هيئة البيئة – أبوظبي بالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة تستقبل وفداً خليجياً لزيارة مركز المصادر الوراثية النباتية
تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT
استقبلت هيئة البيئة – أبوظبي بالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة، وفداً من ممثّلي دول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» في زيارة لمركز المصادر الوراثية النباتية، الذي تديره الهيئة في مدينة العين، للاطِّلاع على أفضل الممارسات في مجال المحافظة على الأنواع النباتية.
دشَّنت الهيئة المركز في الربع الأول من عام 2024، ويُعَدُّ الأوَّل من نوعه في المنطقة، ويهدف إلى صون بذور وأنسجة جميع أنواع النباتات والأصول البرية للمحاصيل الزراعية المحلية ذات الأهمية في دولة الإمارات، وحِفظ ما يزيد على 600 نوع من النباتات البرية.
تأتي هذه الزيارة بالتعاون مع وزارة التغير المناخي والبيئة، وتندرج في إطار تعزيز التعاون وتبادل المعرفة بين دول «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» في مجال المحافظة على التنوُّع البيولوجي، حيث يُسهم مركز المصادر الوراثية النباتية بدور محوري في صون التراث النباتي لدولة الإمارات، وتعزيز مكانة إمارة أبوظبي عالمياً، وترسيخ دورها الرائد في مجال المحافظة على الأنواع النباتية، ودعم الجهود الإقليمية والدولية للمحافظة على التنوُّع البيولوجي النباتي في دولة الإمارات.
رافق الوفد أحمد الهاشمي، المدير التنفيذي لقطاع التنوُّع البيولوجي البري والبحري في هيئة البيئة – أبوظبي، وعدد من المسؤولين من وزارة التغيُّر المناخي والبيئة في دولة الإمارات. وبدأت الزيارة بجولة في منطقة العرض والتعليم التي تهدف إلى توعية مختلف الفئات بأهمية النباتات المحلية وأساليب الحفظ المستخدمة في المركز، حيث اطَّلع الوفد على عشر تجارب تفاعلية متطوِّرة تمكَّنت الهيئة من تطويرها بالشراكة مع شركات دولية، وزار الوفد مكتبة المركز المتخصِّصة في صون النباتات وحفظ البذور.
تضمَّنت الزيارة أيضاً الاطِّلاع على مختبر تجهيز البذور وفحصها، الذي يُعَدُّ المحطة الأولى لاستقبال عيّنات النباتات البرية وإجراء الفحوصات اللازمة لضمان صلاحية البذور للتخزين والإكثار، حيث يحتوي على أحدث الأجهزة المتقدِّمة لضمان دقة العمليات. وتفقَّد الوفد مختبر التصنيف والمسح الضوئي لعيّنات النباتات البرية، الذي يُصنِّف النباتات ويوثِّقها رقمياً ويجعلها متاحة للباحثين.
واطَّلع الوفد على معشبة المركز التي تُصنَّف ضمن قاعدة بيانات المركز لمساعدة الباحثين، وتعرَّف على جهود الحفظ طويل المدى، وزار غرفة الحفظ بالتبريد العميق إلى درجة -20 درجة مئوية، ما يساعد على حفظ العيّنات لأكثر من 100 عام، وزار أيضاً مختبر التوصيف الجيني المجهَّز بأحدث المعدات لدراسة جينوم النباتات المحلية، بهدف استخدامها في جهود الصون وإعادة تأهيل الموائل، وزيادة الغطاء النباتي ومكافحة آثار التغيُّر المناخي.
واختتم الوفد زيارته بجولة في البيت الزجاجي الذي تبلغ مساحته 1,000 متر مربع، ويمثِّل خمسة موائل طبيعية رئيسية في دولة الإمارات (الساحل، الصفائح الرملية، الكثبان الرملية، الأودية، الجبال)، ويضمُّ أكثر من 60 نوعاً من النباتات المحلية، ويُستخدَم لأغراض تعليمية ولحفظ النباتات في بيئتها الحية.
ونجح المركز منذ تدشينه في مارس 2024، في حفظ أكثر من 500 عينة بذور تمثِّل 105 أنواع من النباتات المحلية، وحفظ 4,000 عينة ضمن المعشبة التي تضمُّ 668 نوعاً من 397 جنساً و100 عائلة نباتية، إضافة إلى 3,000 عينة رقمية. وحُفِظَ أكثرُ من 100 عينة نباتية تمثِّل 80 نوعاً مختلفاً ضمن التجميد العميق لضمان صونها طويل المدى. وتشمل إنجازات المركز أيضاً رصد التوصيف الجيني لستة أنواع نباتية محلية، وجمع 14 عينة من الفطريات.
يعكس المركز نهجاً مستداماً بحصوله على درجة «لؤلؤ 2» ضمن النظام المحلي لاستدامة المباني في أبوظبي، واستخدام الخلايا الشمسية لتغطية احتياجات الطاقة بنسبة تتجاوز 30%. ويعتمد التصميم على مواد طبيعية مثل التيراكوتا لتحقيق العزل الحراري، وتوفير إضاءة طبيعية للمكاتب والمختبرات للحدِّ من استهلاك الكهرباء، واحتضان النباتات المحلية ضمن التنسيق الخارجي لتقليل استهلاك مياه الري.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: النباتات المحلیة فی دولة الإمارات المناخی والبیئة
إقرأ أيضاً:
«البيئة- أبوظبي» تجدد الدعوة لإنقاذ غابات القرم
أبوظبي (الاتحاد)
تزامناً مع اليوم العالمي لصون أشجار القرم، الذي يُحتفى به سنوياً بهدف رفع الوعي العالمي بأهمية هذه النظم البيئية الساحلية، وتعزيز الجهود الدولية لحمايتها واستعادتها، جددت هيئة البيئة -أبوظبي الدعوة إلى توحيد الجهود من أجل الحفاظ على هذا المورد الحيوي، إذ تعد غابات القرم خط دفاعٍ طبيعياً في مواجهة ارتفاع منسوب البحار، وتشكل حاجزاً فعالاً أمام الأعاصير والعواصف، كما تُعد موائل حيوية تدعم التنوع البيولوجي البحري، فضلاً عن كونها أحد الحلول القائمة على الطبيعة للمساهمة في مواجهة التغيرات المناخية والحد من الانبعاثات الكربونية، وبالتالي فإن فقدانها يعد خسارة بيئية لا يمكن تعويضها، وحمايتها لم تعد خياراً، بل أصبحت ضرورة عالمية مُلحة.
في ديسمبر الماضي، اجتمع أكثر من 300 خبير وصانع قرار وقائد مجتمعي في أبوظبي لإيصال رسالة واضحة مفادها: «إننا نسابق الزمن لإنقاذ أشجار القرم».
جاء ذلك خلال المؤتمر الدولي الأول لصون أشجار القرم وتنميتها، الذي نظمته هيئة البيئة -أبوظبي تحت مظلة «مبادرة القرم- أبوظبي»، حيث حذر ممثلون من 82 دولة من أن نحو 50% من غابات القرم العالمية معرضة لخطر الزوال بحلول عام 2050 نتيجة للضغوط البشرية المتزايدة. وأكدت مداخلاتهم ضرورة اتخاذ إجراءات جماعية عاجلة لحماية هذه النظم البيئية الحيوية، وإعادة تأهيل المتضرر منها، وتعزيز الممارسات المستدامة في إدارتها.
وسلط المؤتمر الضوء على الدور الريادي لإمارة أبوظبي كمركز عالمي رائد متخصص بعلوم أشجار القرم وجهود تأهيلها.
ومن خلال مبادرة القرم – أبوظبي، التي تقودها هيئة البيئة - أبوظبي وتُعدُّ برنامجاً شاملاً يضمُّ جميع المشاريع والأبحاث المعنية بحماية واستعادة أنظمة القرم والكربون الأزرق في الإمارة، وبالتعاون مع التحالف العالمي لأشجار القرم، والمجموعة المتخصصة لأشجار القرم التابعة للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وبرنامج العقد العالمي للكربون الأزرق للمحيطات، إلى جانب الشركاء الدوليين الآخرين، شدد المؤتمر على الحاجة الملحة لتسريع الجهود العالمية لحماية أشجار القرم وإعادة تأهيلها، مع إبراز مكانة دولة الإمارات الرائدة في الابتكار، والبحث العلمي، والاستعادة البيئية على نطاق واسع.
على الرغم من التحذيرات الجادة، فقد بث المؤتمر شعوراً بالتفاؤل، إذ إن الإنجازات العلمية، والمبادرات المجتمعية المثمرة، ترسم ملامح مستقبل تضمن فيه استدامة أشجار القرم، بل وتعود لتزدهر على نطاق واسع.
نهج علمي
خلال العقود الثلاثة الماضية، فقد العالم أكثر من مليون هكتار من غابات القرم. ومع ذلك، يشير خبراء المركز الدولي لأبحاث القرم إلى أن نحو 70% من هذه المساحات، أي ما يزيد على 800 ألف هكتار، لا تزال قابلة لإعادة التأهيل. وضمن هذا السياق يبرز نهج «إعادة التأهيل البيئي لأشجار القرم»، وهو نهج علمي يرتكز على المشاركة المجتمعية ومراعاة العمليات الطبيعية. ويولي هذا النهج أولوية لمعالجة الأسباب الجذرية للتدهور، مثل تعزيز التدفق الطبيعي للمياه، وتحسين جودة التربة، وضمان انتظام حركة المد والجزر، بما يسمح لأشجار القرم بالتجدد الطبيعي.
وتؤكد الدراسات العلمية أن الطبيعة تمتلك قدرة فطرية على التعافي متى ما أُتيحت لها الظروف المناسبة، دون الحاجة إلى تدخل بشري، وإنما فقط من خلال حماية المواقع أو عبر إعادة تأهيل الأنظمة الهيدرولوجية. وعندما تتولى الطبيعة زمام المبادرة، تكون النتيجة غابات أكثر قوة، وتنوعاً بيولوجياً أكثر ثراءً، ومرونة راسخة في مواجهة التحديات المناخية.
في هذا الإطار، تبرز أهمية برامج إعادة تأهيل أشجار القرم المبنية على أسس علمية دقيقة، والتي تعد من أبرز أدوات التدخل الإيجابي لتسريع وتيرة التعافي البيئي. إذ تسهم هذه البرامج، عبر اختيار المواقع المناسبة واعتماد الأنواع المحلية وتطبيق تقنيات الزراعة الحديثة، في إعادة تأهيل الموائل المتضررة، وتعزيز قدرة هذه النظم البيئية على التكيّف مع التغيرات المناخية والضغوط المستمرة.
الاستثمار في غابات القرم
سلَّط المؤتمر الضوء على التحديات المالية الكبرى التي تعيق توسيع نطاق جهود إعادة تأهيل غابات القرم على المستوى العالمي، مؤكداً أن تحقيق التأثير المطلوب يستلزم تسريع وتيرة تدفق الاستثمارات من مصادر متنوعة تشمل الحكومات، والقطاع الخاص، والمؤسسات الخيرية.
وفي هذا الإطار، برزت مبادرة «تنمية القرم»، التي أُعلن عنها خلال مؤتمر الأطراف السابع والعشرين (COP27)، والرامية إلى جمع 4 مليارات دولار لصون وإعادة تأهيل غابات القرم بحلول عام 2030. وتمثل هذه المبادرة خطوة محورية لسد الفجوة بين السياسات، والتمويل، والتنفيذ.
ومع ذلك، شدد المشاركون على أن التمويل لا يجب أن يقتصر على النماذج التقليدية المعتمدة على أرصدة الكربون فحسب، بل ينبغي تطوير آليات مالية شاملة تعكس القيمة الحقيقية والمتكاملة لخدمات النظام البيئي لأشجار القرم، بدءاً من حماية التنوع البيولوجي، ووصولاً إلى تقليل مخاطر الكوارث. كما دعوا إلى توجيه التمويل نحو مشاريع طويلة الأمد تستند إلى أسس علمية، وتنفذ بالشراكة مع المجتمعات المحلية.
يفرض علينا الواقع تحدياً صارخاً يتمثل في حاجتنا إلى 8 تريليونات دولار من الاستثمارات لمواجهة أزمة فقدان التنوع البيولوجي، ويتعين علينا مضاعفة التمويل السنوي المخصص للطبيعة أربع مرات بحلول عام 2050. فالمشاريع الصغيرة، رغم أهميتها، لا يمكنها وحدها تلبية هذا التحدي، لذا، فإن توسيع نطاق الاستثمار هو الحل الأمثل.
وفي هذا السياق، يعد برنامج شراكة «مبادرة القرم- أبوظبي» أحد النماذج الواعدة، إذ يتيح للمؤسسات في الإمارة وخارجها التعاون لتنفيذ مبادرات مشتركة لإعادة تأهيل وحماية أشجار القرم، مما يعزز قدرتها على إحداث تأثير إيجابي ملموس.
نهج تكاملي
أكد المؤتمر أن حماية أشجار القرم لا يمكن أن تتم بمعزل عن النظم البيئية والمجتمعات المحيطة بها. وتبنّى الخبراء نهجاً متكاملاً لإدارة المناطق الساحلية والبحرية، يركز على استعادة الممرات البيئية التي تربط أشجار القرم بالأعشاب البحرية والشعاب المرجانية، إلى جانب ضمان سلامة مجاري الأنهار التي تغذي هذه النظم الحيوية.
كما شدد المؤتمر على أهمية وضع المجتمعات المحلية في صميم الاستراتيجيات المستقبلية لصون أشجار القرم، انطلاقاً من مبدأ أن نجاح جهود الحماية لا يكتمل إلا إذا كان بقيادة المجتمعات ومن أجلها.
وعليه، فإن إشراك المجتمعات التي تعتمد على أشجار القرم في مصايد الأسماك، والحماية من العواصف، وسبل العيش، يتطلب ضمان توفير برامج لبناء القدرات، وتنويع مصادر الدخل عبر أنشطة، مثل السياحة البيئية والمصائد المستدامة. فعندما تمنح المجتمعات الأدوات اللازمة للازدهار، تزدهر معها أشجار القرم.