كيف تتعامل الولايات المتحدة مع الوضع الجديد في سوريا؟
تاريخ النشر: 1st, January 2025 GMT
الـتأكيد على بناء دولة ديمقراطية وتعددية وسلمية تركز على عودة اللاجئين
واشنطن"د ب أ": يرى المحلل الأمريكي الدكتور أرييل كوهين أن الانهيار السريع لحكومة حزب البعث بقيادة الرئيس السوري بشار الأسد جاء تتويجا للحرب الأهلية التي استمرت 13 عاما. وتسببت الاتجاهات العالمية الرئيسية في زيادة معاناة سوريا، وتحديدا الأعمال العدائية العرقية والدينية والهجرة والإرهاب وعودة سياسات القوى العظمى، كما أن تلاعب وتدخلات تركيا وروسيا وإيران تسببت أيضا في تفاقم الوضع في البلاد.
وقال كوهين، المدير الإداري لبرنامج الطاقة والنمو والأمن في مركز الضرائب والاستثمار الدولي، وزميل أول غير مقيم في المجلس الأطلسي في تقرير نشرته مجلة ناشونال انترست الأمريكية، إنه يتعين على الولايات المتحدة وأوروبا وتركيا والدول العربية المعتدلة أن تضمن ألا تعود سوريا مجددا كمعقل روسي وإيراني في شرق البحر المتوسط.
كما يتعين عليهم ضمان ألا تكون سوريا قاعدة لتوسع مستقبلي بقيادة تنظيم داعش، وأن تشمل جهود إعادة الإعمار إجراءات لضمان المساواة للنساء وكل الجماعات العرقية، خاصة الأكراد، حلفاء الأمريكيين، والسماح لهم بالتعايش السلمي. ولن تكون هذه مهمة سهلة.
ومع انهيار نظام الأسد ، تغير ميزان القوى الجيوسياسي في بلاد الشام. وربما تهدد حدود سوريا والتي رسمتها في البداية الإمبراطورية البريطانية وفرنسا في اتفاقية "سايكس بيكو" عام .1916
وبالنسبة لكل الأطراف الأخرى، يعد تأثير الأحداث الأخيرة في سوريا أكثرغموضا. وسيكتشف الشعب السوري والولايات المتحدة وإسرائيل ما إذا كانت الإدارة الانتقالية بقيادة هيئة تحرير الشام ستكون في مصلحتهم.
ولا تزال وزارة الخارجية الأمريكية تصنف تحالف المعارضة كمنظمة إرهابية أجنبية. ومع ذلك، أعلن وزير الخارجية أنتوني بلينكن عن اتصال مباشر بين واشنطن وهيئة تحرير الشام في 15 ديسمبر، حيث التقى وفد أمريكي بقيادة مساعدة وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف مع أحمد الشرع، القائد السوري لهيئة تحرير الشام، وتردد أن البيت الأبيض يدرس رفع تصنيف هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية أجنبية.
ولإرسال رسالة إلى الحكام الجدد في دمشق، تحركت إسرائيل لتأمين منطقة عازلة ضيقة في مرتفعات الجولان. وربما تكون هذه خدمة قدمتها لبقية دول الشرق الأوسط والعالم، كما أنها تحركت أيضا لكي تدمر بشكل منهجي صواريخ الأسد أرض-أرض، والأسلحة الكيميائية، وغيرها من الأسلحة الثقيلة المخزنة في جميع أنحاء سوريا.
وأشار كوهين إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان راهن على دعم العديد من الجماعات بعدما رفض الأسد جهوده لاستعادة العلاقات بين تركيا وسوريا. ونشرت أنقرة الجيش الوطني السوري لتدمير قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد السوريون والمدعومة من الولايات المتحدة في شمال سوريا، وتسيطر تركيا على منطقتين عازلتين كبيرتين هناك.
وقد أصيب العالم بصدمة من تقارير بشأن إعدام مصابين في المستشفيات واغتصاب واختطاف نساء كرديات على يد تلك القوات المدعومة من الأتراك. ومنذ انهيار الإمبراطورية العثمانية، لم تمارس تركيا مطلقا نفس القدر من القوة العسكرية والدبلوماسية في الشرق الأوسط كما تفعل الآن.
ويرى كوهين أن هزيمة الأسد تضعف الموقف الجيوسياسي لكل من طهران وموسكو. فقد أنفقت روسيا عشرات المليارات من الدولارات لإبقاء النظام السوري في السلطة. ولسنوات، كان الحرس الثوري الإيراني وحزب الله يمثلان القوة الإيرانية الرائدة التي تدعم الأسد. وقد حرمت الضربات الإسرائيلية الغاشمة ضد قيادة حزب الله في الخريف الماضي الحكومة السورية من حليف حيوي. وقد تخسر روسيا ميناءها البحري في مدينة طرطوس، الواقع على البحر المتوسط في شمال غرب سوريا، وقاعدة حميميم الجوية.
وإذا حدث هدوء، ستكون إعادة الإعمار عملية مهمة. فقد كانت العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على نظام الأسد تستهدف الدكتاتورية والشركات والمؤسسات المتحالفة معها. ويأمل العديد من معارضي الأسد الآن أن تقوم الدول الغربية برفع تلك العقوبات بشكل كامل. ومع ذلك، سيعتمد الكثير على ما إذا كان من الممكن التوصل إلى أرضية مشتركة مع نظام ما بعد الأسد، وما مدى ذلك.
وقال كوهين إن استمرار الحرب الأهلية أو إقامة دولة قائمة على أساس ديني سيعني استبعاد تلقي سوريا للمساعدات، ناهيك عن الاستثمارات. وإذا كان هناك عنف مزمن ، أو إذا لم تتم حماية حقوق المرأة والأقليات العرقية، فلن تتدفق مليارات الدولارات اللازمة لإعادة بناء البلاد والسماح لملايين اللاجئين السوريين في الشرق الأوسط وأوروبا بالعودة إلى وطنهم.
واعتبر كوهين أن نفي الأسد يستحق الاحتفال، إلا أنه لا ينبغي على القادة الأمريكيين بعد أن يرفعوا هيئة تحرير الشام من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية. وأشار إلى أنه في دولة متنوعة مزقتها الحرب مثل سوريا، تتعمق الكراهية ما بعد الثورة، وتتصاعد الأعمال العدائية العرقية والطائفية، خاصة المخاوف بين الأقليات الكردية والعلوية. و"تحتاج الحكومة التي تقودها هيئة تحرير الشام إلى إثبات أنها ستتخلى عن الجهاد وأنها مستعدة لمحاربة داعش".
وقال كوهين إن هزيمة القوات الروسية والإيرانية في سوريا تمثل فرصة لإعادة تأسيس الهيمنة الأمريكية في الشرق الأوسط، خاصة في الاستعداد لمواجهة التهديد النووي الإيراني. ولتحقيق هذا الهدف، يجب على الولايات المتحدة وحلفائها "تصحيح وضع سوريا". وهناك قائمة طويلة بما يتعين القيام به. ويجب أن تضمن واشنطن قيام روسيا بسحب قواتها وإغلاق قواعدها الجوية والبحرية. وينبغي على هيئة تحرير الشام والولايات المتحدة وإسرائيل ضمان عدم وصول إمدادات إيرانية إلى حزب الله عبر سوريا.
ويرى كوهين أن القائد السوري الجديد أحمد الشرع يقدم صورة عملية وقد يتعرض للتهديد من جانب متطرفين قتلة عازمين على القضاء على المنافسة. وأعلن أن إجراء الانتخابات في البلاد قد يستغرق ما يصل إلى أربعة أعوام. وستكون هذه الفترة كافية تماما لإقامة نظام قائم على أساس ديني. وعلى الرغم من التصريحات المؤيدة التي أطلقها المتحدثون باسم النظام، وخاصة وزيرة شؤون المرأة في هيئة تحرير الشام، عائشة الدبس، الداعمة لحماس والجهاد، ولصالح القيود المفروضة على حقوق المرأة، "يجب على واشنطن ومعها الدول العربية المعتدلة والحلفاء الأوروبيين أن يوضحوا لهيئة تحرير الشام أنه لن يتم على الإطلاق قبول نظام سياسي صارم قائم على أساس ديني يميز ضد المرأة، أو يفرض "تحول" الدروز والعلويين إلى شكل متطرف ،وأن أي محاولة للقيام بذلك ستؤدي إلى وقف جميع المساعدات وإلى العزلة. والواقع أن وزارة الخارجية الأمريكية فعلت ذلك، ولكن ليس بشكل حاسم. وبالتالي، فإن حذف "هيئة تحرير الشام" من قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية" قد يكون سابقا لأوانه.
واختتم كوهين تحليله بالقول إن قدرة سوريا على بناء دولة ديمقراطية وتعددية وسلمية، تركز على عودة لاجئيها وسلامتهم وازدهارهم من خلال التنمية الاقتصادية، تبدو بشكل متزايد كحلم. وعلى الرغم من المعاناة الهائلة التي تعرض لها الشعب السوري، بدون حكمة وصبر وتسامح قادة الفصائل، هناك إمكانية مأساوية أن تشهد سوريا مرحلة جديدة من الحرب وربما المزيد من المذابح في المستقبل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الولایات المتحدة هیئة تحریر الشام الشرق الأوسط کوهین أن
إقرأ أيضاً:
باكو تستضيف جولة مباحثات جديدة بين سوريا وإسرائيل
أنقرة (زمان التركية) – سيلتقي المسؤولون السوريون والإسرائيليون في العاصمة الأذربيجانية، باكو، لبحث الوضع الأمني في جنوب سوريا.
وأفاد مصدر دبلوماسي في حديثه مع وكالة الأنباء الفرنسية أن اجتماع الوزراء السوريين والإسرائيليين سيُعقد اليوم الخميس.
ويأتي اجتماع وزير الخارجية السوري، أسعد الشيباني، ووزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي، رون ديرمر، بعد اجتماع مشابه عُقد في باريس الأسبوع الماضي.
وأضاف الدبلوماسي الذي رفض الإفصاح عن اسمه لحساسية الموضوع أن اللقاء سيتم عقب زيارة الشيباني إلى موسكو يوم الخميس.
تُعد زيارة الشيباني إلى موسكو أول اتصال مباشر للإدارة السورية الجديدة مع روسيا منذ الإطاحة بنظام بشار الأسد، وكانت روسا أحد أبرز الداعمين لنظام الأسد.
ومن الناحية العملية، تُعد إسرائيل وسوريا في حالة حرب منذ عام 1948.
وسيركز اجتماع باكو على الوضع الأمني في جنوب سوريا. وذكر التلفزيون الرسمي السوري أن أجتماع باريس شهد بحث التطورات الأمنية الأخيرة ومحاولات احتواء التصعيد في جنوب سوريا.
وجاء اللقاء الأخير بين سوريا وإسرائيل عقب المواجهات العنيفة التي شهدتها مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية في جنوب سوريا.
وفي بداية المواجهات، اشتبكت العشائر البدوية السنية مع الميليشيات الدرزية، غير أنه خلال فترة قصيرة تدخلت قوات النظام السوري وإسرائيل في الأحداث وزعمت الأخيرة أنها ترغب في حماية الدروز.
وشنت إسرائيل آنذاك غارات جوية على مقرات الجيش في دمشق وبالقرب من القصر الرئاسي.
وأعلنت الولايات المتحدة الداعمة للطرفين وقف إطلاق نار ليلة الثامن عشر من يوليو/ تموز.
وكان المسؤولون السوريون والإسرائيليون اجتمعوا في 12 يوليو/ تموز في باكو قبيل اندلاع الأحداث العنيفة في السويداء.
القواعد الروسية
تحتل إسرائيل هضبة الجولان السورية منذ عام 1967 وضمت المنطقة في عام 1981 عبر حملة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وبعد عام من حرب 1973، تم توقيع اتفاقية انفصال تؤسس منطقة عازلة بحماية الأمم المتحدة بين سوريا وهضاب الجولان المحتلة.
ومنذ الإطاحة بنظام الأسد، يتمركز الجنود الإسرائيليون في المنطقة العازلة ويشنون مئات الهجمات في سوريا.
وأقرت الإدارة السورية بعقد مباحثات غير مباشرة مع إسرائيل لخفض التوترات.
وأوضح المصدر الدبلوماسي أن الشيباني سيتوجه الخميس إلى روسيا وسيجتمع بالمسؤولين الروس لبحث عدد من القضايا من بينها القواعد الروسية داخل سوريا والتباحث بشأن شروط استمرار وجود القواعد وحقوق إدارتها.
وترغب موسكو في الحفاظ على القاعدة البحرية في طرطوس وقاعدة “حميميم” الجوية الواقعة بالقرب من مدينة اللاذقية.
وتعرضت موسكو لانتقادات عنيفة لدعمها نظام الأسد عسكريا في الحرب الأهلية في سوريا عام 2015 بشنها الكثير من الغارات الجوية على المناطق الخاصة لسيطرة المعارضة متسببة في مقتل الآلاف من المدنيين.
وبعد الإطاحة بنظام الأسد، لم تقطع الإدارة السورية الجديدة علاقاتها مع روسيا والتقى نائب وزير الخارجية الروسية آنذاك، ميخائيل بوغدانوف، بالرئيس السوري، أحمد الشرع، في يناير/ كانون الثاني الماضي في دمشق.
هذا وأوضح المصدر الدبلوماسي أنه من المخطط بحث دعم التعاون الثنائي وإعادة إحياء العلاقات الدبلوماسية والأمنية والخطوات المتعلقة بالأمن الداخلي والمقاتلين الأجانب خلال زيارة الشيباني إلى موسكو.
Tags: أسعيد الشيبانيالتطورات في سورياالسويداءالعلاقات السورية الروسيةالغارات الاسرائيلية على سورياالمباحثات الروسية الإسرائيليةزيارة الشيباني إلى روسيا