هل يتحمل العراق ثمن الصراعات الإقليمية؟ أسعار النفط تهدد اقتصاده
تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT
31 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: تُعد أسعار النفط من العوامل الاقتصادية الأكثر تأثيرًا على استقرار الدول التي تعتمد بشكل كبير على هذه الموارد الطبيعية، ومن بينها العراق الذي يعاني من آثار التقلبات المستمرة في أسواق النفط بسبب الأزمات السياسية والتوترات الإقليمية.
في الوقت الذي يشهد فيه العراق تصعيدًا مستمرًا في التوترات الإقليمية، يبرز السؤال الأهم: كيف يؤثر ذلك على استقرار الاقتصاد العراقي؟
لطالما كانت أسعار النفط مرهونة بتطورات الأوضاع السياسية، فكل توتر إقليمي أو صراع دولي ينعكس فورًا على الأسعار، كما يؤكد العديد من الخبراء.
ويقول أحدهم: “أي توتر في المنطقة يؤثر بشكل مباشر على أسعار النفط، والعراق يقع في قلب هذه التصعيدات”، مما يعكس حجم التحديات التي يواجهها العراق في ظل هذه الظروف.
تأثير تقلبات أسعار النفط على الاقتصاد العراقي
النظام الاقتصادي العراقي يعتمد بشكل رئيسي على الإيرادات النفطية التي تمثل حوالي 89% من موازنة الحكومة. ولذا، فإن أي انخفاض في أسعار النفط يؤثر بشكل مباشر على الموازنة العامة، مما يزيد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
فعلى سبيل المثال، انخفاض أسعار النفط بمقدار 10 دولارات عن التوقعات قد يتسبب في زيادة العجز المالي، مما يجعل الحكومة مضطرة إلى البحث عن مصادر تمويل أخرى لسد الفجوة الناتجة.
ويعاني العراق من ضعف في التنوع الاقتصادي، حيث يقتصر اقتصاده بشكل رئيسي على تصدير النفط، في حين أن غالبية العوائد المالية تستخدم في شراء المنتجات الصناعية والزراعية التي يتم استيرادها، ما يجعل العراق عرضة لتقلبات الأسعار العالمية.
ومع ذلك، يعكف العراق على محاولة تنويع مصادر الإيرادات من خلال تطوير قطاعات الصناعة والزراعة، إلا أن هذا الأمر يحتاج إلى سنوات طويلة من العمل الجاد، بما في ذلك بناء المصانع وتطوير البنية التحتية، وهو أمر قد يستغرق وقتًا طويلًا.
الإيرادات غير النفطية: تحسن طفيف وتحديات كبيرة
رغم التحسن الطفيف الذي شهدته الإيرادات غير النفطية، والتي ارتفعت من 7% إلى 14%، إلا أن هذا التحسن لا يزال ضئيلًا ولا يكفي للتعويض عن الاعتماد الكبير على النفط. فقد أشار الخبير الاقتصادي منار العبيدي إلى أن تقلبات أسعار النفط ناتجة عن مجموعة من العوامل، أبرزها تذبذب العرض والطلب بسبب الأزمات الاقتصادية أو التطورات التكنولوجية التي تقلل من الاعتماد على النفط.
كما تسهم السياسات الاقتصادية العالمية، مثل تعزيز إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة، في زيادة العرض العالمي، ما يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الأسعار.
وبالرغم من أن هناك جهودًا لتنويع الاقتصاد العراقي، إلا أن التحديات الإقليمية والسياسية لا تزال تشكل عائقًا رئيسيًا أمام تحقيق هذا الهدف. ويؤكد العديد من الخبراء أن أي تطور عسكري أو سياسي في المنطقة قد يتسبب في كارثة اقتصادية على العراق، الذي يواجه تحديات ضخمة في مواجهة الأزمات المتتالية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: أسعار النفط
إقرأ أيضاً:
ما مصير الأزمة بين بغداد والكويت بعد تدخل رئيس القضاء العراقي؟
أثار دخول رئيس القضاء الأعلى العراقي، فائق زيدان على خط الأزمة اتفاقية "خور عبد الله" بين الكويت والعراق، جدلا واسعا في البلاد، ولاسيما بعد انتقاده قرار المحكمة الاتحادية العراقية القاضي بإلغائها، ووصفها بأنها تجاوزت صلاحياتها الدستورية.
ورأى زيدان عبر مقال نشرته صحيفة "الشرق الأوسط" الأسبوع الماضي، أن الاتفاقية دخلت حيّز التنفيذ وأصبحت ملزمة بموجب مبدأ "احترام المعاهدات"، وأن إلغاءها سيُبطل أكثر من 400 اتفاقية دولية أُبرمت سابقًا بأغلبية بسيطة، وهو ما يُهدد بإسقاط المنظومة التعاقدية للدولة.
وتسببت تصريحات زيدان، بخروج مظاهرات احتجاجية في بغداد ومحافظات وسط وجنوب العراق، رفضا لما أسمته تدخلا في شؤون المحكمة الاتحادية العليا، واصفين مطالبته بالعودة إلى العمل بها بأنه "تأييد لبيع أرض عراقية"، نفذها مسؤولون عراقيون عام 2013.
"مجرّد رأي"
وعما إذا كان رأي "زيدان" يمهد لتراجع المحكمة الاتحادية عن قرارها، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي، النائب عامر الفايز، إن "المحكمة الاتحادية هي السلطة القضائية العليا في البلاد، ولا توجد سلطة عليها توجهها".
وأضاف الفايز في حديث لـ"عربي21" أن "قرارات المحكمة الاتحادية باتة ونافذة، لكن الجدل الحاصل في الوقت الحالي هو في عدم وضوح الرؤية بشأن اتفاقية تنظيم الملاحة بين العراق والكويت في خور عبد الله".
وأوضح النائب العراقي أن "أعضاء البرلمان لديهم عدم وضوع في موضوع الاتفاقية، لأنه مرة نرى أنها تصب في صالح العراق لأن البعض يفسرها كذلك، ومرة أخرى نراها ضد البلاد عندما يشرحها لنا آخرون بشكل مختلف عن الرأي الأول".
وأكد الفايز أن "الموضوع بحاجة إلى إيضاح شامل، لذلك من الضروري استضافة خبراء مختصون في شؤون البحار وترسيم الحدود، حتى يوضحون الصورة بشكل قطعي حتى نفهم جيدا هل أن اتفاقية خور عبد الله هي لصالح العراق أم ضده؟".
من جهته، قال الخبير القانوني ومحافظ البصرة السابق، القاضي وائل عبد اللطيف، إن قرار المحكمة إلغاء قانون اتفاقية "خور عبد الله"، الذي صوت عليه البرلمان العراقي، جاء بسبب عدم توفر أغلبية الثلثين من النواب، بالتالي الأمر غير قابل للتراجع".
وأفاد عبد اللطيف لـ"عربي21" بأن "تصويت البرلمان على قانون اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، كان بحضور النصف زائد واحد من النواب، وهذا يخالف المادة 94 من الدستور التي تنص على أغلبية الثلثين، بالتالي المحكمة ألغت القانون، وبذلك تصبح الاتفاقية باطلة".
ولفت إلى أن "رئيس مجلس القضاء الأعلى، فائق زيدان، شرح وجهة نظره القانونية فحسب، لأنه لا يجوز لأي شخصية أن تملي أو تهيئ للمحكمة الاتحادية القرارات التي تتخذها، وعلى هذا الأساس فإن الأخيرة غير ملزمة في الأخذ بما يطرح عليها، لأن قرارها مستقل".
ونوه عبد اللطيف إلى أن "المحكمة الاتحادية العليا حولت ملف الاتفاقية إلى البرلمان، وطلبت منه إعادة التصويت عليها"، كاشفا أن "العدد الرافض لها حتى الآن- حسب المعلومات التي وردت لنا من النائب عامر عبد الجبار- وصل إلى 194 نائبا.
وبيّن الخبير العراقي أن "النواب الـ 194 وقعوا على مطالعة قدمها النائب عامر عبد الجبار في البرلمان، لإبطال اتفاقية خور عبد الله بين العراق والكويت، لكن النائب الأول لرئيس البرلمان، محسن المندلاي، لم يعرضها للتصويت لأنه أكد أن قرار المحكمة الاتحادية بات وملزم على السلطات كافة".
مصير الطعون
وبخصوص الطعون التي قدمها رئيسي الجمهورية والحكومة في العراق ضد قرار المحكمة الاتحادية إلغاء الاتفاقية، قال الفاير: "لا استبعد أن تكون في القضية تحمل نوعا من المجاملات السياسية تجاه الكويت سواء من مسؤولين أو شخصيات أخرى".
وأضاف النائب العراقي أن "كل جهة في العراق تنظر إلى الاتفاقية من منظار معين، لكن لا أتوقع أنه ثمة أحد أو جهة سياسية تستطيع مجاملة الآخرين على حساب أراضي الوطن".
وفي السياق ذاته، قال عبد اللطيف إن "رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزراء والقضاة كلهم عندما يتسلمون مناصبهم يقسمون - طبقا للدستور- بالحفاظ على العراق أرضا وماءً وسماءً، بالتالي وجب عليه المحافظة على حدود العراق وليس الطعن فيها".
وبحسب الخبير العراقي، فإنه "جرى مؤخرا سحب طعني رئيس الجمهورية عبد اللطيف رشيد ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، ضد اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، وحتى لو تركت في المحكمة الاتحادية العليا، فإنها لا شك ستلغيها من الأساس".
كان مقررا في 22 نيسان/ أبريل الماضي، أن تبت المحكمة الاتحادية العليا في العراق بالطعون التي قدمها رشيد والسوداني ضد قرار إلغاء اتفاقية خور عبد الله، قبل أن تعلن تأجيلها لأكثر من مرة، كان آخرها إلى 25 يونيو 2025، والتي لم يصدر عنها أي تأجيل آخر بعدها.
وكان الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد ورئيس الوزراء محمد شياع السوداني، قدما في 15 نيسان/أبريل الماضي طعنين منفصلين بقرار المحكمة الاتحادية القاضي بإلغاء اتفاقية خور عبد الله، وطالبا بإعادة التقدير للاتفاقية المبرمة بين البلدين في 2013.
قرار المحكمة الاتحادية إلغاء قانون اتفاقية خور عبد الله في عام 2023، أحدث انقساما حادا داخل "الإطار التنسيقي" الشيعي الحاكم؛ لأن من وقع على الاتفاقية، وفد يقوده نوري المالكي رئيس الحكومة عام 2013، وبرفقته وزراء النقل هادي العامري، والتجارة آنذاك محمد شياع السوداني.
في المقابل، فإن أطرفا أخرى ضمن "الإطار التنسيقي" هي من رفعت دعوى ضد الاتفاقية أمام المحكمة الاتحادية وكسبها عام 2023، وهي كتلتي "حقوق" التابعة لـ"كتائب حزب الله"، و"صادقون" التابعة لـ"عصائب أهل الحق"، إضافة إلى عدد من النواب الشيعة المستقلين.