هديل غبّون

عمّان، الأردن(CNN)-- دشن وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، الإثنين، أولى تحركات بلاده الدبلوماسية المعلنة نحو دمشق بعد قرابة أسبوعين من سقوط النظام السوري السابق، الذي أطاحت به هيئة تحرير الشام بقيادة أحمد الشرع، في مبادرة وصفها مراقبون "بالإيجابية الواسعة"، لتتجاوز عمّان محاولات متواصلة لم تنجح حتى مساء أمس، في تسيير وفد عربي مشترك للقاء الإدارة السورية الجديدة.

جاءت زيارة الصفدي كأول وزير خارجية عربي إلى دمشق، محمّلة بتركة "ثقيلة" من الملفات المشتركة تتصدرها مكافحة تهريب المخدرات والأسلحة عبر الواجهة الشمالية للمملكة وعودة اللاجئين وأمن الحدود ومحاربة "الإرهاب".

ولم يغب عن هذا التحرك، الهواجس الأردنية حيال الأوضاع الأمنية والعسكرية على الأراضي السورية، بما فيما تمدد "إسرائيل" نحو مناطق محاذية للحدود الأردنية السورية ومنطقة حوض اليرموك وسد الوحدة، حيث يرتبط الأردن بحقوق مائية وغيرها، مع دمشق من خلال الاتفاقية العربية المشتركة لإدارة مياه حوض اليرموك، ومع الجانب الاسرائيلي من خلال اتفاقية السلام الموقعة عام 1994.

في هذه الأثناء، يرى سياسيون بأن تحرّك الصفدي "الإيجابي" العلني، يصّب في المصلحة الاستراتيجية للأردن، في بادرة سريعة لتلافي تكرار سيناريو "العراق" في عام 2003 الذي دفع بإيران لبسط نفوذها، مع عزوف الدول العربية آنذاك عن التدخل.

ومن هنا، يرى الباحث والوزير الأردني الأسبق محمد أبو رمان، في تصريحات لموقع CNN بالعربية، بأن خطوة "الصفدي" تعكس بداية انفتاح أردني واسع على الإدارة السورية الجديدة، بعد أن أسس الأردن لهذه الخطوة عبر بوابة "اجتماع العقبة"، وفقا له.

ويعتقد أبو رمان أن التحرك العلني اليوم، جاء بعد اتصالات في القنوات الخلفية منذ الأيام الأولى لسقوط النظام السوري السابق، لافتا أن رسالتي طمأنة وجهتها هيئة تحرير الشام للمملكة في وقت سابق قبل وصول المعارضة إلى دمشق، ساهمت في تسريع هذا التحرك، عدا عن عدم استهداف الهيئة للأردن بخلاف تنظيم داعش، ما ساهم أيضًا في تبديد الخلفية التاريخية غير المشجعة التي ربطت الأردن بالهيئة لانضمام أعداد من الأردنيين لها للقتال في سوريا سابقًا، إضافة إلى التحوّل الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي للهيئة، بحسب ما يرى أبو رمان.

وسارع الأردن إلى جسر العلاقات مع دول الجوار في مقدمتها تركيا التي كان وزير خارجيتها ضيفا رئيسيًا على اجتماع العقبة، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، فيما تواظب عمّان على أن تقوم لجنة الاتصال الوزارية العربية بدور مشترك في الملف السوري مع الإدارة الجديدة، كما في مبادرة خطوة مقابل خطوة في أواخر عهد النظام السابق، إلا أن "فجوات" في المواقف العربية تجاه التطورات في سوريا، حالت دون "تسيير وفد عربي مشترك إلى دمشق"، وفقًا لأبو رمان.

ويوضح أبو رمان بالقول :"حتى منتصف ليلة أمس كانت هناك اتصالات أردنية لأن يكون هذا التحرك من خلال زيارة وفد عربي مشترك لكنها لم تتم. الأردن فضّل ألا ينتظر أكثر، هذه الزيارة مقدمة لانفتاح ملحوظ وفقا لمتطلبات أردنية واضحة عبّر عنها الصفدي في لقائه بالشرع وفي إعلان العقبة، يقوم أهمها على بناء نظام سياسي سوري متعدد، يحتضن الجميع وفقا لحوار وطني داخلي لا يقصي أحدًا، وأن يكون النظام السياسي مدنيًا وليس إسلاميًا بالمعنى الأيديولوجي"، بحسب تعبيره.

وفيما لا يدخر الأردن جهدًا في بناء موقف عربي موحد حيال سوريا الجديدة، إلا أن "قلقا كبيرًا" أيضًا يساوره بشأن التقدم الإسرائيلي في الأراضي السورية، ما دفعه لاتخاذ هذه الخطوات المتسارعة، حتى على مستوى مسار المساعدات الإنسانية.

ويضيف أبو رمان: "الأردن يشعر بقلق شديد من تقدم إسرائيل في المنطقة وسوريا الذي يضر بالأمن الوطني الأردني وبمصالحه المائية. في سوريا، المناطق التي سيطرت عليها إسرائيل تتضمن مصادر مياه للأردن حصة فيها. بكل وضوح الأردن لديه خشية أن يكون لإسرائيل أجندة تصل الجولان بالسويداء، ولذلك بدا الحرص واضحًا على ضرورة دعم تشكل نظام سوري سياسي جديد بالمتطلبات المعلنة".

ويربط الأردن تطور تحركاته نحو دمشق، باستقرار "مؤسسات الدولة السورية"، كما يبقي موقفه حيال مسار العقوبات المفروضة على سوريا، رهنا بالإطار الأممي، بحسب ما أكدت مصادر مطلعة لموقع CNN بالعربية، بما في ذلك قانون "قيصر".

ويعتبر تهريب المخدرات والسلاح عبر الواجهة الشمالية واحدة من أكثر الملفات تعقيدًا، حيث أكد الوزير الصفدي خلال تصريحاته الاثنين باستمرار وجود عمليات تهريب، فيما لم تصدر بيانات "رسمية" عن القوات المسلحة الأردنية بشأن هذه العمليات خلال الأسبوعين الماضيين على الأقل عبر الواجهة الشمالية.

ولم يقف التقدّم الأردني المعلن نحو دمشق، عند الحراك السياسي والدبلوماسي، إذ شكّلت خطوة استئناف حركة الشحن التجاري إلى الأراضي السورية قبل أيام، خطوة استراتيجية نحو تنشيط الاقتصاد البيني، عبر تشكيل "خلية أزمة" في المنطقة الحرة المشتركة، وفق تصريحات سابقة لوزير الصناعة والتجارة الأردني يعرب القضاة، إذ تم السماح للشاحنات بالمرور من الأردن إلى سوريا وإلى الأردن إلى الدول الأخرى.

وفي ملف اللجوء السوري، صدرت عدة تأكيدات على لسان مسؤولين أردنيين بأن عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم "هي عودة طوعية" بالضرورة، وأشارت تسريبات وسائل إعلام محلية بأن 12800 سوري غالبيتهم من المصنفين بغير اللاجئين في مفوضية شؤون اللاجئين، قد عادوا إلى بلادهم منذ سقوط النظام.

يستضيف الأردن نحو مليون و300 ألف سوري، يقطن نحو 10% منهم فقط مخيمّات اللجوء.

وفي أحدث القرارات أيضًا، أعلنت وزارة الداخلية الأردنية، تسهيل حركة السفر لفئات جديدة من الأردنيين والسوريين إلى الأراضي السورية عبر معبر جابر الحدودي شمال المملكة، لغايات ما أسمته "رفد الاقتصاد الوطني" حسب إجراءات السفر المتبعة، بمن فيهم المستثمرين ورجال الأعمال والطلبة الأردنيين والوفود الاقتصادية الأردنية، والمستثمرين السوريين وعائلاتهم والسوريين الذين تجنسوا بالجنسية الأردنية.

الأردنسوريانشر الاثنين، 23 ديسمبر / كانون الأول 2024تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2024 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

كلمات دلالية: الأراضی السوریة نحو دمشق أبو رمان

إقرأ أيضاً:

التربية السورية تستعد لإطلاق حملة إعلامية توعوية حول العودة إلى المدارس بالتعاون مع اليونيسيف

دمشق-سانا

تستعد وزارة التربية والتعليم السورية، بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف”، لإطلاق حملة إعلامية توعوية حول العودة إلى المدارس مع بداية العام الدراسي الجديد.

وتهدف الحملة التي تمت مناقشتها اليوم خلال اجتماع بوزارة التربية ضم المسؤولين الإعلاميين من الجانبين، إلى زيادة معدلات الالتحاق بالتعليم والاستمرارية والبقاء في العملية التعليمية وعدم التسرب، وتتضمن استراتيجيات مبتكرة لتحفيز الطلاب وتشجيعهم على استئناف تعليمهم من خلال رسائل إعلامية واقعية تُبرز قيمة التعلم في حياة الفرد وتأثيره الإيجابي في الصحة النفسية والجسدية.

وتشمل الحملة التركيز على استقصاء البيئة المدرسية وتقييم المستلزمات الضرورية لضمان توفير بيئة تعليمية آمنة وصحية، حيث تعد هذه الخطوة ضرورية لتأمين سلامة الطلاب وتجهيز المدارس لعودتهم بشكل مُنظم ومطمئن.

كما تسلط الحملة الضوء على الأطفال غير الملتحقين بالمدرسة، حيث سيتم تصميم استراتيجيات مخصصة لاستقطاب هؤلاء الأطفال وتحفيزهم للعودة إلى التعليم، حيث يُعتبر هذا الجانب جزءاً أساسياً من الجهود الرامية إلى تحقيق التعليم للجميع، ودعم الفئات الأكثر حاجة.

وتتمثل الحملة الإعلامية في جانب تلفزيوني وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، من خلال بث فلاشات توعوية تعزز وتدفع عملية الالتحاق بالمدرسة، وكذلك فلاشات إذاعية عبر الإذاعات المحلية، تدعو إلى الالتحاق بالتعليم باعتباره نواة تطور المجتمع وتقدمه.

اليونيسيف وزارة التربية والتعليم السورية 2025-07-29suhaسابق 15 شركة محلية وعربية وأجنبية ترغب بالاستثمار في مجال الإسمنت في سوريا انظر ايضاً التربية: تأجيل امتحانات المواد المتبقية لطلاب الشهادة الثانوية في السويداء إلى موعد يحدد لاحقاً

دمشق-سانا أعلنت وزارة التربية والتعليم السورية اليوم، تأجيل امتحانات الشهادة الثانوية العامة للفرعين العلمي والأدبي

آخر الأخبار 2025-07-29التربية السورية تستعد لإطلاق حملة إعلامية توعوية حول العودة إلى المدارس بالتعاون مع اليونيسيف 2025-07-2915 شركة محلية وعربية وأجنبية ترغب بالاستثمار في مجال الإسمنت في سوريا 2025-07-29وزير الخارجية والمغتربين يستقبل سفير الصين لدى سوريا لبحث تعزيز التعاون الثنائي 2025-07-29الأمن الداخلي بحماة ينفي الهجوم على القصر العدلي ويؤكد استقرار الأوضاع 2025-07-29وزير التعليم العالي: الوزارة تضع دعم الجامعات الخاصة على سلم أولوياتها 2025-07-29وكالات أممية تحذر من أن غزة تواجه خطر المجاعة الشديد 2025-07-29التعليم العالي ومحافظة ريف دمشق تناقشان آلية الاستفادة من مشاريع وأبحاث الطلاب 2025-07-29غوتيريش: غزة على شفا المجاعة ويجب تدفق المساعدات إليها بشكل كبير 2025-07-29التربية السورية ونقابة المعلمين تناقشان سبل تطوير قدرات المعلمين وتحسين أوضاعهم 2025-07-29مساعدات طبية نوعية تعزز القطاع الصحي بدير الزور بدعم من مؤسسة إغاثية

صور من سورية منوعات اكتشاف بصمة يد عمرها 4 آلاف عام على أثر طيني مصري 2025-07-28 رجل صيني يثير جدلاً بتحويل سيارته إلى حوض أسماك متنقل 2025-07-28
مواقع صديقة أسعار العملات رسائل سانا هيئة التحرير اتصل بنا للإعلان على موقعنا
Powered by sana | Designed by team to develop the softwarethemetf © Copyright 2025, All Rights Reserved

مقالات مشابهة

  • “البوتاس العربية” و”الفوسفات الأردنية” توقعان اتفاقية لإنشاء مجمع صناعي متكامل لإنتاج حامض الفوسفوريك والأسمدة المتخصصة
  • رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في سوريا ستيفان ساكاليان لـ سانا: التنسيق مستمر مع السلطات السورية في دمشق وجميع الجهات الفاعلة على الأرض في محافظة السويداء لدعم الاستجابة الإنسانية فيها
  • الشبلي: الجهود الإغاثية الأردنية لغزة مستمرة منذ بداية الحرب
  • التربية السورية تستعد لإطلاق حملة إعلامية توعوية حول العودة إلى المدارس بالتعاون مع اليونيسيف
  • الملك عبدﷲ الثاني: ألمانيا تدعم الجهود الأردنية لتعزيز السلام
  • خلال استقباله السفير الأردني.. رئيس جامعة القاهرة يشيد بعمق العلاقات المصرية الأردنية
  • حمزة: تلقينا حتى الآن تأكيدات بمشاركات دولية كبيرة إضافة إلى مشاركة فاعلة من المحافظات السورية والقطاعات الصناعية والزراعية والحرفية وهو ما يجعل من هذه الدورة منصة وطنية شاملة تعبر عن قدرات سوريا وتنوعها
  • المومني يؤكد: المساعدات الأردنية لغزة ثابتة ونرفض الأصوات المشككة
  • 4 انفجارات متتالية تهز العاصمة السورية دمشق
  • انقسام بالمنصات الأردنية حول عبلي.. حرية تعبير أم تهديد للأمن؟