كيف ستدير المعارضة السورية المسلحة مدينة حلب؟
تاريخ النشر: 4th, December 2024 GMT
شمال سوريا- بعد بضعة أيام من سيطرة المعارضة السورية على حلب، كبرى مدن الشمال السوري وعاصمة البلاد الاقتصادية، تسود حالة من الترقب والحذر بين أهالي المدينة، في وقت تشهد فيه غالبية أحيائها حركة شبه اعتيادية وعودة تدريجية لمظاهر الحياة اليومية.
ويبدي سكان حلب -بشكل أساسي- مخاوف من قصف الطيران الحربي الروسي والتابع لنظام الرئيس بشار الأسد، الذي استهدف عدة مناطق بالمدينة منذ إعلان المعارضة بسط سيطرتها عليها، موقعا قتلى وجرحى من المدنيين.
كما شهدت المدينة في الأيام الأولى أزمة خبز حادة سرعان ما تراجعت نسبيا بعد تدخل منظمات وجمعيات أهلية عاملة في إدلب وريف حلب، بتوزيع الآلاف من ربطات الخبز على الأهالي في غالبية أحيائها.
ولا تزال حلب تواجه تحديات كبرى من ناحية تأمين الكهرباء والماء، إذ تشهد معظم الأحياء انقطاعا مستمرا للتيار الكهربائي مقابل تغذية لا تتجاوز ساعتين إلى 3 ساعات في اليوم الواحد، فضلا عن انقطاع مياه الشرب لعدة أيام وبلوغها ساعات في أوقات محددة.
ويقول محمود المنجد، من سكان المدينة، إن الأهالي يتخوفون من قصف الطيران وإنه يخرج لوقت قصير من منزله للحصول على الحاجيات الأساسية من خبز وطعام وشراب لأسرته. ويضيف للجزيرة نت أن مخاوفهم من تعامل مقاتلي المعارضة معهم تبددت بشكل كبير لما شهدوه من حسن معاملة وتسهيل أمورهم من خلال تأمين الخبز والمساعدات.
وأكد موظف حكومي في شركة كهرباء حلب -تحفظ على ذكر اسمه- للجزيرة نت أن الأهالي لديهم مشاعر مختلطة يغلب عليها الخوف من إمكانية أن يعود النظام السوري ويسيطر على المدينة مجددا، ويقوم بعمليات انتقام منهم.
إعلانوعبر صفحاتها الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي، دعت سلطات المعارضة الموظفين الحكوميين إلى العودة إلى عملهم بشكل اعتيادي، في خطوة قالت "حكومة الإنقاذ السورية" المعارضة إنها تهدف إلى تيسير شؤون السكان وتأمين خدماتهم.
في حين شرعت آليات النظافة بترحيل القمامة المتراكمة وتنظيف الطرقات الرئيسية للمدينة، فيما قام نشطاء بإزالة غالبية صور الرئيس بشار الأسد من واجهات الدوائر الحكومية والشوارع، إضافة إلى تحطيم تماثيل الرئيس السابق حافظ الأسد.
وأكد مدير العلاقات العامة في "حكومة الإنقاذ السورية" عبد الرحمن محمد، أنهم يعملون على توفير أساسيات الحياة في حلب كالخبز والمياه والكهرباء، وعلى بسط الأمن والأمان والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة، إضافة إلى فتح الطرقات، وتنظيف الشوارع في كافة أحيائها.
وأضاف للجزيرة نت أن العمل الخدمي في المدينة سيكون عبر عدة مراحل نظرا لتزاحم الأولويات، مع التركيز على أساسيات الحياة للسكان. وأشار إلى تحسن سيطرأ على خدمة الكهرباء في حلب عبر تزويد بعض الأحياء من قبل شركة الكهرباء، ودعم المولدات بالمحروقات اللازمة، إلى حين استقرار الملف بشكل كامل فيها.
وبشأن موظفي المؤسسات الحكومية، شدد محمد على دعوة الجميع للبقاء على رأس عملهم و"التشارك سوية في إعادة مدينة حلب واجهة حضارية وثقافية واقتصادية كما كانت قبل أن يدمرها نظام الأسد".
في أحياء العزيزية والسليمانية والميدان التي تسكنها غالبية مسيحية، تبدو مظاهر استعداد السكان لأعياد رأس السنة والميلاد قائمة بشكل اعتيادي، رغم الحذر الذي يبديه الأهالي من أي حوادث طارئة تعكر صفو احتفالاتهم.
إعلانوترسل سلطات المعارضة تطمينات للأهالي لجهة عدم تدخلها في المعتقدات والطقوس الدينية، إذ أقيم قداس للمرة الأولى، الأحد الماضي، في إحدى كنائس حلب منذ سيطرة المعارضة على المدينة.
وقال أبو جوزيف (66 عاما) من أهالي حي العزيزية، إنه شهد معاملة حسنة من مقاتلي فصائل المعارضة المسلحة التي انتشرت في أطراف الحي، وإنه حصل على الخبز والمياه بشكل مجاني.
وأضاف للجزيرة نت أنه وجيرانه كانوا خائفين بعد علمهم بانسحاب قوات النظام من المدينة ودخول فصائل المعارضة، مشيرا إلى أن الأوضاع الحالية مستقرة، مع مشاكل يواجهها الجميع من حيث غلاء الأسعار وانقطاع الكهرباء والماء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
القره داغي للجزيرة نت: دعوة إلى تشكيل تحالف إسلامي للدفاع عن القدس وفلسطين
الدوحة – كشف رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي محيي الدين القره داغي عن مبادرة للاتحاد لتكوين "التحالف الإسلامي الاقتصادي والعدلي" للدفاع عن القدس وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة، موضحا أنه قدم مشروعا في هذا الإطار للدول الإسلامية والعربية، وينتظر الالتقاء ببعض الرؤساء لمناقشة المشروع.
وأضاف القره داغي في حوار للجزيرة نت، أن ما تشهده غزة والمسجد الأقصى من انتهاكات غير مسبوقة يعكس استغلال الاحتلال الإسرائيلي حالة العجز والصمت الدوليين لتصفية القضية الفلسطينية، وفرض مشروعه للهيمنة على الشرق الأوسط بدعم وتنسيق مباشر مع الولايات المتحدة.
وأكد أن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يعتبر هذه المرحلة فرصة ذهبية لإنهاء ملف المقاومة، وإعادة ترتيب المنطقة وفق أجندته، مشيرا إلى أن العدوان المتواصل على غزة منذ ما يقارب السنتين، والتصعيد داخل باحات المسجد الأقصى، يجري وسط صمت عربي ودولي مؤسف، بل وتواطؤ من بعض الأطراف.
وتاليا نص الحوار:
وجدت دولة الاحتلال، برئاسة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الفرصة الكاملة للقضاء على القضية الفلسطينية وتنظيم شرق أوسط جديد، حسب ما يراه نتنياهو، الذي أعلن أنه سيسافر إلى واشنطن لأجل ذلك الترتيب.
فمن وجهة نظر نتنياهو، تعد الفرصة مواتية للقضاء على هذه القضية وتحقيق السيطرة الكاملة والهيمنة التامة على الشرق الأوسط، بالتنسيق والتعاون والشراكة مع الولايات المتحدة، لتكون شرطي المنطقة نيابة عن أميركا، وبالتعاون معها، والسبب في ذلك هو العجز العربي الواضح جدا؛ بل إن الأمة العربية –ونتكلم عن الحكومات– بين العجز الكامل والصمت.
إضافة إلى صمت الحكومات الغربية، وحتى الحكومات الشرقية مثل الصين وروسيا، فليس لهم موقف حقيقي قوي، بل مجرد إدانة أو شيء من هذا القبيل. وأمام هذه الحالة الغريبة، من الطبيعي أن تنتهز دولة الاحتلال الفرصة وتصعد كل الانتهاكات.
إعلان جماعات الهيكل، التي تدعمها سلطات الاحتلال، خطت خطوات غير مسبوقة في الأقصى في الفترة الأخيرة، وقد نستيقظ بلا أقصى، فما الموقف حينئذ؟فعلا، شهدت خطط جماعات الهيكل خطوات غير مسبوقة في الفترة الأخيرة، وهناك تخوف شديد من هذا الأمر، وقد نستيقظ يوما ما بلا أقصى. وقد شهدنا، لأول مرة، تعطل صلاة الجمعة حينما ضربت طهران، والمظاهرات والاحتفالات التلمودية على أشدها داخل باحات الأقصى.
كما أن تصريح ذلك الصهيوني المجرم، وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، واضح جدا، إذ قال: "القدس لنا، وليس هناك شيء اسمه تقسيم الأقصى، الكل لنا، وغزة لنا، والشرق الأوسط لنا"، هكذا يقولون.
أما العالم العربي، فهو في حالة صمت. فاليوم، إسرائيل ليست في غزة فقط، بل تدخلت في سوريا واحتلت جزءا آخر منها، وتصول وتجول في سماء لبنان، تقتل من تشاء وتدمر ما تشاء، فهو احتلال كامل.
هل يتناسب التحرك العلمائي والشعبي والرسمي لنصرة الأقصى مع تلك الخطوات المتصاعدة من جماعات الهيكل وسلطات الاحتلال؟التحرك الشعبي في العالم العربي ضعيف جدا، ليس على مستوى غزة، ولا على مستوى الأقصى، ولا على مستوى الانتهاكات الخطِرة لدولة الاحتلال. أما التحرك الرسمي في الأمة العربية من هذا الجانب، فعلى ثلاثة مستويات: فهناك دول تسعى بقدر جهدها، ولكنها لا تستطيع أن تفعل شيئاً، وهناك دول صامتة، وهذا هو الغالب، وهناك دول داعمة. هذه هي المواقف الرسمية –مع الأسف الشديد– لنصرة الأقصى، في ظل الخطوات المتسارعة من جماعات الهيكل وسلطات الاحتلال.
أما الموقف الشعبي العالمي، فهو أفضل بألف مرة من موقفنا نحن المسلمين، ولكن الحكومات الغربية، وحتى غير الغربية، لا تزال ليست على المستوى المطلوب. أما الأمم المتحدة، فقد انتهت تقريبا، وأهملها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ولا تستطيع أن تحمي مؤسساتها مثل "أونروا"، فما الذي نتوقعه؟
أما دور العلماء، فالعلماء أيضا على ثلاثة أنواع: علماء أصحاب العمائم واللحى، يعبّرون عما تريده دولة الاحتلال، ويحمّلون حماس المسؤولية، وهو نفس كلام نتنياهو، وهناك علماء ربانيون يدافعون عن القضية بكل صدق، وهناك علماء ساكتون يحافظون على مصالحهم.
نحن، في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، من النوع الذي يسعى بكل جهده، ومنذ "طوفان الأقصى" إلى الآن، لم يتوقف الاتحاد عن المبادرات القولية، والبيانات، والفتاوى، وقد التفت حول الاتحاد جمعيات علمائية في إندونيسيا، وماليزيا، وباكستان، وتركيا، وفي كل العالم الإسلامي.
فنحن لسنا جهة سياسية، ولا عسكرية، ولا دبلوماسية، نحن جهة علمائية شعبية، وفي نظري، إن الاتحاد العالمي، بقدر إمكانياته، بذل كل جهده. ولا شك، لو كان هناك تعاون مع بعض الدول، لاستطعنا فعل المزيد. وقد قدمنا تسعة مقترحات للدول الإسلامية والعربية، ولم يُسمع لنا، بل إنه ليس لنا الحركة المطلوبة المسموح بها في بعض الدول العربية.
ما الدور الذي يجب أن يضطلع به العلماء في الدفاع عن المسجد الأقصى ونصرته؟العلماء يجب عليهم أن يضطلعوا بتحريك الشعب، وبالتوعية والتعبئة. وكما قلت، العلماء على ثلاثة أنواع: منهم مطبّعون، ومنهم صامتون، ومنهم متحرّكون. وإن شاء الله، نحن في الاتحاد العالمي ضمن هذا الجزء، بقدر استطاعتنا.
إعلان كيف نتدارك الإهمال والتقصير تجاه المسجد الأقصى؟هذا ما اقترحته، حقيقة، منذ 9 يناير/كانون الثاني 2024، حيث قدمت مقترحا إلى العالم الإسلامي والعالم كله، لما سميته بـ"حلف الفضول"، وهو شبيه بمنظمة دول عدم الانحياز، وقدمت هذا المشروع إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، وإلى رئيس وزراء ماليزيا، وغيرهما، ويهدف إلى تشكيل حلف من ممثلي 120 أو 140 دولة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وذلك قبل أكثر من عام ونصف عام، ولكن إلى الآن، لا مجيب، مع الأسف الشديد.
وقبل فترة وجيزة، قمت بتطوير هذا المطلب، وطلبت تكوين "تحالف إسلامي اقتصادي وعدلي"، وقدمت مشروعا في هذا المجال أيضا. وإن شاء الله، الآن ننتظر أن نلتقي ببعض الرؤساء في هذا المشروع.
الآن، اليد الطولى فعلاً لدولة الاحتلال، تصل إلى كل مكان، وتدمر من لم يستجب لها. فقد قدمنا هذا المشروع، وهو المشروع الوحيد الذي ينقذ الأمة، ومشكلتنا في تفرقنا، وفي عجزنا.
كيف نُفعّل الوعي الشعبي تجاه ما يتعرض له الأقصى؟يجب علينا أن نقوم بتفعيل الوعي الشعبي، من خلال الجانب الديني، ومن خلال ما ذكره القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ثم ما قاله علماؤنا وقادتنا السابقون من خطورة هذا الوضع. وإذا بقينا على هذا الحال، سننتهي تمامًا، ولن تبقى لنا قوة ولا قدرة، حتى على إدارة أموالنا، وستُفرض علينا إتاوات تحت أي اسم آخر. فلذلك، يجب أن نفعّل هذا الوعي الشعبي، بل نوصل هذا الوعي إلى قادة الأمة الإسلامية والعربية، ونستثمر هذه الجهود، إضافة إلى التاريخ، والواقع.
ما الخطوات العملية التي يمكن أن يقوم بها المسلمون في مختلف أنحاء العالم نصرة للأقصى؟الخطوات العملية –في نظري– تقسم وفق مكونات الأمة الإسلامية، فبالنسبة لما يخص الدول، يجب اتخاذ خطوات عملية لتحقيق التحالف. أما بالنسبة للعلماء، فالمطلوب هو وحدة العلماء المسلمين وتفعيل دور الجمعيات العلمائية. وبالنسبة للشعوب، ينبغي تطوير وتقوية أدوات الضغط، من خلال المظاهرات المنظمة والفعالة، والضغط على الحكومات والسفارات، وكل ذلك يمكن أن يُوضع في إطار خطة إستراتيجية واضحة وموزعة المهام.
كيف يمكن توجيه الدعم الشعبي والمؤسساتي لخدمة قضيته؟لا شك أن توجيه الدعم الشعبي والمؤسساتي لخدمة القضية ممكن، من خلال خطة إستراتيجية شاملة، تغطي مختلف أنواع الدعم، مثل الدعم السياسي، والدبلوماسي، والاقتصادي، والخيري، والتعليمي، والدعم المظاهراتي، وغيرها من أشكال الدعم، ونحن بحاجة حقيقية إلى توسيع دائرة الدعم.
ما الكلمة التي توجهونها للأمة الإسلامية والعلماء والمؤسسات الدينية عن المسجد الأقصى في هذه المرحلة الحرجة؟كلمتي هي، إننا نقف اليوم أمام خطر وجودي، لا سيما في فلسطين. فيا أمة الإسلام، هل تقبلون بأن تنتهي هذه القضية؟ هل تقبلون بأن تنتزع منكم قبلتكم الأولى التي حررها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وأخذ فيها العهد، ووقع الاتفاقية مع المسيحيين، ثم حررها بعده صلاح الدين الأيوبي، بدماء عشرات الآلاف من خيار الناس من العلماء والقادة والمجاهدين؟ فهل تقبلون أن تُسلَّم قبلتكم الأولى لهؤلاء المحتلين النازيين المجرمين؟ هذا هو الجانب الأول.
أما الجانب الثاني: فأين إحساسكم الإسلامي؟ كما قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". فبيننا وبين فلسطين، وبيننا وبين غزة، علاقة الجسد الواحد.
ثم أوجه كلمتي إلى قادة أمتنا الإسلامية: فوالذي نفسي بيده، إن لم تتحركوا، وإن لم تدافعوا، وإن لم تتوحدوا وتتحالفوا تحالفا حقيقيًا، عسكريا واقتصاديا، فوالله ستتغير فعليا معالم الشرق الأوسط، وستكونون أول الضحايا لهذا التغيير، على يد أولئك المجرمين الذين لا يعرفون حقا ولا ذمة. هؤلاء يبدؤون بالمعارضين، ثم بالصامتين، ثم حتى بالمؤيدين. فهم لا يقبلون بوجود دولة ولا قوة يمكن أن تقف في وجوههم.
إعلان