أحلام على وسادة.. مشروع لعبة فلسطينية توثق التغريبة وقصص جباليا المنسية
تاريخ النشر: 6th, January 2025 GMT
أرادت امرأة فلسطينية النجاة بنفسها وابنها أثناء أحداث النكبة في عام 1948 بالتقاط رضيعها على عجالة من مهده والهرب به إلى مدينة غزة، لتكتشف بعدما أن ما بين أيديها ما هو إلا وسادة بيضاء تخصه، وهو ما وثقه مسلسل "التغريبة الفلسطينية" ومخرجه الراحل حاتم علي.
ورغم أن القصة الحقيقة لا يمكن التأكد من صحتها تماما، إلا أن قصصا أخرى مشابهة حدثت وتحدث على أرض الواقع.
وخلال حرب الإبادة المستمرة على قطاع غزة منذ 14 شهرا، جرى تداول مقطع لسيدة فلسطينية نازحة من منطقة جباليا وهي تعاني من حالة صدمة وتحمل وسادة أيضا بعدما فقدت جميع أبنائها تحت ركام منزلها وأحدهم كان رضيعا.
#شاهد | "في حالة صدمة "
أم تحتضن مخدة بعد استش&اد أطفالها وبقاءهم تحت الركام . pic.twitter.com/oeDZxDvFnG — المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) July 23, 2024
"أحلام على وسادة"
من هذه القصة التي ربما كانت خالية وأصبحت حقيقة، أعلن مطوّر الألعاب الفلسطيني رشيد أبو عيدة، عن تشكيل فريق يضم مجموعة من المطورين، وبدء حملة تمويل جماعي لدعم تطوير لعبته الجديدة التي تحمل اسم "أحلام على وسادة".
وقال أبو عيدة لـ"عربي21" إن اللعبة هي "شبه ثلاثية الأبعاد تعتمد على الحكاية الشعبية الفلسطينية عن أم فلسطينية فرت من مجزرة بلدتها مع طفلها الرضيع، ولكن بعد ساعة من الهروب في حالة من الذعر، أدركت أنها حملت وسادة بدلا من طفلها، وتستوحي اللعبة قصتها من هذه الحكاية المؤلمة لتروي حياة "أُمّ"، مع تسليط الضوء على تاريخ فلسطين قبل التطهير العرقي، والأثر النفسي العميق للعنف الذي تعرض له الشعب الفلسطيني خلال النكبة".
View this post on Instagram A post shared by Rasheed Abu-Eideh (@rasheed_abueideh)
وأكد أبو عيدة أن ما سبب اختيار قصة السيدة والوسادة يأتي باعتبار أن "علاقة الأم بطفلها هي أقوى وأعمق العلاقات الإنسانية، لدرجة يصعب على العقل تصور موقف قد تُخطئ فيه أم أو تغفل عن رضيعها، لذلك، إذا أردنا تخيل مشهد كهذا، فإننا نستنتج أن الأحداث التي عاشها الفلسطينيون خلال النكبة، وما صاحبها من مجازر وترهيب وتهجير، كانت من القسوة بحيث تتجاوز قدرة البشر على الاحتمال".
التوجه إلى التمويل
يعد هذا المشروع تكملة لعبة أخرى طورها أبو عيدة حملت اسم "ليلى وظلال الحرب"، وتناولت أحداث تصاعد العدوان ضد قطاع غزة عام 2014، إلا أنه بحاجة إلى جمع 194,800 دولار أمريكي من أجل البدء في مرحلة تطورها الأولية.
وأكد أبو عيدة أن عدد المشاركين في الحملة حتى الآن "تجاوز 2600 شخص بواقع 176 ألف دولار حتى الآن، وأعتقد أن الناس شعرت بأهمية هذا المشروع، وهذا سبب كافٍ يدفعنا لإنجاز هذا المشروع بغض النظر عن العقبات".
وكشف أنه توجه إلى حملة التمويل في ظل رفض ناشري الألعاب التقليديين دعم المشروع بسبب ما أحدثته تجربة لعبة "ليلى" من صدى واسع من التعاطف العالمي وكون طبيعة أعماله في هذا المجال تواجه السردية المقابلة بصورة غير مألوفة وتعمل على إعادة الوعي بعدالة قضية الشعب الفلسطيني.
ولجأ رشيد إلى التمويل الجماعي كملاذ أخير، من خلال حملة التمويل على منصة "لانش جود - LaunchGood"، وهي منصة تم تأسيسها خصيصا لدعم القصص الملهمة، بعيدًا عن التحيزات التي تواجهها قصص وأصوات المبدعين الفلسطينيين عبر المنصات الأخرى.
"الشعلة الأولية"
كشف أبو عيدة أن الإطلاق الأولي للعبة سيكون على أجهزة الحاسوب، وبعد ذلك سيتم أجهزة "الكونسول" (مشغل ألعاب الفيديو مثل منصة بلاي ستيشن وغيرها) والأجهزة المحمولة المتخلفة.
وأوضح أن تكلفة إنتاج هذه اللعبة تُقدّر بـ490 ألف دولار، والمبلغ الذي يسعى للوصول إليه في هذه المرحلة يهدف إلى توفير الشعلة الأولية التي تغطي 40 بالمئة فقط من التكلفة الكلية للمشروع، علما أن ميزانيات الألعاب العالمية في الكثير من الفئات تتجاوز عشرات ومئات الملايين من الدولارات.
وأكد أن "هذا لا يعني بالضرورة أن هذه الألعاب الكبيرة تتفوق دائمًا في المضمون أو أسلوب اللعب على الألعاب المستقلة، التي غالبًا ما تُصمّم بميزانيات أقل وتعتمد بشكل كبير على تجارب شخصية عميقة قد لا تتطرق إليها الألعاب الضخمة".
وبيّن أن "صناعة الألعاب من أصعب الصناعات الإبداعية؛ فجميع الشركات العالمية تواجه تحديات كبيرة في هذا المجال، نظرًا لأنه يجمع بين التقنية والفن ورواية القصص وتقديم تجربة لعب ممتعة، وهذه الصناعة ليست فقط مكلفة ماديا، بل تتطلب أيضًا الكثير من الوقت والتجربة والخطأ للوصول إلى ما يُقنع الجمهور".
وأشار إلى أنه نتيجة ذلك "لا يُتوقع من الشركات العربية تحقيق نجاحات سريعة في هذا المجال، ولكن الأهم هو أن تحظى هذه الشركات بالدعم الكافي للاستمرار في المحاولة والتطوير حتى تصل إلى نتائج مُشرفة ناجحة".
وأضاف "نحن حاليًا في مرحلة ما قبل الإنتاج، والهدف الحالي من الحملة هو توفير الفرصة للبدء في مرحلة الإنتاج، خلال الأشهر القادمة سنطلق حملات إضافية بهدف الوصول إلى المبلغ الكامل إن شاء الله، ونتوقع إطلاق اللعبة في نهاية عام 2026".
"قصة ليلى"
قال أبو عيدة إن الفريق الحالي مكون من مجموعة كبيرة من المتخصصين في جميع المجالات التي تشمل تصميم الألعاب والبرمجة والرسم ثلاثي وثنائي الأبعاد وتصميم الشخصيات والتحريك، بالإضافة إلى إدارة المشروع والتسويق، في المرحلة القادمة، سنقوم بتوظيف العديد من المختصين في مجالات مختلفة لدعم المشروع وتعزيز قدرات الفريق".
وعن قصة لعبة "ليلى وظلال الحرب" أكد أبو عيدة أنها "كانت تجربة مميزة، والنجاح الذي حققته كان سببًا كافيًا للاستمرار في هذا المجال، ليلى حصدت العديد من الجوائز العالمية في مجال صناعة الألعاب، وتم تحميلها ما يقارب 2 مليون مرة على مختلف المنصات".
وكشف أن متجر "آب ستور" الخاص بالشركة الأمريكية العملاقة "آبل" رفض اللعبة في البداية، وهذا كان "دليلا كافيا على ازدواجية المعايير ومحاولة إخفاء الحقيقة".
وأوضح أنه "من اللافت أن لعبة ليلى عرضت لعدة سنوات في متاحف عالمية في بريطانيا والسويد وإسبانيا، وقام العديد من الأكاديميين بالكتابة عنها في دراساتهم الأكاديمية كدليل على قوة تأثير الألعاب، وقد نجحت "ليلى" في إيصال رسالة عميقة للعالم، حيث سمحت للاعبين بتجربة الواقع الذي يعيشه الفلسطيني، مما ساهم في تنمية التعاطف و دعم القضية الفلسطينية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة سياسة عربية مقابلات حقوق وحريات سياسة دولية فلسطينية النكبة فلسطين النكبة الألعاب الالكترونية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی هذا المجال
إقرأ أيضاً:
مشروع تطوير ميبام .. نموذج للسياحة المستدامة في القرى الجبلية
تشهد قرية "ميبام" الجبلية التابعة لنيابة طيوي، انطلاقة جديدة نحو تطوير شامل ومستدام، بدعم من الشركة العُمانية للغاز الطبيعي المسال، وتديره أكاديمية الابتكار الصناعي، وذلك في إطار جهود المسؤولية الاجتماعية لتعزيز التنمية المحلية وتمكين المجتمعات الريفية.
وتقع القرية على بُعد 11 كيلومترًا من مدخل الوادي إلى الداخل، متميزة بطبيعتها الخلابة، وشلالاتها الجميلة، والبرك الطبيعية، ومزارع على ارتفاعات مختلفة، وقد اكتسبت "ميبام" شهرة واسعة خلال السنوات السبع الماضية، خاصة مع تنامي سياحة المغامرات في سلطنة عُمان منذ عام 2017، وبشكل أكبر عندما توجّه المواطنون والمقيمون خلال جائحة كورونا إلى السياحة الداخلية، ليكتشفوا جمال هذه القرية.
إلا أن هذه الشهرة جاءت بتحديات، فقد استقبلت القرية أعدادًا متزايدة من الزوار بشكل عشوائي وغير منظم، ما أثار قلق الأهالي بسبب غياب الخدمات الأساسية، والبقالة والمرافق العامة، وازدحام السيارات في مداخل القرية الضيقة، وظهور ممارسات غير منسجمة مع العادات المحلية، خصوصًا من بعض الزوار الأجانب.
ولتجاوز هذه التحديات، أشارت ريان الكلبانية، مستشارة بيئية متعاونة مع الأكاديمية، إلى أن المشروع جاء ليشكّل نموذجًا للسياحة المستدامة في القرى الجبلية، بهدف تقليل الأثر البيئي، وتوفير دخل اقتصادي مستدام للمجتمع المحلي، وتعزيز المهارات والفرص الريادية لدى السكان.
وأوضحت الكلبانية أن المرحلة الأولى من المشروع تركز على إنشاء "مركز زوار متعدد الاستخدامات" عند مدخل قرية "ميبام"، على مساحة تبلغ حوالي 10 آلاف متر مربع، بحيث يستوعب استقبال 200 شخص يوميًا بطريقة منظمة ومتحكم فيها، لأن المواقف ستكون محدودة، وسيهدف المركز إلى تعريف الزوار بالقرية وتوجيههم إلى ضرورة ارتداء الملابس المحتشمة مراعاة لخصوصية القرية، بالإضافة إلى إرشادات الأمن والسلامة، كما سيسهم المركز في تنظيم حركة السياح ومنع الاكتظاظ داخل القرية، من خلال توفير مواقف سيارات كافية، وسيوفر المرافق الأساسية مثل دورات مياه، وغرف للصلاة، ومرافق استحمام للزوار بعد ممارسة أنشطة المغامرة، ناهيك عن وجود بقالة ومقهى تديرهما أسر من سكان القرية لتوفير دخل مباشر لهم.
وأكدت الكلبانية أن المشروع سيتضمن جانبًا مهمًا لدعم النساء وربّات المنازل من خلال تدريبهن على إنتاج وتغليف الأطعمة المحلية بطريقة صحية وصديقة للبيئة، ما يُعزّز مفهوم الأسر المنتجة ورفع مستوى دخل أسر القرية، مما سيوفر تجربة ثقافية متكاملة لدى السائح، موضحة أن المشروع لم يغفل عن الجانب الترفيهي والرياضي لأهالي القرية، فسيتم إنشاء ملعب كرة قدم صغير وحديقة منسجمة مع البيئة الجبلية، تعتمد على نباتات عُمانية بقدر المستطاع التي لا تحتاج إلى صيانة أو مياه كثيرة، وذلك داخل حدود المركز.
وأوضحت الكلبانية أن التصميم المعماري للمشروع راعى طبوغرافية المنطقة الجبلية، مع استخدام مواد وتقنيات صديقة للبيئة، كتركيب الألواح الشمسية التي ستُقلل من الاعتماد على استخدام الكهرباء، كما سيحافظ التصميم على هوية المكان تكاملًا مع المنظومة الطبيعية المحيطة.
وفي إطار الجهود الترويجية والتنظيمية، أكّد فهد الكعبي، مهندس بالشركة، أن تدشين موقع إلكتروني وتطبيق ذكي خاص بقرية "ميبام"، يهدف إلى تعزيز تجربة الزوار، من خلال تعريفهم بالقرية، وأخبار القرية، وتنظيم حجوزات الأنشطة السياحية، وتوفير معلومات شاملة عن خدمات الضيافة، والشركات السياحية، والمبادرات المحلية، كما يسمح التطبيق لأصحاب الشركات الصغيرة بالتسجيل والمشاركة في تقديم الخدمات والأنشطة داخل القرية، مما يفتح آفاقًا أوسع لريادة الأعمال المحلية، مشيرًا إلى أن التطبيق سيُتيح مستقبلًا خاصية عرض المناقصات والفرص الاستثمارية، مما يُعزز من إشراك القطاع الخاص في تنمية القرية، وقد تم حتى الآن تسجيل نحو 7 شركات محلية من "ميبام" لتقديم خدمات المغامرات والضيافة، ومن المتوقع أن يرتفع العدد خلال قادم الوقت وبعد هذا التدشين، موضحًا أن المشروع يُعد مثالًا عمليًا على كيفية توظيف الشراكات بين القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع لتعزيز السياحة المستدامة، وتحويل التحديات إلى فرص تنموية واقتصادية.
وعن طريقة تنظيم الزوار، أكد الكعبي أن تتبّع دخول الزوار وخروجهم من القرية سيتم عبر بيانات التسجيل الإلكتروني من خلال الموقع والتطبيق، موضحًا أن هذه المنصة ستوفر قاعدة بيانات دقيقة تحتوي على معلومات وإحصائيات حول أعداد المسجلين والمستفيدين، بالإضافة إلى دور الشركة الأهلية التي يُجرى العمل على تأسيسها، التي ستأخذ بعين الاعتبار جميع الجوانب التنظيمية، موضحًا أن من بين مهام هذه الشركة مستقبلًا أن توفر خدمات نقل للزوار، بحيث لا يكون من الضروري أن يدخل الزائر بنفسه إلى داخل القرية، بل تتولى الشركة نقله من نقطة الجسر إلى داخل الموقع ثم إعادته، مما يسهم في تنظيم العملية بشكل أفضل وتوفير إحصائيات أدق تعود بالنفع على المشروع والمجتمع المحلي.
وأضاف الكعبي: إن المشروع ينقسم إلى ثلاث مراحل، المرحلة الأولى تتمثل في إنشاء مبنى الزوار، والمرحلة الثانية تتعلق بتطوير القرية، فيما تركز المرحلة الثالثة على جذب المستثمرين، وبيّن أن الإحصائيات المستخرجة من المنصة ستُستخدم لإقناع المستثمرين من خلال عرض أرقام دقيقة حول عدد الزوار اليومي والمستفيدين من المنصة.
ومع تدشين الموقع الإلكتروني والتطبيق الذكي، والاستعداد لتجهيز المركز الجديد والموقع، تستعد "ميبام" للدخول في مرحلة جديدة من الازدهار المنظم، لتكون مثالًا لنجاح السياحة المستدامة في القرى العُمانية.