينية
  • زيدان: اختيار الرئاسات الثلاثة بيد القوى السياسية العراقية
  • بسبب الثأر جريمة قتل بمركز دمنهور
  • مصرع زوجين وأبنائهما الثلاثة إثر تسرب غاز ببولاق الدكرور