جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-16@21:08:20 GMT

الفداء العظيم

تاريخ النشر: 31st, December 2024 GMT

الفداء العظيم

 

مدرين المكتومية

كثيرًا ما نقرأ عن معاني الفداء والتضحية؛ بل ينشأ الفرد منَّا في بيئته ومدرسته ومحيطه الاجتماعي على أهمية التحلي بالقيم والصفات النبيلة، لكن قلّما يُدرك المرء حقيقة هذه القيم، التي في أحيانٍ عدة لا تعدو كونها شعارات يتغنى بها البعض أو يُرددها آخرون، إلّا أن قلة قليلة هي التي تحظى بفرصة لتطبيق هذه القيم والمعاني الأصيلة في حياتها.

ومنذ أن أدركت هذه الحياة وتشكَّل وعيي المعرفي، وأنا أرى دائمًا أن شعوب العالم مُقسَّمة إلى صنفين، الأول: شعوب مناضلة تقدم الغالي والنفيس من أجل نيل حريتها وحماية كرامتها الوطنية، في مواجهة كل ظالم وغاصب للأرض. أما الصنف الثاني: فهي الشعوب التي حققت استقلالها وتعكف على خوض معركة البناء والنمو. ولا ينازعني شكٌ في أننا إذا ما أردنا أن نضرب أروع الأمثلة في الشعوب المُناضِلة، سيكون الشعب الفلسطيني الشقيق هو المضرب والمثل، هذا الشعب الذي يئن من مؤامرات دولية واحدة تلو الأخرى منذ أكثر من 76 عامًا، عاش خلالها أشد معاني الظلم وأقسى مشاعر الاضطهاد.

وعلى مدى أكثر من عام و3 أشهر، يتجرع الشعب الفلسطيني في قطاع غزة أصعب الآلام، في ظل حرب الإبادة التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي الإجرامية، وسط صمت مُخزٍ في كل أنحاء العالم، بينما هذا الشعب الذي يقف وحيدًا في وجهة آلة القتل والدمار، يرسم كل دقيقة وكل ساعة وكل يوم، أسمى صور التضحية والفداء. وقبل أيام قليلة، شاهد العالم بأسره مدى الإجرام الإسرائيلي في استهداف مستشفى كمال عدوان بقطاع غزة، وكيف استبسلت الطواقم الطبية العاملة هناك في وجه القصف المدفعي والصاروخي الذي طال كل مترٍ في هذا المستشفى، وعلى رأس هؤلاء البواسل الطبيب الإنسان الدكتور حسام أبو صفية، ذلك المناضل الذي وقف في وجه العدوان بقوة وإرادة وإصرار على مداوة آلام المصابين بنيران الاحتلال الغاصب، أو المرضى. ضرب الدكتور حسام أبو صفية أروع الأمثلة في بذل الغالي والنفيس من أجل أن يحيا الإنسان الفلسطيني رافعًا رأسه، وقدم كل ما يستطيع تقديمه لكي يظل هذا المستشفى صرحًا شامخًا أمام بشاعة وإجرام العدو الصهيوني الخسيس.

لم يكن الدكتور حسام أبو صفية مجرد مدير لهذا المستشفى؛ بل كان الأب الروحي له، والحارس الأمين، والقائد الميداني لكتيبة الأطباء والمُمرضين، الذين لم يتوانوا لحظة عن تقديم الدعم والمساندة والعلاج لكل من يلجأ إلى المستشفى، سواء كان مريضًا أو مُصابًا أو حتى نازحًا يُريد أن يأمن نفسه من نيران الاحتلال الأعمى الذي لا يُفرِّق بين المدنيين وغيرهم.

الاحتلال الإسرائيلي يواصل بكل تبجُّح وحقارة استهداف الطواقم الطبية في قطاع غزة، ولا يتردد عن قصف المستشفيات والمراكز الصحية، في إطار مخططه الجُهنمي لتحويل قطاع غزة إلى منطقة غير قابلة للعيش، وإجبار أكثر من 2.2 مليون فلسطيني على التهجير القسري خارج وطنه، ليستكمل المؤامرة الساعية إلى التهام كامل الأرض الفلسطينية، وابتلاعها في جيوب استيطانية.

الصمود الأسطوري الذي يُظهره الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تجسَّد في تلك الصورة الملحمية للدكتور حسام أبو صفية، بعدما سار على قدميه بكل جرأة مرتديًا المعطف الأبيض، نحو دبابة إسرائيلية، ليتم اعتقاله وأسره في موقع غير معلوم. صورة تناقلتها وسائل الإعلام حول العالم، لتؤكد للجميع أن هذا الاحتلال الإجرامي ليس سوى مجموعة من العصابات الوحشية، بينما الشعب الفلسطيني المُناضل، شعب مُحب للحياة، ومُتمسِّك بأرضه وتراب وطنه.

تحية صدق وإجلال للبطل الفلسطيني الدكتور حسام أبي صفية، أيقونة النضال الطبي في العالم، والذي يستحق أن ينال أسمى الجوائز تقديرًا لما قدّمه من خدمات إنسانية جليلة لبني وطنه في قطاع غزة.

*****

قبل الختام:

نبدأُ اليوم عامًا جديدًا، بعدما ودّعنا عامًا مضى، بكل ما فيه من انتصارات وعذابات وهزائم، ويحدونا الأمل في هذا العام الجديد 2025، ومع شروق شمس أول أيامه، أن ينعم العالم بالرخاء والاستقرار والأمان، وأن ينال الشعب الفلسطيني حريته المسلوبة منذ عقود.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وزارة الأوقاف تُحيي ذكرى نكبة فلسطين وتُجدد تمسكها بحقوق الشعب الفلسطيني

أصدرت وزارة الأوقاف بيانًا رسميًا، اليوم الأربعاء 15 مايو 2025، بمناسبة الذكرى الـ77 لنكبة فلسطين، والتي وصفتها بأنها واحدة من أشد الكوارث الإنسانية التي شهدها العصر الحديث، حيث تم تهجير مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني قسرًا عن أرضهم وديارهم وكرامتهم، بعد أن تم اغتصاب حقهم المشروع في وطنهم على يد الكيان الصهيوني.

وأكدت الوزارة، ممثلة في الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، على الموقف الثابت والداعم لحقوق الشعب الفلسطيني، وعلى رأسها حق العودة الذي لا يسقط بالتقادم، وحق إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة، استنادًا إلى المرجعيات الدولية وعلى حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشريف، التي تُعد أولى القبلتين، ومحل تقديسٍ لا يُقبل المساس به.

الأوقاف تُعلن موعد الاختبار الشفوي لأئمة وخطباء المكافأة بالدقهلية المرشحين للعمل بالخارجالأوقاف: الزلازل من جنود الله وآياته التي تقرع بها القلوبقافلة دعوية بالتعاون بين الأزهر والأوقاف إلى شمال سيناء الخميس والجمعة المقبلينبسبب التشاجر داخل المساجد.. الأوقاف توجه تحذيرا بشأن حرمة بيوت الله

وأضاف البيان أن القضية الفلسطينية ليست قضية خاصة بالشعب الفلسطيني فحسب، بل تمثل قضية محورية للأمة العربية والإسلامية، وتجسيدًا لقيم العدالة والكرامة والحقوق الثابتة، مشددًا على أن فلسطين ستظل حاضرة في وجدان الأمة وضميرها الحي، ومصدر عزّها وكرامتها، كما ورد في القرآن الكريم:
﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى﴾ [الإسراء: 1].

وفي ختام البيان، دعت وزارة الأوقاف أبناء الأمة العربية والإسلامية إلى تعزيز وحدتهم وتكاتف صفوفهم، والعمل الجاد على المستويات السياسية والدينية والثقافية كافة، من أجل دعم القضية الفلسطينية، واستعادة الحقوق المغتصبة، وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.

كما ابتهلت الوزارة إلى الله عز وجل أن يثبت أهل فلسطين، وأن يحقق لهم النصر والحرية، وأن يُلهم قادة الأمة الحكمة في السعي نحو استرداد الحقوق، لتبقى فلسطين حرة أبية، راسخة في قلوب جميع أبناء الأمة.

طباعة شارك وزارة الأوقاف نكبة فلسطين حقوق الشعب الفلسطيني وزير الأوقاف د أسامة الأزهري

مقالات مشابهة

  • مسيرتان في القبيطة تأكيدا على المضي في إسناد الشعب الفلسطيني
  • 40 مسيرة جماهيرية في تعز تأكيدا على الثبات في نصرة الشعب الفلسطيني
  • ترامب: هدفنا إنهاء الحرب في غزة وتخفيف معاناة الشعب الفلسطيني
  • السيد القائد: ليكن الصوت غداً عالياً واضحاً بكل ثبات إلى جانب الشعب الفلسطيني
  • السيد القائد: شعبنا العزيز يقدم النموذج الملهم لكل الشعوب في كل العالم وهذا الموقف العظيم له أهميته عند الله (إنفوجرافيك)
  • وزارة الأوقاف تُحيي ذكرى نكبة فلسطين وتُجدد تمسكها بحقوق الشعب الفلسطيني
  • الإحصاء الفلسطيني: غزة تعيش في «تعتيم رقمي» بسبب العدوان
  • الجامعة العربية تدين رفض إسرائيل الانصياع لقرارات مجلس الأمن بشأن غزة
  • الإحصاء الفلسطيني: غزة تعيش في "تعتيم رقمي" بسبب العدوان
  • مصر ترحب بتأكيد ترامب على حق الشعب الفلسطيني في مستقبل أفضل