وزير الاقتصاد السوري يتحدث للجزيرة نت عن خطط إنقاذ الليرة و الإعمار والذهب
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
دمشق- تواجه حكومة تصريف الأعمال السورية تحديات ضخمة بعد أن ترك النظام السابق دولة منهارة في جميع القطاعات، وعلى رأسها القطاع الاقتصادي، في جميع المجالات التي تُعد هي الأساس في بناء الدولة وقوتها، وفق وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال، باسل عبد الحنان.
وقال عبد الحنان في لقاء خاص مع الجزيرة نت إن التَرِكة الاقتصادية التي خلفها الأسد هي منظومة من الفساد تحتاج أولا إلى تقييم، لأن الرؤية والتصور السابق عن حجم الفساد الموجود في المؤسسات والقطاع الاقتصادي دون الواقع.
وأضاف الوزير السوري: "حجم الفساد كان أكبر بكثير من المتوقع، بالإضافة إلى الترهل الإداري بالبطالة المقنعة والتشريعات والنظم الجديدة التي قنّنت الفساد، لذلك نحن في مرحلة تقييم واقع وإعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية الموجودة".
وأشار إلى أن "إعادة هيكلة الاقتصاد ستكون لتحويل الاقتصاد الذي كان أساسه اشتراكي ثم تحول إلى شمولي دكتاتوري فاسد إلى اقتصاد السوق الحر المفتوح وهذه الهيكلة ضرورية لتحقيق الانتقال".
العقوبات وإعادة الأعماروقال عبد الحنان إن تأثير العقوبات المفروضة كبير، خاصة على إعادة الإعمار لأنها تتطلب استثمارات في البنى التحتية بقطاع توليد الكهرباء والمياه والصناعات المتقدمة، مضيفا أن هذه القطاعات تحتاج دخول شركات قوية في حين أن العقوبات تعيق دخول هذه الشركات من أجل إعادة الإعمار.
إعلانوأشار إلى أن العديد من المنظمات المحلية والدولية أرسلت مندوبين لها لوضع خطط وتقييم احتياجات وأولويات من أجل إعادة الإعمار، وأن هناك تواصلا مع الجهات الدولية المعنية بهذا الموضوع من أجل تسريع هذا الأمر وتنظيمه بشكل صحيح.
ولفت الوزير السوري في حكومة تصريف الأعمال إلى أنه لا يمكن توقع زمن محدد لإعادة الإعمار قبل تقييم الاحتياجات، مشيرًا إلى جهود من منظمات العمل الإنساني بالإضافة للسورين الموجودين بالخارج، ويرغبون بالعودة إلى وطنهم، مما سيسهم في تسريع إعادة الإعمار بصورة كبيرة وخاصة بالمناطق الأكثر دمارا.
العامل الأهم لتقوية الليرة الإنتاج والتصدير لإدخال عملة صعبة لزيادة الاحتياط النقدي من العملة الصعبة
إنقاذ العملةوعن خطة إنقاذ العملة السورية من الانهيار، قال عبد الحنّان إن الهدف الرئيسي أولا هو تثبيت سعر الصرف من أجل استقرار الأسواق وتحريك عجلة التبادل التجاري.
وأضاف أنه في المستقبل ومع تحرك عجلة الإنتاج والبدء بالتصدير سيكون ثمة خطوات ترفع من قيمة الليرة السورية، لكن الواقع الحالي يحتاج إلى جهود كبيرة بالإضافة إلى تضافر جميع الجهود.
وأوضح أن العامل الأهم لتقوية الليرة هو الإنتاج والتصدير لإدخال عملة صعبة وزيادة الاحتياط النقدي منها، وبالتالي ازدياد قوة العملة، فضلًا عن تحقيق استقرار في سعر الصرف لاستقرار حركة التداول التجاري والنقدي.
سوق العملات لدينا سوق مفتوحة وأي تاجر يريد التداول بالليرة التركية أو الدولار أو الليرة السورية فلا خلاف على ذلك لكن العملة الرئيسية هي الليرة السورية.
وأكد أن العملة الرئيسية في سوريا هي الليرة السورية، خاصة مع انتشارها في معظم المحافظات السورية، بالإضافة إلى أن ثمة خطة لاستبدال العملة المهترئة في البنك المركزي، واستبدال بعض الفئات الأخرى.
أما عن العملات الأخرى مثل الليرة التركية والدولار، قال عبد الحنّان: "سوق العملات لدينا سوق مفتوحة وأي تاجر يريد التداول بالليرة التركية أو الدولار أو الليرة السورية فلا خلاف على ذلك لكن العملة الرئيسية هي الليرة السورية".
اقتصاد حر تنافسيوأشار إلى أن الاقتصاد في سوريا القادمة سيكون حرًا تنافسيًا مع تطبيق سياسات حماية المنتج المحلي، للتركيز على القطاع الصناعي ودعمه بشكل كبير لتحفيزه، بالإضافة لدعم وحماية القطاع الزراعي الذي يُعد القطاع الأساسي في سوريا.
إعلانوأشار إلى أن دور الدولة سيكون رقابيًا تنظيميًا فقط حتى في قطاعات الصحة والتعليم، وفي حال وجود جهات استثمارية في هذا المجال سيكون مرحبا بها بشكل كبير، والدور الرئيسي للحكومة هو تقديم الخدمات في هذه القطاعات "الصحة والتعليم".
ونوه بأن البيئة اليوم في سوريا هي بيئة ما بعد الحرب، وأنها أنسب بيئة اقتصادية للاستثمار، مشيرا إلى إصدار حزم مع بداية العام من أجل تحفيز الاستثمار وتشجيع عودة المستثمرين في دول اللجوء والتهجير، مما سيجعل حجم الاستثمار كبيرًا، وأكد أن وجود محاولات من أجل جذب استثمارات من دول الخليج ومصر وحتى من الدول الغربية.
ثمة خطة لاستبدال العملة المهترئة في البنك المركزي بالإضافة إلى استبدال بعض الفئات الأخرى
عائدات النفطأما عن تعامل حكومة دمشق مع ملف النفط، قال الوزير إن هذه الثروات من النفط والفوسفات وغيرها من الموارد الطبيعية سيتم استغلالها بشكل جيد، لترفد الخزينة العامة بأكبر قدر من النقد الأجنبي، بالإضافة لتوفير الاحتياجات وخفض فاتورة استيراد النفط.
وأشار إلى أن نظام الأسد لم يكن ينشر إحصاءات صحيحة بشأن ملف النفط بحكم سيطرة القصر الجمهوري سابقا على هذه الملفات، قائلا: "نحن الآن في طور إعادة التقييم والتقدير".
العديد من الشركات أبدت رغبتها بالاستثمار في قطاع المشتقات النفطية وقطاع الكهرباء وغيره من القطاعات
وأضاف أن المصافي النفطية الموجودة في سوريا تحتاج إلى إعادة تأهيل، لأنها مترهلة وعمرها أكثر من 50 عاما ولم يتم أي تحديث أو تطوير فيها.
وأشار إلى أن تطوير هذه المصافي وإنشاء مصاف جديدة سيتم من خلال عرض مشاريع استثمارية في البنى التحتية في جميع القطاعات، عن طريق حزمة ستعرض على المستثمرين والشركات الراغبة، موضحًا أن العديد من الشركات أبدت رغبتها بالاستثمار في قطاع المشتقات النفطية وقطاع الكهرباء وغيره من القطاعات.
ثمة حزم ستصدر مع بداية العام من أجل تحفيز الاستثمار وتشجيع عودة المستثمرين في دول اللجوء والتهجير
الأموال المنهوبةوقال عبد الحنان: "وردتنا معلومات من أسواق الدول المجاورة عن كميات كبيرة من الذهب معروضة في الأسواق وغيرها من العملة الصعبة من فلول النظام الذين هربوا وسرقوا الخزينة العامة".
إعلانوأضاف: "إلى الآن لا توجد إحصائية واضحة ويتم جرد موجودات والتزامات البنك المركزي.. لأن الكتلة المالية ترحّل بشكل يومي من البنوك إلى البنك المركزي وثمة التزامات على البنك".
ودعا الوزير إلى المزيد من تكاتف المجتمع بكافة شرائحه من صناع وتجار ورجال الأعمال ومستثمرين مع الحكومة للنهوض بالاقتصاد لاختصار المراحل الزمنية لتحقيق المستهدف.
وحث عبد الحنّان رجال الأعمال السوريين الذين هُجّروا منذ عام 1960، لا سيما خلال سنوات الثورة بفعل "النظام الفاسد"، داعيا إياهم إلى العودة إلى "سوريا الحرة"، من أجل المساهمة في البناء، حيث ستكون الحكومة "تكنوقراط" تشجع الاستثمار الحر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اللیرة السوریة إعادة الإعمار البنک المرکزی بالإضافة إلى وأشار إلى أن فی سوریا من أجل
إقرأ أيضاً:
خبراء يقيّمون للجزيرة نت موقف حزب الله من قصف إسرائيل لإيران
بيروت ـ في لحظة إقليمية حرجة، شنت إسرائيل هجوما جويا واسع النطاق، على أهداف داخل الأراضي الإيرانية، أطلقت عليه اسم "الأسد الصاعد"، مستهدفة ما وصفتها بـ"عشرات المواقع النووية والعسكرية"، من أبرزها منشأة نطنز، ومقرات تابعة للجيش والحرس الثوري.
ومع إعلان طهران، أنها سترد بقوة على الهجوم الإسرائيلي تتجه الأنظار إلى "محور المقاومة"، لا سيما إلى حزب الله اللبناني، الحليف الإستراتيجي لطهران، وسط تساؤلات متزايدة: هل سيكون الحزب جزءا من الرد الإيراني، أم سيكتفي بالمراقبة في ظل توازنات داخلية وإقليمية معقدة؟
ويرى محللون تحدثوا للجزيرة نت، أن الوضع الحالي، رغم تصعيده اللافت، لا يستدعي تدخلا عسكريا مباشرا من حزب الله، مشيرين إلى أن طبيعة الصراع لا تزال ديناميكية ولم تبلغ حد التهديد الوجودي للنظام الإيراني.
وبحسب هؤلاء، فإن إيران، رغم المساس بسيادتها، تسعى -انطلاقا من منطق الدولة- إلى تولي الرد بنفسها لإثبات قدرتها على الردع، والحفاظ على مكانتها الإقليمية والدولية. فـ"أي رد يصدر من خارج مؤسسات الدولة، أو ينفذ من حلفائها، قد ينظر إليه كعلامة ضعف، ويفقد قيمته الاعتبارية"، بحسب ما أكد أكثر من خبير.
الكاتب والمحلل السياسي علي حيدر اعتبر في حديثه للجزيرة نت، أن قراءة المشهد الإقليمي تتطلب فهما لطبيعته المتغيرة، فهو ليس مسارا خطيا بل تطور دائم التأثر بمتغيرات داخلية وخارجية.
ويرى حيدر، أن التدخل العسكري من حزب الله "غير مطروح في الوقت الحالي"، مضيفا أن "المعطيات لا تفرض على الحزب أن يزج بنفسه في مواجهة مباشرة، خاصة أن الهجوم، رغم خطورته، لا يشكل تهديدا وجوديا فوريا لإيران".
إعلانوعن موقف طهران، أوضح حيدر أن إيران نفسها، رغم تعرض أراضيها لهجوم مباشر، لا تحتاج إلى دعم حلفائها في هذه المرحلة، قائلا "الرد الإيراني المباشر هو الخيار الطبيعي والمنطقي، كونه يعكس قدرة الدولة على حماية سيادتها، كما يؤكد مركزية القرار الإيراني".
واستشهد حيدر بمواقف سابقة للأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله، الذي كان يشدد دوما على أن إيران سترد بنفسها في حال تعرضت لعدوان مباشر، معتبرا أن "الاستعانة بالحلفاء في هذه الحالة قد تفسر على أنها نقطة ضعف".
وخلص حيدر إلى أن "مرحلة تهديد النظام الإيراني، إن حصلت، ستشكل مستوى مختلفا من التصعيد، وقد تفتح الجبهات على مصراعيها، بما فيها الجبهة اللبنانية. أما حتى اللحظة، فلا مؤشرات على نية إسرائيل استهداف حزب الله مباشرة، وعليه لا تبدو هناك ضرورة لتغيير تموضع الحزب الحالي".
عاجل | رويترز عن مسؤول في #حزب_الله: الحزب لن يبادر بمهاجمة إسرائيل ردا على غاراتها على #إيران pic.twitter.com/82zvNxKTVR
— قناة الجزيرة (@AJArabic) June 13, 2025
الرد الحتميمن جهته، رأى المحلل السياسي توفيق شومان، أن الهجوم الإسرائيلي يعد "اعتداء سافرا على دولة ذات سيادة لها حضور فاعل على المستويين الإقليمي والدولي"، مؤكدا في حديثه للجزيرة نت، أن "الرد الإيراني الحتمي يجب أن يصدر من الدولة نفسها، لا من وكلائها أو حلفائها".
ويؤكد شومان أن "القيمة المعنوية والسياسية لأي رد، لا تتحقق إلا إذا جاء من مؤسسات الدولة الإيرانية، بما يُظهر قدرتها الذاتية على الردع"، موضحا أن الرد من حلفاء، مثل حزب الله قد يُضعف الرسالة السياسية التي تسعى طهران إلى توجيهها، خاصة للمجتمع الدولي.
ويضيف "منطق الدولة يحتم أن تكون الجهة المعتدى عليها هي المسؤولة عن الرد، وهذا ما ينطبق على إيران الآن. فالمسألة لم تعد تتعلق بتقديرات ميدانية أو تكتيكية، بل بهيبة الدولة ومكانتها الإستراتيجية".
إعلانوفي تقديره، فإن إيران ستسعى إلى تنفيذ رد محسوب، يردع إسرائيل دون أن يؤدي إلى انفجار إقليمي شامل، في الوقت ذاته لن تُفرط في صمت قد يُفسّر على أنه تراجع.
بيان حزب اللهبين الرد المباشر والمراقبة المحسوبة، يجد حزب الله نفسه في موقع حساس. فمن جهة، يشكل جزءا من "محور المقاومة"، ومن جهة أخرى، يرزح لبنان تحت أعباء اقتصادية وأمنية قد لا تحتمل مزيدا من التصعيد.
وفي بيان له، وصف حزب الله الهجوم الإسرائيلي على إيران بأنه يشكل تصعيدا خطيرا في "مسار التفلت الصهيوني من كل الضوابط والقواعد بغطاء ورعاية أميركيتين كاملتين"، مؤكدا أن إسرائيل لا تلتزم بأي منطق أو قوانين، ولا تعرف إلا لغة القتل والنار والدمار.
ودعا بيان الحزب شعوب المنطقة ودولها إلى أن "تعي أن هذا العدوان إذا لم يواجه بالرفض والإدانة والوقوف إلى جانب إيران وشعبها، سيزداد هذا الكيان المجرم عدوانية وجبروتا وسيعزز مشاريع الهيمنة الأميركية والإسرائيلية على المنطقة والإضرار بمصالح شعوبها وسلب ثرواتها".
وأشار الحزب إلى أن مثل هذه الاعتداءات لن تضعف إيران، بل ستزيدها قوة وصلابة في مواجهة الأخطار، وإصرارا على الدفاع عن سيادتها وأمنها.