العلاقات السامة.. عندما يصبح الحب قيدا مؤلما
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
العلاقات السامة تعد من أبرز القضايا التي تؤرق المجتمعات، وتترك آثارًا نفسية واجتماعية بالغة التعقيد على الأفراد. إنها تلك الروابط الإنسانية التي تتحول إلى عبء ثقيل بدلًا من أن تكون مصدر دعم وسعادة، حيث يصبح طرف واحد أو كلا الطرفين في حالة استنزاف مستمر للآخر، وتنشأ هذه العلاقات عندما تتسم بالتلاعب، والسيطرة والإيذاء النفسي أو الجسدي مما يجعلها تحديًا كبيرًا على الصعيد الشخصي والاجتماعي.
أصبحت العلاقات السامة أكثر انتشارًا وخطورة، ولا ترتبط هذه الظاهرة بعلاقات محددة بل تمتد لتشمل كافة أنواع العلاقات الإنسانية، سواء كانت بين الأزواج أو الأصدقاء أو زملاء العمل، أو حتى أفراد الأسرة. وبالرغم من اختلاف أشكالها وتجلياتها، إلا أن العامل المشترك بينها هو ذلك الشعور المستمر بالاختناق وعدم الراحة.
العلاقة السامة هي تلك التي تفقد الشخص شعوره بذاته وقيمته. قد تكون مليئة بالنقد المستمر أو التلاعب العاطفي الذي يجعل الفرد يشعر وكأنه دائمًا مخطئ أو غير كافٍ. هذه الديناميكيات السلبية تجعل الطرف المتضرر في حالة من التوتر والقلق المستمر، مما يؤثر سلبًا على صحته النفسية والجسدية. والأسوأ من ذلك، أن البعض قد يظل عالقًا في هذه العلاقات بسبب خوفه من الوحدة أو الضغط الاجتماعي أو حتى الأمل في أن يتغير الطرف الآخر.
الآثار النفسية التي تتركها العلاقات السامة لا يمكن الاستهانة بها، إذ إنها تؤدي إلى انخفاض في تقدير الذات والشعور الدائم بالإجهاد العاطفي.. والأشخاص الذين يعيشون في هذه العلاقات غالبًا ما يعانون من القلق والاكتئاب واضطرابات النوم، وقد تتفاقم الأمور إلى حد التأثير على أدائهم اليومي وقدرتهم على بناء علاقات صحية مستقبلية. وفي بعض الحالات، تكون هذه العلاقات سببًا في العزلة الاجتماعية، حيث يفقد الفرد ثقته بالآخرين ويفضل الابتعاد عن الجميع.
لكن، لماذا يظل البعض متمسكًا بهذه العلاقات رغم الضرر الواضح الذي تسببه؟ قد يكون السبب في ذلك هو الخوف من التغيير أو الوحدة، حيث يعتقد البعض أن البقاء في علاقة سامة أفضل من مواجهة المجهول، كما أن هناك ارتباطات عاطفية معقدة تجعل من الصعب على الأشخاص اتخاذ قرار الانفصال، والضغط الاجتماعي أيضًا يلعب دورًا كبيرًا، خاصة في العلاقات الأسرية أو الزوجية، حيث يخشى البعض نظرة المجتمع أو لوم الأسرة.
الاعتراف بوجود علاقة سامة هو الخطوة الأولى نحو التحرر منها. كثيرًا ما يكون من الصعب على الأفراد إدراك أن العلاقة التي يعيشونها غير صحية، حيث قد يغلف الطرف السام تصرفاته بمظاهر الحب أو الاهتمام. لكن مع الوقت، تتضح الصورة وتبدأ الآثار السلبية بالظهور بوضوح. هذه المرحلة تتطلب شجاعة كبيرة للاعتراف بالمشكلة وطلب المساعدة إذا لزم الأمر.
عندما يصل الشخص إلى قناعة بأن العلاقة لم تعد قابلة للإصلاح، يجب أن يتحلى بالقوة لاتخاذ خطوة الخروج منها. قد تكون هذه الخطوة مؤلمة لكنها ضرورية للحفاظ على الصحة النفسية والجسدية. يجب أن يدرك الشخص أنه لا يستحق العيش في علاقة تنقص من قيمته أو تسبب له الأذى. والدعم الاجتماعي والمشورة المهنية يمكن أن يساعدا في هذه المرحلة الصعبة، حيث يُمكن للأصدقاء أو الأخصائيين النفسيين تقديم النصائح والدعم اللازم.
التعافي من العلاقة السامة ليس بالأمر السهل، لكنه ممكن. يحتاج الشخص إلى وقت لإعادة بناء ثقته بنفسه والتغلب على المشاعر السلبية التي خلفتها العلاقة. التركيز على الذات من خلال تطوير الهوايات وممارسة الأنشطة المفضلة يساعد في استعادة الشعور بالقوة والسيطرة على الحياة. كما أن التحدث عن التجربة، سواء مع أصدقاء مقربين أو من خلال الاستعانة بمعالج نفسي، يمكن أن يسهم بشكل كبير في عملية التعافي.
وعلى الرغم من الألم الذي تسببه العلاقات السامة، إلا أنها تعد درسًا قيمًا في الحياة. إنها تعلمنا أهمية وضع الحدود والاعتراف بقيمتنا الذاتية. القرار بإنهاء علاقة سامة قد يبدو صعبًا في البداية، لكنه يمثل خطوة نحو الحرية وبناء حياة أفضل. يجب أن نتذكر دائمًا أننا نستحق أن نكون في علاقات تضيف إلى حياتنا ولا تنقص منها، علاقات تبنينا لا تهدمنا، وتشجعنا على أن نكون أفضل نسخة من أنفسنا.
إن العلاقات السامة ليست مجرد مشكلة فردية بل هي قضية اجتماعية تتطلب وعيًا أكبر من الجميع. من المهم أن نعمل على نشر ثقافة الاحترام المتبادل ودعم العلاقات الصحية، وأن نشجع على الحديث عن المشاعر والمشكلات دون خوف أو تردد. المستقبل الأفضل يبدأ عندما ندرك أننا نملك الحق في اختيار العلاقات التي تضيف إلى حياتنا وتُعزز من قيمتنا كأفراد.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: العلاقات السامة العلاقات الانسانية العلاقات السامة هذه العلاقات العلاقات ا
إقرأ أيضاً:
حين تغيب المودة والرحمة.. يصبح الزواج مجرد بريستيج أمام المجتمع..
استطلاع الاسبوع..
حين تغيب المودة والرحمة.. يصبح الزواج مجرد بريستيج أمام المجتمع..
الطلاق العاطفي..
خطر كبير يضع الأسرة على حافة الإنهيار..
تحبسهم تحت سقف واحد ينعمان بالسعادة، بطلان لصورة اجتماعية فقط تحكي قصة تناغم محبوكة بتفاصيل مبهمة، بيوتهم مفتوحة على شح في المشاعر، تبحث تحت سقفهما عن المودة والرحمة فتجدها قاب قوسين أو أدنى، السكينة لا تعرف كريقها إلى أفئدتهم، والسرور يكاد يصبح محرم على قلوبهم، يجلسون على نفس الطاولة، ويأكلون من نفس الطعام، لكن تحسبهم غرباء من شدة ما يكنون من سوء فهم في صدور، لا أحد يعرف الآخر، كوكب الحب الذي احتضن عقد قرانهم، وأوقدوا فيه شموع الدفء في عشهم، والذي نثروا فيه عهودا بالميثاق الغليظ، خمدت فيه شعلة اللهفة وضبب الدخان على بصيرتهم، فهجروه وتحرر كلٌ منهما من أغلال الآخر بعد أن عقدوا اتفاقية الطلاق الروحي، ولم يعد يجمع بينهما سوى الأولاد، ووثيقة مدنية للحفاظ على الصورة الاجتماعية..
الطلاق العاطفي.. موضعنا لنهار اليوم في هذا الاستطلاع، اخترناه لكم قرائنا الكرام نظرا للحالة المزرية التي باتت عليها الأسرة اليوم، أسرة جميع أطرافها على حافة الانهيار، ليست واحدة ولا اثنان ولا ثلاث، بل عدد لا يمكن حصره لعائلات تتخبط في صمت تنتظر فقط لحظة انفلات ليَعُمَّ عليهم الشتات، فأين يا ترى الخلل..؟
قبل الولوج في صلب الموضوع دعونا نقدم لكم هذه الأمثلة:
السيدة نبيلة من العاصمة:
لان الطلاق منبوذ في عائلتي فضلت الصبر في صمت على منكرات زوجي..
مكالمتها لنا في المركز كانت من أجل استشارة دينية من أحد الشيوخ، فأخذنا الحديث إلى تفاصيل قاسية تعيشها السيدة نبيلة من العاصمة إلى جانب رجل لا يمت بصالة لمعاني الرجولة أبدا، تزوجت به وهي صبية غير مكتملة النضج بعد أن أوقفها أهلها عن الدراسة في السنة أولى ثانوي، لأن خاطبا تقدم إلى والدها، فهلّلّ به وقبل مباشرة تزويجها، أنجبت مولودها الأول، ثم الثاني وهي لم تتعدى العشرين سنة، مع الوقت بدأت الفتاة تنتبه لأشياء غير عادية، زوجها المصون الذي أوهم الجميع بشخصيته السوية، ظهر أن يعاني من خلل كبير سمح له بممارسة الرذيلة، ضربت الأخماس بالأسداس، ولم تجد مصدر الأمان الذي تضع فيه ثقتها، ويتفهم المعاناة التي تمزقها أشلاء، لأنها تشبعت منذ الصغر بأنه “عيب” أن تتطلق الفتاة وتعود لبيت أهلها، فلزمت الصمت لأنها تعلم أنها لن تجد السند الذي يطبطب على كتفها، وحلّ بينهما الطلاق العاطفي لأكثر من 15 سنة..
زوجان من الغرب:
لا معنى لحياتي الزوجية سوى جدرانا يحمينا من الحر والمطر
من جهتهما وفي اتصال بمركز الأثير اتصل زوجان يبحثان عن استفاضة من طرف أحد الشيوخ بشأنهما، حائران في الوضع الذي آل إليه زواجهما الذي لا يعد أكثر من حياة يقوم فيها كل طرق بواجباته الاجتماعية فقط، حيث تحدث الزوج بنبرة مأساوية ومحبطة، يرى أن حياته ذهبت هدر، يقول أنه في بداية زواجه كانت أوضاعه المادية متواضعة جدا، بالمقابل متطلبات شريكته لم تكن تتوقف، كانت تكلّفه ما لا يطق، ما خلق بينهما مشاحنات وصلت إلى المشهد العائلي، وصار الكل يتدخل من أجل الصلح، لكن عبثا فعلوا، لم يكونا يعتمدان الحوار، وكل يوم خلاف، زاد النفور وصار البيت لا يطاق، مع الوقت يقول المتصل أن الأحوال تحسنت والحمد لله، لكن بقي الفتور يغلّف على قلبيهما، والشيء الذي بقي يجمعها بين جدران بيتهما سوى الأولاد، فقد البيت المعاني السامية للزواج الذي جعله الله تعالى سكينة تتجلى فيه مشاعر الود والتناغم.
سميرة من الشرق:
أهلي رهنوا أحلامي بالزواج من رجل لا يحبه قلب..
أما السيدة كريمة من الشرق الجزائري، روت قصة نجاح كتبتها بحبر المعاناة والتضحية بسعادتها، إنسانة أثرت على نفسها قبول الزواج من رجل لم تحبه يوما، توسمت في البداية خيرا، وظنت أنه سيأتي اليوم الذي تتحرك فيه أحاسيسها نحو زوج ارتبط به فقط ليرافقها في محطات تألقها وتميزها، جاءت فكرة تزويجها يوم بزغت أمامها شمس النجاح ولاحت في الأفق سيدة ستحقق ذاتها بكل ثبات، كان لابد عليها من السفر بعيدا لتكمل دراستها وتعتلي منصبا هاما بعد نجاحها، لكن العائلة رفضت أن تستقر بمفردها، فقبلوا بأول رجل أتى إليها خاطبا، وهنا كانت المساومة، إما أن تقبل أو يأفل بريق نجاحها في حدود تلك القرية، فلم تجد أمامها سوى أن ترضى بمحرم لها، لم تعيب فيه شيء في البداية، وظنت أن الرجل البسيط سوف يتأقلم ويرتقي إلى مستواها، تركت للقدر دورا علّه يغير أحاسيسها، لكن لا تزال إلى يومنا هذا تفتقر إلى الحب، هذا المحرك العجيب لدواليب عجلة الحياة.
زيجة عمرها عقد من الزمن، لم تتمكن من خلالها السيدة كريمة أن تنعم فيها بالحب، ففضلت أن تكون نجمة ساطعة في مجتمعها ووسط أهلها، وأم لأولادها فقط بين جدران بيتها، أما الرابطة الزوجية الموجودة بينهما ظلّت مجرد صورة فوتوغرافية تفقد جانبها الروحي تحكي فقط قصة جسدان يعيشان تحت سقف واحد بلا روح وبدون المودة.
** هي عينات من بين حالات لا تُحصى ممن يعيشون تحت سقف واحد مرغمين لا راغبين، مشاعرهم أعلنت الانفصال، وبقوا يحافظون على بريستيج في صورة مزيفة تُقدم للمجتمع حتى لا تطالهم أصابع الاتهام إما من أجل العائلة، أو من أجل الأولاد، أو ربما حتى لا يحملون لقب مطلقون بحكم تنفيذي.. لكن أياً كانت الأسباب ومهما تعدد مبررات الحفاظ على الصورة الاجتماعية، يبقى مسلك الصلح خير، ومن هذا المنبر نقول: يا معشر الأزواج، توقفوا هنينة من الوقت، وانظروا لبعض نظرة الرحمة، فليس لكما سوى بعض، فالله جعل لكم من أنفسكم أرواح تسكنوا إليها، اكسروا حواجز الصمت، وافتحوا نوافذ القلوب، وأطلوا على ما تكنه الصدور، تسامحوا، تراحموا، ولتحل الرأفة مكان الجفاء، وابحثوا عن سبل النجاة بقارب زواجكما إلى بر السعادة، التي تتقون فيه حدود الله.
هـــــــــــــــــــــــــــــــــام يا معشر الأزواج..
أيها الأزواج، وأنتم تحاولون التقوقع داخل صورتهم الزوجية المزيفة للهروب من مشاكلكم يومية، لا تنسوا أنكم مكلفون برسالة سامية، رسالة سوف تسألون عليها أمام المولى تعالى، فالأبناء فهم الخاسر الأكبر وراء هذا الزيف، فلا تمزقان زهرة طفولتهم بأشواك هذا الداء الذي نخر روح أسرتكم، وأرداها هزيلة فيقضي على أحلامهم الجميلة، بسبب عدم اكتراثكم، أيها الأبوانلا تسمحان بأن تنعكس أنانيتكما سلبا فيفتقد الأطفال الدفء والحنان، ويصبح الانحراف هو المآل، فتلازمهم حالة القلق والاكتئاب وعدم القدرة على مواجهة الحياة، والانحراف إلى وجهات أخرى الله وحده يعلم عواقبها الوخيمة.
يا معشر الأزواج، قد تجيدان تقمص دور االمثاليان، لكن الأيام ستميط اللثام، وتخفقان في إخفاء الطلاق العاطفي، ويستشعر الأولاد الطاقة السلبية المشحونة بينكما، لهذا سارعا إلى إصلاح ما بينكما، حتى تنعمان بالرضا وتفوزان بمستقبل لامع تتوجان فيه بتاج السعادة.
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور
إضغط على الصورة لتحميل تطبيق النهار للإطلاع على كل الآخبار على البلاي ستور