تشو شيوان **

‏التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ مع رؤساء من بنك التنمية الجديد، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة التجارة العالمية، وغيرها من المنظمات الاقتصادية الدولية الرئيسة يوم الثلاثاء في بكين، وذلك عقب حوار "1+ 10" بين رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ وبينهم يوم الاثنين الماضي.

‏وخلال اللقاء أكد الرئيس شي أن البشرية مجتمع مستقبل مشترك يتقاسم السراء والضراء، فيعتبر التضامن والتعاون والمنفعة المتبادلة حجر الأساس لتطوير العلاقات الدولية، فالصين دائما مستعدة للعمل مع المنظمات الاقتصادية الدولية الرئيسة لممارسة التعددية، ودفع التعاون الدولي، ودعم تنمية بلدان الجنوب العالمي، وتعزيز التعددية القطبية العالمية المتساوية والمنظمة، والعولمة الاقتصادية المفيدة والشاملة، وذلك من أجل بناء عالم عادل يتمتع بالتنمية المشتركة، وبهذه الكلمات نستطيع أن نستشف الرؤية الصينية للاقتصاد العالمي، وبات لا يخفى على أحد دور الصين في دفع الاقتصاد العالمي والتأثير به بشكل مباشر.

إذن نستطيع الربط بين كلمات الرئيس شي وبين تطلعات العالم لعالم اقتصادي أكثر  انفتاحًا وأكثر استقرارًا، والصين تتقاسم مع العالم نفس التطلعات ونفى النظرة لشكل الاقتصاد العالمي المطلوب والمناسب لهذه المرحلة التي تعددت به التأثيرات بالاقتصاد العالمي ولا بد من العمل سويًا لتجنب أي عوامل من شأنها زعزعة الاقتصاد العالمي.

‏ومن المعروف أن الصين قد حققت المنجزات التنموية الاقتصادية العظيمة بعد تطبيق سياسة الإصلاح والانفتاح على الخارج عام 1978، وخلقت معجزة إنسانية في التخفيف من حدة الفقر خلال السنوات الأخيرة، كما احتلت مكانة قيادية في تطوير قوى إنتاجية جديدة عالية الجودة، مما يثبت نجاح المفهوم الصيني لتحقيق التنمية. لقد كانت الصين دائمًا مُحرِّكًا مُهمًا للنمو الاقتصادي العالمي، ومُدافعًا قويًا عن التعددية. وتواصل الصين تعميق الإصلاح بشكل شامل وتوسيع الانفتاح على العالم الخارجي وتحقيق تنمية عالية الجودة، مما يوفر فرصا هائلة للعالم، وخاصة دول الجنوب العالمي.

و‏خلال السنوات الأخيرة، طرح الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحزام والطريق، ومبادرة التنمية العالمية، ومبادرة الأمن العالمي، ومبادرة الحضارة العالمية، وقدمت منصة مهمة لدول الجنوب العالمي لتقاسم فرص التنمية للصين. يواجه الوضع الاقتصادي العالمي الراهن العديد من الصعوبات والتحديات في ظل النزعة الأحادية والحمائية، فتتجه الدول المختلفة نحو الصين، آمله ومعتقدة أن الصين سوف تستمر في الاضطلاع بدورها باعتبارها المحرك الأكثر أهمية للنمو الاقتصادي العالمي. وإن المنظمات الاقتصادية الدولية الرئيسة مستعدة للتعاون بشكل وثيق مع الصين، والالتزام بالتعددية، وحماية التجارة الحرة والعولمة الاقتصادية، وتقديم مساهمات أكبر لتعزيز التنمية المشتركة والرخاء في العالم.

‏وبعد أكثر من 40 عامًا من التنمية المستدامة والسريعة، دخل الاقتصاد الصيني مرحلة من التنمية عالية الجودة، ولا تزال مساهمته في النمو الاقتصادي العالمي حوالي 30%. ولدى الصين ثقة كاملة في تحقيق هدف النمو الاقتصادي لهذا العام ومواصلة أداء دورها كأكبر محرك للنمو الاقتصادي في العالم. والتنمية في الصين منفتحة وشاملة، وستواصل الصين توسيع انفتاحها على العالم، والتوافق بشكل فعال مع القواعد الاقتصادية والتجارية الدولية عالية المستوى، وبناء بيئة أعمال قانونية ودولية من الدرجة الأولى، وبناء نظام اقتصادي مفتوح جديد عالي المستوى لتوفير مزيد من الفرص الجديدة لتنمية البلدان في جميع أنحاء العالم.

ويمكننا أيضًا التعريج على نقطة مهمة جدًا وهي تلك المتعلقة بالتجارة الرقمية، إذ تشهد التجارة الرقمية باعتبارها قوة تجارية عالمية نموا سريعا في الصين، وتمثل نسبة أعلى من إجمالي الواردات والصادرات. وتظهر البيانات الصادرة عن وزارة التجارة أنه في الأرباع الثلاثة الأولى من عام 2024، بلغت واردات وصادرات الصين من الخدمات القابلة للتسليم رقميًا 2.13 تريليون يوان، ووصلت واردات وصادرات التجارة الإلكترونية عبر الحدود إلى 1.88 تريليون يوان، وكلاهما حققا مستويات قياسية؛ إذ خططت الصين بشكل أكبر لمسار تطوير التجارة الرقمية في الآونة الأخيرة حيث أن الصين تتمتع بمزايا كبيرة تساعدها من تطوير التجارة الرقمية خاصة في التجارة الإلكترونية العابرة للقارات مثل التكنولوجيا المالية والترفيه السمعي والبصري وتجارة البيانات واستضافتها وتحليلها، وتمتلك الصين عددًا من شركات المنصات التنافسية عالميًا والتي باتت تبرز في تقديمها للخدمات الرقمية في جميع أنحاء العالم، وفي الوقت نفسه يجري بناء وتحسين البنية التحتية الرقمية مثل شبكات الجيل الخامس، ومراكز البيانات، والحوسبة السحابية، والذكاء الاصطناعي بوتيرة سريعة؛ مما يشكل حافزًا مهمًا يمكن الصين من تحقيق أهدافها في النمو الاقتصادي ومساعدة العالم في الحفاظ على المكتسبات الاقتصادية والوصول لاقتصاد عالمي مُنفتح مُتشابك ومُستقر.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

موانئ المغرب تنافس الصين في الكفاءة اللوجستية

زنقة 20 ا الرباط

صنف تقرير صادر عن البنك الدولي ميناء “يانغشان” الصيني كأكفأ ميناء حاويات في العالم، يليه ميناء صلالة في سلطنة عمان، ثم ميناء طنجة المتوسط بالمغرب، الذي أصبح رمزاً لنهضة اقتصادية إفريقية تعانق المعايير الدولية.

ويكشف هذا التصنيف الدولي، الذي شمل أكثر من 400 ميناء، عن الحضور القوي لموانئ آسيوية وإفريقية ضمن المراتب الأولى، وهو ما يعكس تحولات جذرية في خارطة التجارة العالمية التي لم تعد حكراً على الموانئ الأوروبية والأمريكية كما كان عليه الحال لعقود.

وفي المركز الثالث، يواصل ميناء طنجة المتوسط ترسيخ مكانته كقطب بحري إقليمي وعالمي، منافساً أعتى الموانئ في الشرق والغرب. فبفضل بنيته التحتية المتطورة، ورقمنته المتقدمة، وسرعة معالجة الحاويات، أصبح بوابة المغرب إلى الأسواق العالمية، وعلامة فارقة في التعاون جنوب-جنوب، خاصة مع العملاق الصيني.

وإذا كان ميناء يانغشان الصيني قد حافظ على الريادة بفضل استثمارات ضخمة في الأتمتة والذكاء الاصطناعي، فإن دخول المغرب هذا التصنيف من الباب الواسع يُعد تتويجاً لسياسات متكاملة في مجالات النقل، التجارة، والتصنيع، حيث بات طنجة المتوسط منصة لوجستية تربط بين إفريقيا، أوروبا، وأمريكا، وتسهم بشكل متزايد في سلاسل التوريد العالمية.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه موانئ أوروبية تقليدية تواجه تحديات البيروقراطية والبنية التحتية المتقادمة، تقدم الموانئ الصاعدة في المغرب وآسيا نموذجاً حديثاً يرتكز على الكفاءة التشغيلية، والتكامل بين مختلف الفاعلين، والتوجه نحو الرقمنة.

ويُظهر التصنيف أن الكفاءة المينائية أصبحت عاملاً حاسماً في تحديد موقع الدول في منظومة التجارة الدولية، وهو ما تدركه بكين والرباط جيداً، حيث تواصل كل من الصين والمغرب استثمارها الاستراتيجي في تطوير موانئها، بما يتماشى مع طموحاتها الاقتصادية والسياسية في العالم.

فيما يلي المراتب الخمس الأولى في التصنيف:
1.ميناء يانغشان – الصين
2.ميناء صلالة – سلطنة عمان
3.ميناء طنجة المتوسط – المغرب
4.ميناء تانجونغ بيليباس – ماليزيا
5.ميناء تشي وان – الصين

ولعل ما يميز هذا الترتيب، هو تعدد القارات التي ينتمي إليها المتصدرون، مما يعكس تحوّلاً في موازين القوة المينائية، وتحول الجنوب العالمي إلى فاعل رئيسي في الاقتصاد البحري.

ويُثبت المغرب، من خلال ميناء طنجة المتوسط، أن الرؤية الاستراتيجية والاستثمار في البنية التحتية يمكن أن يصنعا الفرق، حتى في قطاعات شديدة التنافسية مثل النقل البحري، وأن الطريق نحو الريادة لا يُشترط أن يبدأ من الشمال.

مقالات مشابهة

  • التنافس الأمريكي الصيني في بحر الصين الجنوبي (2-3)
  • بهدف حماية الصناعات القطرية : التجارة: فرض رسوم مكافحة الإغراق ضد واردات مواد بناء من الصين والهند
  • لدعم التنمية الاقتصادية.. دول بريكس تتفق على تعزيز التعاون في المجال الرياضي
  • المالية: دعم القطاع الخاص لمساعدته في قيادة النشاط الاقتصادي.. نواب: خطوة جادة للحفاظ على مؤشرات الاقتصاد.. وتطوير البيئة التشريعية ضروري
  • ترامب يعلن عن مباحثات تجارية مع الصين
  • ترامب يكشف تفاصيل اتصاله مع الرئيس الصيني
  • ترامب: سأزور الصين مستقبلا وآمل أن يزور الرئيس الصيني الولايات المتحدة
  • ترامب: الاتصال مع الرئيس الصيني ركز بشكل شبه كامل على التجارة
  • موانئ المغرب تنافس الصين في الكفاءة اللوجستية
  • «غرفة التجارة»: الملتقيات الاقتصادية بوابة نحو شراكات مستدامة