(1) اكذوبة البحر ..

عند اول خيط للغروب .. قبل ان تغط آخر صفرة شمسية نائمة حد الغطس في قاع البحر ، كانوا يتجمعون عند الساحل يطالعون الآفاق مصداقا لحكاية قديمة غرزت في بواطن اللاشعور .. فمنذ النشوء حتى ما هم فيه يصطرعون ( ان نوراً خفيف الظل يظهر بعد المغيب بدقائق كل الف عام يحمل معان ورسالة لها خاصية الالتقاط والاحساس لا ينالها الا ذو لب حفيظ ، سينال ما يرجوه ان تمكن رؤيته ) ، وبما ان الحكاية لم تنته عند سواحل البحار وقمم الجبال او اودية الصحراء .

. غير ذاك من بقاع مأهولة في مشارق الأرض ومغاربها ممن وصلت اليهم الحكاية بصورة او باخرى ، فان الكتب والروايات والاحاديث والسير قد اطنبت حد الابتذال عن تلك الاكذوبة او الفكرة او الإيحاء والعصف الذهني المضطرب … وان كان تحت عنوان طوباوي ..
خرجت الناس كعادتها تستنطق افق البحر ، كل ترك خلفه يومياته وهمومه ومشاكله وأهله وذويه … ما ملك وما أمل ان يستحوذ .. فشرار النار الخامدة في نفوس البشر يمكن لها ان تصحو على اثر أي جدحة ما ولو بمحض مصادفة او عبر استخدام خاطيء للقوة .. كل منهم تائه مستغرق بالبحث مستسلم لنشوة الحكاية يرجو ظفرا او مخرجا مقبولا يكون له املاً للنجاة من خرم ابرة بعيدة تكاد لا ترى بالعين المجردة وفقا لمنطق النهايات المعهودة لكل الاقاويل ما اوحي منها او سطر على ورق سابق .. فجميع من جلدوا سيقوا سلفا باعاصير بعيدة موغلة العصور لم تعد يسمع عنها شيء .. او نصوص ما زالت تشم حكاياتها من افواه مجنونة او واعية .. كل يتلقاها بطريقة تتناسب مع عواهنه او خلفياته .
ظلوا يضربون الاخماس بالاسداس التي طال عمرها حتى بعد الالفية الثالثة … وربما العاشرة .. لعل فيها ما يمكن من خلال سحره شفاء امراضهم المستعصية ..
وقفوا طوابير غير منتظمة ، صفوف متداخلة ساد فيها منطق القوة الإنسانية المعهودة مذ الخليقة حتى القيامة ، فمن استقوى كان له موطيء قدم مريحاً في طلته على الشواطيء بمقاعد تعد أولى او له الأولوية وفقا للعادة المالوفة في التعاطي مع معنوياته او ماديته .. ليس هناك ما يفصل حتى وان كانت نوايا الالسن صادقة ، لكنها تبقى حبيسة ذات منغلقة عصية الفهم دون الاخرين ، كل له ما له دون انتظار أوامر او توجيه من الاخر .
ثمة معلومة رسخت حد الغرز بالعرف الإنساني ان المقدمة بوابة للاحتلال او هي نبوءة لطلائع الخير الذي يبتغيه ، مما يجعل حظوظه اوفر واولى بتحالفاته المتوقعة مع اول خيط لذلك الضوء المنتظر ، فيما ضعفاء الناس يتدافعون حد التزاحم بل ركوب بعضهم بعض وكانهم ركام متراكم متدكدك تحت اقدام الاولين والاخرين … من اجل حظوة الظفر بفسحة نظر ، يمكن لهم فيها استلهام او ترجمة ما يمكن ان يظهر في ذلك الأفق البعيد الغائر حد النسيان وراء جبل او موج او بحر او نجم معتم …. او ديناصور ثلجي عملاق فاق في متاريسه قوى الأرض كلها ..
في هذا الغروب ومع شطب يوم من جدولة عمر الانسان المفطوم على وصال امل وربما اكذوبة … اهتزت الملايين جذلة طربة لها حينما نعق احدهم قائلا : ان جذوة تحليق قد تبادرت طلائعها خافتة وان كانت بعيدة جدا جدا … بأعماق عصي ان تدركه مدارك بصرية تقليدية .. لكن بصيص ضوئها جعل لها إمكانية بلوغ اثر يمكن ان تكون خبرا او مقدما لطلائع جيش عرمرم يحمل في زنابيله خيرا غير معهود ..
عند ذاك هاجت الناس وتصاعدت الأصوات وتدافعت حد الموت بل ان بعضهم ابتلعه موج البحر الغاضب على امية وبلاهة من يتفرجون عليه ويحطون بقربه منذ الاف السنين .. لم يستوعبوا الدرس ، بعد ان بلغ السيل الزبى حد التدافع غير المعقول . تلاطم موج الناس على اثر كلمة .. ربما لم تكن مقصودة او بنوايا غير حسنة وربما حرفت حروفها لتعطي مدلولاً اخر ..
فيما تتنطاح الرؤوس وتتدارس العقول ، ظهرت اجنحة طائرة تشق عباب البحر وتضيء بخفت على مدارج الأفق البعيد . لكنهم لم يستوعبوها ، فانهم هنا يترقبون املا اعجازياً سماوياً غير ذلك الطائر المصنوع ..
كلما اقتربت منهم خابت ظنونهم لدرجة نسوا معها اصل الحكاية الموغلة بالكذب ، حتى فقأ احدهم عين صاحبه ببصقة استهزاء مما كان يفعل من حركات عدها مخجلة ..
حلقت الطائرة فوق جموعهم كانها تطلب تفريقهم بل تامرهم بذلك .. بعد ان اتضح انها مجرد طائرة من بقعة أخرى ستحط بالمطار المجاور على رصيف البحر ..
ما ان علموا حد اليقين ان يوماً آخر من العمر قد ولى وضاع وتاه في بحر الاساطير … حتى بكى بعضهم ولطم اخر وتفرق اخرون .. كانهم عبابيد تناسوا همومهم فور التحليق دون اكتراث لاصل الحكاية التي نسوها عند اول امتار ليست بعيدة عن رصيف البحر ..

حسين الذكر

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

صياغات بعيدة.. حقيقة موافقة الصحة على تكليف دفعة علاج طبيعي 2023

نفت النقابة العامة للعلاج الطبيعي برئاسة الدكتور سامي سعد، صحة الخطاب المتداول على مواقع التواصل الاجتماعي والمنسوب لها، والذي يتضمن عبارات شكر وتقدير لوزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبد الغفار، على ما وصف بأنه "موافقة على تكليف دفعة 2023 كاملة من خريجي العلاج الطبيعي".

وأكدت نقابة العلاج الطبيعي - خلال بيان - أن الخطاب المتداول "لم يصدر عنها نهائيا، ويحمل صياغات بعيدة تماما عن الأسلوب المهني المتعارف عليه في المخاطبات الرسمية، سواء من حيث اللغة أو الشكل أو مضمون الرسالة"، واصفة إياه بـ"المزور".

وشددت النقابة، على أنها بصدد اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه من يقف وراء ترويج هذا الخطاب، محذرة من الزج باسم النقابة في أي بيانات أو مخاطبات غير معتمدة منها، ومشددة على أن كل ما يصدر عنها يتم نشره عبر قنواتها الرسمية فقط.

وأكدت العلاج الطبيعي دعمها الكامل لحقوق الخريجين، وسعيها المستمر للتواصل مع الجهات المعنية بشكل رسمي لضمان مصالح أعضائها، داعية الجميع إلى تحري الدقة وعدم الانسياق وراء المنشورات غير الموثقة.

طباعة شارك النقابة العامة للعلاج الطبيعي وزير الصحة والسكان الدكتور خالد عبد الغفار العلاج الطبيعي تكليف دفعة 2023 التكليف أومة التكليف

مقالات مشابهة

  • شهداء الحركة الرياضية .. الحلقة 276 (محمد سلامة)
  • لمى … من بين الخيوط خرجت الحكاية قصة إنسانية من مهرجان جرش للثقافة والفنون
  • الامتحانات الرسمية: الجنوب والنبطية في المرتبة الاولى للنجاح
  • أميركا والناتو يطوران آلية تمويل جديدة لتسليح أوكرانيا
  • أميركا والناتو يطوران آلية لتزويد أوكرانيا بأسلحة
  • دير الأنبا بيشوي بوادي النطرون يتسلم جزءًا من رفات الشهيد أبي سيفين
  • بلومبيرغ: السعودية مازالت بعيدة عن التخلص من اعتمادها على النفط
  • حضرموت على صفيح ساخن والاحتجاجات تتوسع إلى مناطق جديدة
  • صياغات بعيدة.. حقيقة موافقة الصحة على تكليف دفعة علاج طبيعي 2023
  • نادي قضاة لبنان: استقلالية القضاء لا تزال بعيدة المنال