ختان الإناث جريمة ضد الإنسانية
تاريخ النشر: 14th, December 2024 GMT
«بالطو أبيض ضد ختان الإناث».. ليس مجرد شعار أوكلمات تجلب العطف والشفقة، بل هو صوت الحق والضمير من جانب الأطباء والمجتمع المدني، وكل من يحمل راية الإنسانية ضد هذه الجريمة المتكاملة الأركان، التي تعصف بحقوق الفتيات بأسم العادات والتقاليد المهينة للأدمية، والمذلة لأي فتاه تتعرض لها، ختان الإناث تلك الجريمة المستترة داخل غطاء التقاليد.
ختان الإناث، أو كما يعرف علميا بتشوية الأعضاء التناسلية الأنثوية، لا يعتبر فقط تعدياً جسدياً بل يحمل معه إعتداء نفسي، وقتل للبرائة الطفولة، وأبشع ذكري ممكن أن تتعرض لها أي فتاه، وجاء إعلان وزارة الصحة والسكان لبدء فعاليات مؤتمر «بالطو أبيض ضد ختان الإناث» بمثابة تأكيد لجهود الدولة للتصدي لهذه الممارسات والإنتهاكات المباشرة التي تتعرض لها الفتيات وتعصف بحقوق الإنسانية بأكملها، ويجسد المؤتمر أيضا رؤية الدولة لخلق بيئة آمنة لجميع الفتيات في مصر، ويظهر رؤية الوطن والقيادة السياسية حماية وصون حقوق الفتيات والاعتزاز بالمرأة المصرية وجعل كرامتها في الصدارة، من أجل مستقبل مشرق وآمن لكل فتاه في مصر.
ويستهدف المؤتمر التأكيد علي الرفض الطبي الكامل لختان الإناث، كما يؤكد علي العقوبات القانونية المشددة ضد من يشارك في هذة الجريمة سواء كان طبيبا أو أفراد، ضرورة التوعية المستدامة خاصة داخل المناطق الريفية والمجتمعات التي تنتشر فيها هذة العادة الأثمة.
من أين جاءت ظاهرة ختان الإناث..
أصل هذة الفكرة، هو ممارسة قديمة تعود جذورها إلي آلاف السنين، ويرتبط تاريخها عبر الهجرات والتبادل الثقافي خاصة في مناطق أفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا، ومع الوقت أصبحت عادة إجتماعية تمارس في غياب المعتقدات الأصيلة التي بررت ودعمت وجود تلك الظاهرة العنيفة.
وانتشر أيضا في بعض المجتمعات الإفريقية كجزء من العادات القبليه والطقوس الدينيه وفي أيضا المجتمعات القديمة، أرتبط ختان الإناث بفكره ( الطهارة، والنقاء ) وفي بعض الثقافات الأخري ارتبط ختان الإناث بمكانة إجتماعية مرموقة وكانوا يتصورون أنها تكون أكثر قبولاً للزواج، وأيضا استخدمت التفسيرات المغلوطة لتبرير ختان الإناث علي أنه واجب ديني رغم أن المؤسسات الدينية الكبري تؤكد علي عدم وجود أي نصوص دينية تدعو لذلك، وأيضا ساهم الإستعمار والتداخل الثقافي والإقتصادي بين الشعوب في إنتشار ختان الإناث، وفي بعض المناطق أعتبر ختان الإناث وسيلة لتميز المجتمعات المحلية عن الثقافات الأجنبية.
وعن أسباب إستمرار الظاهرة.. ترجع للعادات والتقاليد، والخوف من كسر التقاليد والعادات، جعل العديد من المجتمعات تتمسك بهذه الظاهرة مع الجهل والضغوط الإجتماعية ساهمت في إنتشار هذه الجريمة.
فرغم القوانين، والعقوبات المشددة، مازال الطريق طويلاً للقضاء علي هذه العادة، النجاح يعتمد علي تضافر جميع الجهات المعنية ( الحكومة والمؤسسات الدينية والمجتمع المدني وتوعية الأسر بكافة أشكال التوعية ) بأن هذا الطريق ليس طريقاً للطهارة كما يعتقده البعض ولا طريق لنجاة الفتاه، بل هو إعتداء جسيم في حق الفتاه جسدياً ونفسياً، ويعرضها لصدمات نفسية وأيضا مشاكل جسدية، أنها ليست مسألة تقاليد بل قضية ضمير ومسؤولية، وعلينا جميعا أن نصغي لصرخات من تعرضن لهذا الجرم البين، وأن نكون صوتا لمن لا صوت لهم، فلنحمل علي عاتقنا جميعاً راية التغيير، ونغرس في قلوبنا الرحمة، علينا أن نعيد تعريف موروثتنا بما يليق بإنسانيتنا.
وفي الختام.. إلى كل أب وأم علينا جميعا أن نتذكر أننا الحصن الأول لبناتنا، ومن واجبنا حمايتهن وصون النفس والجسد والروح لهن، فلا نكون سبب في زرع ندوب داخل قلوبهن وحياتهن، ويجب علينا أن نحميهم بكل مانملك بالحب والحنان والرعاية والإهتمام بالإستماع والإنصات لكل مشكلة أو ألم يعصف بهن، ولنكن الدرع الواقي والقلب الحنون والسند الحقيقي، نزرع فيهن حب الحياء نشغل أوقاتهن بكل ثمين وغالي، نجعلهم محصنين بالقرب من الله تبارك وتعالي، والإيمان الحقيقي الذي يجعلهن في حصن منيع، فلنكن صوتاً للعقل والرحمة، فالحب والعطف والرعاية هما الإرث الحقيقي معهن الذي يبقي داخل قلوبهن للأبد، فنتكاتف جميعاً لنتصدي لكل من يسلب الفرد حقه في الحياة الكريمة والأمان الجسدي.
اللهم احمي من العادات الغاشمة، التي تنال من اجسادهن، وأرواحهن، واجعل لهن حصنا من الأهل اللذين يدركون قيمة الرحمة وواجب الرعاية للأبناء.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: ختان الاناث ختان الإناث
إقرأ أيضاً:
مقتل دبلوماسيين وتقرير عن الإخوان المسلمين.. هكذا غيّرت غزة الغرب إلى الأبد
لم يعد الصمت ممكنًا حول ما يجري في غزّة، ليس على مستوى الرأي العام الدولي، لأن أثره محدود، ولكن على مستوى أصحاب القرار من القوى العظمى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، والصين، وأوروبا، وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي.
لم يعد هناك مجال لدبلوماسية الخطوات الصغيرة، والبلاغات المتزنة، والتصريحات المطمئنة والتي لا تغيّر شيئًا. ينبغي وقف حرب إبادة تتم بأبشع الصور، من خلال التجويع واستمرار الدمار، ويتوجب السماح بدخول المساعدات بلا قيد أو شرط، وضمان توزيعها، من قِبل الأمم المتحدة.
نعم، تمّ تسجيل مواقف تنأى عن السردية الإسرائيلية، على المستوى الغربي، وتصف ما يجري بالوضع اللاإنساني، وغير المقبول، ولكن آلة التقتيل الإسرائيلية تستمر في الإبادة، ولا تأبه بالمواقف الدولية، فلم ترتدع آلة التقتيل الإسرائيلية في حصد القتلى، من المدنيين والشيوخ والأطفال، في الخيام، أو وسط الركام، أو استهداف ما تبقى من المستشفيات.
إثكال آلاء حداد، في تسعة من أبنائها، وترميلها في زوجها، هي صورة لما آلت إليه ماكينة التقتيل الإسرائيلية.. هي صورة معبرة عن الوضع ككل، لأن مأساة الأم حداد، لا تنفصل عن مأساة كل الغزيين.
التجويع أداة في خطة من أجل "تنظيف" غزة، بهدف "الحل النهائي"، وهي الكلمة التي كان يستعملها النازيون للقضاء النهائي على اليهود. نحن في فصل جديد، لـ"الحل النهائي" للفلسطينيين، أي إبادتهم، أو دفعهم للرحيل. وكل ما يقال عن أولوية إطلاق الأسرى، هي ذرائع، لا غير.
إعلانالوضعية الحالية من شأنها أن تسفر عن تداعيات لن تكون في صالح إسرائيل، ولا الغرب. يقرّ إسرائيليون أنفسهم، من سياسيين ومن أصحاب الرأي، أن "رَيع المظلومية" لإسرائيل آخذ في التآكل، وأن الصورة التي تتشكل عن إسرائيل في الغرب، سلبية لما تقترفه في غزة. أما على مستوى العالم العربي، فالشعور المتنامي، لدى الجماهير، هو رفض التطبيع. وحتى لئن ارتبطت إسرائيل بعلاقات مع بعض الدول، فإن المجتمعات ترفض التطبيع، وستبقى في دائرة ما كان يسمى بـ" السِلم البارد".
ينهض جيل جديد، في العالم العربي، يختلف عن الصورة النمطية التي كان يُروّج لها قبل أربع سنوات، حول النظر لإسرائيل، لا علاقة له بالصراع العربي الإسرائيلي، ولا لما كان يُعتبر "أساطير الماضي". الجيل الناهض يمتلئ غضبًا وحنقًا.
أما الغرب، فإنه سيخسر رصيده الأخلاقي، على اعتبار أنه وحدة منسجمة. يتعزز ما يسميه وزير الخارجية الفرنسي السابق هيبير فدرين، بالشلل الإستراتيجي لأوروبا. يترسخ عجزها، مما سيؤثر ليس على صورتها فقط، بل على أدائها وهي تسعى لأن ترسم خطط دفاع مشترك، أمام ما تراه خطرًا روسيًا عليها.
وأما الولايات المتحدة فهي الدولة الوحيدة، التي يمكنها أن توقف عمليات الإبادة والتجويع. استمرار عمليات التقتيل والتجويع، لا يمكن أن يفسر على أنه عجز من الولايات المتحدة، وإنما تواطؤ.
واهمٌ من يعتقد أن الأوضاع ستعود إلى طبيعتها بعد نهاية الحرب. منسوب الغضب لدى الفلسطينيين، وفي العالم العربي، والتذمر لدى فعاليات غربية، سيؤثر على طبيعة العلاقات المجتمعية بداخل الغرب. يمكن أن نستشهد بحدثين يحملان نذر المواجهة، أولهما مقتل دبلوماسيين إسرائيليَيْن قبالة المتحف اليهودي في واشنطن، والثاني نشر تقرير عن الإخوان المسلمين في فرنسا.
الحدث الأول يحمل نُذر العنف بداخل المجتمعات الغربية، والتقرير يحذر من التوتر بداخل هذه المجتمعات، رغم المنطلقات المغرضة التي حملها، ولكن هناك حقيقة لا يمكن أن يُتستر عنها، وأشار إليه التقرير، وهي أثر الحرب في غزة على الجاليات المسلمة في أوروبا.
إعلانيمكن إبطال ما قد يعتمل من نُذر توتر وعنف بوقف الحرب على غزة، والسماح بدخول المساعدات وتوزيعها، وإعادة تعمير غزة، والوقوف ضد مخططات التهجير، والاعتراف بحقوق الفلسطينيين، وإلا فإن العالم سيعرف فصلًا مروعًا وبالأخص في ضفتي البحر الأبيض المتوسط، بداخل المجتمعات الغربية، وبين وحدات الضفة الجنوبية للبحر الأبيض. لسنا في منأى من تحويل بؤرة التوتر من غزة، إلى داخل العالم العربي، في مخططات شيطانية، تأتي على الأخضر واليابس، حتى يتم "تنظيف" غزة، في يُسر. وبتعبير أوضح، خلق بؤر توتر كبرى، تصرف عن النظر عما يجري في غزة.
يشير الغربيون إلى الحرب العالمية الأولى بأنها حرب لم يكن يريدها أحد، وأن القياديين كانوا في حالة من الذهول التي تعتري شخصًا يسير وهو نائم.. وقامت الحرب، وخلّفت من المآسي ما خلفت.
نحن في وضعية مشابهة كمن هو في حالة ذهول، يمشي حتف أنفه نحو الهاوية. الضمير هو ما ينقذنا، ولكن الضمير معطل، وإذا لم يتم تدارك الأمور، في غزة، بوقف آلة الدمار والتقتيل، والسماح بدخول المساعدات، كأولوية، فلا أرى أن العالم سيكون في مأمن من الكارثة.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outline