نهاية عقود الهيمنة السياسية.. 2024 عام اهتزت فيه عروش الأنظمة العالمية
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
شهد عام 2024 عددًا من التحولات الجذرية في السياسة العالمية، حيث اجتاحت موجة من التغيرات السياسية الكبرى العديد من الدول عبر القارات شهد فيه الناخبون في أنحاء مختلفة من العالم زلازل انتخابية أطاحت بحكومات كانت تسيطر على السلطة لفترات طويلة.
هذه الانتخابات كانت بمثابة اختبار كبير لنفوذ الحكومات القائمة وأحزابها السياسية، وكان لها تأثير مباشر على المشهد السياسي الداخلي والخارجي وبالأخص عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة المتواصلة منذ السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023.
من أبرز العوامل التي أثرت في هذه التحولات كان التحدي الاقتصادي الكبير، والانتقادات للسياسات الخارجية، بالإضافة إلى ملفات الهجرة والأمن. عام 2024 كان عامًا يشير إلى بداية تغيرات قد تكون لها تأثيرات عميقة في السنوات القادمة، حيث تواصل الشعوب في أوروبا وأمريكا البحث عن سياسات أكثر توازنًا واستجابة لاحتياجاتهم المتزايدة.
ووجه عام 2024 رسائل قوية للقادة حول العالم لضرورة تلبية احتياجات المواطن والتفاعل مع الأزمات التي يشهدها العالم، الرضوخ لصوت الشعوب.
أبرز الحكومات التي اهتزت حتى سقطت في عام 2024 بفعل الانتخابات:
سوريا: نهاية حقبة الأسد وبداية جديدة في 2024
أبى عام 2024 أن ينتهي قبل أن يعوض ملايين السوريين عن سنوات الانكسار والتشريد فكان عامًا فارقًا في تاريخ سوريا، وشهد نهاية حقبة بشار الأسد، الذي استنزف العديد من أرواح السوريين ودمر البنية التحتية، بعد ما يقرب من 13 عامًا من الحرب.
في نهاية عام 2024، تمكنت القوات السورية المعارضة من تحقيق انتصارات حاسمة على الأرض، وفقد النظام السوري بقيادة بشار الأسد السيطرة على العديد من المناطق الحيوية في البلاد، سواء في العاصمة دمشق أو المناطق الأخرى التي كانت تحت سيطرته لعقود طويلة، مما أدي إلى سقوطه.
كانت نهاية عام 2024 بمثابة بداية مرحلة جديدة لسوريا والسوريين، حيث تولت قوى المعارضة المسلحة، مدعومةً بقاعدة شعبية واسعة، زمام الأمور، وشهدت المنطقة تحركات لتشكيل حكومة انتقالية، وحقق العام جزء كبير من أحلام السوريين الذين صبروا لسنوات طويلة وسط الحرب والدمار، حيث بدأت الثورة السورية بمطالب بسيطة للحرية والعدالة، وتحولت في السنوات الأخيرة إلى نضال مستمر ضد النظام القمعي، لتصل إلى لحظة تاريخية نهاية 2024، حين استطاعت القوى الثورية والمعارضة إسقاط النظام وتحقيق تغيير سياسي في البلاد.
عن احتفالات السوريين هذا اليوم.
لن يدرك حجم فرحة السوريين إلا من عاش المعاناة تحت وطأة نظام بوليسي متوحّش، وأسرة تألّه فيها الأب والابن، بل الأخ وبقية العصابة أيضا.
لم تكن دولة. كانت مزرعة يُمعن مالكها في ازدراء الناس عبر انتخابات تافهة، ومؤسّسة أمنية تُسرف في قمع الناس وإهانتهم. pic.twitter.com/X2lI3gxgWM — ياسر الزعاترة (@YZaatreh) December 13, 2024
الولايات المتحدة: بايدن وتحدي حرب غزة
في الولايات المتحدة، جاء عام 2024 ليُظهر مدى تأثير الأزمات الداخلية والخارجية على فرص إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن، وواجه بايدن العديد من التحديات التي شكلت أعباءً كبيرة على حكومته. أولها كانت الحرب الروسية في أوكرانيا كانت إحدى الأزمات التي استنزفت الموارد الأمريكية، وجعلت الشعب الأمريكي يشكك في حكمة السياسات الخارجية للإدارة الحالية.
لكن القضية التي أثرت بشكل كبير في شعبية بايدن كانت حرب غزة، التي اندلعت في تشرين الأول / أكتوبر 2023، وأدت إلى تصاعد التوترات في الشرق الأوسط.
تعرضت إدارة بايدن إلى انتقادات داخلية وخارجية جراء دعمها اللامحدود لـ"إسرائيل" في عدوانها على الشعب الفلسطيني في غزة؛، في الداخل، اعتبر العديد من الأمريكيين أن دعم الولايات المتحدة لـ"إسرائيل" خلال الهجوم على غزة يتناقض مع القيم الأمريكية حول حقوق الإنسان، أما في الخارج، فقد كانت هذه السياسات تضر بالعلاقات الأمريكية مع بعض الحلفاء حيث تصاعدت الاحتجاجات الشعبية ضد تدخل الولايات المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، تفاقم الوضع الاقتصادي في الولايات المتحدة، حيث شهدت البلاد ارتفاعًا في معدلات التضخم، مما جعل الطبقات المتوسطة والفقيرة تشعر بالضيق، كانت هذه الأزمات، سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي، هي العامل الرئيسي في تراجع شعبية بايدن، مما أدى في النهاية إلى خسارته في الانتخابات 2024.
فوكس نيوز تعلن فوز دونالد ترامب بالانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري 2024 بولاية نيوهامشير. pic.twitter.com/8UDxT3ylfr — ????????محمد|MFU (@mfu46) January 24, 2024
المملكة المتحدة: حكومة المحافظين في أزمة
في المملكة المتحدة، كان عام 2024 بمثابة اختبار حقيقي لحكومة ريشي سوناك وحزب المحافظين بعد سنوات من تراجع الشعبية التي أثرت بشكل سلبي على فوزهم في الانتخابات.
وأدت أزمة بريكست، التي سببت حالة من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي، إلى مزيد من الاستقطاب في البلاد. بينما كانت الحكومة تحاول جاهدًا إعادة تنظيم الوضع الاقتصادي، كانت أزمة تكلفة المعيشة هي المعضلة الكبرى.
شعر المواطنون البريطانيون بالعبء الاقتصادي الناتج عن سياسات التقشف، بما في ذلك ارتفاع الأسعار والضرائب التي كانت تفرضها حكومة سوناك، وفي الوقت نفسه، كانت هناك قضايا أخرى مثل ارتفاع معدلات التضخم، وتزايد حالات البطالة في بعض القطاعات، ودعم الاحتلال الإسرائيلي للاستياء الشعبي الذي دفع العديد من الناخبين إلى تغيير خياراتهم السياسية، ليجد حزب العمال بقيادة كير ستارمر الفرصة للظهور كبديل قوي، حيث استقطب دعمًا واسعًا من الطبقات المتوسطة والفقيرة.
وفي النهاية كانت النتيجة واضحة بفوز حزب العمال في الانتخابات العامة 2024، وهو ما كان بمثابة نكسة شديدة لحكومة المحافظين بعد سنوات من السيطرة على البرلمان البريطاني.
ردة فعل مذيعي سكاي نيوز بعد الفوز الساحق لحزب العمال في الانتخابات البريطانية ???????? : pic.twitter.com/65BX9FRTSZ — ????????محمد|MFU (@mfu46) July 4, 2024
هولندا: اليمين المتطرف يصعد على حساب اليسار
في هولندا، لم يكن هناك صراع بين الأحزاب التقليدية فحسب، بل كانت هناك تحول كبير في خريطة السياسة الهولندية، وكانت انتخابات 2024 بمثابة ضربة للأحزاب اليسارية التي فشلت في معالجة العديد من القضايا التي كانت تشغل الرأي العام الهولندي.
ومن أبرز القضايا التي سادت الأجواء السياسية في هولندا كانت قضية الهجرة، حيث كانت هناك زيادة كبيرة في أعداد اللاجئين إلى البلاد، مما أثار قلقًا واسعًا لدى الكثير من الهولنديين.
اليسار الهولندي، الذي كان يعبر دائمًا عن مواقف متساهلة تجاه قضايا الهجرة، واجه انتقادات حادة بسبب ما وصفه الناخبون بتبني سياسات "مفتوحة" تسببت في زيادة الضغوط على نظام الرعاية الاجتماعية والاقتصاد الوطني، ومع تصاعد قضايا الأمن الداخلي، تزايد دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة التي قدمت وعودًا مشددة بخصوص إغلاق الحدود.
كما كان للحرب في غزة دورًا في تعزيز مواقف الأحزاب اليمينية، حيث تم إلقاء اللوم على السياسات الحكومية في هولندا بعد إدانة بعض القوى السياسية في البلاد للمواقف المتراخية في مواجهة العمليات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين. صعود الأحزاب اليمينية في هولندا كان نتيجة مباشرة لهذه التحولات السياسية، رغم تأييدها هي الأخرى للاحتلال ولكن كان تصويتا عقابيا من الناخبين على تصرفات الأحزاب اليسارية.
هذه رسالة سابقة نشرها الهولندي "خيرت فيلدرز" رئيس حزب الحرية اليميني المتطرف الذي فاز في الانتخابات المبكرة في هولندا ليقترب من أن يصبح رئيساً للبلاد.
الرسالة موجهه للأتراك وقال لهم أنتم لستم أوروبيون ولن تصبحوا أوروبيين أبداً ولا نريدكم في بلادنا. pic.twitter.com/l0WZwZCFjQ — إياد الحمود (@Eyaaaad) November 28, 2023
فرنسا: ماكرون بين الاحتجاجات الاقتصادية والتحديات الخارجية
على الرغم من نجاح إيمانويل ماكرون في فرض سياسات اقتصادية في بداية عهده، إلا أن عام 2024 كان عامًا عصيبًا له، حيث واجه عددًا من التحديات الداخلية والخارجية التي أضعفت قبضته على الحكم. في مقدمة هذه التحديات كانت الأزمة الاقتصادية التي عانت منها فرنسا، إذ ارتفعت معدلات البطالة، وكانت ارتفاعات الأسعار تؤثر بشكل كبير على الطبقات العاملة.
حملة ماكرون لزيادة سن التقاعد، التي فرضت عليها الحكومة على الرغم من معارضة واسعة من النقابات والعمال، كانت نقطة تحول. فقد خرجت مظاهرات احتجاجية في الشوارع، وأصبح ماكرون في موقف دفاعي أمام الرأي العام الفرنسي.
من جهة أخرى، كان هناك العديد من الاحتجاجات ضد السياسة الفرنسية في التعامل مع القضية الفلسطينية، حيث اعتبرت العديد من الأطراف أن باريس كانت منحازة بشكل غير مقبول إلى الموقف الإسرائيلي.
نتيجة لهذه الأزمات، فشل ماكرون وحكومته في استقطاب دعم الرأي العام، وتراجعت شعبيته بشكل حاد، مما أدى إلى خسارته في انتخابات البرلمان الفرنسي 2024 ودخل في دوامة تشكيل الحكومة وإسقاطها من قبل البرلمان.
⭕️ أزمة في #فرنسا
البرلمان أسقط الحكومة لأول مرة منذ 62 سنة. ولا أغلبية لأي كتلة بعد انتخابات الصيف المبكرة. وتواجه باريس أزمة مديونية خانقة وتحديات دولية صعبة.#ألمانيا تواجه أزمة حكومية أيضا وتنتظر انتخابات مبكرة، واقتصادها يتراجع.
هذا حال أبرز قوى أوروبا في زمن #بوتين و #ترمب pic.twitter.com/2fD3LTLTqC — حسام شاكر (@Hos_Shaker) December 4, 2024
البرلمان الأوروبي: صعود القوى الشعبوية
في انتخابات البرلمان الأوروبي 2024، كان هناك تحول سياسي ملموس في عدة دول من الاتحاد الأوروبي. كان الصعود الكبير للأحزاب الشعبوية من أبرز معالم هذا العام، حيث استفاد اليمين المتطرف من المواقف الشعبية المعترضة على سياسات الاتحاد الأوروبي تجاه الهجرة. كانت القضايا المتعلقة بالأمن، الهجرة، والاقتصاد هي الأكثر تأثيرًا في التصويت الأوروبي، حيث تعهدت الأحزاب الشعبوية بإغلاق الحدود وتعزيز السياسات الأمنية داخل الاتحاد.
وفي الوقت نفسه، كان هناك تراجع ملحوظ للأحزاب التقليدية، خاصة تلك التي تتبنى السياسات الأوروبية التي تفتح الأبواب للهجرة وتدعم التكامل الأوروبي على حساب السيادة الوطنية.
مرشحة في انتخابات البرلمان الأوروبي تصوت بالثوب الفلسطيني بأحد اللجان الانتخابية بفرنسا pic.twitter.com/uV70ab2Sgn — الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) June 9, 2024
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية عام 2024 الانتخابات بشار الأسد بايدن فرنسا فرنسا بشار الأسد بايدن الانتخابات عام 2024 المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة فی الانتخابات العدید من فی البلاد فی هولندا pic twitter com کان عام عام 2024
إقرأ أيضاً:
عاصم الجزار: الجبهة الوطنية حزب شعبوي.. ونستهدف التأثير لا الهيمنة
أكد الدكتور عاصم الجزار، رئيس حزب الجبهة الوطنية، أن الحزب بُني تنظيمه على أسس واضحة، وسبق تدشينه مجموعة كبيرة من اللقاءات الحوارية والتشاورية.
وأوضح الجزار خلال لقائه ببرنامج “الورقة والقلم” مع الإعلامي نشأت الديهي على قناة TEN، أن “الجبهة الوطنية” هو حزب شعبوي بنُخبه، أي أن النخبة فيه ليست بعيدة عن الشارع، بل متصلة به، وبما تملكه الهيئة التأسيسية وأعضاء الحزب من تراكم خبرات، يُعد “الجبهة الوطنية” من أقدم الأحزاب المصرية من حيث التكوين الفكري والتنظيمي، وإن كان حديث التأسيس من الناحية القانونية فقط.
وشدد على أن الحزب يضم داخله مجموعة من الخبرات النادرة التي قلّما تتوفر في أحزاب أخرى، ويعمل بمنهج مؤسسي لا يتوقف عند مرحلة التأسيس، بل يتطور باستمرار عبر المراجعة والتقييم وتصحيح المسار.
وأشار إلى أن الجميع في الحزب شركاء في البناء، ولا مجال للعمل الفردي أو اتخاذ القرارات المنفردة.
وأضاف “الجزار” أن معظم الوحدات القاعدية للحزب في المحافظات تم تشكيلها بنسبة 97% من خلال الأمانات المركزية، مؤكدًا الحرص على الانتقاء الجيد للأفراد داخل هذه الوحدات، حيث يتم الاختيار وفق معايير واضحة ومعلنة لكل موقع تنظيمي، وبشفافية كاملة.
وقد تم تشكيل لجان متخصصة لمراجعة السير الذاتية للمرشحين، وإجراء مقابلات مباشرة للتقييم، مع إتاحة الحق الكامل في التظلم لأي شخص لم يتم اختياره، ويتم البت في هذه التظلمات من خلال لجنة محايدة ووفقًا للإجراءات الحزبية المعتمدة.
وأوضح أنه لم يختَر أي قيادة داخل الحزب باستثناء منصب الأمين العام، وقد تم تعيينه لمدة عامين فقط، على أن تُجرى انتخابات على هذا المنصب لاحقًا، مؤكدًا أن جميع المناصب الأخرى تخضع لنظام مؤسسي دقيق للترشح وقواعد عادلة للمفاضلة.
وأشار إلى أن الحزب يعطي أولوية كبرى للمعايير والكفاءة، ويؤمن بسياسة “الكيف لا الكم” في اختيار مرشحيه لمجلس الشيوخ، بهدف بناء كوادر سياسية مؤهلة وقادرة على خوض الاستحقاقات المختلفة بكفاءة.
وأكد “الجزار” أن الحزب حريص على تقديم تجربة حزبية مختلفة، تضع المصلحة الوطنية في صدارة أولوياتها، وتنحاز إلى الكفاءات دون تمييز، وتفتح المجال أمام كل من يملك رغبة صادقة في خدمة الوطن.
وشدد على أن الجبهة الوطنية ليست حزبًا يسعى للهيمنة أو حصد الأغلبية، بل يسعى إلى تحقيق تأثير إيجابي حقيقي، وأن يكون بمثابة “بيت خبرة وطني” يُسهم في بناء الوعي، وصياغة رؤى وطنية قابلة للتطبيق تخدم الدولة والمجتمع.