هل يؤثر توسع المعارضة السورية على إستراتيجية الصين بالمنطقة؟
تاريخ النشر: 7th, December 2024 GMT
بكين- في مؤتمر صحفي لمجلس الأمن حول العراق أمس الجمعة، قال غينغ شوانغ نائب الممثل الدائم للصين لدى الأمم المتحدة إن بكين تشعر بالقلق تجاه التأثير المحتمل للتطورات الأخيرة في سوريا على العراق، وتدعم حكومته المركزية وحكومة إقليم كردستان في مواصلتهما تعزيز الحوار والتشاور بشأن القضايا العالقة والبحث عن حلول مستدامة.
ونشرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، أمس الجمعة، دعوة صينية رسمية لرعايا بكين في سوريا لمغادرتها في أقرب فرصة ممكنة، وأكد المتحدث باسم الخارجية الصينية لين جيان -في مؤتمر صحفي في اليوم نفسه- أن بلاده تراقب عن كثب التطورات في سوريا وتأمل أن يستعيد البلد استقراره قريبا.
من جانبها، أصدرت السفارة الصينية في دمشق تذكيرا عاجلا قبل يومين نصحت فيه مواطنيها بالعودة أو مغادرة البلاد سريعا، واصفة الوضع الميداني لعملية "ردع العدوان" بـ"المتوتر وأنه يزداد تدهورا".
ظروف استثنائيةويحذر دبلوماسيون صينيون من أنه "نظرا لهذه الظروف الاستثنائية، فقد يواجه المواطنون الصينيون الذي يصرون على السفر إلى المناطق المتضررة أو البقاء فيها مخاطر أمنية عالية للغاية، مما قد يؤثر أيضا على إمكانية تلقيهم أي عون".
كما نشرت الصحيفة ذاتها، اليوم السبت، مقالا لأليساندرو أردوينو، محاضر بمعهد لاو الصيني في كلية الملك بلندن، قال فيه إن "سقوط مدينة حلب بيد قوات الثوار السوريين سيكون له آثار بعيدة على إستراتيجية الصين في الشرق الأوسط".
إعلانوأضاف "في حين قد تظهر الصين اهتماما هامشيا بنظام الرئيس بشار الأسد، فإن تداعيات الأزمة السورية ستمتد بلا شك إلى ما هو أبعد من المنطقة المحيطة بشكل مباشر، ورغم دعوة دمشق الشركات الصينية لريادة أعمال إعادة الإعمار في البلاد، فإن تجدد عدم الاستقرار يجعل أي مشاركة كبيرة من قبل هذه الشركات المملوكة من قبل الدولة غير مرجحة في المستقبل القريب".
لكن الكاتب لم يذهب في تحليله بعيدا إلى إمكانية أن يتواصل الدور الصيني في القيام بمشاريع عمرانية وتبادل تجاري مع سوريا إذا ما حصل فيها تغيير سياسي، خاصة أن المعارضة السورية تؤكد في خطابها على تطلعها لبناء علاقات خارجية بناءة وتعاونية.
ويضيف أن بكين كانت قد أظهرت في السابق دعمها للأسد عبر استضافته في مدينة هانغتشو أثناء موسم الألعاب الآسيوية العام الماضي، داعية إلى تسوية سياسية "بقيادة سورية ومملوكة لسوريا"، كما أعلن الرئيس شي جين بينغ والأسد عن شراكة إستراتيجية بين بلديهما.
مخاوفوأشار أليساندرو إلى "مخاوف الصين من انتفاضة تشبه الربيع العربي ومن انضمام الإيغور -المسلمين من سكان إقليم شنغيانغ– إلى الجماعات الجهادية في سوريا". وتحدث عن "ارتباط الأهداف المباشرة لاستثمارات بكين بأهمية مينائي طرطوس واللاذقية، وقيمتهما الإستراتيجية بسبب قربهما من محطات الحاويات الرئيسية، التي تشكل جزءا لا يتجزأ من مبادرة الحزام والطريق الصينية".
وقال "تؤدي سوريا دورا مهما في إستراتيجية الصين لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط، فهي تسعى إلى ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة. لكن تجدد أعمال العنف والتقدم السريع لقوات الثوار وضع توقعاتها على المحك وقد يوقف الطموحات الإقليمية على المدى القريب والبعيد".
وبشأن تعامل بكين مع التوسع الجغرافي للمعارضة السورية المسلحة، يقول كاتب المقال إنها تتبنى نهج "الانتظار والترقب" متسائلا عن أي تواصل صيني تركي في الشأن السوري. ويرى أن الوضع السوري "يسلط الضوء على معادلة العلاقة المتوترة بين سياسة عدم التدخل التي تنتهجها الصين وبين دورها المتزايد في الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط".
إعلانويختم بالقول إن سقوط حلب يسلط الضوء على مدى نفوذ الصين بالمنطقة المعتمد أولا على القوة الاقتصادية، ويطرح تساؤلات عن توازنات تطلعاتها لقيادة دول عالم الجنوب عبر مجموعات مثل بريكس ومنظمة شنغهاي للتعاون، مع ترددها في اتخاذ إجراءات حاسمة. وإن تجدد الفوضى في سوريا ينال من التوازن الإقليمي الهش، كما يقدم المشهد في الشرق الأوسط تحديا لقدرة بكين على الانتقال من الدبلوماسية الرمزية إلى العملية.
ورغم أهمية سوريا من حيث الجغرافيا الاقتصادية والسكانية والتجارية، فإن للصين حضورا في مرافئ ومدن دول عربية وأفريقية وآسيوية أخرى عديدة. ويمكن أن تؤدي الأوضاع في سوريا إلى تعزيز اعتماد بكين وشركاتها بصورة أكبر على بدائل في دول أخرى بالمنطقة لبعض الوقت، سواء كان ذلك لشهور أو سنوات إذا ما تأثرت -فرضا- العلاقات الصينية السورية في الأشهر المقبلة.
الشريك الأكبروتشير الأرقام الرسمية المنشورة في صحيفة الشعب اليومية، في مايو/أيار الماضي، إلى أن الصين هي الشريك التجاري الأكبر للدول العربية اليوم، وقد لا يؤثر تراجع حضورها في سوريا -لفترة وجيزة- كثيرا على ذلك التواصل التجاري والاستثماري ككل مع الدول العربية.
وارتفعت قيمة التبادل التجاري من 36.7 مليار دولار في عام 2004، إلى 398 مليار دولار في عام 2023، وهو صعود بنسبة تجاوزت الـ800%، خلال عقدين من الزمن، وتجاوز حجم الاستثمارات المباشرة بين الصين والعالم العربي أكثر من 30 مليار دولار العام الماضي، حسب هذه الصحيفة الرسمية.
ونقلت وكالة شينخوا للأنباء الرسمية، عن الإدارة العامة للجمارك الصينية في تقرير لها بمايو/أيار الماضي، أن التبادل التجاري بين بكين والدول العربية مثّل 7% من تجارتها الخارجية مطلع هذا العام، وفي مقدمة تلك الدول قطر والعراق وعمان والإمارات ومصر والسعودية، وتمثل حصتها 84.8% من مجموع التبادل التجاري الصيني مع كل الدول العربية، وفق المصدر نفسه.
إعلانوبينما تُصدّر بكين كل ما تنتجه مصانعها التقنية والكهربائية والاستهلاكية والمنزلية، فإن الدول العربية تمثل 38% من استهلاكها من مصادر الطاقة كالنفط والغاز حسب أرقام الأشهر الأربعة الأولى من هذا العام.
وقبل بضعة أيام، أبرمت مؤسسة "قطر للطاقة" وشركة شل اتفاقا جديدا طويل الأمد يتم بموجبه تزويد الصين بـ3 ملايين طن سنويا من الغاز الطبيعي المسال. وحسب بيان المؤسسة، فإن عمليات تسليم هذا الغاز تبدأ اعتبارا من يناير/كانون الثاني 2025، وهو ما يسلط الضوء على النمو المستمر لسوق هذه المادة في الصين، والتي يتوقع لها أن تكون الأكبر في العالم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات فی الشرق الأوسط الدول العربیة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
بعد رصد إصابات بالحمى القلاعية بالمنطقة.. خطط احترازية لحماية الثروة الحيوانية بمصر
أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ممثلة في الهيئة العامة للخدمات البيطرية، حالة الاستعداد القصوى، وتفعيل أنشطة الإنذار المبكر والخطط الاحترازية لحماية الثروة الحيوانية من الأمراض الوبائية والعابرة للحدود، وخاصة مرض الحمى القلاعية وعترة "سات 1".
يأتي ذلك تنفيذًا لتوجيهات علاء فاروق وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بالمتابعة المستمرة لتطورات الموقف الوبائي الإقليمي والدولي، واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الثروة الحيوانية في مصر من خلال الهيئة العامة للخدمات البيطرية ومديريات الطب البيطري بالمحافظات، وخاصة بعد رصد انتشار العترة "سات 1" المتسارع في عدة دول بالمنطقة.
وتلقى وزير الزراعة تقريرًا مفصلًا من الدكتور حامد الأقنص رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، استعرض من خلاله الخطط الاستباقية للهيئة وإداراتها المركزية ومديريات الطب البيطري بالمحافظات لحماية الثروة الحيوانية المصرية.
ووفقًا للتقرير، تم رصد حالات إصابة مؤكدة بالعترة "سات 1" في دول: العراق والبحرين والكويت وتركيا، وذلك بحسب التقارير الصادرة عن المعامل المرجعية العالمية وموقع المنظمة العالمية للصحة الحيوانية، كما لوحظ تطابق جيني بين المعزولات في تلك المنطقة وبين المعزولات المتوطنة ببعض الدول الإفريقية، مما يشير إلى مسار وبائي نشط لتلك العترة والذي قد يكون مرتبطًا بحركة الحيوانات أو منتجاتها أو الحركة غير الشرعية بين حدود الدول، وخصوصًا وأن فيروس الحمى القلاعية فيروس سريع الانتشار.
وأكد رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية، أن الموقف الوبائي في مصر مستقر تماما، ومطمئن، كما أن اللقاحات والأمصال متوافرة ولا يوجد أي مشكلات بها، ذلك فضلا عن الحملات القومية الدورية للتحصين التي تطلقها الهيئة بجميع القرى والنجوع في كافة محافظات الجمهورية، لحماية الثروة الحيوانية ودعم صغار المربين.
وأوضح الأقنص أنه تم التحرك السريع والعاجل من خلال خطة تحركات استباقية للإدارة المركزية للطب الوقائي وإدارة الوبائيات ولجميع مديريات الطب البيطري في المحافظات لحماية الثروة الحيوانية المصرية من الأمراض الوبائية والعابرة للحدود، وخاصة مرض الحمى القلاعية وعترة "سات 1"، وذلك في إطار الانذار المبكر، والاجراءات الاحترازية.
وأشار إلى انه تم رفع درجة التأهب بكافة مديريات الطب البيطري على مستوى الجمهورية لفرق الترصد الوبائي لرصد أي اشتباه أو بؤر محتملة وسرعة الاستجابة وسحب العينات للفحص المعملي لأي حالة قد يتم الاشتباه بها، خاصة في الأسواق والمحافظات الحدودية والأماكن الأعلى خطورة والتي تُحدَّد باستخدام برامج ونظم المعلومات الجغرافية، فضلًا عن تحديث خطط التقصي الإكلينيكي النشط بناءً على المستجدات الحالية لرصد أية حالة اشتباه طبقًا لتعريف الحالة المرضية بجانب القيام بمأموريات حقلية للمتابعة.
واكد الأقنص استمرار المتابعة للموقف الوبائي الإقليمي والدولي من خلال المواقع الرسمية والإخبارية للمنظمات الدولية المعنية بالصحة الحيوانية. كما يتم التأكيد على الحد من الحركة غير الشرعية للحيوانات بواسطة الجهات المعنية ومواصلة إطلاعهم على أحدث المستجدات الوبائية الإقليمية، فضلًا عن التنسيق مع كافة منافذ الحجر البيطري والموانئ لفحص واردات الحيوانات ومنتجاتها ومتابعة حركة التجارة الحيوانية الإقليمية، مع متابعة الموقف الوبائي للدول الموردة والتأكيد على اتخاذ كافة الاشتراطات والإجراءات المحجرية المعتمدة مع ما يتم استيراده.
وقال إن الخطة الاستباقية تشمل أيضًا تعزيز قدرات المعامل البيطرية للفحص المعملي لتحديد نمط العترات التي قد يتم رصدها، إضافة إلى تدعيم المخزون الاستراتيجي من اللقاحات لضمان الجاهزية والاستعداد، لافتًا إلى أنه من المقرر أيضًا إطلاق حملات إرشادية ميدانية وتوعوية في كافة المحافظات لرفع وعي المربين.
وأكد رئيس الهيئة العامة للخدمات البيطرية أن المربين هم خط الدفاع الأول، وأنه يجب عليهم الإبلاغ الفوري عن أية حالات اشتباه بأعراض مرضية والالتزام بالتحصين والتسجيل وفق البرامج الوقائية المتبعة وكذلك تطبيق اشتراطات الأمن الحيوي وعزل الحيوانات المشتراة حديثًا، مشيرًا إلى أن حماية الثروة الحيوانية والأمن الغذائي مسؤولية وطنية مشتركة.
وقال إن الهيئة تتلقى البلاغات حول أي اشتباهات مرضية من خلال الخط الساخن 19561، والذي يتم من خلاله أيضًا تقديم خدمات الدعم الفني للمربين.