لم يحكم إسرائيل منذ نشأتها التي تقارب ثمانية عقود، سوى رؤساء حكومات ينتمون لحزبي العمل الذي صنف يساراً، والليكود الذي صنف يميناً، باستثناء محدود يؤكد القاعدة، وتتمثل في تولي الحكم من قبل أريئيل شارون الليكودي أصلاً، والذي انتقل للوسط بتأسيس كاديما، وخليفته اهود أولمرت، كذلك نفتالي بينيت اليميني أكثر من الليكود، والوسطي يائير لابيد في ولاية لم تكتمل.
ورغم أن الليكود حكم مدة أطول من العمل، تقترب من خمسة عقود، مقابل ثلاثة لخصمه، إلا أن عدد رؤساء الحكومات من حزب العمل، أكثر عدداً من رؤساء الحكومات الليكوديين، والسبب في ذلك يعود الى تولي بنيامين نتنياهو منصب رئاسة الوزراء أطول فترة تولاها رئيس حكومة سابق بمن فيهم ديفيد بن غوريون مؤسس الدولة، ومناحيم بيغن مؤسس اليمين الليكودي، وأول من تولى المنصب من اليمين الإسرائيلي.
ورغم أن شارون ظهر عنيفاً ومتطرفاً حين كان وزيراً للجيش في عهد اسحق شامير، رئيس الحكومة اليميني الثاني بعد مناحيم بيغن، كما أنه ظهر كذلك وهو زعيم للمعارضة، وتسبب في اندلاع المواجهة العسكرية بين الفلسطينيين والإسرائيليين التي سميت بالانتفاضة الثانية عام 2000، حين اقتحم الحرم على طريقة إيتمار بن غفير حالياً، إلا أنه تحول نحو الوسط بعد أن أصبح رئيساً للوزراء، فيما مر أولمرت مروراً عابراً، وكذلك لفترة محدودة تسيبي ليفني.
وبذلك فإن التاريخ حين يسجل أهم رؤساء لحكومات إسرائيل، من المؤكد بأنه سيذكر بن غوريون كمؤسس للدولة، ثم مناحيم بيغن، وأخيراً بنيامين نتنياهو، وذلك رغم أن التاريخ سيضعه في خانة مجرمي الحرب العالميين، المدانين والهاربين من وجه العدالة، فيما تاريخ إسرائيل سيذكره، باعتباره مؤسس الدولة الإسرائيلية الثانية، هذا إن نجح في تحقيق ما ظلت المنطقة تذكره وتتناقله من تقديرات حول شعار امبراطوري لاهوتي يقول بدولة إسرائيل من الفرات الى النيل.
ولم يمكث نتنياهو في مقر سكنه بحي رحافيا بالقدس الغربية، أطول فترة لرئيس وزراء عبثاً، بل لما تمتع به من دهاء، كذلك لأنه دخل من الباب المعاكس تماماً لحزب العمل، الذي أسس دولة إسرائيلية على الطريقة الغربية، بحيث ظل يتشدق بكونها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط.
وكان أنصع دليل على أن إسرائيل التي أعلن عنها بن غوريون عام 1948، لا تمت لإسرائيل التوارتية بأية صلة، بل كانت «كياناً» أقامه الغرب في الشرق الأوسط لتحقيق أكثر من هدف، هو أنها أقيمت على الأرض التي منحت لها عبر قرار التقسيم، مضافاً لها أراضي احتلت في العام التالي، أي عام النكبة، وكانت تشمل الساحل الذي يربطها بالغرب عبر البحر، نظراً لأن ظهرها، بل حدودها الشرقية والشمالية والجنوبية مغلقة في وجهها، وصحراء النقب، أي دون القدس والضفة الفلسطينية، حيث يدعي اللاهوت التوراتي بقيام دولتي يهودا والسامرة عليها، قبل قرون بعيدة من السنين تقترب من ثلاثة آلاف عام.
وكان اتفاق أوسلو الذي ايده الغرب بشدة، بما فيه أميركا/الديمقراطيين، حيث جرت المحادثات التي أفضت اليه في العاصمة النرويجية، فيما تولت إدارة الرئيس بيل كلينتون حفل إعلانه في حديقة البيت الأبيض عام 1993، بمثابة نهاية الرحلة لحزب العمل واليسار الإسرائيلي، الذي رأى دولة إسرائيل عبر تلك الحدود، أي دولة ديمقراطية غربية، تعيش بأمن وسلام مع محيط عربي/إسلامي، تعتبر ملاذا لليهود الذين أفلتوا من المحرقة.
لكن اليمين الذي قاده نتنياهو منذ اللحظة التي اغتال فيها اليمين إسحق رابين، ووضع فيها حدا لزمن العمل، بدأ في التأسيس للدولة التوراتية منذ تلك اللحظة، وجعل من «المستوطنين» غير الشرعيين، المقيمين على أرض دولة فلسطين رافعته لإطلاق مشروع دولة إسرائيل الثانية، بوضع الحد أولا لقيام دولة فلسطين، ذلك أن حل الدولتين الذي ينسجم الى حدا ما مع قرار التقسيم، ومع إرادة المجتمع الدولي بما فيه الغرب الأوروبي وحتى أميركا الديمقراطيين، ينتهي بإقامة إسرائيل وفق صيغتها الأولى.
وثانياً، واصل اليمين بقيادة نتنياهو حربه ضد اليسار، حتى تآكل حزب العمل ومعه ميرتس، ولم تقم لهما قائمة حكم منذ تقدم هو خشبة المسرح السياسي، باستثناء ذلك الوقت المستقطع الذي كانت مدته عامين ونصف فقط حين حكم أهود باراك، كآخر رئيس حكومة من حزب العمل، وكان هو صقرياً في العمل، لدرجة أنه كان المصوت الوحيد من بين أعضاء الحزب ضد أوسلو، وشيئاً فشئياً انتقلت إسرائيل داخلياً كمجتمع من اليسار المدني الى اليمين المتطرف الذي يجمع بين المتدينين والمستوطنين.
وليس أدل على ذلك من توليفة الحكم الحالية، التي بالنتيجة، أغلقت الباب تماما أمام حل الدولتين، وسارت على طريق عكس الأغلبية الشعبية الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية أيا كانت طبيعتها بدافع عنصري، الى قرارات تشريعية، حتى صارت إسرائيل نفسها، تسير على طريق معاكس تماماً لإرادة المجتمع الدولي بأسره، وصولاً الى شن حرب الإبادة الجماعية، لتحقيق هدف طي صفحة دولة إسرائيل ذات الطابع الغربي، والإصرار على المضي قدما في إقامة إسرائيل الثانية، التي تضم رسميا كل أرض فلسطين التاريخية، أي التي تطوي صفحة قرار التقسيم وحل الدولتين.
ولم يتوقف الأمر عند هذه الحدود، بل إن حرب الإبادة أظهرت إصرار اليمين الإسرائيلي المتطرف على مواجهة كل العالم، وكل الشرق الأوسط وخوض حرب الإبادة ضد خمس جبهات إقليمية، بل وحتى ضد ما تبقى من تعبيرات لدولة إسرائيل الغربية، نقصد مظاهرات الاحتجاج على عدم عقد صفقة التبادل.
وكان واضحاً أن حرباً يقودها الثالوث: نتنياهو_بن غفير_سموتريتش، هي مقامرة كبرى، لأن الخصوم شملوا حتى من انضم اليهم في حكومة الحرب، أي بيني غانتس وغادي ايزنكوت، فضلا عن المعارضة بمن فيها افيغدور ليبرمان، وبالطبع يائير لابيد، وعائلات المحتجزين وغيرهم من سكان مدن الساحل العلماني حيث نشأت دولة إسرائيل الغرب وما زالت قائمة، لكن دون أن يكون لها تأثير في الحكم، بعد أن تحولت دفة الحكم لتحالف المتدينين اللاهوتيين مع المستوطنين المتطرفين، وليس أدل على هؤلاء من بتسئليل سموتريتش الذي يتولى ثالث أهم منصب في الحكومة، وهو مستوطن.
أكثر من ذلك فإن انهيار الشرق الأوسط خاصة بمكونه العربي، بعد تفكك العراق وسورية وليبيا واليمن، وإثقال كاهل مصر بالديون الخارجية، والملفات الأمنية إن كان في سيناء ومن ثم في غزة، أو ما يخص سد النهضة، وكذلك فشل السعودية في مواجهة اليمن، بل والأسوأ خروج دول الخليج عن طاعتها تباعاً، فقطر تمردت منذ وقت بقيادتها الربيع العربي دون السعودية، فيما الإمارات والبحرين ذهبتا أبعد من ذلك نحو إسرائيل عبر اتفاقيات أبراهام.
يظل رئيس الحكومة الإسرائيلي يتلاعب برئيسين أميركيين هما بايدن وترامب
ولم يبق في وجه إسرائيل سوى إيران، بعد أن تحجم الطموح التركي الذي انفلت من عقاله قبل عقدين من السنين بتولي حزب العدالة والتنمية التركي، بفشل الإخوان في تونس ومصر، ومن ثم في فشلهم في اليمن بعد فشلهم في إسقاط نظام الأسد لمدة 13 سنة، كل ذلك فتح شهية التطرف الإسرائيلي للتطلع لما هو أبعد من دولة اللاهوت في إقامتهم لإسرائيل الثانية، أي باتوا يتطلعون لإقامة دولة التلمود، أي الإمبراطورية الكبرى التي يمكنها أن تسيطر على الشرق الأوسط كله، وبه ربما على العالم بأسره.
لهذا تحدث نتنياهو عن إعادة تشكيل الشرق الأوسط، وهو في لحظة زهوه عقب اغتياله حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني آخر شهر أيلول الماضي أي قبل ثلاثة أشهر فقط، ولأنه واجه تحدياً حقيقياً في المواجهة العسكرية مع إيران وحلفائها، اضطر لعقد تحالف من تحت الطاولة مع تركيا، في مهمة اسقاط نظام الأسد، لتحقيق مصلحة مشتركة لكليهما معا، ونتنياهو يدرك جيدا بأن تركيا خصم أسهل له من إيران، تماما كما رأى شريكه في الصراع على المستوى الكوني جو بايدن بأن الحرب مع روسيا أسهل من الحرب مع الصين، فيما يرى ترامب العكس، وبذلك فإن إسرائيل تدير الصراع الإقليمي على طريقة إدارة أميركا للصراع الكوني.
وفي انتظار ترامب الذي هدد بحرق الشرق الأوسط في حال دخل البيت الأبيض وبقي المحتجزون بقبضة حماس، وقدم بذلك خدمة لنتنياهو ليفشل الصفقة، يظل رئيس الحكومة الإسرائيلي يتلاعب برئيسين أميركيين هما بايدن وترامب، وذلك على غير ما كان عليه الحال حين أجبر جورج بوش الأب اسحق شامير على المشاركة في مدريد، مع وفد فلسطيني/أردني، في محاولة أميركية للتوصل لحل الدولتين، ودون رئيس على شاكلة بوش الأب، أي دون ترامب على شاكلة بوش الأب، فإن أحداً ليس بمقدوره أن يوقف نتنياهو عن مواصلة السعي لإقامة دولة إسرائيل من الفرات الى النيل.
الأيام الفلسطينية
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه نتنياهو غزة ترامب غزة نتنياهو الاحتلال ترامب مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة تكنولوجيا سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشرق الأوسط دولة إسرائیل حزب العمل بوش الأب
إقرأ أيضاً:
أبرز مضامين اتفاقية الشراكة التي يهدد الاتحاد الأوروبي بمراجعتها مع إسرائيل
دخلت اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل حيز التنفيذ في يونيو/حزيران عام 2000، وتمنح إسرائيل عددا من الامتيازات في الأسواق الأوروبية. وبلغ حجم التجارة بين الطرفين 46.8 مليار يورو عام 2022، مما جعل الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لإسرائيل.
توقيع الاتفاقيةوُقعت اتفاقية الشراكة بين إسرائيل والاتحاد الأوروبي في بروكسل يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1995، بحضور وزير خارجية إسرائيل ونظرائه في دول الاتحاد، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ إلا عام 2000 بعد أن صادقت عليها جميع البرلمانات الأوروبية والكنيست الإسرائيلي.
تهدف الاتفاقية إلى إرساء إطار قانوني ومؤسسي منظم لتطوير الحوار السياسي وتعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين. وتنص ديباجتها على التزام الأطراف بتعزيز اندماج الاقتصاد الإسرائيلي في الاقتصاد الأوروبي، بما يعكس التوجه نحو شراكة إستراتيجية طويلة الأمد.
عُقد أول اجتماع لمجلس الشراكة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل يوم 13 يونيو/حزيران عام 2000 في لوكسمبورغ، بحضور وزير الخارجية الإسرائيلي ديفيد ليفي، ونظرائه من دول الاتحاد، إيذانا ببدء سريان الاتفاقية رسميا.
أهداف الاتفاقية إرساء إطار فعّال للحوار السياسي يتيح تطوير علاقات سياسية متينة ومستدامة بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل. دعم النمو المتوازن للعلاقات الاقتصادية بين الجانبين عبر توسيع نطاق التجارة في السلع والخدمات والتحرير المتبادل لحق تأسيس الشركات، والتدرج في تحرير أسواق المشتريات الحكومية وتسهيل حركة رؤوس الأموال وتعزيز التعاون في مجالات العلم والتكنولوجيا، وذلك بما يسهم في تنشيط الاقتصاد وتحسين ظروف المعيشة والعمل وزيادة الإنتاجية وتحقيق الاستقرار المالي لدى الطرفين. تشجيع التعاون الإقليمي بما يعزز التعايش السلمي وتعزيز الاستقرار السياسي والاقتصادي في المنطقة. توسيع مجالات التعاون الثنائي في قضايا ومصالح مشتركة تخدم الطرفين. إعلان حقوق الإنسان وعلاقتها بالاتفاقيةتنص الاتفاقية على أن احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية يشكلان ركيزة أساسية للاتفاق، كما تقر بإنشاء مجلس شراكة يُعقد على مستوى وزراء الخارجية، مدعوما بلجنة شراكة متخصصة لضمان متابعة التنفيذ وتعزيز التعاون.
الإطار السياسي للاتفاقيةيهدف هذا الجانب من الاتفاقية إلى إضفاء الطابع المؤسسي والمنظم على الحوار السياسي القائم بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وتوسيعه ليشمل نطاقات جديدة للتعاون الثنائي.
وقد عُقد هذا الحوار في السابق على مستوى وزراء الخارجية بشكل غير رسمي ومتكرر على مدار العام، دون أن يستند إلى إطار قانوني ملزم.
غير أن الاتفاقية نصّت على تنظيم هذا الحوار ضمن لقاءات سنوية منتظمة تُعقد على مختلف المستويات، بدءا من صُنّاع القرار في أعلى المستويات الوزارية، ووصولا إلى الخبراء والمسؤولين الإداريين.
الإطار التجاريلا تقتصر الاتفاقية على الجانب السياسي فحسب، بل تنظم كذلك العلاقات التجارية والاقتصادية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، وذلك عبر تحديد آليات تبادل السلع والخدمات بين الطرفين.
وقبل دخول الاتفاقية حيز التنفيذ كان هناك بالفعل حجم كبير من التجارة بين الجانبين، وصل عام 1999 إلى نحو 22 مليار دولار، فمنذ عام 1975 أُنشئت منطقة تجارة حرة بين الجانبين، سمحت بتبادل السلع دون فرض ضرائب جمركية مرتفعة، مما سهّل تدفّق المنتجات بين الأسواق الأوروبية والإسرائيلية.
وقد حافظت اتفاقية الشراكة الجديدة على هذه المنطقة الحرة، مع إدخال تحسينات إضافية تتعلق بتبسيط الإجراءات الجمركية، منها تقليص الروتين وخفض الرسوم.
حجم التبادل التجاري بين الأطراففي 2024 بلغت حصة إسرائيل من إجمالي تجارة السلع للاتحاد الأوروبي نحو 0.8%، مما جعلها تحتل المرتبة 31 ضمن الشركاء التجاريين للاتحاد على المستوى العالمي. وعلى صعيد العلاقات الإقليمية، جاءت إسرائيل في المرتبة الثالثة بين شركاء الاتحاد الأوروبي في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
إعلانفي المقابل، يُعد الاتحاد الأوروبي الشريك التجاري الأبرز لإسرائيل، إذ بلغ حجم تجارة السلع بين الطرفين نحو 42.6 مليار يورو في العام ذاته، مما يُمثل 32% من إجمالي تجارة إسرائيل مع العالم.
بلغت قيمة الواردات الأوروبية من إسرائيل عام 2024 نحو 15.9 مليار يورو، وتوزعت على عدد من القطاعات الرئيسية، من ضمنها الآلات ومعدات النقل في الصدارة بقيمة 7 مليارات يورو، أي ما يعادل 43.9% من إجمالي الواردات، والمواد الكيميائية بقيمة 2.9 مليار يورو (18%)، إضافة للسلع المصنعة الأخرى بقيمة 1.9 مليار يورو (12.1%).
أما صادرات الاتحاد الأوروبي إلى إسرائيل فقد بلغت 26.7 مليار يورو، تتكون في معظمها من الآلات ومعدات النقل التي سجلت 11.5 مليار يورو، ما يمثل 43% من إجمالي الصادرات. كما شملت الصادرات مواد كيميائية بقيمة 4.8 مليارات يورو (18%)، إضافة إلى سلع مصنعة أخرى بقيمة 3.1 مليارات يورو (11.7%).
وفيما يتعلق بالتجارة الثنائية في الخدمات بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل، فقد بلغ حجم التبادل عام 2023 نحو 25.6 مليار يورو. واستورد الاتحاد الأوروبي ما قيمته 10.5 مليارات يورو، بينما بلغت صادراته إلى إسرائيل 15.1 مليار يورو في العام ذاته.
مُساءلة حقوقيةفي 20 مايو/أيار 2025 أعلنت كايا كالاس، كبيرة الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، أن الاتحاد سيباشر مراجعة شاملة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل، وذلك في ضوء ما وصفته بـ"الوضع الكارثي" في قطاع غزة، وجاء هذا الإعلان عقب اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد في بروكسل.
وأوضحت كالاس أن "أغلبية قوية" من وزراء الخارجية أيدوا هذه الخطوة، في إشارة إلى الدعم الواسع لمراجعة الاتفاقية.
وأكّد دبلوماسيون أن 17 من أصل 27 دولة عضوا في الاتحاد دعمت هذه المراجعة، التي ستركز على تقييم مدى التزام إسرائيل ببند حقوق الإنسان المنصوص عليه في الاتفاقية. وقد جاء هذا الاقتراح بمبادرة من وزير الخارجية الهولندي كاسبر فيلدكامب.
إعلانبدوره، دعا وزير الخارجية الفرنسي ستيفان سيجورني إلى مراجعة الاتفاقية على خلفية استمرار جيش الاحتلال في حرب الإبادة الجماعية ضد سكان قطاع غزة ومنعه إدخال المساعدات.
وبعد إسبانيا وأيرلندا طالبت هولندا في وقت سابق أيضا بإجراء تحقيق عاجل فيما إذا كانت الهجمات الإسرائيلية على غزة تنتهك الاتفاقيات التجارية الموقعة مع الاتحاد الأوروبي.
وتجدر الإشارة إلى أنه في 2002، صوّت البرلمان الأوروبي لصالح تعليق اتفاقية الشراكة مع إسرائيل، ردا على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في جنين ونابلس، إلا أن المفوضية الأوروبية آنذاك لم تتخذ أي خطوات عملية لتفعيل هذا القرار أو لمحاسبة إسرائيل على تلك الانتهاكات.