قرار غريب وعجيب.. الغاء المشاط حكم قضائي بإعدام قاتل موالي لجماعته يُثير السخط في اليمن
تاريخ النشر: 20th, December 2024 GMT
أثار قرار رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي الأعلى- أعلى جهاز في سلطة الحوثيين – مهدي المشاط، بإسقاط عقوبة الإعدام بحق قاتل أدين بقتل المواطن من أبناء محافظة ذمار، سخطاً واسعاً بين أوساط اليمنيين.
وحسب المذكر الصادرة عن المشاط، في تاريخ 18 نوفمبر الماضي قضى بإسقاط عقوبة الإعدام بحق قاتل أدين بقتل المواطن "طارق بازل الخلقي"، إلى جانب دفع دية لأولياء الدم من الخزينة العامة للدولة.
ووفق الوثيقة الرسمية التي حملت رقم (36) لسنة 1446هـ، فإن قرار العفو شمل إسقاط عقوبة الإعدام الصادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة، والتي أيدتها محكمة الاستئناف وأقرتها المحكمة العليا، والاكتفاء بفترة السجن التي قضاها الجاني، إلى جانب دفع دية لأولياء الدم من الخزينة العامة للدولة.
وهو ما آثار سخط قبيلة عنس بمحافظة ذمار التي ينتمي إليها المجني عليه، وأصدرت –الثلاثاء الماضي- بيانًا يستنكرون فيه قرار العفو الخاص الصادر عن المشاط، والذي قضى بالإفراج عن المحكوم عليه إبراهيم حسين أحمد مطير، المتهم بقتل المجني عليه طارق بازل الخلقي عمدًا وعدوانًا.
وأعرب أبناء قبيلة عنس في بيانهم – نشر على نطاق واسع في منصات التواصل الاجتماعي- عن رفضهم القاطع للقرار باعتباره تجاوزًا خطيرًا لسلطة القضاء والقوانين النافذة، ويمثل سابقة تهدد الأمن والاستقرار المجتمعي، خاصة أن القضية قد استوفت كافة مراحل التقاضي.
وجدد أبناء القبيلة تمسكم بالحكم النهائي للقضاء، والذي ينص على "تنفيذ حكم القصاص بحق الجاني". محذرين من تداعيات القرار الذي قد يؤدي إلى إثارة الفتن والفوضى وزعزعة الأمن في محافظة ذمار.
وتوالت ردود فعل اليمنيين، قرار المشاط العفو عن القاتل بدون أي مسوغ قانوني أو مبرر والذي وصفوه بالغريب واعتبروه سابقة خطيرة وتجاوز لسلطة القضاء وانتهاكًا لحقوق أولياء الدم وخرقًا لقرارات القضاء.
وفي السياق قال السياسي اليمني المقيم في سويسرا، ياسر اليمني، "لا يحق لا لرئيس ولا لقاضي ولا حتى لرئيس القضاء الأعلى يعفي عن قاتل مجرم حكم عليه بالإعدام لقتله نفس بريئة، فقط من يحق له العفو أولياء الدم".
وأضاف اليماني "هذا لم يحصل على مر التاريخ أن تعفو عن قاتل وتتحولوا أنتم أولياء الدم، إلا إذا أولياء الدم تنازلوا علنا عن قاتل أبيهم أو أخوهم أو ابنهم".
وتابع " يا أخوتنا في حكومة صنعاء هذا ليس قانون وانما ظلم وتدخل في حدود الله وفي حقوق المظلومين".
الكاتب الصحفي الموالي للحوثيين محمد المقالح، قال "ليس من حق المشاط أن يعفي عن قاتل صدر عليه حكم الاعدام في قضية جنائية بحتة".
وأضاف "هذه هي القوانين التي سعوا إلى تغييرها باسم التغيير الجذري"، في إشارة إلى جماعة الحوثي وتعديلها قانون السلطة القضائية في وقت سابق.
الناشط مختار المريري، هو الآخر انتقد قرار المشاط وقال "لو كان إلهاً أو نبياً، لن يسقط العدالة ويضعها تحت قدمه، بهذا الشكل". متابعا "وبعد النظر في الدستور، ربما دستور العائلة".
الصحفي أحمد الصباحي كتب "الحوثي حامي القتلة، لا يكاد يمر يوم إلا وتقع مصيبة على إحدى قبائل اليمن بسبب ممارسات الجماعة الحوثية، وهذه المصائب لها ارتدادها الكبير عليهم، خصوصًا وأنهم يتجاهلون مطالب الناس ويمارسون العنصرية والدونية بحقهم".
وأضاف "قبل أيام، أصدر مهدي المشاط قرارًا بإعفاء القاتل الحوثي إبراهيم مطير، رغم صدور حكم بالإعدام بحقه بسبب قتل طارق الخلقي. أثار هذا القرار غضب مشائخ عنس في ذمار، الذين طالبوا بتحقيق عاجل في دوافعه وتنفيذ الحكم الشرعي".
وزاد "لا ننسَ أيضًا قضية الشيخ صادق أبو شعر الذي أُعدم في أحد شوارع صنعاء على يد عناصر حوثية، ولا تزال الجماعة تتستر على قاتليه. وهناك قضية أخرى مشابهة لشيخ من قبائل بني مطر يحاول الحوثي التستر على القاتل والقبائل ترفض ذلك".
الإعلامي محمد الضبياني غرد بالقول "في عرف الحوثي يتم مكافأة القاتل والمجرم ومنحه امتيازات وعفو وامتهان وإذلال لأهالي المقتول، بل ودفع دية قسرية من أموال الدولة ومقدرات اليمنيين".
واضاف "هذا هو الحوثي بمشروعه المصادم للفطرة والعدالة والإنسانية".
وقال "من خلال هذه المذكرة التي أرسلها المشاط قرر العفو عن قاتل أقرت كل المحاكم بإعدامه، في دين الحوثي وقانونه الخاطئ، يقول للجميع اقتل وليس لك سوى عفو ومكافأة مجانا".
في حين قال نايف عوض "من الآن وصاعداً إذا قُتل أحد اقرباءك فقبل أن تذهب للنيابات والمحاكم وتخسر كل ما فوقك وتحتك، عليك أن تذهب أولا إلى المشاط لتسأله هل سيعدم القاتل ام سيعفو عنه، لكي لا يذهب كل تعبك وخسارتك ادراج الرياح".
القيادي السابق فيما يسمى بالمقاومة الجنوبية عبدالفتاح جماجم يقول "أنا من الناس الذين يطالبون بدعم القضاء واحترامه، لكن كيف يُحترم القضاء إذا أصدر القاضي حكمًا بالإعدام على قاتل، ثم يأتي رئيس المجلس السياسي مهدي المشاط بكل غرابة ليعفو عنه، ويدفع الدية من خزينة الدولة؟!
واعتبر ذلك مهزلة وعار على العدالة، واستهتار بحقوق الضحية وأهلها.
فيما رمزي خالد فاكتفى بالقول "تصرف فردي من المشاط"، مضيفا "مؤمنين باللّٰه لكن شرع اللّٰه هذا مش موجود عند أصحاب صعدة".
أما جبريل خولان فقال "أنا من انصار الله ومن محبي المشاط واحترمه كثيرا، لكن إن صحت هذه الورقة فوالله انها كارثة وهزلت، ولم نقدم آلاف الشهداء لأجل نظلم الناس"، حسب زعمه.
هاني الصالح اعتبر "إلغاء عقوبة إعدام صادرة من القضاء تجاوزًا خطيرًا، خاصة إذا كانت العقوبة تتعلق بحقوق خاصة وليست حقًا عامًا".
وأضاف "العفو عن مثل هذه الأحكام يتطلب مراعاة القانون وحقوق أولياء الدم، لأن احترام القضاء والعدالة لا يُقبل العبث بهما من أي سلطة".
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن صنعاء الحوثي القضاء حقوق أولیاء الدم عن قاتل قرار ا
إقرأ أيضاً:
تهديدات الرئيس المشاط تثير الذعر في كيان العدو.. اليمن يعيد صياغة معادلة الردع في الشرق الأوسط
يمانيون – تحليل
في لحظة سياسية وعسكرية بالغة التعقيد، أطلق الرئيس مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى ، تصريحًا هادئًا في نبرة، صادمًا في مضمونه، أعاد رسم خارطة التهديد الاستراتيجي لكيان العدو الصهيوني، حين أعلن أن اليمن سيتعامل مع الطائرات المعادية التابعة للاحتلال الإسرائيلي بما يحفظ السلامة العامة للملاحة الجوية والبحرية، لكنه نصح شركات الطيران الدولية بتجنّب الأجواء والمسارات التي يستخدمها العدو للاعتداء على اليمن. لم تكن مجرد توصية فنية، بل رسالة حربية شاملة تُقرأ بأكثر من لغة، وعلى أكثر من جبهة.
هذه التهديدات المباشرة من صنعاء، والتي جاءت بعد سلسلة من الضربات الصاروخية والطائرات المسيّرة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، أربكت حسابات العدو الصهيوني وأطلقت موجة من التصريحات المحمومة في الصحافة العبرية والغربية، كشفت عن حجم التهديد الذي تمثله اليمن بالنسبة لـ”إسرائيل”، ليس فقط من زاوية عسكرية، بل من منظور جيوسياسي يتجاوز ساحة الصراع المحدود إلى مشهد إقليمي جديد يتشكل على أنقاض مشروع الهيمنة الأمريكية – الصهيونية.
اليمن .. جبهة بزاوية 360 درجة
في تصريح لافت نُشر في صحيفة “غلوبس” العبرية، قال عقيد في الدفاع الجوي الصهيوني إن اليمن “فتح جبهة تهديد بزاوية 360 درجة”، في تعبير يكشف عن إدراك مؤسسات العدو لحجم التطور النوعي في القدرات اليمنية، سواء من حيث التقنيات أو جرأة التوظيف العملياتي لها.
وأوضح الضابط أن القبة الحديدية تواجه صعوبة كبيرة في اعتراض المسيّرات اليمنية المنخفضة الطيران، مشيرًا إلى أن الاعتماد على المنظومات المحلية بات ضرورة، بسبب الكلفة الباهظة لصواريخ الاعتراض الأمريكية.
وتُظهر المقارنة الرقمية أن صاروخ “باتريوت PAC-3” يكلف بين 6 إلى 13 مليون دولار، بينما تكلف المسيّرة اليمنية أقل من ذلك بأضعاف مضاعفة، ما يعني أن استراتيجية الردع اليمنية نجحت في استنزاف العدو ماديًا قبل أن تُربكه عسكريًا.
المعضلة الدفاعية للعدو.. كهرباء وإلكترونات في مهب الضربات
الأخطر في التصريح العبري هو اعترافه بأن الهجمات اليمنية على مطار اللد (بن غوريون) لم تجد أمامها “دفاعًا محكمًا”، وأن نظام الحماية ليس سوى “كهرباء وإلكترونات”، في تعبير عن هشاشة البنية الدفاعية رغم الدعاية الغربية حول التطور التقني العسكري الصهيوني.
اللافت أن هذا الاعتراف لم يأتِ من محللين أو خصوم، بل من قلب المؤسسة العسكرية الصهيونية، التي أكدت أنها “تتعلم من الهجمات اليمنية” لتحسين أدائها. هذا الاعتراف يُعد أوليًا بتوصيف اليمن كساحة حقيقية لإنتاج وتبادل المعلومات والتكنولوجيا، الأمر الذي يعكس عُمق التحوّل الاستراتيجي في موقع صنعاء من مجرد ساحة “صراع هامشي” إلى مركز إشعاع عسكري ومعلوماتي في قلب المعادلة الإقليمية.
بوليتيكو: تراجع الأولوية الإسرائيلية في استراتيجية واشنطن
وفي السياق ذاته، كشفت مجلة بوليتيكو الأمريكية عن خفايا اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة واليمن، مشيرة إلى أن الاتفاق لم يشمل وقف الهجمات اليمنية على كيان العدو، وهو ما عُدّ تحوّلًا جوهريًا في سياسة واشنطن التقليدية القائمة على “الدفاع المطلق عن أمن إسرائيل”.
ونقلت المجلة عن مسؤولين أمريكيين أن “إسرائيل ليست بمنأى عن سياسة أمريكا أولاً”، وأن أنصار الله لم يكونوا ليوقفوا ضرباتهم حتى لو نصّ الاتفاق على ذلك، في إشارة إلى عمق القناعة الأمريكية بعجز الردع العسكري أمام اليمن، وضرورة اللجوء إلى تسويات سياسية شاملة.
بل إن المجلة نقلت امتعاض منظمات صهيونية بارزة من هذا التوجه، معتبرة أن تجاهل أمن “كيان الاحتلال” في الاتفاق يمثل “سابقة خطيرة”، ويكشف عن تصدّع في التحالف التقليدي بين واشنطن وتل أبيب.
التلغراف البريطانية: فشل ثلاثيني أمام اليمن
من جهتها، أوردت صحيفة التلغراف البريطانية تقريرًا موسعًا تناول ما وصفته بـ”فشل أمريكي بريطاني ثلاثيني أمام اليمن”، مشيرة إلى أن عدد الصواريخ التي أُطلقت في البحر الأحمر خلال الأشهر الـ18 الأخيرة يفوق ما أُطلق خلال 30 عامًا ماضية، ما يعكس حجم الاستنزاف الذي ألحقته صنعاء بالأساطيل الغربية.
وأشارت الصحيفة إلى أن حاملات الطائرات البريطانية باتت مهددة فعليًا، وأن عبورها لمضيق باب المندب يعني دخولها منطقة حرب فعلية، خصوصًا مع تزايد خطر الصواريخ اليمنية التي باتت تستهدف الطائرات من طراز إف-35 وحتى الدرونات الحديثة.
وتضيف الصحيفة أن الولايات المتحدة أنفقت أكثر من مليار دولار خلال فترة وجيزة في محاولة لتحييد التهديد اليمني، دون أن تتمكن من ضمان الأمن الملاحي أو حماية سفنها. بل وصل الأمر إلى إسقاط طائرات مسيرة أمريكية متقدمة من نوع MQ-9 Reaper، وحوادث مؤسفة لطائرات حربية أمريكية على متن حاملات الطائرات، ما يُظهر أن ميزان الخسائر لم يعد يميل لصالح واشنطن.
اليمن يعيد صياغة مفهوم الأمن القومي العربي
ليست المسألة محصورة في مسيّرة هنا أو صاروخ هناك. بل تتعدى ذلك إلى إعادة تعريف مفهوم “الأمن القومي العربي” عبر نموذج يمني غير تقليدي، جمع بين العقيدة والميدان، وبين الإرادة والتكنولوجيا، وبين الجغرافيا والإستراتيجية.
إن الرئيس المشاط، في تهديداته المدروسة، لم يخاطب فقط كيان العدو، بل وجّه رسائل مزدوجة إلى واشنطن ولندن، مفادها أن أمن العدو لم يعد بيدهم، وأن القرار اليمني بات مستقلًا بدرجة غير مسبوقة.
والأهم أن صنعاء لم تعد تقف على الهامش، بل باتت في قلب القرار الاستراتيجي الإقليمي، تُشارك في تحديد مصير الصراع مع الكيان الصهيوني، بل وتُفرض على القوى العظمى كطرف لا يمكن تجاهله أو تجاوزه.
خاتمة
القلق الإسرائيلي المتزايد، والإرباك الأمريكي البريطاني، والردع اليمني المتصاعد، كلها مؤشرات على مشهد استراتيجي جديد يتشكل على وقع صواريخ صنعاء ومسيراتها. في هذا المشهد، لم تعد “إسرائيل” تمتلك حرية المبادرة، ولم تعد واشنطن قادرة على ضمان أمنها، ولم تعد القوى الغربية تملك رفاهية المغامرة.
لقد ولّى زمن التفرد الصهيوني، وبدأ عصر التوازن من خاصرة اليمن، حيث ترتفع راية المقاومة، لا كتكتيك ميداني، بل كخيار استراتيجي شامل يعيد الاعتبار للأمة ويعيد توجيه البوصلة نحو فلسطين، ويضع صنعاء في قلب المعركة الكبرى: معركة التحرر من المشروع الصهيوأمريكي.