شهد اليوم الثاني من فعاليات ندوة دار الإفتاء الدولية الأولى انعقاد الجلسة العلمية الثانية، تحت عنوان "حماية الأمن الفكري: التحديات وطرائق الفتوى في المواجهة"، وقالت الدكتورة نهلة الصعيدي مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين، خلال كلمتها في الجلسة العلمية الثانية، أن الفتوى تمثل أداة استراتيجية لتحصين الأمن الفكري في مواجهة التحديات المعاصرة.


وأشارت إلى أهمية الفتوى كأداة لحماية العقول وضبطها وَفْقَ المقاصد الشرعية، حيث اعتبرت أن الفتوى ليست مجرد حكم فقهي، بل هي رؤية شاملة تعالج القضايا الفكرية والاجتماعية، وتواجه الأفكار المضللة التي تهدد النسيج المجتمعي.
وذكرت مستشارة شيخ الأزهر لشؤون الوافدين أنَّ الأمن الفكري أصبح ضرورة استراتيجية تمسُّ كيان الأمة واستقرارها، مشيرة إلى أن الأفكار، مهما كانت بسيطة، قد تحمل في طياتها بذور بناء الحضارات أو معاول هدمها. وقالت د. نهلة: إن الفتوى تُعَدُّ مؤسسة فكرية تعمل على تحقيق التوازن بين النصوص الشرعية ومتطلبات الواقع المتغير، مُستندة إلى قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43].


كما تناولت مجموعة من التحديات الفكرية المعاصرة التي تواجه المجتمعات، مثل التطرف الفكري والعقائدي، والتوسع في الأفكار الإلحادية، وفقدان الهُوية الإسلامية، وتأثيرات العالم الافتراضي. وأشارت إلى أن التطرف الفكري يمثل أحد أخطر الآفات التي تهدد استقرار المجتمعات، حيث تعتمد الجماعات المتطرفة على تحريف النصوص الشرعية لتبرير أعمالها.


وفي سياق حديثها عن آليات الفتوى، أكدت د. نهلة الصعيدي على ضرورة إعادة تأصيل المنهج الإفتائي، بحيث يُبنى على منهجية راسخة تجمع بين أصالة النصوص الشرعية واستيعاب متغيرات العصر. ودعت إلى توسيع أفق المفتي ليشمل القضايا الاجتماعية والفكرية الحديثة، مع الالتزام بمقاصد الشريعة التي تسعى إلى تحقيق الخير ودفع الضرر.
كما شددت على أهمية التربية الفكرية والوعي الجمعي، مشيرة إلى أن الفتوى يجب أن تشمل توجيه العقول نحو الفهم الصحيح للدين، مُستندة إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الدين النصيحة". 


ختامًا، أكدت  نهلة على أهمية تطوير الخطاب الإفتائي ليكون أكثر وضوحًا ومرونة، ولديه القدرة على الإقناع. وأشارت إلى أن الفتوى ليست مجرد إجابة شرعية عن تساؤلات الأفراد، بل هي رسالة تحمل في طياتها مقاصد الإصلاح وحماية العقول. 


وأضافت أن تطوير المنهج الإفتائي لمواكبة التحولات الفكرية والتقنية يمكن أن يجعل من الفتوى أداة استراتيجية لتحصين الأمن الفكري، وحفظ استقرار المجتمعات، وتحقيق النهضة الفكرية المنشودة. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإفتاء نهلة الصعيدي الخطاب الإفتائي دار الإفتاء ندوة دار الإفتاء الدولية الجلسة العلمية الثانية الأمن الفکری أن الفتوى إلى أن

إقرأ أيضاً:

حقوق الملكية الفكرية.. غياب في التعليم وثغرة للسرقات

منذ توقيع مصر عام 2002 على اتفاقية حقوق الملكية الفكرية، خطت الدولة خطوات مهمة؛ من تدريب القضاة والإعلاميين في مصر والولايات المتحدة الامريكية ، إلى إنشاء المحاكم الاقتصادية لسرعة الفصل في النزاعات، وأخيرًا تأسيس الجهاز المصري لحقوق الملكية الفكرية برئاسة الدكتور هشام عزمي، ليكون المرجعية الوطنية في هذا المجال. ورغم هذه الجهود، ما زال الوعي العام ضعيفاً، خصوصاً لدى الأجيال الجديدة التي لم تتلقَّ أي تعليم ممنهج حول معنى الملكية الفكرية وطرق حمايتها.
الملكية الفكرية ليست ثقافة دخيلة كما يظن البعض، فقد عرفها المصريون القدماء منذ آلاف السنين، حين نقشوا أسماء المبدعين على جدران المعابد والبرديات، لتبقى الأعمال موثقة بأصحابها، ولتُصان حقوقهم عبر الزمن. ومن المؤسف اليوم أن نرى أفكاراً  تُسرق، وأعمالاً أدبية أو فنية تتحول إلى أفلام أو مسلسلات دون الرجوع إلى أصحابها أو ورثتهم، فيضيع حق المؤلف والمصنف الفني في معظم المجالات، بإستثناء بعض الجهود المحدودة مثل ما تقوم به جمعية المؤلفين والملحنين.
المشكلة الأساسية تكمن في غياب تدريس هذه المفاهيم في المدارس والجامعات. فرغم وجود قوانين صارمة وأجهزة متخصصة، يبقى الإلتزام ضعيفاً بسبب ضعف الوعي، مما يفتح الباب أمام التعديات المتكررة على حقوق المبدعين. وهنا تبرز الحاجة إلى قرار وزاري مشترك من وزارات التعليم والثقافة والإعلام لإدراج مبادئ الملكية الفكرية ضمن المناهج التعليمية، بدءاً من القصص المبسطة للأطفال، وصولاً إلى دراسة القوانين والحقوق في الجامعات.
وقد سبقتنا دول كثيرة في هذا المجال:
اليابان: أدرجت مبادئ الملكية الفكرية في المناهج منذ المرحلة الابتدائية عبر قصص تربوية.
الولايات المتحدة: خصصت برامج تدريبية للمدارس الثانوية بجانب التوعية الإعلامية المستمرة.
فرنسا: دمجت حقوق المؤلف ضمن مواد الفلسفة والتربية الوطنية.
الإمارات: أطلقت مبادرات مشتركة بين وزارتي التعليم والاقتصاد، مع مسابقات طلابية تربط الإبتكار بالحماية القانونية.
تؤكد هذه التجارب أن حماية الإبداع لا تتحقق فقط بالقوانين والمحاكم، بل تبدأ من التنشئة المدرسية. فعندما يعرف الطالب منذ صغره أن الإقتباس دون إذن يُعد تعدياً، ويساهم فى مجتمع يحترم الفكرة كما يحترم الملكية المادية.
إن إدماج حقوق الملكية الفكرية في التعليم لم يعد رفاهية، بل ضرورة لحماية مستقبل الثقافة والإبداع في مصر. فبدون وعي راسخ ستظل السرقات تتكرر، وتبقى حقوق المبدعين مهدورة، رغم وجود جهاز متخصص ومحاكم اقتصادية وقوانين متطورة ،والحل يبدأ من المدرسة، حيث يتعلم الطفل أن للفكرة قيمة، ولصاحبها حقاً لا يسقط بالتقادم.

مقالات مشابهة

  • التعبئة والتغليف.. أداة استراتيجية لتعزيز القيمة المضافة للمنتج المصري وتحقيق الاستدامة
  • نصائح للشواء الآمن في الصيف.. كيف تتجنب المواد المسرطنة وتحافظ على طعام لذيذ؟
  • رئيس جامعة الأزهر يوضح أثر اللغة العربية في فهم النصوص الشرعية
  • تعدي على الملكية الفكرية.. ضبط مالك مطبعة غير مرخصة في عين شمس
  • حقوق الملكية الفكرية.. غياب في التعليم وثغرة للسرقات
  • ندوة في ذمار تناقش الإجراءات التي تضمنها قانونًا الإجراءات الجزائية والشرطة
  • فعاليات أسبوع الدعوة الإسلامية يؤكد أهمية الوعي الفكري لمواجهة التضليل الرقمي
  • وزير الري يلتقى مدير عام المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي ضمن "أسبوع القاهرة الثامن للمياه"
  • المفتي: تجديد الخطاب الديني وبناء الوعي حجر الزاوية في تحقيق الأمن الفكري
  • وزير الاتصالات: الذكاء الاصطناعي أداة للتعليم والمعلم يظل البوصلة التي توجه المستقبل