قالت هيئة حقوقية سودانية إن الأجهزة الأمنية المُوالية للحكومة في العاصمة المؤقتة بورتسودان، احتجزت أخيراً، 5 نساء تعسفياً، بمزاعم التعاون مع قوات «الدعم السريع»، مِن بينهن محامية، مشيرة إلى امتلاء المعتقلات والسجون بأعداد كبيرة من السجناء والسجينات بالتهم نفسها.

وأفادت عضو المكتب التنفيذي لهيئة «محامو الطوارئ»، رحاب مبارك، بأن الخلية الأمنية بمدينة الدمازين، عاصمة ولاية النيل الأزرق، جنوب شرقي البلاد، ألقت القبض على النساء، يوم الاثنين الماضي؛ لأسباب «جهوية وعرقية بحتة».

وقالت، لــ«الشرق الأوسط»، إن النساء معتقلات في «وضع سيئ جداً ويمارَس بحقِّهن الابتزاز والتهديد بالسجن لفترة لا تقل عن 10 سنوات؛ لإجبارهن على الاعتراف قسراً بتعاونهن مع قوات (الدعم السريع)».

وأضافت أن الجيش السوداني ظل يرفض كثيراً من طلبات اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة المعتقلات، علماً بأن غالبيتهن أمهات لا يجري السماح بزيارتهن. ولم يتسنَّ الحصول على تعليق من المتحدث باسم الجيش حول هذه الاتهامات.

وعدَّت القانونية ما يحدث للنساء في مدينة الدمازين بولاية النيل الأزرق وغيرها من مناطق السودان، أنه «يدخل ضمن الجرائم ضد الإنسانية ترتكبها الاستخبارات العسكرية والخلية الأمنية التابعة للجيش، وفقاً لتصنيفات عرقية». وقالت رحاب مبارك إن المعتقلين بمزاعم التعامل مع «الدعم السريع» يتجاوز عددهم المئات، حيث تصدر يومياً في محاكم الطوارئ والمحاكم الجنائية بمختلف ولايات البلاد أحكام بالإعدام والسجن المؤبد أو السجن لفترة تتراوح بين 6 و10 سنوات.

محاكمات سياسية
وأكدت مبارك أن هذه الأحكام، التي صدرت بحق المئات من المواطنين السودانيين، «محاكمات سياسية» لا يتوفر فيها أدنى مقومات الشفافية والعدالة بحقِّ مَن يجري اعتقالهم بهذه التهم.

وألقت السلطات الأمنية القبض على المئات من السودانيين في المناطق التي استردّتها من قوات «الدعم السريع»، ووجَّهت لهم تُهماً تحت مواد من القانون الجنائي تتعلق بالتعاون مع «منظومة إرهابية».

ويواجه الجيش السوداني والميليشيات التي تُقاتل في صفوفه اتهامات بارتكاب أعمال قتل خارج نطاق القانون، وانتهاكات واسعة ضد المدنيين العُزل في مناطق النزاع.

ورصدت هيئات حقوقية مستقلة، خلال الأشهر القليلة الماضية، توسع السلطات السودانية في إصدار أحكام الإعدام شنقاً حتى الموت ضد عشرات من الرجال والنساء؛ لإدانتهم، بموجب المواد 50 و51 و65 من القانون الجنائي السوداني لسنة 1991، المتعلقة بإثارة الحرب ضد الدولة، والمشاركة مع قوات «الدعم السريع» في ارتكاب جرائم جنائية ضد المدنيين.

وقال قاضي درجة أولى، لــ«الشرق الأوسط»، إن «أغلب الأحكام يتأسس على بلاغات بالتعاون أو التخابر، أو شخص جرى تجنيده من قِبل (الدعم السريع)، بالإضافة إلى الأشخاص الذين تثبت عليهم تُهم الاشتراك في أعمال العنف أو النهب، مثلما حدث في كثير من مناطق النزاعات».

وأضاف القاضي، الذي طلب حجب هويته، أن كثيراً من هذه الأحكام تسقط في درجات الاستئناف، وقد لا تجد التأييد في المحاكم العليا. وأوضح أنه إذا لم تثبت للنيابة بيِّنة لانخراط المتهم في موجبات الاتهام فوق مرحلة الشك المعقول لنشاطه مع قوات «الدعم السريع»، يُخلى سبيل المتهم دون محاكمة. وقال القاضي إن أغلب البلاغات والأحكام، التي صدرت ضد الأشخاص بالتعاون مع «الدعم السريع»، سُجّلت في ولايات البحر الأحمر ونهر النيل والولايات الشمالية.

القضاء الحالي غير معتمد
بدوره قال قانوني وخبير في حقوق الإنسان إن العقوبات الصادرة من القضاء الحالي لا يُعتدّ بها قانوناً؛ لكونها تتلقى الأوامر من الأجهزة الرسمية والحكومية. وأضاف القانوني، الذي فضل عدم ذكر اسمه لوجوده داخل البلاد، «أن هذه الأحكام ذات طابع سياسي، وأصبحت من أدوات الحرب، وطالت كثيراً من الأبرياء». وأشار إلى أنه منذ اندلاع الحرب، درجت السلطات الأمنية، التابعة للجيش السوداني، على القبض بالاشتباه على الفارّين من العاصمة الخرطوم وغيرها من الولايات، مما عرّض كثيراً من الأشخاص للاعتقال والتعذيب دون وجه حق.

وقال إن الغرض من هذه الأحكام مخاطبة الخارج بالانتهاكات التي ترتكبها قوات «الدعم السريع»، لتحقيق مكاسب سياسية، وليس لها أي علاقة بالقانون والعدالة. وأشار، في هذا الصدد، إلى البلاغات «الكيدية ذات الطابع السياسي»، التي سبق أن دوَّنتها النيابة العامة في مواجهة قادة «تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية (تقدم)»، التحالف السياسي الأكبر في البلاد، وخاطبت الإنتربول الدولي بالقبض عليهم.

وأصدر قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، في مطلع أغسطس (آب) من العام الماضي، قراراً بتشكيل لجنة لجرائم الحرب وانتهاكات «الدعم السريع» برئاسة النائب العام، وعضوية ممثلين عن القوات المسلحة، والمخابرات العامة، والداخلية، والشرطة، ومفوضية حقوق الإنسان، ووزارتي العدل والخارجية.

السودان: الشرق الأوسط: أحمد يونس  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع هذه الأحکام مع قوات

إقرأ أيضاً:

الخليج يتأهب | اجراءات احترازية وخطط طوارئ خوفا من توسع الحرب (شاهد)

في تطور غير مسبوق في سياق التصعيد المتواصل بين طهران من جهة وواشنطن وتل أبيب من جهة أخرى، أعلنت إيران مساء الاثنين تنفيذ عملية عسكرية استهدفت قاعدة "العديد" الجوية الأمريكية في قطر، وذلك رداً على الهجمات التي شنتها القوات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية، فيما تشهد الخليج القريبة من إيران إجراءات احترازية، خوفا من توسع الصراع.

وأُطلق على العملية الإيرانية ضد مصالح واشنطن في المنطقة اسم "بشائر النصر"، التي تزامنت مع هجمات أخرى استهدفت قواعد أمريكية في العراق، بحسب ما أفادت به وسائل إعلام رسمية إيرانية.

وأوضح الحرس الثوري الإيراني في بيان رسمي أن العملية جاءت ردًا على "العدوان الأمريكي على المنشآت النووية"، مؤكداً أن الضربة ضد قاعدة العديد كانت "مدمّرة". 
 
وفي المقابل، أعلنت وزارة الدفاع القطرية أن الدفاعات الجوية القطرية نجحت في اعتراض الصواريخ التي أُطلقت باتجاه قاعدة العديد.

 


استعدادات خليجية ومخاوف من توسع النزاع
ومع تصاعد الصراع٬ اتخذت البحرين والكويت إجراءات احترازية تحسباً لامتداد الصراع إلى أراضيهما، حيث تستضيف كلا الدولتين قواعد أمريكية. 

وأعلنت السلطات البحرينية تفعيل خطط العمل عن بُعد في الوزارات بنسبة 70%، عدا القطاعات الحساسة. كما دعت وزارة الداخلية البحرينية المواطنين والمقيمين إلى تجنّب إشغال الطرق إلا للضرورة.

وفي الكويت، أعلنت وزارة المالية تجهيز ملاجئ داخل مجمع الوزارات تحسّباً لأي طارئ، فيما شهدت الأسواق موجة إقبال كثيف على شراء المياه المعبأة، ما دفع وزارات التجارة والشؤون والصناعة إلى إصدار تطمينات بشأن توفر مخزون كافٍ من المواد الأساسية، داعية المواطنين إلى عدم الانجرار وراء موجات الهلع.

والكويت : تفعيل خطة الطوارئ لتمكين العمل عن بُعد، وتجهيز الملاجئ، وذلك في ظل الظروف الراهنة.#البحرين :تفعيل العمل عن بُعد بنسبة 70% بالوزارات والأجهزة الحكومية، بسبب الظروف الإقليمية الراهنة.

القرار يبدأ اعتبارًا من اليوم وحتى إشعارٍ آخر — نواف المالكي | Nawaf R Almalki (@nawafrashed1404) June 22, 2025
وجاء الهجوم الإيراني بعد يوم من تنفيذ الولايات المتحدة ضربات جوية وصفت بـ"النوعية" على ثلاث منشآت نووية إيرانية تقع في مناطق فوردو ونطنز وأصفهان. 

وهدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بيان رسمي إيران بالمزيد من "الضربات المدمرة" إذا لم تستجب لمبادرات السلام الأمريكية.

وكانت طهران قد حذّرت واشنطن سابقاً من أنها سترد بقوة على أي استهداف مباشر، معتبرة أن قواعد ومصالح الولايات المتحدة في المنطقة ستكون أهدافاً مشروعة لأي رد إيراني.

تطمينات إشعاعية من الخليج
وفي ظل استهداف منشآت نووية إيرانية، أبدت عدة دول خليجية تخوفها من تداعيات بيئية وإشعاعية محتملة. إذ أعلنت هيئة الرقابة النووية في السعودية، والحرس الوطني الكويتي، أن الرصد الإشعاعي في المنطقة لم يسجّل أي ارتفاعات غير طبيعية، مؤكدة سلامة الأجواء والمياه الإقليمية. 

وشاركت الإمارات عبر هيئتها الاتحادية للرقابة النووية في التأكيد على أن لا تهديد إشعاعياً حالياً داخل أراضيها، مع متابعة الوضع عن كثب.

وكانت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية قد نفت بدورها وقوع أي تسرب إشعاعي، مشددة على أن المنشآت المستهدفة آمنة وأن السكان في المناطق المحيطة بها غير مهددين في الوقت الراهن.

لم يرصد أي آثار إشعاعية على بيئة المملكة، ودول الخليج العربية؛ نتيجة الاستهدافات العسكرية الأمريكية لمرافق إيران النووية. — هيئة الرقابة النووية والإشعاعية (@SaudiNRRC) June 22, 2025
مداخلة مدير مديرية التوجيه المعنوي المتحدث الرسمي للحرس الوطني العميد دكتور جدعان فاضل جدعان مع قناة الأخبار بتلفزيون دولة الكويت عن عدم رصد ملوثات بيئية أو اشعاعية من قبل مركز سمو الشيخ سالم العلي للدفاع الكيماوي والرصد الاشعاعي pic.twitter.com/QO16XCyPTR — الحرس الوطني الكويتي (@kng_kw) June 22, 2025


مجلس التعاون الخليجي يعرب عن قلقه 
وعلى الصعيد الدبلوماسي، عبر سفراء دول مجلس التعاون الخليجي عن قلق دولهم الشديد من الهجمات الإسرائيلية والأمريكية على المنشآت النووية الإيرانية، خلال اجتماع رسمي عُقد في مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في فيينا مع مديرها العام رافاييل غروسي.

وأكد السفراء في بيان مشترك على "ضرورة ضمان أعلى مستويات الجاهزية والتدابير الوقائية" في ظل قرب بعض المنشآت النووية من حدود الدول الخليجية. 

كما حذروا من "الآثار الخطيرة التي قد تترتب على أي تسرب إشعاعي محتمل، سواء على المستوى البيئي أو الإنساني".

وشدد البيان على أهمية دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ضمان التزام الدول باتفاقيات الأمان النووي، محذرين من أن أي استهداف للمنشآت النووية يُعد خرقاً واضحاً للقانون الدولي والإنساني.

معالي الأمين العام لمجلس التعاون @jasemalbudaiwi يدين ويستنكر بأشد العبارات الهجوم الصاروخي الإيراني على أراضي دولة قطر.

https://t.co/YTFePhQBfQ#مجلس_التعاون#قطر pic.twitter.com/RV5DB7qrPb — مجلس التعاون (@GCCSG) June 23, 2025
ويواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ 13 حزيران/يونيو الجاري شن حرب مفتوحة على إيران، استهدفت خلالها مواقع عسكرية ومدنية ومنشآت نووية، إلى جانب اغتيال قادة كبار في الحرس الثوري الإيراني وعلماء في المجال النووي. 

وجاءت الضربات الأمريكية الأخيرة لتؤكد دخول الصراع مرحلة جديدة من التدويل، ما دفع طهران إلى الرد بتوسيع نطاق المواجهة ليشمل القواعد الأمريكية في دول الجوار.

وفي خطاب متلفز، توعد رئيس هيئة الأركان الإيرانية اللواء عبد الرحيم موسوي بأن رد إيران "سيكون حاسمًا وقاطعًا"، مشيرًا إلى أن المعركة لم تعد محصورة في الداخل الإسرائيلي بل باتت تشمل "كل من يشارك في العدوان على إيران".

في ظل هذه التطورات، يبقى الخليج على صفيح ساخن، فيما تتعاظم المخاوف من أن يتحول النزاع إلى مواجهة إقليمية شاملة، تطال آثارها الإنسانية والبيئية والاقتصادية عموم المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الخليج يتأهب | اجراءات احترازية وخطط طوارئ خوفا من توسع الحرب (شاهد)
  • حميدتي: سيطرة «الدعم السريع» على المثلث الحدودي تهدف لتأمين السودان ومحاربة التهريب
  • إسرائيل والدعم السريع
  • مسؤولة أممية: خطر الإبادة الجماعية في السودان لا يزال مرتفعاً وسط هجمات عرقية تقودها للدعم السريع
  • بسبب فضيحة أخلاقية.. العلاقة بين الحلو و”الدعم السريع” على كف عفريت
  • مقتل طبيبة داخل مستشفى المجلد بغرب كردفان إثر قصف للجيش السوداني
  • انقلاب ميداني في إقليم كردفان: الجيش السوداني يعلن التقدم والسيطرة على مناطق جديدة وهروب قوات الدعم السريع
  • معارك حاسمة بين الجيش السوداني و «الدعم»
  • تركوا جثثهم وهربوا.. درموت يسرد تفاصيل معركة الجيش السوداني ضد الدعم السريع
  • إعتقال صحفي سوداني في معبر أرقين بتهمة التعاون مع الدعم السريع