سودانايل:
2025-08-01@01:08:06 GMT

الولاية القضائية العالمية وعدم الافلات من العقاب

تاريخ النشر: 22nd, December 2024 GMT

أعرب بعض الخبراء القانونيين عن شكوكهم بشأن فعالية الولاية القضائية الدولية في تحقيق العدالة، خصوصًا في ظل عدم تعاون بعض الدول في إفريقيا وأوروبا وآسيا، إلى جانب التنافس بين القوى الكبرى مثل روسيا والصين والولايات المتحدة. وأكدوا أهمية إدماج ميثاق روما في التشريعات الوطنية لتعزيز تنفيذ الاختصاص الجنائي الدولي.


كما أشار الخبراء إلى نجاحات سابقة للولاية القضائية الدولية، حيث تمت محاكمة رؤساء سابقين في إفريقيا وأوروبا بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وأعمال تعذيب وحشية، مما يدل على إمكانية تحقيق العدالة من خلال التنسيق الدولي.

مفهوم الولاية القضائية الدولية
المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان بدر الدين حمزة يوضح أن مفهوم الولاية القضائية الدولية يرتبط ارتباطًا وثيقًا بمفهوم حقوق الإنسان كقضية دولية. نشأت حقوق الإنسان بعد نضال طويل لشعوب العالم، وهي مستمدة من فلسفة القانون الطبيعي التي تؤكد على الحقوق الأساسية مثل الحق في الحياة الكريمة، منع التعدي على الممتلكات، حرية الفكر، العقيدة، التنقل، والعمل، وغيرها. هذه الحقوق أصبحت، أو ينبغي أن تكون، محمية عالميًا.

ملاحقة ومحاكمة
يرى حمزة أن الولاية القضائية الدولية تُعد أداة أساسية لضمان منع الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وقد تطور هذا المفهوم مع تطور الدول الحديثة التي يُفترض أن تعتمد على نظام عادل ومتوازن يضمن الفصل بين السلطات: التشريعية التي تسن القوانين، التنفيذية التي تخدم مصالح الشعوب، والقضائية التي تضمن تطبيق العدالة بفعالية.

ويشير حمزة إلى أن تطور العلاقات بين الدول ككيانات مستقلة، وما تتطلبه من تبادل المنافع وحماية الأمن والسلام، أدى إلى ضرورة التنسيق الدولي. وبعد الحروب الكبرى والفظائع التي شهدها العالم، برزت الحاجة إلى إطار قانوني دولي يُجرّم الانتهاكات ويُلزم الدول بملاحقة مرتكبيها. وقد تمثل هذا التنسيق في مواثيق الأمم المتحدة التي حددت حقوق الإنسان وفرضت حظرًا على الانتهاكات الجسيمة.

السودان والتطبيقات العالمية
يوضح حمزة أن السودان دخل نطاق تطبيقات الولاية القضائية الدولية بعد الانتهاكات الجسيمة التي شهدتها دارفور بين 2003 و2005. آنذاك، برز القصور في التشريع الجنائي الوطني، مع عجز النظام القضائي عن ملاحقة المشتبه بهم في ارتكاب جرائم مثل الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب. أبرز هؤلاء كان عمر البشير، عبد الرحيم محمد حسين، وأحمد محمد هارون.

وأشار إلى أن عدم توقيع السودان على ميثاق المحكمة الجنائية الدولية لم يمنع إحالة قضايا هؤلاء المتهمين إلى المحكمة عبر مجلس الأمن. وفي محاولة لتجنب المحاكمات الدولية، قام النظام السوداني في عام 2009 بتعديل القانون الجنائي الوطني لتقويض إمكانية ملاحقة المشتبه بهم بموجب الولاية القضائية الدولية.

لكن التعديلات تعارضت مع مبدأ "القانون الأصلح للمتهم"، إذ وقعت الجرائم قبل تعديل القانون، مما جعل محاكمتهم داخليًا غير عادلة وفقًا للمعايير القانونية الدولية، وفتح المجال لإفلاتهم من العقاب. وأكد حمزة أن محاكمتهم في الخارج باتت ضرورة إنسانية لتحقيق العدالة الدولية وإنصاف الضحايا.

القتل الممنهج
بحسب حمزة، فإن تعديل القانون الجنائي السوداني في 2009، مع المواثيق الدولية ذات الصلة، كان أساسًا لتحريك الإجراءات القانونية الدولية ضد البشير وأعوانه على خلفية انتهاكات دارفور (2003-2005). كما فتح المجال للتحقيق في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة خلال الحراك الثوري منذ 2018، والحرب الوحشية المستمرة حاليًا.

وذكر أن الجرائم الموثقة، مثل القتل الممنهج للمدنيين، الاغتصاب، التعدي على المناطق السكنية، واستخدام المدنيين كدروع بشرية، تخضع لنطاق القانون الجنائي السوداني (المواد 186-1992). ومع ذلك، فإن عجز الأجهزة القضائية الوطنية عن ملاحقة مرتكبي هذه الجرائم يجعل المسؤولية تقع على عاتق الولاية القضائية الدولية والشعب السوداني.

دعوة للعمل المشترك
حمزة شدد على أهمية دور المنظمات الحقوقية والقانونية، سواء داخل السودان أو خارجه، في توثيق الانتهاكات، رصد الضحايا والجناة، والضغط المستمر لضمان ملاحقة المتورطين وإنصاف الضحايا. وأكد أن تحقيق العدالة يتطلب تعاونًا دوليًا منسقًا وجهودًا متواصلة لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

الاختصاص المكاني:
المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان، سمير مكين، يوضح أن مفهوم الولاية القضائية يعني في بعض الحالات أن تمتلك دول معينة، وفق شروط محددة، الحق في النظر في قضايا تتعلق بجرائم ارتكبها متهمون خارج حدودها. هذا المفهوم يعد استثناءً من القاعدة العامة في القانون التي تنص على محاكمة الجاني في مكان وقوع الجريمة. وقد تبنى الفكر القانوني الجنائي الدولي هذا الاستثناء لأسباب تتعلق بتحقيق العدالة، وهو ما تجسد في اتفاقيات دولية مثل اتفاقية مناهضة التعذيب، التي تمنح الدول الموقعة عليها الحق في ملاحقة مرتكبي جرائم التعذيب بغض النظر عن مكان وقوع الجريمة.

فيما يخص الاختصاص الجنائي الدولي، يشير مكين إلى أن ميثاق روما يمنح الدول الموقعة عليه صلاحية ممارسة هذا الاختصاص على الجرائم التي تندرج ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. ومع ذلك، يتساءل مكين عن مدى تطبيق هذا المبدأ على الجرائم المرتكبة في السودان، سواء الحالية أو السابقة. ويرى أن ذلك يعتمد على إدراج ميثاق روما في القوانين الوطنية للدول الموقعة، وهو ما يواجه تحديات عدة، أبرزها عدم رغبة بعض الحكومات في تنفيذ التزاماتها، رغم توقيعها ومصادقتها على الميثاق. مثال على ذلك هو تهريب الرئيس السوداني السابق، عمر البشير، من جنوب إفريقيا، رغم التزاماتها الدولية.

كما يشير مكين إلى أهمية دور منظمات المجتمع المدني في بناء قضايا تستند إلى أدلة واضحة وتحقيقات مهنية تشمل الضحايا والجناة المباشرين والمسؤولين عن الانتهاكات، وذلك وفق مبدأ "مسؤولية القائد". وأكد أهمية التنسيق بين المنظمات الإقليمية والدولية لتحقيق العدالة.

وفيما يتعلق بالسوابق الناجحة، أشار مكين إلى محاكمة الرئيس التشادي الأسبق حسين حبري، ومحاكمة الجنرال أوغستو بينوشيه في إسبانيا، إضافة إلى محاكمات رموز النظام السوري السابق في ألمانيا، المتهمين بارتكاب جرائم تعذيب وقتل خارج إطار القانون.

تقرير: حسين سعد  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: حقوق الإنسان

إقرأ أيضاً:

والي كسلا: الولاية حريصة على أن تكون وجهة جاذبة للعلاج في التخصصات الدقيقة

أكد والي ولاية كسلا المكلف، اللواء ركن (م) الصادق محمد الأزرق، حرص حكومة الولاية على تطوير القطاع الصحي لتصبح كسلا وجهة جاذبة للعلاج والاستشفاء، لا سيما في التخصصات الطبية الدقيقة، ضمن برنامج توطين العلاج داخل الولاية.جاء ذلك لدى تشريفه فعاليات انعقاد امتحان الجزء الثاني السريري لاختصاص جراحة المخ والأعصاب، والذي استضافه مستشفى المبارك التخصصي، بمشاركة (9) أطباء، وبحضور اللواء طبيب دكتور زكريا إبراهيم، رئيس مجلس جراحة المخ والأعصاب، وممثلين لجامعتي كسلا والشرق، وعدد من المختصين في المجال الطبي.وأشاد الوالي بجهود إدارة المستشفى في استضافة الامتحان، معتبرًا الخطوة انعكاسًا لاهتمام المستشفى بتطوير الخدمات الطبية والمساهمة في تأهيل الكوادر ضمن المسيرة القومية.وأوضح أن مشاركة 9 أطباء في هذا الامتحان تمثل قيمة مضافة توازي تدريب نحو 90 طبيبًا، نظرًا لأهمية التخصص وندرته.وأشار إلى أن الولاية تطمح لإقامة شراكات فاعلة بين المؤسسات الصحية والأكاديمية في مجالي التدريب والتأهيل، مؤكدًا أن تأهيل مركز متكامل بمستشفى المبارك يهدف لخدمة الحالات المرتبطة بأمراض المخ والأعصاب.وأضاف أن هذه ليست المرة الأولى التي تستضيف فيها كسلا فعاليات علمية مماثلة، حيث سبق أن نظمت امتحانات للنواب الاختصاصيين ومهنة القانون، مما يعكس جاهزية الولاية وبيئتها الملائمة.ونوّه الوالي إلى أن الحرب، رغم مآسيها، قد أسفرت عن استقطاب عدد من الكفاءات الطبية والعلمية إلى كسلا، الأمر الذي ساهم في إثراء مؤسساتها التعليمية والصحية، مشيرًا إلى أن توافد الطلاب والباحثين للعلاج يعزز من مكانة كسلا كمدينة طبية واعدة.من جهته أكد وزير الصحة المكلف بولاية كسلا، دكتور علي آدم، أهمية الحدث وما يحمله من دلالات، مشيرًا إلى أنه يأتي في إطار شعار “الاستثمار في المجال الصحي”، مضيفًا أن استضافة الامتحان تسهم في رفد الولاية والسودان عمومًا بكوادر جديدة في تخصصات دقيقة.كما عبّر رئيس مجلس جراحة المخ والأعصاب عن سعادته بنجاح التجربة الأولى لعقد الامتحان في كسلا، مقدرًا جهود حكومة الولاية وإدارة مستشفى المبارك في تهيئة البيئة المناسبة، ومثمّناً تعاون المجتمع المحلي في هذا الإنجاز.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • البرلمان العربي يدعو إلى إطلاق مبادرة تحالف البرلمانات من أجل عدالة دولية بلا تمييز
  • حكومة الولاية الشمالية تؤكد وقوفها مع المنظمات الوطنية والدولية!
  • لطفي بوجمعة : ” الحركية الكبيرة التي يعرفها القطاع نرى نتائجها مع تحقيق الإقلاع الرقمي وانفاذ الإدارة القضائية الإلكترونية”
  • والي كسلا: الولاية حريصة على أن تكون وجهة جاذبة للعلاج في التخصصات الدقيقة
  • المارديني لـ سانا: تُقدّر قيمة سوق الإعلانات في المطارات العالمية بنحو 4.24 مليارات دولار في عام 2024، وتسعى فليك إلى إدماج مطارات سوريا في هذا السوق، من خلال تقديم حلول إعلانية حديثة تواكب المعايير الدولية
  • المتحدث باسم وزارة الداخلية نور الدين البابا: مزاعم الحصار دعاية أطلقتها المجموعات الخارجة عن القانون لتسويق فتح معابرغير نظامية مع محيط السويداء داخل الجمهورية، وخارجها، لإنعاش تجارة السلاح والكبتاغون التي تشكل مصدر تمويل أساسي لهذه المجموعات
  • طاهر الخولي: الدستور يُقر بقانون الإيجار القديم ضمنيا إذا لم يُصدره الرئيس خلال 30 يومًا
  • وزارة العدل تشارك في ورشة أممية حول العدالة وسيادة القانون
  • رئيس لجنة تنسيق الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة: إسرائيل تتجاهل الأعراف الدولية
  • بعد القبض على رمضان صبحي في مطار القاهرة.. تعرف على الاتهامات والعقوبة التي يواجهها