إفيه يكتبه روبير الفارس: "التفسير ممنوع"
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
في زيارة قصيرة إلى دولة الأردن الشقيقة، أصرّ الأصدقاء الأعزاء هناك أن أزور جبل نيبو، الذي يبعد عن العاصمة عمان حوالي 41 كيلومترًا، أقرب محافظة أردنية له هي مادبا، ويطل على البحر الميت، مما يتيح لأي زائر عند الصعود إلى قمته أن يشاهد أراضي فلسطين بوضوح، يعد جبل نيبو مزارًا دينيًا مقدسًا لليهود والمسيحيين والمسلمين، إذ يكرم الجميع النبي موسى عليه السلام.
وفقًا لسفر التثنية في التوراة، اختُتمت حياة النبي موسى على هذا الجبل، حيث وجّه الله موسى للصعود إليه وهناك توفي. يسود الاعتقاد أن الله أخفى جسده حتى لا يتخذه بنو إسرائيل موضعًا للعبادة، وهو أمر غير مستبعد على شعب سبق وأن عبد العجل الذهبي. لذا يُطلق على المكان لقب "مقام النبي موسى" وليس "قبر النبي موسى"، إذ لا يُعرف له قبر محدد. هذه الظاهرة ليست نادرة، فكثير من الشخصيات التاريخية "القلقة" كالإسكندر الأكبر وأخناتون لم يُعرف لهم قبر أيضًا.
رغم استمتاعي الكبير بزيارة هذا المكان الساحر، فإن دهشتي بلغت ذروتها عند قراءة لوحة تعليمات زيارة المقام والكنيسة الموجودة فيه. تحت عنوان "قواعد الموقع"، كُتب: "يمنع خلع أو إيذاء أشجار الزيتون، التفسيرات ممنوعة داخل الكنيسة، الكنيسة مخصصة للزيارة والصلاة والصمت، ممنوع التدخين واستهلاك المواد الغذائية في هذه المنطقة".
التقطت صورة لهذه اللوحة العجيبة وبقيت طوال إقامتي في الأردن أفكر في عبارة "التفسيرات ممنوعة". أخذت أتساءل: ماذا لو تعاملنا مع النصوص الدينية بفهم قلبي فردي، دون تلك المجلدات الضخمة والمتناقضة التي تملأ رفوف المكتبات؟ كيف كانت ستكون حياتنا لو لم تؤدِ تفسيرات النصوص إلى إشعال حروب دينية ما زالت مستمرة حتى اليوم؟
كم من الأشخاص اكتسبوا قداسة ومكانة بسبب لقب "العالم الجليل" و"حجة التفسير"، وكم آخرين فقدوا حياتهم بسبب تفسير متشدد، تبنته جماعات أصولية مثل ابن تيمية، والمودودي، وسيد قطب، الذين قادت أفكارهم إلى مقتل الآلاف؟
بل إن الكثير من النصوص الدينية فقدت معناها بسبب انتزاعها من سياقها الزماني والمكاني، ما أدى إلى تفاسير متناقضة يعتقد كل مفسر أنها الوحيدة الصحيحة للنص الصامت. وكم من البشر عاشوا أيامًا ضائعة بسبب التفسيرات، أو تألموا لضيق الفهم وغياب الاطلاع على لغة النص الأصلية!
خذ مثالًا من الكنيسة القبطية الأرثوذكسية: عندما أصر البابا شنودة على تفسير مقتطع للآية "لا طلاق إلا لعلة الزنا". قبل وصوله إلى الكرسي البابوي عام 1971، كانت هناك لائحة التطليق لعام 1938 تضم أسبابًا متعددة للطلاق، مثل الأمراض المستعصية، والجنون، والسجن، وكانت مطبقة على نطاق واسع. الأنبا بولس، أسقف حلوان،الذي رسم أسقفا علي يد البابا كيرلس السادس استمر في تطبيق هذه اللائحة حتى أوقفه البابا شنودة، الذي اعتبرها مخالفة للإنجيل. الأمر الذي يثير خلط عجيب في داخل كل قبطي فكيف للقديس مثل البابا كيرلس يترك الاسقف يطبق اللائحة وهي ضد الانجيل كما فسر البابا شنودة فيما بعد ولكن بعد سنوات، اعترف البابا الحالي وبعض الأساقفة أن تفسير "لا طلاق إلا لعلة الزنا" كان خاصًا بالبابا شنودة! أليس من المدهش أن يستمر القبطي في حيرة وجدانية بين قرارات متناقضة تصدر عن قياداته الدينية؟
كم كانت حياتنا ستصبح أبسط وأقل صراعًا لو تبنينا قاعدة "التفسير ممنوع". شاركتكم هذا التأمل، فقط لأسمع تعليقاتكم حول هذه القاعدة الغريبة عنا تمامًا.
إفيه قبل الوداع
فتحت الجوابات لقيت المرسل إليه موسى وأنا اسمي موسى..
قريت مرة واتنين مفهمتش حاجة، بس حسيت إنها معلومات مهمة
(عبد الرحمن أبو زهرة لأحمد زكي في فيلم "أرض الخوف")
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الأردن دولة الأردن عمان فلسطين البابا شنودة النبی موسى
إقرأ أيضاً:
هل صحيح شهر صفر نحس؟.. النبي نهى عنه للوقاية من هذه المصيبة
لعل ما يطرح السؤال عن هل صحيح شهر صفر نحس أو منحوس ؟ ، هو تلك التوجسات الكثيرة حول شؤم هذا الشهر العربي، فنجد أنه على تلك القصص والروايات الشائعة بين الكثير من الناس يتغذى استفهام هل صحيح شهر صفر نحس أو منحوس ؟ ، ويزيد طرحه بين العامة خاصة وأننا نشهده منذ أسبوع، من هنا ينبغي معرفة حقيقة هل صحيح شهر صفر نحس أو منحوس ؟ يستدعي الاستعاذة منه، أم أنها مجرد خرافات.
ورد عن مسألة هل صحيح شهر صفر نحس أو منحوس ؟، أن التشاؤم بصفر من أمر الجاهلية قبل الإسلام، ولا يجوز ذلك، بل هو كسائر الشهور ليس عنده خير ولا شر، وإنما الخير من الله سبحانه، والشر بتقديره، وقد صح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أبطل ذلك فقال: لا عدوى، ولا طيرة، ولا هامة، ولا صفر متفق على صحته، فلا ربط بين النحوسية وبين شهر صفر إلا كموروث جاهلي لازلنا نعاني منه.
وورد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أبطل التشاؤم بصفر، سواء أريد بذلك الشهر نفسه، أو أريد بذلك ما قاله بعض العرب من وجود دابة في البطن مؤذية يقال لها: صفر، وفي كل حال هذا كله لا أساس له، ولا صحة له، والنبي -صلى الله عليه وسلم- أبطلها ومعنى ذلك إبطال هذه العادة السيئة، وهي التشاؤم بصفر، أو التشاؤم بغير ذلك من الشهور، فالشهور كلها محل طاعة، ومحل عبادة لله تعالى فليس فيها شيء يتشاءم منه، لا صفر ولا غيره.
وجاء أن التشاؤم فيه يرجع للجاهلية قبل الإسلام ؛ إذ إن صفر يأتي بعد ثلاثة من الشهور الحرم، فكان يعود القتال بين العرب فيكثر القتل وتزداد الغارات ،فكانت الناس تتشاءم من دخوله؛ خوفاً من هذه الحروب والقتل، وما يترتب عليها من فقدان الأعزة، فسَرَت فكرة الشؤم وظلت راسخة إلى ما بعد الإسلام وتطورت في ثقافات معينة بشكل خاص فأوجدوا لها علاجات ما أنزل الله بها من سلطان، ككسر الفخار والبيض ، وحرق الخشب، وهي أمور لم يشر إليها الإسلام بتاتا .
وإذا فحصنا أكثر في هذه الفكرة في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام ) فإننا لا نجد أي دليل معتبر يعضد هذه الفكرة، بل نجد أن أهل البيت (عليهم السلام ) حاربوا فكرة نحوسية الأيام، كقول النبي (صلّى الله عليه وآله): لا تعادوا الأيام فتعاديكم، وبحسب البحث لم نجد أي رواية معتبرة تفيد أن شهر صفر نحس أو شهر شؤم بل، نجده شهر كباقي شهور السنة.
وورد أن الصدقة مستحبة لدفع البلاء طوال أيام الأسبوع والشهر والسنة، وليس مختصاً بصفر ،والتوكل والثقة بالله هما الركيزتان الأساسيتان في هذا المجال .
مكروهات شهر صفرعُرف شهر صفر عند العرب في الجاهلية أنه شهر "التشاؤم"، لأن روح القتيل كانت ترفرف على قبر القتيل وتقول لأهله خذوا بثأري، واختلف في سبب تسميته بهذا الاسم فقيل: لإصفار مكة من أهلها، أي: خلوها إذا سافروا فيه، وقيل: سموا الشهر صفرا لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صفرا من المتاع أي: يسلبونه متاعه، فيصبح لا متاع له.
وجاء في الحديث النبوي بشأن مكروهات شهر صفر عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر"، فالمقصود بصفر شهر صفر، كانت العرب يتشاءمون به ولا سيما في النكاح، فقيل إنه داء في البطن يصيب الإبل وينتقل من بعير إلى اخر والأقرب أن صفر يعنى الشهر، وأن المراد نفي كونه مشؤوما ؛ أي: لا شؤم فيه، وهو كغيره من الأزمان يقدر فيه الخير ويقدر فيه الشر.
وجاء عن التشاؤم بشهر صفر -الذي هو أحد أشهر السنة الهجرية لزعم أنه شهر يكثر فيه الدواهي والفتن- هو من الأمور التي نهى عنها النص النبوي الشريف. فقد ورد النّهي النبوي عن التشاؤم من بعض الأزمنة والشهور خاصة؛ وذلك كما في "الصحيحين" عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ». وفي رواية أخرى للبخاري: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَر».
ويقول الإمام ابن عبد البر القرطبي في "الاستذكار" (8/ 424، ط. دار الكتب العلمية-بيروت): [وأما قوله: "ولا صَفَرَ" فقال ابن وهب: هو من الصفار يكون بالإنسان حتى يقتله، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يقتل الصفار أحدًا. وقال آخرون: هو شهرُ صَفَرَ كانوا يُحلِّونه عامًا ويُحَرِّمونه عامًا، وذكر ابن القاسم عن مالك مثل ذلك] اهـ.
وقال الإمام الطيبي في "شرح المشكاة" (9/ 2980، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز): [«ولا صفر» قال أبو داود في "سننه": قال بقية: سألت محمد بن راشد عنه فقال: كانوا يتشاءمون بدخول صفر، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لا صفر". قال: وسمعت مَن يقول: هو وجعٌ يأخذ في البطن، يزعمون أنه يُعْدِي. قال أبو داود: قال مالك: كان أهل الجاهلية يحلون صفرًا عامًا ويحرمونه عامًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا صَفَرَ»] اهـ.
شهر صفريعد شهر صفر هو أحد الشهور الإثنى عشر الهجرية وهو الشهر الذي بعد المحرم ، قال بعضهم : سمِّي بذلك لإصفار مكَّة من أهلها ( أي خلّوها من أهلها ) إذا سافروا فيه ، وقيل : سَمَّوا الشهر صفراً لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل فيتركون من لقوا صِفْراً من المتاع ( أي يسلبونه متاعه فيصبح لا متاع له ) .
يعد صفر هو الشهر الثاني وفق التقويم الهجري، وسُمِّي بهذا الاسم نحو عام 412 م في عهد كلاب بن مُرَّة الجد الخامس للرسول -صلى الله عليه وسلم -.
وورد في تسميته بهذا الاسم عدة آراء، منها ما يقول إنه اكتسب هذا الاسم لأن العرب كانوا يغيرون فيه على بلاد يُقال لها الصَّفَرِيَّة، بينما يقول آخرون: إن الاسم مأخوذ من اسم أسواق كانت في جنوبي الجزيرة العربية ببلاد اليمن تُسمى الصَّفَرِيَّة، كان العرب يرتحلون إليها ويبتاعون منها. ويُقال إنه سُمي صفرًا لأنه يعقب شهر الله المحرم ـ وهو من الأشهر الحرم ـ وكانت البلاد تخلو من أهلها لخروجهم إلى الحرب.
وجاء في اللغة صَفِرَ الإناءُ أي خلا، ومنه ¸صِفْر اليدين·، أي خالي اليدين، لا يملك شيئًا. وقال بعضهم إنما سُمي صفر صفرًا لإصفار مكة من أهلها إذا سافروا عقب الأشهر الحرم فأخلوا مكة وارتحلوا إلى مضارب قبائلهم.
ويقول رؤبة إنهم أطلقوا عليه هذا الاسم لأنهم كانوا يغزون فيه القبائل، فيتركون من أغاروا عليهم صِفْرًا من المتاع، وذلك لأن صفرًا يلي المحرم. وكان العرب يقولون: أعوذ بالله من صفر الإناء وقرع الفناء، ويعنون بذلك هلاك المواشي وخلوّ ربوعهم منها. وكان من عادة العرب قبل الإسلام، تأجيل حرمة المحرّم إلى صفر، ويسمى هذا التأجيل النّسيء، وكانوا يطلقون على الليلة التي بينه وبين آخر المحرم ـ إذا كانوا لا يدرون أهي من هذا أم ذاك ـ اسم الفلتة. وكانوا إذا جمعوا المحرم مع صفر قالوا: الصّفران.
ولم تكن العرب قبل الإسلام تعرف العُمْرة في أشهر الحج ولا صفر، بل كانت العمرة فيها عندهم من أفجر الفجور، وكانوا يقولون: إذا انسلخ صفر، ونَبَتَ الوبر، وعفا الأثر، وبرأ الدّبر حلّت العمرة لمن اعتمر.