كييف، موسكو- بعد أن أعلن جهاز الأمن الروسي اغتيال قائد قوات الدفاع الإشعاعية والكيميائية والبيولوجية في الجيش الجنرال إيغور كيريلوف بدأت كييف تستعد لرد فعل روسي ما، إذ فرض جهاز الأمن الأوكراني إجراءات أمنية مكثفة في العاصمة كييف، ولا سيما في حي بيتشيرسك الحكومي وسط المدينة، والذي يضم مباني الرئاسة والبرلمان ورئاسة الوزراء.

وشملت الإجراءات -بحسب الجهاز- تفتيش الأحياء والمباني والبحث عن مواد محظورة وتفتيش المركبات والتحقق من وثائق المواطنين، إضافة إلى تقييد حركة المرور، ومنع أي حركة خلال فترة حظر التجول من الساعة الـ12 ليلا حتى الخامسة صباحا.

ومن اللافت أن هذه الإجراءات الواسعة والمشددة ستتم بمشاركة أجهزة أمنية أخرى، منها حرس الدولة والشرطة، ودائرة تنفيذ القانون العسكرية التابعة للجيش، بحسب إعلان الجهاز الأمني.

مسلسل الاغتيالات

ورغم أهمية حدث اغتيال كيريلوف والإجراءات الاحترازية المفروضة على خلفيته فإن الأوكرانيين لا يخوضون كثيرا في توقع شكل الرد الروسي، ويوضح ذلك الخبير العسكري في المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية ميكولا بيليسكوف بقوله "لا أعتقد أن الرد الروسي سيحمل جديدا بالنسبة لأوكرانيا، فقد استخدمت خلال سنوات الحرب وقبلها خيار الاغتيالات، ولم يؤثر ذلك كثيرا على سير الأحداث".

إعلان

وتابع بيليسكوف في حديثه للجزيرة نت "على سبيل المثال، أعلن مكتب الرئاسة في نهاية السنة الأولى للحرب 2022 أن أجهزة الأمن أجهضت 8 محاولات لاغتيال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، كما كانت هناك محاولة في نوفمبر/تشرين الثاني 2023 لاغتيال رئيس دائرة الاستخبارات العسكرية كيريلو بودانوف انتهت بنجاته، في حين تعرضت زوجته للتسمم".

ومن وجهة نظر بيليسكوف، فإن "روسيا لن توفر وسيلة للرد، وخيار الاغتيالات غير مستبعد، لكنه محدود الأثر وصعب بحكم أن كل الحدود معها ومع بيلاروسيا الموالية لها مغلقة، ومقيدة بإجراءات أمنية مشددة مع الدول الأخرى، هذا بالإضافة إلى أن أجهزة الأمن تكشف بين الحين والآخر شبكات عمالة وتخريب تعمل لصالح موسكو".

ولأن السبب الأوكراني المعلن وراء اغتيال كيريلوف يكمن في ارتكابه "جرائم حرب" من خلال أوامر صدرت عنه لاستخدام مواد كيميائية وسامة 4800 مرة على الجبهات يرى خبراء أن في ذلك "رسائل للروس".

وفي هذا الصدد، يقول بيليسكوف "قادة الروس يخشون المساءلة وتحمّل المسؤولية اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولا سيما بعد ما رأوه في سوريا مؤخرا، فعملية الاغتيال -من خلال ما رأيناه- لم تكن معقدة، ورغم أهمية الجنرال فإنه لم يكن محاطا بحراسة تذكر".

وأضاف "هذا يحمل رسائل لباقي القادة والجنرالات، مفادها أن أمن شخص بوتين أهم من أمنكم، وأنكم لستم في مأمن، وأن من تورط سيحاسب".

روسيا هددت بإمكانية ضرب مباني صنع القرار في كييف بصاروخ "أوريشنيك" الباليستي (مواقع التواصل) رد غير مألوف

ويتفق خبراء آخرون مع الرأي القائل إن اغتيال كيريلوف لن يأتي بجديد، لكنهم يتخوفون من تصعيد نوعي قد تقدم عليه روسيا، خاصة أنها لمحت إليه فعلا.

من جهته، يقول إيفان ستوباك الخبير العسكري في المعهد الأوكراني للمستقبل والمستشار السابق لشؤون الأمن العسكري في البرلمان الأوكراني للجزيرة نت إن "هذه ليست المرة الأولى خلال الحرب التي تغتال فيها أوكرانيا مسؤولا روسيا أو مواليا لها في الأراضي الأوكرانية المحتلة"، ويستدرك قائلا "لكن الجنرال شخصية بارزة ومهمة، أعتقد أنه سيكون هناك رد روسي لا محالة".

إعلان

وتابع قائلا إن روسيا هددت صراحة قبل أسابيع -ولأول مرة منذ بداية الحرب- بإمكانية ضرب مباني صنع القرار في كييف بصاروخ "أوريشنيك" الباليستي الذي جربته دون رؤوس حربية في مدينة دنيبرو "وربما تقدم فعلا على خطوة كهذه بإضافة رؤوس قادرة على التدمير، أنا لا أستبعد شيئا"، حسب قوله.

وأضاف "بقية الخيارات واردة أيضا، لكنها لن تختلف عن سابقاتها، وغالبا ستكون بموجات قصف صاروخية على مؤسسات الطاقة، الأمر الذي نتوقعه قبل رأس السنة، وقبل أن تتم عملية الاغتيال".

شبهات بالتورط

في المقابل، وبينما أعلنت الأجهزة الأمنية في روسيا إطلاق عملية موسعة لملاحقة المتورطين ومنعهم من مغادرة البلاد تمحور اهتمام المراقبين الروس حول الجهات الأخرى التي يمكن أن تكون مستفيدة من عملية الاغتيال، والتي قد تكون شاركت في بعض مراحل التحضير لها وتنفيذها على الرغم من اعتراف كييف رسميا بالوقوف وراء العملية.

واُشتهر الجنرال كيريلوف بإحاطاته الصحفية الدائمة بتفاصيل التحقيق في أنشطة المختبرات البيولوجية الأميركية بأوكرانيا، وكشفه عن معلومات متعلقة بمشروع كييف الرسمي "لإنشاء قنبلة نووية قذرة" كما كان يصفها، حتى أنه في يوم مقتله كان من المفترض أن يقدم إحاطة جديدة بهذا الخصوص.

وبحسب ما يقول الخبير في الشؤون الأمنية فلاديمير كوزنيتسوف للجزيرة نت، فإن أجهزة المخابرات الأميركية والبريطانية قد تكون وراء اغتيال كيريلوف، لأن "من مصلحة واشنطن ولندن القضاء على شخص يحقق في الأنشطة الإجرامية لهذه البلدان فيما يتعلق بصنع أسلحة بيولوجية"، حسب تعبيره.

ووفقا لكوزنيتسوف، فإن هذه الجهات أو إحداها هي من أعطت الأمر بتنفيذ عملية الاغتيال على أيدي المخابرات الأوكرانية.

وبموازة ذلك، يرى كوزنيتسوف أن مقتل قائد قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي في القوات الروسية سيؤدي إلى تعقيد محاولات الرئيس الأميركي المقبل دونالد ترامب للمساعدة في حل الصراع بأوكرانيا، لأن العملية ستستلزم ردا من جانب روسيا، وهو ما سيؤدي إلى موجة جديدة من التصعيد.

كما أكد على ضرورة تحسين الإجراءات الأمنية حول المسؤولين وزيادة اليقظة، بما في ذلك ما يتعلق بكشف الأشخاص الذين تم تجنيدهم من قبل مديرية المخابرات العامة أو جهاز الأمن الأوكراني، مضيفا "الآن هناك العديد من اللاجئين من أوكرانيا، وهناك حاجة جادة لمراقبتهم، لكن لا يتم فعل ذلك، والمجتمع غير راضٍ عما يحدث".

الجنرال الروسي قُتل بعد 20 ساعة فقط من توجيه اتهامات رسمية إليه من قبل المدعي العام الأوكراني (الأناضول) تصفيات جسدية

بدوره، اعتبر الخبير العسكري فيكتور ليتوفكين أن اغتيال الجنرال كيريلوف جاء بمثابة انتقام من الاستخدام النشط لأنظمة قاذف اللهب "سولنتسيبيك" من قبل القوات الروسية، والتي كان تطويرها واستخدامها القتالي مرتبطا بشكل مباشر بكيريلوف.

إعلان

وأشار ليتوفكين في حديثه إلى أن الجنرال الروسي قُتل بعد 20 ساعة فقط من توجيه اتهامات رسمية إليه من قبل المدعي العام الأوكراني.

ونفى أن تكون الحادثة قد كشفت عن اختراق أمني "لأن كيريلوف كان يتحرك بشكل شبه علني وبدون حراسة مشددة، وأن مراقبته على الأرجح تمت عبر اختراق سيبراني لكاميرات المراقبة المربوطة بمكان التفجير أو عبر كاميرات لاسلكية متنقلة يمكن أن تكون وضعت في مكان مقابل المبنى".

وأضاف ليتوفكين أن العملية تشير كذلك إلى "حرب تصفية للقادة العسكريين والخبراء في مجال التصنيع العسكري"، وتشكل دليلا على أنه "لا جدوى من التفاوض مع الزمرة الحاكمة التي تسيطر على السلطة في كييف، ويجب التعامل معها على هذا الأساس من دون ضوابط أو ضمانات أمنية".

وأكد أن روسيا وأوكرانيا باتتا على أعتاب مرحلة جديدة من معركة "كسر عظم" ستكون عمليات الاغتيالات المتبادلة واحدة من أبرز معالمها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات عملیة الاغتیال اغتیال کیریلوف العسکری فی من قبل

إقرأ أيضاً:

هل اعترفت الهند بخسارة 7 طائرات و250 جنديا أمام باكستان؟ إليكم القصة الكاملة

في مشهد بدا لأول وهلة اعترافا رسميا، ظهر قادة عسكريون هنود على الشاشات بملامح متوترة وهم يتحدثون عن "خسائر فادحة" خلال مواجهة عسكرية مع باكستان في مايو/أيار الماضي.

مقاطع قصيرة انتشرت بعدة لغات عبر منصات التواصل، مرفقة بعناوين تؤكد أن الهند "اعترفت رسميًّا" بتكبد خسائر كبيرة في قواتها الجوية وفي صفوف جنودها، وسط تفاعل واسع.

لكن خلف هذه المشاهد المثيرة، سرعان ما بدأت التساؤلات تظهر: هل اعترفت الهند فعلا بهذه الخسائر؟ وهل المقاطع أصلية أم مفبركة؟

وكالة "سند" للتحقق الإخباري في شبكة الجزيرة تتبعت أصول المقاطع المتداولة، وحللت تفاصيلها الفنية، لفهم ما إذا كانت توثق اعترافا رسميا، أم تشكل فصلا جديدا من فصول التضليل الرقمي في الحرب الباردة بين الجارتين النوويتين.

خسارة 7 طائرات حربية

"خسرنا 7 طائرات حربية، نعم… لكننا عدنا للتحليق بعد 3 أيام فقط" كانت هذه هي التصريحات في مقطع تداوله ناشطون قالوا إنه لحديث رئيس هيئة الدفاع في الجيش الهندي، الجنرال أنيل تشوهان، عن خسارتهم 7 طائرات حربية خلال الحرب الأخيرة مع باكستان.

ويظهر الفيديو الجنرال تشوهان وهو يتحدث مرتبكا عن الخسارة قائلاً: "إنهم يرهقوننا في الحرب، وهذا يُعطي أمثلة على عملية سيندور التي لا تزال مستمرة. من المهم أن نقر هنا بأنه على الرغم من خسارتنا 7 طائرات هندية، فقد عاودنا الإقلاع بعد 3 أيام فقط، وهذا وحده يظهر صمودنا. يجب أن يكون مستوى استعدادنا عاليا جدا".

????BREAKING: Anil Chauh Admits 7 Jet Losses, India Secretly Requested Ceasefire!

‼️The mask has finally slipped.
Indian CDS General Anil Chauhan, in his latest press conference, admitted the loss of 7 Indian fighter jets, the most recent being a Rafale that crash-landed at… pic.twitter.com/vx2k3LQPYt

— Conflict Watch (@ConflictWatchX) July 25, 2025

طلب هدنة مع باكستان

وبحسب المقطع المتداول المزعوم، تحدث الجنرال تشوهان عن العملية قائلا: "طالبنا بوقف إطلاق النار، ليس من باب الضعف، بل لأننا لم نرد أن يعاني جنوب آسيا ويلات حرب شاملة. فالسلام، في نهاية المطاف، هو الطريق الأسمى. وقد ضربت لكم أمثلة عديدة".

ہمارے 7 طیارے تباہ ہوئے تھے۔۔

ہاں
ہم نے سیزفائر کی درخواست کی تھی
کیونکہ
ہم خطے میں جنگ کو بڑھانا نہیں چاہتے تھے۔

(بھارتی چیف آف ڈیفینس سٹاف
جنرل انیل چوہان) pic.twitter.com/OKuLLIcF0K

— Asad R Chaudhry (@Asadrchaudhry) July 25, 2025

حقيقة أم تصريحات متلاعب فيها؟

أجرت وكالة "سند" للرصد والتحقق الإخباري بشبكة الجزيرة، تحققا عن صحة المقطع وتبين أنه مضلل، ومن خلال تحليل المقطع المتداول، وتحديد مؤشرات فنية دقيقة يمكن التأكيد أن الفيديو مزيف وتم إنتاجه باستخدام تقنية "التزييف العميق" (Deepfake).

إعلان

واستنادا إلى عدد من معايير الكشف عن التزييف ظهر أن حركة الشفاه في الفيديو المتداول غير متزامنة بدقة مع الصوت في أكثر من موضع، والصوت المستخدم في المقطع يحمل نمطا آليا معروفا في أنظمة تحويل النص إلى كلام (Text-to-Speech)، يفتقر إلى التلقائية البشرية.

وبالبحث أكثر عن بيان الجنرال، الذي نشر في 25 يوليو/تموز الجاري، يمكن التأكيد أن المقطع المتداول تم التلاعب بصحته، حيث لم يذكر خلال بيانه الصحفي أي تفاصيل متعلقة بسقوط طائرات حربية أو طلب هدنة.

250 قتيلا في صفوف الجيش الهندي

مقطع آخر أثار ضجة لا تقل عن المقطع السابق، نسب إلى القائد في الجيش الهندي، الجنرال أوبيندرا ديفيدي، يزعم فيه أنه يعترف بسقوط 250 جنديا هنديا خلال الاشتباكات الأخيرة مع باكستان، وأن القيادة فوجئت بمدى دقة المراقبة الباكستانية المدعومة صينيا.

????‼️Breaking‼️????

Indian Army Chief Upendra Dwivedi admits to losing more than 250 soldiers in war against Pakistan.

Pakistan was aware of our every single movement due to Chinese satellites. pic.twitter.com/7ryv3zzTnj

— Pak Army ???????? (@PakMilitaryClub) July 28, 2025

لكن بالعودة إلى التسجيل الأصلي لكلمة الجنرال ديفيدي في 26 يوليو/تموز، والتي نشرت على القنوات الرسمية لم يرد فيها أي من الأرقام أو التصريحات المتداولة، ما يشير مجددًا إلى أن الفيديو قد خضع لعملية تلاعب رقمية مشابهة.

#WATCH | Dras, Kargil | Addressing the 26th Kargil Vijay Diwas celebrations, Chief of Army Staff Gen Upendra Dwivedi says, "We stand near Tiger Hill, Tololing and Point 4875, remembering the resolve and valour of the warriors… We salute those who sacrificed their lives so we… pic.twitter.com/F7AozRLXuk

— ANI (@ANI) July 26, 2025

وتأتي هذه المشاهد بعد 3 أشهر على شن مسلّحين هجوما على سياح في بلدة بهلغام في الإقليم أسفر عن مقتل 26 شخصا، معظمهم من الهندوس.

واتّهمت الهند باكستان بدعم المهاجمين، وهي تهمة نفتها إسلام آباد، ما أدى إلى اندلاع نزاع استمر 4 أيام بين الخصمين المسلحين نوويا في مايو/أيار، أدى إلى مقتل أكثر من 70 شخصا من الجانبين.

كما أعلن الجيش الهندي، الاثنين الماضي، أنه قتل 3 أشخاص في الشطر الخاضع لسيطرة الهند من إقليم كشمير، بعد تبادل كثيف لإطلاق النار.

وقالت قناتان إخباريتان هنديتان إنه يشتبه في أن القتلى كانوا وراء الهجوم الذي تعرض له سياح هندوس في الشطر الهندي من كشمير في 22 أبريل/نيسان الماضي، وأشعل فتيل مواجهة عسكرية دامية مع الجارة باكستان.

مقالات مشابهة

  • 8 قتلى بضربات روسية على كييف .. و أوكرانيا تسقط 3 صواريخ و288 مسيرة خلال الليل
  • روسيا تعلن سيطرتها على تشاسيف يار في دونيتسك.. والجيش الأوكراني ينفي
  • انهيار دفاعات كييف.. روسيا تُسقط مدينة استراتيجية وتقترب من مفاصل الحرب!
  • روسيا تهاجم أوكرانيا بأكثر من 300 طائرة مسيرة و8 صواريخ
  • احتجاز ضابط أوكراني بتهمة التجسس لصالح روسيا
  • هل اعترفت الهند بخسارة 7 طائرات و250 جنديا أمام باكستان؟ إليكم القصة الكاملة
  • ترامب يمهل روسيا 10 أيام لوقف الحرب في أوكرانيا
  • ترامب: روسيا ستواجه عقوبات أميركية جديدة إذا لم تنه حرب أوكرانيا في 10 أيام
  • بين خطابين.. خليل الحية والجنرال السيسي
  • «العدل» تستعد لتطبيق قانون العمل الجديد.. و«جبران»: المحاكم العمالية أبرز الامتيازات