الجزيرة:
2025-12-13@12:10:45 GMT

فرصة إسرائيل وقلقها من سوريا

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

فرصة إسرائيل وقلقها من سوريا

بعد سقوط النظام السوري وسيطرة هيئة تحرير الشام على مقاليد الحكم في دمشق، شعرت إسرائيل بأن في ذلك أهم تعويض لها عما جرى لمكانتها في أثناء حرب طوفان الأقصى. واعتبرت أن سقوط النظام وصَمْت المدافع في لبنان وفّر لها فرصة تاريخية ليس فقط لاحتلال مناطق حيوية في سوريا، ولا تدمير كل قدرات سوريا الإستراتيجية، وإنما لا يقل أهمية في نظرها سقوط محور المقاومة وطوق النار الإيراني.

ورأت في ذلك رفعا كبيرا لمكانتها الإستراتيجية في المنطقة ، حيث صارت لاعبا مهما في السياسة الداخلية السورية ضمن توازنات ليست إقليمية وحسب، وإنما كلاعب في تحالف الأقليات الذي عملت على مدى عقود، دون نجاح، لبلورته. وضمن هذه الرؤية اندفعت، في مخالفة صريحة لاتفاق فصل القوات الأممي المبرم منذ عام 1974، لاحتلال، ليس فقط جبل الشيخ السوري الإستراتيجي، وإنما احتلت كذلك شريطا عازلا بطول 80 كيلو مترا وعرض يصل إلى 20 كيلو مترا في بعض المقاطع.

ومن المؤكد أن الشريط الذي يمتد من هضبة الجولان إلى ريف درعا قرب الحدود الأردنية يضم عشرات القرى ويحوي مئات آلاف السكان. وإذا كان الحكم الجديد في دمشق منشغلا حتى الآن بترتيبات الاستقرار الداخلي فإن الحياة تحت حكم الاحتلال تخلق واقعا جديدا في نظر المواطنين السوريين هناك الذين باتوا على صدام مباشر مع القوات الإسرائيلية. وهذا ما حذر منه قادة إسرائيليون طالبوا بعدم الاستخفاف بالروح الوطنية السورية وعدم الركون إلى الهدوء القائم حاليا. وبالفعل بدأت في الأسبوع الأخير تظاهرات لمواطنين سوريين احتجاجا على احتلال الجيش لأراضيهم ومطالبته لهم بتسليم ما لديهم من أسلحة شخصية. وتتزايد التقديرات بأنها مسألة وقت قبل أن يتغير الواقع في المناطق المحتلة هذه من الهدوء إلى المقاومة. ونشرت "يديعوت أحرونوت" في هذا السياق تقدير موقف أشار فيه ضباط إلى أنها "مسألة وقت فقط قبل أن نتعرض هنا إلى صاروخ مضاد للدروع مفاجئ أو قذيفة هاون على قواتنا، فيقتل بضعة جنود لا سمح الله، وكل شيء حينها سيتغير. من الصعب الشرح للجنود معنى المهمة هنا. إذ لا يوجد هنا عدو ونحن لا نقوم بأي هجوم أو مهام عملياتية ذات قيمة طوال اليوم. فقد خرج المقاتلون عن روتين مكثف من القتال والمبادرة في جنوب لبنان ضد حزب الله وقبل ذلك في غزة حيال حماس، والآن هم ينظرون أساسا إلى فلاحين سوريين يفلحون أراضيهم ولا يرون أي عدو، وليس فقط عبر المناظير. هذا الحضور الصاخب لنا هنا، مع دبابات تجتاز قرى كل يوم، من شأنه أن يجتذب هنا خلايا ومجموعات مسلحة كأثر معاكس".

نتنياهو برفقة وزير دفاعه كاتس بجولة عند خطوط وقف إطلاق النار بالجولان السوري المحتل، عقب سقوط نظام الأسد
(مكتب الصحافة الحكومي الإسرائيلي)

كذلك، ورغم مرور قرابة شهر على سقوط النظام واستغلال إسرائيل الفرصة لتدمير المطارات العسكرية والطائرات ومخازن الأسلحة ومعسكرات الجيش والخنادق والأنفاق والمصانع العسكرية وكذلك الموانئ وأسطول سوريا البحري فإنها لم تكتف حتى الآن. وفقط يوم الأحد 29 ديسمبر/كانون الأول أغارت على مستودعات أسلحة في عدرا مما أدى إلى تدمير المنشأة في المنطقة الصناعية واستشهاد ما لا يقل عن 11 سوريا. وهذه مجرد واحدة من غارات تكاد لا تتوقف حتى الآن على كل ما يمكن أن يفيد سوريا مستقبلا أو يساهم في تعزيز قدراتها الدفاعية. فقد سبقتها غارات متواصلة على المنافذ الحدودية، وعلى ميناء طرطوس بشكل فائق العنف دفع البعض للقول إن ذلك تجربة تفجير نووي صغير. وتتباهى إسرائيل وسلاحها الجوي، بأنها أفلحت خلال فترة قصيرة في تدمير واحدة من أهم القوات العسكرية في المنطقة وواحدة من أهم منظومات الدفاع الجوي في العالم.

ومن جهة أخرى، فإن قوات مشاة ومدرعات تابعة للجيش الإسرائيلي دخلت قبل يومين إلى عمق مدينة القنيطرة، وسيطرت على مواقع، وبدأت بالبحث عن أسلحة وذخائر. وهذا يعني أن إسرائيل لا تكتفي بما احتلته حتى الآن من الأراضي السورية وهي لا تزال تتطلع للتمدد في مناطق واسعة وعلى أمل الاقتراب أكثر من جبل الدروز حيث لديها مخططات مستقبلية بهذا الشأن. وهي تراهن على ما تعتبره شكوكا متبادلة بين الطوائف السورية بفعل تجربة الماضي وتنامي الخطر الداعشي.

إعلان

ونظرا لتجربة السوريين في هضبة الجولان لعام 1967 حيث تم طرد سكانها السوريين منها عدا 5 قرى درزيه وعلوية، يخشون أن يتم طردهم أيضا من المناطق المحتلة حديثا. ويدور الحديث حاليا عن عشرات القرى وتجاور مع مدن كبيرة. فضمن المناطق المحتلة توجد مثلا مدينة القنيطرة ووصل الاحتلال إلى مشارف مدينة قطنة القريبة من دمشق كما أنه يحتل العديد من قرى ريف درعا. ويوحي الجيش الإسرائيلي بأنه باحتلاله هذه المناطق الواسعة وتهديده لدمشق يحقق لإسرائيل غايات مختلفة. فهو من جهة يحمي المستوطنات في هضبة الجولان ومن جهة ثانية يستعد لمواجهة أية مخاطر تهدد الأردن من سوريا، والأهم أنه يراقب الوضع في دمشق على أمل امتلاك قدرات للتأثير في الوجهة المقبلة للأمور.

 

وتعتقد إسرائيل أن هيئة تحرير الشام ليست نظاما يمكن لها أن تركن إليه وهي تحذر أميركا وربما دولا عربية معتدلة من التشجيع على التعامل معه. وقد أعربت مرارا عن مواقف مشابهة ولكن أشدها صراحة كان موقف وزير الخارجية غدعون ساعر. ففي اجتماع سري للجنة الخارجية والأمن في الكنيست نقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عنه قوله إن "الحكم لجديد في دمشق ليس سوى نسخة عن الحكم الذي كان قائما في إدلب، لا يضم كل القوى في سوريا. وحكومة الجولاني الجديدة تضم إسلاميين متطرفين. إنهم يسوّقون أنفسهم لدى الغرب كما لو أنهم معتدلون، ودول الغرب لها مصلحة في قبول هذا التوصيف. في نهاية المطاف هذه الدول تريد حكومة مقبولة في دمشق كي يستطيعوا إعادة اللاجئين إلى سوريا من بلادهم". ووصف ساعر الحكومة السورية الجديدة بأنها "عصابة إرهابية كانت في إدلب وسيطرت على العاصمة دمشق". ورفض فكرة تقبل العالم لهذه الحكومة لأنها في نظره تواجه مشكلات أهمها أنها ليست منتخبة ولا تمثل الشعب السوري وهي على صراع مع العلويين فضلا عن تهديدات أردوغان للأكراد بتصفية مناطق حكمهم الذاتي، و"تنكيل بالمسيحيين".

إعلان

ولا يروق الموقف الإسرائيلي هذا للأميركيين الذين يبدون تفهما أكبر للإسلاميين في هذه الظروف. وكشفت صحيفة "إسرائيل اليوم" النقاب عن مناقشات بشأن سوريا بين إسرائيل وأميركا حول حكومة الجولاني. وأشارت الصحيفة إلى أن الأميركيين طلبوا من إسرائيل أيضا منح الجولاني فرصة ومحاولة الحديث معه.

ساعر: حكومة دمشق نسخة من حكومة إدلب (أسوشيتد برس)

وكتب المعلق العسكري للصحيفة أن "لإسرائيل كل الأسباب في العالم لعمل هذا: من تقليص تهديدات محتملة في الحدود الشمالية – الشرقية، عبر تقييد النفوذ الخطير لتركيا على سوريا المستقبلية وحتى التأكد من أن إيران ستبقى خارج دوائر العمل في سوريا. السؤال هو كم سيكون الزعيم السوري الجديد مستعدا لمثل هذه الخطوة؟ على هذا توجد 3 أجوبة محتملة. الأول: أن يرفض بأدب. والمعاذير سيجدها بوفرة؛ من استمرار احتلال الجولان وحتى استمرار الحرب في غزة. الإمكانية الثانية هي أن يوافق. احتمال ذلك يبدو ضعيفا هذه اللحظة. الإمكانية الثالثة هي أن يوافق جزئيا، بمعنى أن يتسلى سرا مع الفكرة ويحاول أن يستخلص منها أقصى وأفضل ما يكون. مثلا، مساعدة إسرائيلية مباشرة أو غير مباشرة ضد من يمكن أن يهدد حكمه: إيران وفروعها من جهة، داعش وفروعها -الذين أعلنوا أن الجولاني خان طريق الإسلام- من الجهة الأخرى. الربح المتبادل هنا سيكون كبيرا؛ للجولاني هو كفيل بأن يطيل حياته، ولإسرائيل سيقلل آلام الرأس".

لكن تحليل إسرائيل للوضع في سوريا يتجه إلى منحى آخر. إسرائيل على قناعة بأن تركيا حلت مكان كل من روسيا وإيران على سدة النفوذ في دمشق وسوريا. وهي في التحليل الإسرائيلي تعتبر الرابح الأكبر من كل ما جرى في سوريا. ولكن المزعج في الأمر من وجهة نظرها هو أن تركيا أردوغان تتطلع للعب دور مهيمن انطلاقا من سوريا في المنطقة العربية وفي غير مصلحة إسرائيل. وكان من أول خطواته في هذا السياق مطالبتها إسرائيل بأخذ مصالحها بالاعتبار عند كل فعل لها في سوريا. وفاجأ هذا الطلب إسرائيل خصوصا أنه كان في السنوات الأخيرة مطلب روسيا. لكن إسرائيل تعاطت مع المطلب الروسي بتفهم خصوصا وأنها لم تتعامل مع الوجود الروسي بعداء وليس هذا هو الحال مع الموقف التركي. في كل حال من الجلي أن بوادر صدامات بين تركيا وإسرائيل في سوريا تظهر تحت الغمام. وهذا يتعلق أيضا بالوجود الأميركي ودعمه للقوات الكردية ومعارضة تركيا لذلك وسعيها لإزالة هذا الخطر.

إسرائيل ترى أن تركيا أردوغان تريد أن تلعب دورا مهيمنا انطلاقا من سوريا (وكالة الأناضول)

وأيا يكن الحال، ثمة في إسرائيل من يحذرون من الآن من فتح جبهة جديدة ضد القوات الإسرائيلية قريبا في الأراضي السورية المحتلة. وبين هؤلاء طبعا ساسة وعسكريون يرون النّهَم اليميني نحو إدامة الحرب وعدم التطلع نحو تحقيق السلام في أي اتجاه. صحيح أنه حتى الآن ليست هناك مشاهد مقاومة عُنفيه ولكن بوادر هذه المقاومة لن يطول غيابها وبعض القرى السورية رفضت جمع السلاح وتسليمه رغم إنذارات الجيش الإسرائيلي المتكررة لهم بتسليمه خلال 48 ساعة والتهديد باقتحام هذه القرى.

إعلان

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی المنطقة حتى الآن فی سوریا من سوریا فی دمشق من جهة

إقرأ أيضاً:

أحمد رحال لـعربي21: فلسطين في الوجدان.. والاتفاقية مع إسرائيل ليست تطبيعا أو سلاما دون مقابل

عام مضى منذ أن انقلبت الحرب التي ظن الرئيس بشار الأسد قد حسمها لصالحه، بعد أن تمكنت قوة من مقاتلي المعارضة من التقدم من إدلب، المحافظة السورية الواقعة على الحدود مع تركيا، ودخول دمشق بقيادة أحمد الشرع يوم الـ 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، والذي بات اليوم رئيسًا انتقاليًا، فيما يعيش الأسد في منفى في روسيا.

لا تزال سوريا غارقة في الدمار، ففي كل مدينة وبلدة، يعيش الناس داخل أبنية هشة، محروقة ومجوفة من الداخل بفعل سنوات من حرب طاحنة، ورغم تراكم أزمات "سوريا الجديدة"، فإن هذا البلد يبدو اليوم أقل اختناقًا بعد زوال الثقل القاسي الذي فرضه النظام المخلوع لسنوات طويلة.


تمكن أحمد الشرع من شق طريقه باتجاه الخارج والذي على ما يبدوا كان أسهل بكثير من الداخل، فقد نجح في إقناع السعودية والدول الغربية بأنه يمثل "أفضل فرصة لقيام مستقبل مستقر في سوريا"، كما وحضي بدعم أمريكي وأوروبي كبير تمخض عنه رفع العقوبات عن بلاده، أما في الداخل، فالصورة قد تكون مختلفة، حيث يدرك السوريون نقاط الضعف ومشكلات بلادهم أكثر من أي جهة أجنبية.

ورغم تأكيد الشرع أن بلاده منهكة من الحرب، وإنها لا تمثل تهديدًا لجيرانها ولا للغرب، مؤكدًا أنهم سيحكمون "لصالح جميع السوريين"، غير أن إسرائيل رفضت تلك الرسالة تمامًا ولم تقتنع كليا بالنوايا، فيما يواصل الرئيس ترامب الدفع باتجاه إنجاح اتفاق بين سوريا وإسرائيل الذي بات يواجه الكثير من العراقيل بسبب شروط يفرضها نتنياهو.

لاستقراء ما يمكن أن تحمله الأيام من أحداث بشأن سوريا، وحجم المنجزات والإخفاقات التي واكبت حكومة أحمد الشرع خلال عام مضى، أجرى موقع "عربي21" لقاءًا خاصا مع الخبير العسكري والمحلل السياسي العميد أحمد رحال، وفيما يلي نص المقابلة:

أين ترى سوريا اليوم بعد عام من التحرير؟ هل تسير ضمن خطوات مدروسة باتجاه تحقيق العدالة والمساواة التي يرمي إليها الشعب، أم أن الإخفاقات كثيرة؟

نحن أمام إنجاز كبير، وهو إسقاط نظام الأسد، ومع ذلك لدى الشعب السوري مطالب أكبر بكثير مما تحقق، ولكن السلطة لا تملك عصا سحرية لتغيير الواقع، ومع وجود إخفاقات كبيرة، فإن هناك ثلاثة ملفات ضاغطة إن لم تُنفّذ فنحن في مشكلة، وهي ترسيخ الأمن، وإعادة بناء المجتمع، فضلاً عن الحاجة لمؤتمر حوار وطني وإعلان دستوري جديد وتأسيس حكومة تشاركية تعددية.

هل استطاع الرئيس أحمد الشرع محو سمة الإرهاب عنه، وتمكّن من إقناع الرأي العام بأنه تحول من مجاهد إلى رجل دولة؟

زيارة أحمد الشرع للبيت الأبيض دليل على وجود قناعة عربية ودولية بأن الرئيس السوري أزال عنه سمة تهمة الإرهاب، لكن المشكلة ليست في الرئيس الشرع، بل في بعض قيادات الصف الأول في هيئة تحرير الشام، وما حدث في الساحل السوري والسويداء من انتهاكات، وإن كانت فردية، دليل على ضرورة تغيير سلوك هؤلاء.

ما تفسيرك لطبيعة الحراك المعارض لحكومة أحمد الشرع في بعض المحافظات كالسويداء واللاذقية؟ مجلة الإيكونوميست ترجح اندلاع انتفاضة قريبًا ضد قادة سوريا الجدد. هل يمكن وصفها فعلًا بالانتفاضة؟

بقدر النجاحات الكبيرة التي حققتها السياسة السورية في الخارج، لكنها أخفقت في كثير من ملفات الداخل. لذا، من الضروري وضع الرجل المناسب في المكان المناسب، وخاصة في المفاصل الأمنية والعسكرية، لتجنب ما حدث في بعض المحافظات، والتي على إثرها خرجت تظاهرات معارضة للحكومة في دمشق. وفي المحصلة، تتحمل الحكومة المسؤولية لمعالجة الانقسامات وتجنب الخطر، رغم عدم وجود مخاوف من تطور الوضع للتصادم مع السلطات على غرار ما حصل في عام 2011، لكن بالتأكيد نحن بحاجة إلى مشروع وطني يجمع لا يفرق.

هل من المنصف اتهام سوريا الجديدة بأنها تخلت عن القضية الفلسطينية ولم تعد ضمن سلم أولوياتها، وباتت دمشق خارج معادلة الحكومات العربية المعادية لإسرائيل؟

قرارات الحكومة في دمشق واضحة، وهي أنها قسمت موضوع التفاوض مع إسرائيل إلى شقين، الأول هو اتفاق أمني يعيد الأمور إلى ما كانت عليه ما قبل 18-12-2024، بمعنى العودة إلى الاتفاق الموقع عام 1974، وهذا أمر لا يعني بالضرورة السلام مع إسرائيل، ولطالما أكد الرئيس الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني أن سوريا ملتزمة بالموقف العربي، ومفاده لن نمنح إسرائيل سلامًا على بياض، ولا يعني أيضًا التخلي عن القضية الفلسطينية، فالنتيجة هو مجرد اتفاق وليس تطبيع.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
البعض يتهم حكومة الرئيس أحمد الشرع بالخضوع لإسرائيل، مستدلين بذلك بسلسلة الهجمات التي شنها الاحتلال على سوريا والتي لم تكن تُذكر خلال حكم الأسد، ما رأيك؟

نتيجة للتفاهمات التي كانت موجودة ما بين نظام الأسد وإسرائيل، تُرجمت إلى عدم شن الاحتلال هجمات على سوريا، وليس معنى هذا أن إسرائيل كانت تتخوف من الجيش السوري، فبعد عام 1973، لم يشكل الجيش للاحتلال رقمًا صعبًا، ونذكر هنا ما قاله رامي مخلوف عام 2011، أن أمن دمشق من أمن إسرائيل، كما أن تل أبيب هي من عارضت إسقاط نظام الأسد حتى تيقنت عام 2024، أن إيران لا تخرج من سوريا طالما نظام الأسد موجود، وبالتالي رفعت الغطاء عنه.

عرض هذا المنشور على Instagram ‏‎تمت مشاركة منشور بواسطة ‏‎Arabi21 - عربي21‎‏ (@‏‎arabi21news‎‏)‎‏
قبل أيام حذر مسؤولون إسرائيليون من خطورة دعم الرئيس ترامب لأحمد الشرع على أمن دولة الاحتلال، هل فعلاً سوريا بوضعها السياسي والاقتصادي الهش حاليًا تشكل تهديدًا لإسرائيل؟

كلام الرئيس، والشارع، وكل القيادة السورية كان واضحًا، وهو أننا اليوم لا نبحث عن عداء مع أحد، ولا نريد أن نبحث عن حرب مع أحد، بل نريد بناء مؤسسات الدولة، وتأمين معيشة المواطن السوري. وبالتالي، الكلام عن كون دمشق تمثل تهديدًا لإسرائيل بعيد عن المنطق، والحقيقة أن نتنياهو يبحث عن الذرائع للتحرش بسوريا منذ وصول الشرع للسلطة، ومفاد رسالة تل أبيب أنها لن تنتظر سبع سنوات للوقوع في كمين طوفان الجولان كما حدث مع طوفان الأقصى.

كانت غزة حاضرة في هتافات الجيش السوري خلال مسير عسكري في دمشق بمناسبة ذكرى التحرير، هل تم بتوجيه مركزي أم باجتهاد فردي، أم إنها ورقة ضغط للدفع باتجاه تسريع الاتفاق مع إسرائيل؟

الخطاب السوري تجاه القضية الفلسطينية وغزة والضفة الغربية واضح، وهو في وجدان كل مواطن سوري، وهذا ما لمسناه خلال ترديد الهتافات في الاستعراض العسكري الذي حدث في دمشق بذكرى التحرير، وما يبدر من تصريحات بشأن دعم فلسطين هي مواقف معنوية فردية، ليس معناها أن ترسل سوريا جيشًا للقتال ضد إسرائيل.

لا ننكر وجود مؤيدين وحلفاء حتى اللحظة للرئيس المخلوع الأسد، سواء في الداخل أو الخارج، ولكن هل تعتقد أن ما تضمنته الفيديوهات المسربة وهو برفقة لونا الشبل قد أطاح بصورته؟

عام 2021، خسر بشار الأسد ما كان يملكه من دعم وتأييد لدى الطائفة العلوية، حيث تيقنوا أنه لا خير يرتجى منه، خاصة وأن البروباغاندا الإعلامية والاستخباراتية التي عمل عليها النظام تفككت خلال أعوام الحرب الأخيرة، كما أن إعلانه عن عدم قدرته على تأمين الرواتب وتقديم الخدمات، كلها أسباب فاقمت من السخط الشعبي ضد الأسد، لذا فإن ظهوره خلال المقاطع المصورة وهو يستهزئ بالجيش وقادته، بما فيها الميليشيات الوافدة التي كانت تدعمه، أكدت لمن لم يتأكد بعد مدى الاستخفاف الذي كان يتعامل به بشار الأسد مع مؤسسات وقطاعات الدولة، كما كشفت تلك المقاطع أن سوريا كانت تفتقد أساسًا لوجود رئيس يمتلك مواصفات الهيبة التي تؤهله لقيادة بلد غارق بالأزمات.

تعرض لأول مرة .. تسريبات تكشف أحاديث بين الأسد ولونا الشبل#سوريا#قناة_التغيير_الفضائية pic.twitter.com/6ea7dGdvs5 — قناة التغيير الفضائية (@AlTaghierTV) December 6, 2025
تباطؤ مسار العدالة مع الذكرى السنوية للتحرير
لا يمتد نفوذ الشرع إلى شمال شرقي سوريا، حيث يفرض الأكراد سيطرتهم على نحو 25 بالمئة من مساحة البلاد، ولا إلى أجزاء من الجنوب، حيث يسعى الدروز، إلى إقامة دولة مستقلة بدعم من حلفائهم الإسرائيليين، وعلى الساحل، يخشى العلويون تكرار "المجازر" التي تعرضوا لها في آذار/مارس الماضي رغم تعهد دمشق بالتحقيق ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والتي اتضح تورط العديد من الفصائل المنضوية ضمن الحكومة.

مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان أعرب عن قلقه الشديد بشأن بطء وتيرة العدالة، وقال متحدث باسم المكتب إن السلطات الانتقالية اتخذت خطوات مشجعة لمعالجة الانتهاكات السابقة، لكنها ليست سوى بداية لما ينبغي القيام به، وأشار المكتب إلى أن بعض السوريين تحركوا بأنفسهم، أحياناً بالتعاون مع قوات الحكومة، مؤكدًا أن المئات قُتلوا خلال العام الماضي على يد قوات الأمن والجماعات الموالية لها، وعناصر مرتبطة بالحكومة السابقة، ومجموعات مسلحة محلية، وأفراد مسلحين مجهولين.

وأضاف أن الانتهاكات الأخرى شملت العنف الجنسي، والاعتقالات التعسفية، وتدمير المنازل، والإخلاءات القسرية، والقيود على حرية التعبير وحرية التجمع السلمي. وأوضح أن المجتمعات العلوية والدروز والمسيحيين والبدو كانت الأكثر تضررًا من موجات العنف، التي غذّتها خطابات كراهية متصاعدة على الإنترنت وخارجه، وهو ما شددت عليه منظمات حقوق عالمية، مثل العفو الدولي وهيومن رايتس ووتش، اللذين دعوا السلطات السورية إلى العمل من أجل خلق واقع تكون فيه حماية جميع السوريين وضمان حقوقهم أولوية.

بعد عام على سقوط الأسد، ينبغي للسلطات السورية، بدعم من المجتمع الدولي، العمل لخلق واقع تكون فيه حماية جميع السوريين وضمان حقوقهم أولوية. pic.twitter.com/K3e5HdOIgw — هيومن رايتس ووتش (@hrw_ar) December 9, 2025

"إسرائيل" واستغلال ضعف سوريا
لا يزال من غير الواضح ما إذا كان الشرع وحكومته يمتلكون ما يكفي من القوة للصمود في وجه أزمة أخرى بالخطورة نفسها، فإسرائيل ما تزال تمثل تهديدًا حاضرًا بالنسبة للسوريين، وفق تقرير لشبكة "بي بي سي"، فبعد سقوط الأسد، شن الاحتلال سلسلة واسعة من الغارات الجوية بهدف تدمير ما تبقى من القدرات العسكرية للنظام السابق، كما وتقدم جيشه خارج مرتفعات الجولان المحتلة للسيطرة على أراض سورية إضافية ما زال يحتفظ بها حتى اليوم، واستغلت إسرائيل الفوضى في سوريا لإضعاف بلد تعتبره عدوًا، عبر تدمير أسلحة قالت إن من الممكن أن توجه ضدها.

أما محاولات الولايات المتحدة للتوسط في اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل فقد تعثرت خلال الشهرين الماضيين تقريبًا. تريد دمشق العودة إلى اتفاق أنجز برعاية هنري كيسنجر عام 1974، حين كان وزيراً للخارجية الأمريكية، بينما يصر نتنياهو على بقاء جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي التي استولى عليها، ويطالب بأن تنزع سوريا السلاح في منطقة واسعة جنوب دمشق، وخلال الشهر الماضي، كثفت إسرائيل توغلاتها البرية داخل سوريا. وتقدر نشرة "سوريا ويكلي"، التي توثق بيانات العنف، أن عدد هذه التوغلات كان أكثر من ضعف المتوسط الشهري طوال هذا العام.

وزير "إسرائيلي".. "الحرب مع سوريا حتمية"
صرح وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، أن الحرب مع سوريا "حتمية"، في ظل تصاعد التوترات الميدانية واستمرار الاعتداءات الإسرائيلية داخل الأراضي السورية، وجاء موقفه تعليقا على تسجيلات تظهر جنودا من الجيش السوري وهم يهتفون لغزة خلال مسيرة عسكرية أقيمت الاثنين احتفالا بالذكرى الأولى لـ"عيد التحرير"، ما أثار قلقا داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية.

من هتافات الجيش السوري في مسير عسكري في دمشق بمناسبة ذكرى التحرير الأولى:

غزة، غزة، غزة شعار، نصر وثبات، ليل ونهار
طالعلك يا عدوي طالع، طالعلك من جبل النار
اعملك من دمي ذخيرة، واعمل من دمك أنهار

pic.twitter.com/9GXwRMlxgO — سعيدالحاج said elhaj (@saidelhaj) December 8, 2025
وكتب شيكلي المنتمي لحزب "الليكود" بزعامة بنيامين نتنياهو تدوينة مقتضبة على حسابه في منصة "إكس"، أرفقها بخبر حول هتافات الجنود السوريين، واكتفى فيها بعبارة: "الحرب حتمية"، ورغم أن الحكومة السورية الحالية لم تظهر أي تهديد عسكري مباشر للاحتلال فإن الأخير يواصل تنفيذ توغلات داخل الأراضي السورية وغارات جوية أودت بحياة مدنيين ودمرت مواقع وآليات عسكرية تابعة للجيش السوري.

عام على سقوط الأسد.. ماذا تغير في سوريا؟
ومع مرور عام على تحرير سوريا وسقوط نظام الأسد، يعود السوريون بذاكرتهم إلى تلك اللحظات المفصلية في تاريخ بلادهم، لتبقى شاهدة على بداية مرحلة جديدة في تاريخ دمشق، ورغم كم الأزمات إلا أن هناك الكثير من المنجزات، منها تبييض السجون، حيث أفادت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أنه تم تحرير 24 ألفًا و200 معتقل كرقم تقديري، في حين لا يزال مصير 112 ألف معتقل ومختف قسريًّا مجهولًا حتى اللحظة.


كما تم رفع معظم التدابير التقييدية المرتبطة بنظام الأسد ورموزه خاصة تلك المتعلقة بالاقتصاد والتجارة الدولية، وفق المجلس الأوروبي والخزانة الأمريكية، فضلا عن عودة سوريا إلى الخريطة الدبلوماسية وسط حراك متسارع على مستوى رفيع، لإعادة دمجها في المنظومة الإقليمية، وفق كارنيفي للسلام الدولي، وعلى الصعيد الاقتصادي، قال تقرير المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية إن هناك استقرارَا جزئيَا في سعر الصرف بعد تحسنه، وسط تقارير عن توفير أكبر للسلع نتيجة إعادة فتح خطوط التوريد.



مقالات مشابهة

  • استمرار مداهمات الاحتلال الإسرائيلي في قرى القنيطرة ودرعا
  • مداهمات الاحتلال الإسرائيلي في قرى القنيطرة ودرعا مستمرة
  • عاجل | الإخبارية السورية: تحليق طائرات حربية للاحتلال الإسرائيلي في أجواء محافظة القنيطرة على علو منخفض
  • أسرار خفية| لماذا تصر إسرائيل على الاحتفاظ بهذه المناطق السورية؟
  • أحمد رحال لـعربي21: فلسطين في الوجدان.. والاتفاقية مع إسرائيل ليست تطبيعا أو سلاما دون مقابل
  • لبنان يستكمل تصحيح علاقته مع سوريا بتعيين سفير في دمشق والنازحون ورقة ضغط
  • سوريا تطالب بوقف خروقات إسرائيل وساعر يستبعد اتفاقا قريبا
  • سوريا تتهم لبنان بعدم الجدية في ملف المعتقلين السوريين
  • اتساع الهوة بين إسرائيل وسوريا.. خلاف نادر بين تل أبيب وواشنطن حول مسار الاتفاق الأمني
  • جغرافيا ملتهبة.. محطات التحول بين سوريا وإسرائيل بعد سقوط الأسد