حتى لا تواجه سوريا مصيراً يشبه العراق
تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT
آخر تحديث: 5 يناير 2025 - 1:12 مبقلم:سمير عادل لإفشال مساعي القوى الإقليمية والدولية واستباق محاولاتها الاستثمار في مستنقع الانقسامات الطائفية والقومية والدينية، يجب علينا التحرك دون تردد، نحو تجفيف هذا المستنقع عبر إعلان مبدأ المساواة الكاملة، بلا أي تمييز أو تحفظ، بين جميع فئات المجتمع السوري، وتشكيل حكومة غير قومية وغير دينية.
الاستهلاك الإعلامي المكثف لمفاهيم مثل “حقوق الأقليات” و”المكونات”، سواء من قبل هيئة تحرير الشام التي تسيطر على دمشق، أو من منافسيها مثل قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أو الجماعات الدرزية في السويداء، أو البيان الأخير للطائفة العلوية أو الجماعات المدعومة تركيًا، وحتى من المسؤولين الغربيين، يخفي وراءه أهدافاً سياسية تخدم أجندات معينة. كي نوضح اكثر، إنَّ كل العناوين والمقولات التي يسوقونها لنا مثل التشاركية والفيدرالية القومية أو الطائفية التي يسمونها باللامركزية أو سوريا موحدة بهوية قومية كما كانت في العهد السابق، تختبئ وراءها أو خلفها أجندات قومية وطائفية، لتشريع عمليات النهب والسرقة لثروات جماهير سوريا باسم حقوق الأقليات والمكونات، مثلما عشنا تجربتها وما زلنا نعيشها في العراق، وجميع تلك الأطراف تسعى دون كلل وعبر تلك المقولات الخادعة الحفاظ على مستنقع الانقسامات الطائفية والقومية المصطنعة. ما الذي يمتلكه علي خامنئي، مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران، من موقعه ويراهن عليه لإشعال حرب أهلية في سوريا، سوى الغوص في المستنقع الطائفي، وما الذي يعتمد عليه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وإعلانه بأنه سيدفن الأكراد مع أسلحتهم إذا لم يخضعوا لميليشياته ومرتزقته المأجورين، غير إذكاء المستنقع القومي. ومن جهة أخرى، ما هي الذرائع التي تتخذها الولايات المتحدة الأمريكية لبناء قاعدة جديدة في كوباني (عين العرب) شمال سوريا، سوى الاستثمار في وجود داعش، وما هي دوافع إسرائيل للتوسع العسكري في سوريا بحجة توجيه ضربات استباقية للإرهاب، سواء ضد الجماعات الإسلامية أو غيرها، بينما تسعى لدعم وتعميق الصراع القومي والطائفي في سوريا. في النهاية، يبدو أن الهدف المشترك هو محاولة تقسيم سوريا إلى كانتونات طائفية وقومية وعرقية، بما يخدم حماية أمن ومصالح الأطراف المتصارعة. الحجيج إلى دمشق من قبل المسؤولين في حكومات العالم يسير على قدم وساق، وجميعهم يستخدمون المقولات المذكورة آنفًا، ولكن الحقيقة التي لا يريدون الإفصاح عنها هي أنهم يتنافسون في مهرجان الماراثون السياسي الذي أُطلقت صافرة انطلاقة في الثامن من ديسمبر (كانون الأول)، لاحتلال موطئ قدم في معادلة سياسية لم تتضح معالمها بعد. كل واحد من تلك الحكومات تحاول أن تلعب دورها في الصراع الجيوسياسي او إعادة الاعمار ومن بعدها الحصول على فرص الاستثمار كي تكون جزءً منها عندما تتشكل. ولم تتحمل وزيرة الخارجية الألمانية أكثر بكتمان السر، عندما قالت من دمشق وفي لقائها مع أبو محمد الجولاني سابقا واحمد الشرع حاليا رئيس الإدارة السياسية: يجب مغادرة القواعد الروسية من سوريا. إن الغرب الرسمي بحكوماته ومؤسساته السياسية والمخابراتية لم ولن يدعم أية حكومة علمانية، غير قومية وغير دينية في سوريا. ففرنسا التي تزور وزير خارجيتها دمشق، وأول تصريح لها هو طرد النفوذ الروسي من سوريا، هي من شرعت الدستور الطائفي في لبنان. والولايات المتحدة الأمريكية هي من أسست مجلس الحكم الطائفي القومي في العراق بعد غزوه واحتلاله وأرست اكبر نظام طائفي- قومي فاسد في المنطقة، وتركيا هي من دعمت الإخوان المسلمين في مصر وتونس وليبيا والجماعات الإرهابية التي ولدت منها ولعبت دورا محوريا في إشاعة الفوضى وقامت بدعم العصابات الإسلامية من كل حدب وصوب وبأموال قطرية لإعادة إنتاج السلطنة العثمانية برداء حزب العدالة والتنمية وبسلطان جديد اسمه رجب طيب أردوغان، وهي من وضعت دباباتها في خدمة الإخوان المسلمين الجدد (هيئة تحرير الشام) ببدلات وربطات عنق تركية ويعتليها الجولاني وقادة القاعدة السابقون ورفاق الجولاني من البانيا والأردن ومصر وطاجكستان والايغور وتركيا الذين شكلوا وزارة الدفاع لتشق الطريق إلى دمشق دون اعتراض من أحد. الجولاني أو احمد الشرع، وخلال مقابلته مع قناة (العربية)، قال إنه شكل حكومة واحدة من لون واحد، لأن المحاصصة تدمر المرحلة الانتقالية حسب مزاعمه. والسؤال البديهي: لماذا يكون بديل حكومة ذات لون واحد هو حكومة محاصصة؟ لماذا لم يتم تشكيل حكومة غير قومية وغير دينية وتعلن بمساواة البشر في سوريا حسب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهدين الدوليين واتفاقية سيداو الذي هو حلم وأمنيات وهدف جميع الأقسام الاجتماعية في سوريا. ولكن يلاحظ أنَّ الجولاني يحاول تضليل العالم حول مفاهيم ومقولات لتبرير تثبيت سلطته وتشكيل حكومته التي تفاخر بنواتها في محافظة إدلب، وهي حكومة إسلامية وقمعية واستبدادية. وما زال “أحد عشر سجنًا” تابعًا لهيئة تحرير الشام يقبع فيها معارضون، ولم يُطلق سراحهم إلى الآن. وهناك تعمية إعلامية متعمدة من قبل جميع المشاركين في الماراثون السياسي كي لا تفوح رائحة تزكم أنوف الذين يحبون الغرق في أوهامهم بشكل ممنهج ومخطط ومدروس، ولا يعكر صفو مسامعهم من الأقوال التي ينثرها الجولاني في الإعلام. إن كل هذا اللف والدوران، سواء من قبله أو من قبل داعميه الدوليين والإقليميين، أو من يحج إليه، هو محاولة للتملص من الاعتراف بعدم نيتهم دفن المستنقع الذي غرقت فيه سوريا إلى الآن، وسبقها العراق. أي بعيارة أخرى نقول، أن الإيديولوجيا لا تقف حاجزًا أمام الجولاني في الإعلان عن تشكيل حكومة غير قومية وغير دينية، والإقرار بلائحة المساواة المطلقة بين الرجال والنساء والقوميات والطوائف وجميع أقسام المجتمع السوري، كي ينهي حالة القلق والشك والخوف من المستقبل في صفوف الشعب السوري. إن السبب الحقيقي الذي يقف وراء تشكيل حكومته من لون واحد، أو بأصح العبارة نقل حكومة إدلب إلى دمشق، هو أنه لا يريد تقاسم السلطة بل الانفراد بها، وهو نفس الشيء الذي ينطبق على (قسد) التي تطالب بالفيدرالية وحقوق الأكراد، والحالة نفسها تنطبق على الجماعات التي تُسمى بالجيش الوطني المدعومة من تركيا، وكذلك من يتحدثون باسم الطائفة الفلانية أو الأقلية. الكل من هذه الأطراف ليس من صالحها لائحة المساواة وهوية علمانية للدولة، لأنَّها تخسر في المحصلة الأخيرة من امتيازاتها ونفوذها. وكل ما يقال عن تنظيم الحوار الوطني والمؤتمر الوطني وما ينسج من خيال حوله بانه سفينة النجاة او اكسير الحياة للشعب السوري، ليس إلا محاولة لكسب الوقت من قبل الجولاني، وهدفه التضليل السياسي ما لم يكن أساسه الإعلان الصريح والواضح بلائحة المساواة والمواطنة وفصل الدين عن الدولة والتعليم. عندئذٍ، وفقط عندئذٍ، بالإمكان تفويت الفرصة على أمثال الخامنئي ومحسن رضائي عضو مجلس تشخيص النظام وعباس عراقجي وزير الخارجية الإيراني، عندما يهددون جميعهم بإشعال نيران الفوضى في سوريا اذا لم تحصل ايران على موطئ قدم في المعادلة السياسية الجديدة في سوريا إنَّ الطريق إلى عدم انزلاق سوريا إلى أتون حرب أهلية، أو في أفضل الأحوال إلى دوامة الفوضى، وغلق جميع الأبواب أمام القوى الإقليمية والدولية وقطع يدها بالتدخل في تقرير مصير جماهير سوريا، هو أن تكون سوريا دولة علمانية غير قومية وغير دينية، وتُعرف البشر فيها على أساس المواطنة.هل هناك أيٌّ من المتصارعين المحليين على الجغرافيا السورية، من الشرع مرورًا بقادة فصائل السويداء ودرعا وصولًا إلى قسد، يمتلك برنامجًا إنسانيًا حقيقيًا؟ عندها يمكن نسمي شخص ما بمانديلا سوريا.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
بعد عامين من الانسحاب ما الذي أعاد إكسون موبيل إلى العراق؟
بغداد – بعد انقطاع استمر قرابة عامين، عادت شركة إكسون موبيل، عملاق الطاقة الأميركية، إلى المشهد النفطي العراقي بخطوة إستراتيجية.
فقد أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن توقيع اتفاقية مع الشركة في 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تهدف إلى مساعدة العراق في تطوير حقل "مجنون" النفطي العملاق في محافظة البصرة جنوبي البلاد، إضافة إلى توسعة البنية التحتية لتصدير النفط في البلاد.
هذه العودة تفتح الطريق أمام الشركة لاستكشاف أحد أكبر الحقول في العراق، وتأتي في وقت تعيد فيه كبرى شركات النفط العالمية، بما فيها إكسون موبيل، تركيزها على أصول النفط والغاز لتعزيز محافظها الاستثمارية.
رئيس مجلس الوزراء السيد محمد شياع السوداني، يرعى مراسم توقيع اتفاقية مبادئ (HOA) بين وزارة النفط وشركة اكسون موبيل الأمريكية.
وخلال استقباله لنائب رئيس الشركة السيد بيتر لاردن والوفد المرافق له بحضور القائم بالأعمال الأمريكي لدى العراق، أشار السيد رئيس مجلس الوزراء الى أن… pic.twitter.com/RERfm5OoQi
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء ???????? (@IraqiPMO) October 8, 2025
التوازن الجيوسياسي والاقتصادي
أكد الخبير في قطاع الطاقة، عاصم جهاد، أن اتفاق المبادئ الأخير بين العراق وشركة "إكسون موبيل"، يتجاوز البعد الاقتصادي ليخدم أهداف العراق في تحقيق توازن سياسي واقتصادي في علاقاته النفطية مع واشنطن، خاصة في ظل التنافس الأميركي الصيني والمتغيرات الإقليمية والدولية.
وقال جهاد للجزيرة نت إن الاتفاق يعكس رغبة "إكسون موبيل" في العودة للعراق، في محاولة لتعويض جزء من مشروع الجنوب المتكامل الذي لم يكتمل سابقا في إطار سعي الحكومة العراقية إلى إعادة بناء الثقة مع كبريات الشركات العالمية، وتحسين صورة البيئة الاستثمارية، بعد تراجع تنافس الشركات المصنفة في الصف الأول في جولات التراخيص السابقة.
أشار جهاد إلى أن وزارة النفط العراقية تعمل على إعادة النظر في صيغ التعاقد المعتمدة مع الشركات الأجنبية لجعل البيئة الاستثمارية أكثر جاذبية ومرونة. ويجري حاليا بحث الانتقال من صيغة عقود الخدمة الفنية التقليدية (المعتمدة منذ 2009 والتي حدت من جاذبية الاستثمار بسبب العوائد المحدودة والأخطار التشغيلية على المستثمر) إلى صيغ أكثر توازنا، مثل عقود المشاركة في الأرباح أو الشراكة في الإدارة.
إعلانوتهدف هذه الإصلاحات التعاقدية إلى:
تحقيق مصلحة الطرفين وضمان استمرار السيطرة الوطنية على الموارد. عدم تحميل الموازنة الاتحادية نفقات إضافية مستقبلا. تنويع الشركاء الدوليين وعدم احتكار المشاريع الكبرى على جنسيات محددة. الاستفادة من الخبرات والتكنولوجيا الأميركية في الإدارة المتكاملة للمشاريع.وأوضح جهاد أن اتفاقية المبادئ لحقل مجنون، ليست العقد النهائي، بل تتطلب تنفيذ دراسات تجارية وفنية مفصلة والتفاوض على العقد التشغيلي، الأمر الذي قد يستغرق فترة زمنية، مرجحًا أن تختلف صيغة العقد الجديد لحقل مجنون جذريا عن عقود جولات التراخيص السابقة، حيث ستمنح مرونة أكبر في تقاسم الأرباح، وتفتح المجال أمام الشركة للدخول في أنشطة تسويق وتخزين النفط في الخارج، مما يحفز "إكسون موبيل" وربما شركات أميركية أخرى على زيادة استثماراتها في العراق.
وشدد جهاد على أن تحصين الاتفاق السياسي أمام التغييرات الحكومية المقبلة ضرورة لضمان استمرار الشراكة ورفع الثقة في البيئة الاستثمارية العراقية أمام الشركاء الدوليين.
ويقع حقل مجنون على بُعد 60 كيلومترًا (37 ميلًا) من البصرة جنوب العراق، وهو من أغنى حقول النفط في العالم، إذ تُقدَّر احتياطياته بنحو 38 مليار برميل.
في حين أكد الدكتور حمزة الجواهري، الخبير في الشأن النفطي، أن عودة شركة إكسون موبيل، إحدى أكبر شركات الطاقة العالمية، إلى العمل في العراق تمثل خطوة إستراتيجية ذات منافع اقتصادية وسياسية كبرى، أبرزها توفير خزين نفطي إستراتيجي للعراق خارج الحدود لاستخدامه في أوقات الأزمات والطوارئ.
وقال الجواهري للجزيرة نت إن عودة إكسون موبيل، التي كانت سابقًا مقتصرة على إنتاج وتطوير حقل غرب القرنة 1 (جنوبي البلاد)، تشمل الآن مجموعة واسعة من المشاريع، على رأسها:
العودة إلى حقل مجنون مشاريع تسويق النفط استغلال القدرة التخزينية الهائلة للشركة حول العالم.وكانت إكسون موبيل قد غادرت الأراضي العراقية في مطلع 2024، حيث سلّمت جميع عملياتها في حقل غرب القرنة 1 (الذي يتجاوز إنتاجه 600 ألف برميل يوميًا) إلى شركة بتروتشاينا الصينية، في خضم انسحابات سابقة لشركات عالمية أخرى مثل شل و"بي بي".
وفقًا لتأكيدات الجواهري، فإن سعة إكسون موبيل التخزينية الهائلة حول العالم تُمثِّل "حلا أمثل" للعراق، وتغنيه عن الحاجة لإنشاء أنابيب تصدير إضافية باهظة التكلفة.
وأوضح أن الاستفادة من هذه المخزونات النفطية في مناطق جغرافية مختلفة تمنح العراق مرونة إستراتيجية كبيرة. ففي حال توقّف التصدير من منطقة الخليج لأي ظرف طارئ، يمكن للعراق الاستمرار في بيع نفطه بالاعتماد على مخزوناته الإستراتيجية الموجودة في خزانات إكسون موبيل خارج الحدود.
وأشار الخبير إلى أن الطاقة الإنتاجية للعراق حاليا 6 ملايين برميل يوميا، والتي تتجاوز التزامه مع أوبك والمقدرة بنحو 4 ملايين برميل يوميا يمكن أن تغذي هذه الخزانات لتكوين هذا الخزين الإستراتيجي الحيوي.
إعلانإلى جانب هذه المنفعة الإستراتيجية، تحدث الجواهري عن منافع اقتصادية أخرى مهمة منها تفعيل مشاريع المصافي والصناعات البتروكيميائية والتي ستغير شكل الصناعة النفطية في العراق وتعيد تشكيلها، مما يعطي أهمية قصوى لوجود البتروكيميائيات والمصافي المتطورة حسب المعايير العالمية الجديدة.
أما على الصعيد السياسي، فأكد الجواهري أن هذه الخطوة ستعيد التوازن بين عمل الشركات الأميركية والشركات الأخرى داخل العراق، خاصة بعد تراجع وجود الشركات الأميركية مؤخرا، موضحًا أن الدور الممنوح لإكسون موبيل سيكون "أكبر وأكثر أهمية" من عقود باقي الشركات، حيث ستتمكن من تخزين واستثمار كميات من النفط العراقي قد تصل إلى ما يقارب نصف الكمية التي يصدرها العراق فعليا عبر أوبك.
واستبعد الجواهري احتمالية استخدام النفط المخزن ورقة ضغط على العراق مستقبلا، مؤكدا أن جميع واردات تصدير النفط العراقي تودَع في الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي)، فضلا عن النظرة الخاصة التي توليها واشنطن للعراق والحرص على تقوية المصالح المشتركة، لافتًا إلى أن المنافع الكبيرة التي حصلت عليها إكسون موبيل الآن كانت الدافع القوي لعودتها، خلافا للظروف والمكاسب المحدودة التي كانت سائدة عند خروجها قبل عامين.
من جانب آخر، أكد الخبير في الشأن النفطي، بلال خليفة، أن عودة الشركات الأميركية والغربية للعمل في القطاع النفطي العراقي، وفي مقدمتها شركة "إكسون موبيل"، تحمل دلالات إستراتيجية واقتصادية وسياسية مهمة في هذا التوقيت الحساس.
وقال خليفة لـ"الجزيرة نت"، إن الشركات الأميركية والغربية تتميز عن نظيراتها الصينية والآسيوية من حيث طريقة العمل ورصانة المنتج، مشيرا إلى أن هذا التباين هو سبب رئيسي في إدراج شرط "أن تكون المناشئ غربية وخصوصا الأميركية" في معظم المناقصات النفطية ذات الطبيعة الاستيرادية.
واعتبر خليفة أن الحالة الخاصة لـ"إكسون موبيل"، بعد انسحابها وعودتها للعمل مجددا، تعطي مؤشرات إيجابية قوية حول:
متانة وفعالية العمل في القطاع النفطي العراقي. البيئة الاستثمارية والأمنية أصبحت آمنة وجاذبة. وجود بيئة تنافسية جيدة تسهم في تقديم أفضل الخدمات بأقل الأسعار، مما يكسر الاحتكار الذي قد ينجم عن سيطرة شركات من جنسية معينة.وأضاف الخبير النفطي أن دخول "إكسون" يحمل تبعات سياسية مهمة، مستشهدا بدور الشركات الأميركية في عدم سقوط إقليم كردستان بيد تنظيم الدولة الإسلامية سابقا بسبب حماية القوات الأميركية لمشاريعها هناك.
وأكد أن تنوع جنسيات الشركات العاملة في العراق يعكس إستراتيجية واضحة للابتعاد عن سياسة المحاور واعتماد مبدأ الحياد في علاقاته الدولية.
وفيما يتعلق بالضمانات الأمنية لـ "إكسون موبيل" بعد حادثة سحب موظفيها سابقا، شدد خليفة على أن الظروف الأمنية الحالية مختلفة تماما عن أيام الانفلات الأمني وظهور تنظيم الدولة.
وأشار إلى أن شركة "إكسون" "لا تحتاج ضمانات أمنية إضافية كي تعود للعمل".
الموازنة بين الشرق والغربوحول كيفية موازنة الحكومة العراقية بين جذب الشركات الغربية الكبرى مثل "إكسون موبيل" وتعميق الشراكات مع الشركات الآسيوية، أوضح خليفة أن الشركات الصينية والآسيوية "تحتل نسبة كبيرة قد تصل إلى 90% من الشركات العاملة في القطاع النفطي"، مؤكدا أن إدخال الشركات الغربية أمر بالغ الأهمية لكسر الاحتكار، وخلق تنافس يهدف إلى "تقديم أفضل الخدمات بأقل الأسعار".
دلالات التوقيت الإستراتيجيوأكد خليفة على أن عودة عملاق أميركي في هذا التوقيت تمثل "النقطة الجوهرية والموضوع الإستراتيجي"، خاصة وأن التوتر السياسي في أوجه، محذرا من مغبة الاعتماد الكبير على الإيرادات النفطية من خلال دولة واحدة، ومعتبرا أن ذلك "خطأ كبير لتجنب إيقاف الإمدادات في حالة الطوارئ أو حدوث منازعات مستقبلية"، وأن هذا الاتفاق يعكس تحولا في إستراتيجية العراق نحو تقليل الاعتماد على طرف دولي واحد في قطاع الطاقة.
إعلان