إيران والسعودية.. تقارب طويل الأمد أم لحظة هدوء عابرة؟
تاريخ النشر: 19th, August 2023 GMT
تتطلع المملكة لزيارة فخامة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للرياض" بهذه الجملة أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، عن فتح صفحة علاقات جديدة بين الرياض وطهران بعد سنين من التوتر والعداء بين البلدين.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي بالرياض جمعه بنظره الإيرانية حسين أمير عبد الحيوان الذي يزور المملكة لأول مرة منذ استئناف العلاقات بين البلدين في آذار/ مارس الماضي.
وأضاف بن فرحان أن المملكة حريصة على على تفعيل الاتفاقيات الخاصة بالجوانب الأمنية والتنسيق مع إيران مؤكدا أن اللقاءات يمثل استمرار الخطة استئناف العلاقات بين البلدين.
فيديو | وزير الخارجية: بناء على دعوة #الملك_سلمان.. المملكة تتطلع لزيارة الرئيس الإيراني لها #الإخبارية pic.twitter.com/3XVm6yE4vb — قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) August 17, 2023
زيارة الوزير الإيراني بدت كحلقة ضمن سلسلة تقارب تبلورت في آذار/ مارس الماضي عندما أعلن البلدان بالإضافة للصين بيانا ثلاثيا مثل خارطة طريق لاستئناف العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.
ويجري ذلك بالتوازي مع هدنة طويلة في اليمن وقعت في نيسان/ أبريل الماضي، وإرسال السعودية سفيرها إلى صنعاء التقى خلالخا فيها بمسؤولين في جماعة الحوثي. كما عززت السعودية خطواتها بافتتاح سفارتها في دمشق في أيار/ مايو الماضي، قبل أن تستضيف رأس النظام السوري بشار الأسد في القمة العربية بجدة في ذات الشهر.
كما تزامن ذلك مع تحرك سعودي تجاه العراق توج بزيارة وزير الخارجية السعودية إلى بغداد في شباط/فبراير الماضي.
وبالرغم من التقارب السعودي الإيراني، ما تزال نقاط الخلاف بين البلدين ماثلة دون تغيير يذكر، لاسيما في اليمن والعراق ولبنان وسوريا.
ورأى أستاذ الإعلام في جامعة بغداد والكاتب السياسي العراقي لقاء مكي في حديث لـ “عربي21”، أن "أسباب الصراع في اليمن لم تنته بعد، وأصبحت القضية اليمنية كلغم في المنطقة الذي يمكن تفجيره في أي لحظة حال حدوث أزمة بين البلدين وكذلك الأمر في لبنان".
وفي سوريا لم ينعكس التطبيع العربي مع النظام على المشهد العام في البلاد، وتتطابق الصورة مع العراق ولبنان، مع تعزيز القوى الموالية لطهران نفوذها في البلدين.
فكيف ستنعكس تفاهمات الرياض وطهران على المشهد على المنطقة، وهل يمكن اعتبار التقارب نقطة حل دائمة أم لحظة هدوء عابر؟
"عربي21” تجيب على هذه التساؤلات وترصد العلاقات السعودية الإيرانية وتأثيراتها على المنطقة.
تاريخ مأزوم
بعد وصول روح الله الخميني للحكم بعد الثورة في إيران ضد نظام الشاه عام 1979، بدت الرياض قلقة من فكرة تصدير الثورة التي قادها رجال الدين الشيعة في إيران. وترجم القلق السعودي بدعم الرياض للرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في الحرب ضد إيران التي استمرت 8 سنوات.
في عام 1987 احتل متظاهرون السفارة السعودية قي طهران عقب مقتل 275 حاجا إيرانيا خلال اشتباكات في مكة، ما أسفر عن قطع المملكة العلاقات مع إيران في 1988 ولم تستأنف حتى عام 1991.
وبدت فترة رئاسة محمد خاتمي لإيران مرحلة متقدمة لتقوية العلاقات بين البلدين، حيث عمل خاتمي ذو الخلفية الإصلاحية على التقارب مع السعودية التي زارها عام 2001، ووقعت عدة اتفاقيات بين البلدين كان ضمنها اتفاق أمني.
ساهم صعود أحمدي نجاد والتطورات في المنطقة عقب احتلال العراق الذي صاحبه صعود القوى الشيعية وتمكنها من حكم البلاد بالإضافة لاغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريري بتوتر العلاقات السعودية الإيرانية.
وازدادت المخاوف السعودية من تطوير البرنامج النووي الإيراني بقيادة المحافظين بزعامة محمود أحمدي نجاد، وتأثير ذلك على المنطقة وتوسع النفوذ الإيراني المتنامي. في ذلك الوقت.
وبحسب وكالة رويترز فقد كشف موقع ويكيليكس عن برقية للعاهل السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز، يخبر فيها دبلوماسيين سعوديين عام 2008 بأنه يريد من الولايات المتحدة "قطع رأس الأفعى" في إشارة لإيران.
وفي تشرين الأول/ أكتوبر عام 2011 أعلنت الولايات المتحدة عن إحباط خطة إيرانية لاغتيال سفير المملكة في واشنطن عادل الجبير غير أن الحكومة الإيرانية رفضت هذا الاتهام.
مع اندلاع ثورات الربيع العربي بدا تباين المواقف واضحا بين البلدين، فالسعودية كانت داعمة للمعارضة السورية الطامحة لإسقاط الأسد، بينما قاتلت إيران صراحة إلى جانب النظام منذ أيامها الأولى.
وفي البحرين ساعدت السعودية بقمع احتجاجات دوار اللؤلؤة في المنامة، بإرسالها قوات درع الجزيرة في شباط/فبراير عام 2011 بطلب من ملك البحرين حمد آل خليفة.
لم ينجح صعود الإصلاحي حسن روحاني الرئيس الإيراني السابق بتقريب المسافة بين البلدين، على العكس شهدت توترا خصوصا بعد إعلان السعودية شن حرب على جماعة الحوثي التي استولت على السلطة في اليمن.
وقادت السعودية تحالفا عربيا ضد الجماعة المدعومة من إيران بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء والعديد من مدن اليمن الكبرى والإطاحة بالحكومة المعترف بها دوليا.
ومثّل العام 2016 ذروة التباعد الإيراني السعودي عندما قطعت الرياض علاقاتها مع طهران في كانون الثاني/ يناير عقب اقتحام محتجين إيرانيين لسفارتها في طهران على خلفية إعدام المملكة لرجل الدين الشيعي نمر النمر بتهمة "الإرهاب".
VIDEO: 12:08 AM, seems molotov cocktail thrown at Saudi embassy building in Tehran, protest over al-Nimr execution pic.twitter.com/d6vFKPcD6R — Sobhan Hassanvand ???? سبحان حسنوند (@Hassanvand) January 2, 2016
وفي ذات الشهر اتهمت طهران الرياض بقصف سفارتها في العاصمة اليمنية صنعاء، خلال حملة عاصفة الحزم التي قادتها السعودية ضد جماعة الحوثي التي سيطرت على أجزاء كبيرة من البلاد عام 2014.
في أيلول/ سبتمبر 2019 استهدفت هجمات منسقة بالطائرات المسيرة منشآت أرامكو النفطية السعودية وعطلت نصف إمدادات المملكة. وحملت حينها الرياض طهران المسؤولية عن الهجمات فيما نفت إيران تلك التهمة، وأعلنت جماعة الحوثي مسؤوليتها عن القصف الذي استخدمت فيه الطائرات المسيرة.
9/ pic.twitter.com/W68OvF7QTf — Aleph א (@no_itsmyturn) September 14, 2019
وعقد البلدان خلال نيسان/ أبريل 2021 أول جولة محادثات مباشرة في العاصمة العراقية بغداد ثم استمرت المباحثات بعدة جولات خلال عام 2022 بوساطة العراق وسلطنة عمان.
من وجهة نظر أستاذ الإعلام في جامعة بغداد لقاء مكي، "فإن الاتفاق السعودي له تداعياته وأسبابه حتى الوساطة الصينية لم تكن لتنجح لولا وجود حاجة لدى البلدين للتهدئة لإيقاف استنزافهما، فالاتفاق مفيد للطرفين حاليا لكن في حالة تغير المصالح أو التحالفات، ستعود نبرة الخلاف مجددا".
اشتباك إقليمي
خلال العقد الأخير احتدم الصراع بين السعودية وإيران في عدة بلدان بالمنطقة، لاسيما في العراق وسوريا، لكن النفوذ الإيراني في تلك الدول منح طهران تفوقا على حساب المملكة.
يقول أستاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية وليد الأيوبي، أن السعودية تمتلك عدة أوراق ضغط للتأثير في المشهد بالنظر إلى مكانتها الإقليمية والدولية، كما أن الفيصل في نظرتها للاتفاق مع إيران هو الاحتكام للقانون الدولي، وهي وفية لدبلوماسيتها التقليدية العقلانية".
وتابع في حديث لـ "عربي21”, أن الرياض تشدد على ضرورة كف إيران عن التدخل في شؤون دول الجوار، وهذه النقطة الجوهرية في الاتفاق التي ستدفع عجلة الدبلوماسية بشكل سليم إلى الأمام".
اليمن
منذ بدء عملية "عاصفة الحزم" التي أطلقتها السعودية ضد جماعة الحوثي في اليمن، كان الدور الإيراني واضحا في تلك البلاد.
عقب استعادة عدن من سيطرة الحوثيين واشتداد المعارك في تعز ومأرب ومدن أخرى، بدأت جماعة الحوثي بقصف المناطق الحدودية السعودية بالطائرات المسيرة تطور دلك لاحقا إلى استخدام الصواريخ الباليستية.
وجهت الرياض الاتهام لطهران بتزويد الحوثيين بالتقنيات اللازمة لشن هذه الهجمات التي استهدف مدن خميس مشيط حتى وصلت إلى العاصمة الرياض في حزيران/ يونيو 2020, وضرب شرقا مطار أبو ظبي مطلع 2022.
نفت إيران تلك التهم لكنها لم تخفي الدعم الإعلامي للحوثيين فضلا عن دعمها لقرارات الجماعة السياسية.
في كانون الأول/يناير 2021 أعلنت إيران وفاة سفيرها في صنعاء حسين إيرلو، متأثرا بإصابته بفيروس كورونا، إلا أن هناك مزاعم تحدثت عن مقتله بغارة جوية سعودية.
وعن اليمن أكد مكي، "إعلان السعودية انتهاء الحرب هناك كان نتيجة مباشرة للاتفاق فيما استمرت المناوشات بين الجيش اليمني والحوثيين، وليس هناك خارطة طريق لحل الأزمة بشكل نهائي".
وتابع، "استمرار الوضع على ماهو عليه يعني التحول إلى أمر واقع، بالتالي ولن يكون هناك مفاعيل حقيقية للاتفاق السعودي الإيراني، فإذا ما حصلت أزمة بين البلدين ستعود القضية اليمنية للاستخدام كأداة للقتال بالنيابة".
سوريا
على العكس من المشهد في اليمن كان الوضع في سوريا، حيث دعمت الرياض المعارضة المسلحة، بينما تواجدت إيران فعليا على الأرض عبر فيلق القدس في الحرس الثوري فضلا عن ميليشيا فاطميون الأفغانية وزينبيون الباكستانية اللتين شكلهما الحرس الثوري.
قطعت السعودية علاقتها مع النظام السوري عام 2012 بعد حملة القمع الدموي التي قادها النظام ضد التظاهرات التي عمت المدن السورية قبل أن تتحول إلى ثورة مسلحة.
دعمت السعودية عدة فصائل في المعارضة السورية المسلحة أبرزها جيش الإسلام الذي كان يقاتل في الغوطة الشرقية لدمشق، فيما استضافت عدة اجتماعات للمعارضة السورية ومهدت لمنحها مقعد دمشق في الجامعة العربية.
بعد التدخل الروسي عام 2015 بدا واضحا أن الكفة تميل لصالح النظام، والآن بعد 12 عاما من الصراع تسيطر المعارضة السورية على محافظة إدلب شمال غربي البلاد وأجزاء من ريف حلب وحماة، فيما يبسط النظام سيطرته على مناطق واسعة من سوريا التي توسع النفوذ الإيراني فيها بشكل كبير.
لبنان
فجر اغتيال رفيق الحريري عام 2005 بتفجير في بيروت الوضع السياسي المتأزم أصلا في لبنان وألغت إلى حد كبير الهدوء الذي فرضه اتفاق الطائف الموقع عام 1989بين الفرقاء اللبنانيين.
وانعكس اضطراب الوضع اللبناني سلبيا على حلفاء السعودية خصوصا سعد الحريري الذي يحمل الجنسية السعودية، حتى استقال من رئاسة الحكومة اللبنانية في فترته الثانية عام 2019.
في المقابل توسع نفوذ حزب الله المدعوم من إيران وبدت سيطرته واضحة على الكثير من مفاصل الدولة اللبنانية فضلا عن ترأس حليفه حسان دياب رئاسة الحكومة المنصب الذي كان بيد حلفاء الرياض.
وبهذا الخصوص قال الأكاديمي لقاء مكي في حديثه لـ "عربي21”, "لم نر تطور حقيقي في الملف اللبناني، ما زال الخلاف قائما بخصوص انتخاب رئيس الجمهورية، كما أعلنت السعودية تحذير رعاياها من السفر في لبنان، وهو مؤشر على أن الرياض لم تعد مهتمة كثيرا بوجود نفوذ حقيقي لها في البلاد كما كان في السابق".
العراق
شهدت العلاقات العراقية السعودية فتورا وتوترا واضحين إثر صعود القوى الشيعية لسدة الحكم عقب الاحتلال الأمريكي عام 2003.
تقاسمت واشنطن وطهران النفوذ في عراق ما بعد الاحتلال، لكن الأخيرة استطاعت عبر حلفائها من ملأ الفراغ بشكل أكبر خصوصا بعد الانسحاب الأمريكي عام 2011.
بلغت القطيعة بين العراق والسعودية ذورتها خلال فترة رئاسة نوري المالكي الثانية 2010-2014 الذي كان منسجما مع التوجهات الإيرانية حتى أرسل ميليشيات للقتال إلى جانب النظام السوري بعد اندلاع الثورة السورية.
حاولت السعودية موازنة الكفة عبر دعم عدة تيارات سياسية سنية لكنها جوبهت بقوة وتماسك الأطراف الشيعية الموالية لإيران.
أنشأ العراق الحشد الشعبي عقب اجتياح تنظيم الدولة لثلث البلاد عام 2014، ومما زاد الأمر على الرياض وقوف شخصيات معروفة بعدائها للسعودية على هرم الحشد الذي اعترفت به الحكومة العراقية كقوات رسمية رديفة.
ومنذ عام 2015 عززت السعودية علاقتها مع العراق كما حاولت استمالة بعض القوى الشيعية إلى جانبها، إلا أن هذه المحاولات لم تترك أثرا على الأرض، بالنظر إلى سيطرة التيار الأكثر تشددا على المشهد السياسي وتشكيله الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.
وحول ذلك يؤكد مكي، "أنه بالرغم من التقارب العراقي السعودي لكن ما زالت الأطراف الشيعية الموالية لإيران تهاجم السعودية في الإعلام ولم نلحظ هدنة على الأقل بعد الاتقاق".
بدوره يرى الأكاديمي اللبناني وليد الأيوبي، "أن كلما كان العراق أو لبنان وسوريا مستقل في سياساته ستتحسن العلاقات مع السعودية، وعلى النقيض من ذلك فإن تماهي لبنان أو العراق مع التوجه الإيراني سينعكس سلبا على العلاقة مع السعودية".
ملفات عالقة
لم يكن اختلاف التوجهات في مناطق الصراع وحده نقطة الخلاف السعودية الإيرانية فهناك تقاطعات أخرى بسياسة البلدين.
البرنامج النووي
لم تخفي السعودية مخاوفها الكبيرة من امتلاك إيران لسلاح نووي حيث أكدت في عدة مناسبات دعمها للجهود الدولية الرامية لمنع إيران من حيازته وتهديد المنطقة والعالم.
وظهر الموقف السعودي عمليا بترحيبه بخطوة حليفه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018.
وتحدثت صحف غربية أن الرياض لن تدخر جهدا بامتلاك سلاح نووي في حالة استطاعت طهران تصنيع قنبلة نووية.
تصدير الثورة
تُظهر الخلافات الإيديولوجية بين البلدين أزمة ثقة عميقة قد لا يستطيع الاتفاق الأخير معالجتها، فالرياض تتخوف من دعم طهران للأقلية الشيعية شرق البلاد، وبدورها تسعى إيران لمنع أي دور سعودي في البلاد التي تحكم بالحديد والنار، خاصة في إقليم الأحواز العربي ومناطق الأكراد.
خلال العقد الأخير شهدت محافظة القطيف شرقي المملكة عدة احتجاجات تحولت إلى أعمال عنف خصوصا في مدينة العوامية بين 2011-2017.
واتهمت السلطات السعودية المتورطين في الصدامات بالتعاون مع دولة أجنبية، في إشارة لإيران، حتى أعدمت رجل الدين الشيعي نمر النمر عام 2016.
في المقابل اتهمت إيران عدة مرات السعودية بـ"التدخل في شأنها الداخلي" والسعي لـ"إثارة الفتنة"، إثر الاحتجاجات الواسعة التي شهدتها إيران عام 2022 بعد وفاة الشابة مهسا أميني.
يقول الأكاديمي اللبناني وليد الأيوبي، إن "هناك جملة تناقضات بين طهران والرياض لا يمكن التقليل منها على رأسها الطائفية والجيوسياسية والاستراتيجية وصولا إلى الخلافات حول النفط والطاقة لكن هناك شبه اتفاق على رفض التدخل الأجنبي أيا كان في دول المنطقة".
مستقبل الاتفاق
في إجابته حول صمود المصالحة مستقبلا يقول مكي، "في حالة الظروف والسياقات الإقليمة والداخلية سنجد أن الأمر سيتغير، لاسيما أن واشنطن بدأت محاولات لإبعاد الرياض عن بكين وموسكو وفي هذا السياق جاءت زيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي للمملكة قبل أسبوعين".
وتابع: "مازالت نقاط الاحتكاك بين البلدين ساخنة، ولم يجري الاتفاق على حلول واقعية لها، والإشكالية أن أجندة الطرفين ومصالحهما وتحالفاتهما متناقضة تماما في عدة ملفات".
وأشار الأكاديمي العراقي، إلى أن "التأخر بالتفاهم والاتفاق حول الملفات العالقة قد يؤدي لإفساد المصالحة خاصة بوجود قوى غير راغبة بإتمامه، فإذا تم تسخين أي نقطة من نقاط الاحتكاك سيذهب الوضع للتأزم مجددا".
وختم حديثه مع “عربي21” "يبدو أن الطرفين غير راغبين بالوصول إلى اتفاقيات سريعة فالمصالحة إن وصلت إلى نقاط جيدة لا بأس، لكنها -أي المصالحة- ليست قدرا مقدورا وإن لم تكن مخرجاتها معقولة للسعودية وإيران فلا داعي لها بالنسبة للبلدين".
من جانبه قال وليد الأيوبي الذي يشغل منصب المنسق العام المؤسس لحركة ثورة بلا حدود، إن "جوهر الاتفاق مرتبط بتسوية إقليمية أكبر من التقارب السعودي الإيراني، تضم دول المنطقة تحت مظلة دولية تنتقل بها من حالة الصراع إلى البناء من منظور اقتصادي".
وردا على سؤال حول قدرة الصين على ضمان الاتفاق، أجاب أن "الأمر متعلق بالوضع في المنطقة، فعند اندلاع صدام لن تستطيع الصين الإمساك بزمام المبادرة، وهناك شبه قناعة عالمية بالحاجة لوجود السعودية وإيران كقوتين متوازنتين في الشرق الأوسط".
وحول مدى التزام إيران بمخرجات الاتفاق يشكك الأيوبي، "بإرادة إيران بالتزام بوقف تدخلها في دول الجوار، لكنها ستعتمد استراتيجية الإيهام بالالتزام، فمثلا في العراق أصبح وجود الحشد شرعيا كذلك في لبنان أكد البيان الوزاري على شرعية حزب الله وسلاحه بمعزل عن طهران بالرغم من علم الجميع أن تلك المنظمات هي أذرع إيرانية".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات الإيراني اليمن السعودية لبنان النووي إيران لبنان السعودية اليمن النووي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جماعة الحوثی بین البلدین فی الیمن فی لبنان
إقرأ أيضاً:
تقارب مصري-إيراني في ظل التوتر الإقليمي.. هل تعود العلاقات بعد 46 عاما؟
استقبل رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في القاهرة، إذ ناقشا العلاقات البينية، وعدوان الاحتلال الإسرائيلي الدموية على قطاع غزة؛ فيما أكدا على ضرورة تقليل حدّة التوتر وتجنب الحرب بالإقليم، وحتمية عودة الملاحة البحرية لطبيعتها بالبحر الأحمر، وعودة الملاحة الدولية لقناة السويس.
رئيس مكتب رعاية المصالح الإيرانية في مصر، محمد حسين سلطاني فرد، كشف أنّ: "الزيارة بدعوة مصرية، من وزير الخارجية، بدر عبد العاطي"، موضحا أنّ: "عراقجي الذي زار مؤخرا السعودية وقطر والإمارات، يزور مصر بصفتها دولة حضارية وتاريخية ومؤثرة".
"العقبة الأخيرة"
عقب لقاء السيسي، وعبد العاطي، ورئيس المخابرات العامة المصرية اللواء حسن رشاد، أشار عراقجي، إلى تطورات مرتقبة بعلاقات البلدين المقطوعة رسميا لنحو 46 عاما، قائلا إنّ: "العقبة الأخيرة في العلاقات مع مصر ستزال قريبا وربما خلال الأسابيع المقبلة"، دون أن يذكر تلك العقبة أو يشير إلى كيفية إزالتها.
إلى ذلك، بدا متفائلا في تصريحاته، وأوضح أنه التقي السيسي للمرة الرابعة، مؤكدا في الوقت نفسه أنّ: "مستوى الثقة بين مصر وإيران حاليا لم يكن موجودا من قبل".
وعقب لقاء نظيره المصري، أشار الوزير الإيراني، إلى الاتفاق على استمرار المشاورات السياسية بين البلدين بشكل منتظم، مع التوافق على زيادة حجم التبادل التجاري وتوسيع آفاق التبادل السياحي.
وفي الجانب غير الرسمي من الزيارة قام عراقجي، بزيارة مسجد الإمام الحسين، ومنطقة خان الخليلي التاريخية بالقاهرة.
من جانبها، قالت رئاسة الجمهورية المصرية، إنّ: السيسي، أكد على الموقف المصري الرافض لتوسّع دائرة الصراع، مشددا على ضرورة وقف التصعيد للحيلولة دون الإنزلاق إلى حرب إقليمية، ومشيرا إلى أهمية المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن، برعاية عمانية.
ولفت السيسي، إلى ضرورة الوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة وإنفاذ المساعدات الإنسانية، كما أكّد على حتمية عودة الملاحة طبيعتها بمضيق باب المندب والبحر الأحمر.
"توقيت صعب"
تأتي الزيارة في توقيت صعب لكلا البلدين؛ إذ تعيش مصر حالة من العزلة السياسية بعيدا عن محيطها الخليجي وسط تجاذبات مع حلفائها بالمنطقة (دولة الاحتلال الإسرائيلي والإمارات والسعودية)، إلى جانب وصول علاقاتها مع أمريكا لحالة من الفتور.
في حين تواجه إيران ضغوطا إسرائيلية وتهديدات بمواجهات عسكرية مع تل أبيب، وسط ضغوط أمريكية ومحاولات لإنجاح المفاوضات الجارية بين طهران وواشنطن حول الملف النووي الإيراني بوساطة عمانية.
وفي الوقت الذي تراجعت فيه أدوار القاهرة في ملف غزة، التقى المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي في القاهرة، وفق وكالة مهر للأنباء، ما يمثل خطوة لافتة لاستعادة دور مصر الدبلوماسي بإحدى أهم ملفات الإقليم، وفق مراقبين.
لقاءات سابقة
تأتي تلك التطورات إثر لقاء السيسي، ونظيره الإيراني مسعود بيزشكيان، بقمة "الدول الثماني النامية"، بالقاهرة، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، والتي كانت الأولى للرئيس الإيراني الحالي، منذ زيارة الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد، للقاهرة شباط/ فبراير 2013، والتي سبقها زيارة الرئيس الراحل محمد مرسي، لطهران آب/ أغسطس 2012، كأول زيارة لرئيس مصري منذ 3 عقود.
وفي 17 تشرين الأول/ أكتوبر 2024، ولأول مرة منذ 12 عاما استقبل السيسي، وزير الخارجية الإيراني "عباس عراقجي"، ليطلق الجانبان تصريحات مشابهة تماما لتصريحات الاثنين، حيث تم الاتفاق على أهمية استمرار المسار الحالي، لاستكشاف آفاق التطوير المشترك لعلاقات الدولتين.
ومنذ الثورة الإيرانية عام 1979، على شاه إيران محمد رضا بهلوي، وعلى خلفية استضافة الرئيس أنور السادات له، توترت علاقات القاهرة بحكام إيران الجدد، لتعود العلاقات بشكل جزئي في تسعينيات القرن الماضي، مقتصرة التمثيل الدبلوماسي على مستوى "قائم بالأعمال"، ليجري تبادل الزيارات بين الجانبين على مستوى الرؤساء إثر ثورة كانون الثاني/ يناير 2011.
لتشهد مرحلة عهد السيسي، حالة من جمود العلاقات خاصة مع زيادة توتر الأجواء بين طهران والرياض الداعم الإقليمي لنظام السيسي، الذي أكد مرارا أنّ: "أمن الخليج خط أحمر، وامتداد لأمن مصر"، وكذلك مع استمرار تأزم علاقات الحليف القوي للسيسي، تل أبيب، مع طهران التي تدعم المقاومة الفلسطينية.
القاهرة، قدّمت بادرة جيدة وفق محللين، حين رفضت المشاركة في قوة "الناتو العربي" عام 2019، التحالف العسكري الذي شكلته واشنطن مع دول الخليج بمواجهة طهران.
تلك المبادرة، مهّدت لاحقا للقاءات مسؤولي البلدين لاحقا، عام 2022، بلقاء وزير الخارجية الإيراني السابق، أمير عبد اللهيان، والسيسي، على هامش قمة "بغداد-2" في الأردن.
ما تبعه في 2023، مبادرة المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بترحيبه بعودة العلاقات بشكل كامل مع مصر، ليلتقي الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، بالسيسي، بالقمة العربية الإسلامية بالرياض، حول غزة، تشرين الثاني/ نوفمبر 2023.
إلى ذلك، تواصلت لقاءات الجانبين، بلقاء وزير الخارجية المصري السابق، سامح شكري، وعبد اللهيان 4 أيار/ مايو 2024، بمؤتمر "القمة الإسلامي" في غامبيا، لتتوج مساعي الجانبين بزيارتين من عراقجي للقاهرة، تشرين الأول/ أكتوبر 2024، ولقاء السيسي، وبمؤتمر مجموعة الدول النامية الثماني بالقاهرة، كانون الأول/ ديسمبر 2024.
الزيارة الأحدث ولقاء عراقجي، بالسيسي، الاثنين، دفعت مراقبون للتكهن بأنها "قد تمهد لاستعادة العلاقات رسميا"، لكن آخرين، قللوا من الخطوة واعتبروها ردّا من مصر على تجاهل شركائها الخليجيين وواشنطن لها، وعلى ضغوط وتصريحات إسرائيلية بحق القاهرة"، ورأوا أنها "خطوة قد تزعج تلك الأطراف"، مشيرين إلى أنّ: "لقاء مسؤول الوكالة الدولية للطاقة الذرية والوزير الإيراني بالقاهرة، محاولة لاستعادة دور مفقود".
"مناورة لن تسفر عن شيء"
في رؤيته، قال مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير عبد الله الأشعل: "في التقارب المصري الإيراني؛ كلاهما يحتاج الآخر، ولكن لا تزال السعودية والإمارات وإسرائيل وأمريكا يسيطرون على القرار المصري".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أستاذ القانون الدولي أنه "لا يمكن توقع نتيجة مأمولة عملية للزيارة كإعادة العلاقات رسميا وتبادل السفراء"، مبينا أن "دعوة مصر، عراقجي لهذه الزيارة مناورة تقول لأمريكا إنها ليست معزولة عن محيطها الإقليمي".
وأكد أنّ: "نتنياهو وترامب يدبران مؤامرة كبيرة لمصر وفلسطين، تقضي بدفع الفلسطينيين إلى رفح تمهيدا لاقتحام الحدود المصرية، ولن يتدخل الجيش المصري ضد أشقائنا، وقد تنظم السلطات المصرية مظاهرات تطالب بإدخال الفلسطينيين إلى سيناء، فالموضوع مرتب".
وأشار إلى أنّ: "القسمات الأساسية لإدارة العلاقات الدولية والإقليمية تشير إلى أن مصر تحت سيطرة أمريكية، والإمارات والسعودية تسيطران على قرارها لأنهم من أتوا بهذا النظام، لذا فالتقارب المصري الإيراني لن يسفر عن شيء، ولا حتى عودة علاقات طبيعية، رغم أن السعودية أعادت علاقاتها رسميا مع إيران".
"إعادة التحالفات.. ومصالح مصر"
في قراءته، قال الأكاديمي المصري، محمد الزواوي، إنّ: "الزيارة بادرة، وخطوة هامة لاستعادة العلاقات الثنائية، وما يشير إلى أهميتها أنها تهدف استعادة الملاحة البحرية مرة ثانية بالمدخل الجنوبي للبحر الأحمر وقناة السويس شمالا، خاصة وأن لإيران يد عليا في ذلك وتحكم بجماعة أنصار الله الحوثي".
الخبير في العلاقات الدولية والدراسات الشرق أوسطية، والمحاضر بجامعة "سكاريا"، التركية، تحدث لـ"عربي21"، عن جانب آخر، وهو "مشروع ممر التنمية أو (ممر بايدن) طريق التجارة المزمع والذي يربط شرق آسيا بداية من الهند ودول الخليج والكيان المحتل وأوروبا، ويمثل الهاجس الرئيسي لمصر، ويتحكم في بوصلتها حول التحالفات الإقليمية".
وأضاف: "الشهر الماضي، قالت أذرع إعلامية للحكومة المصرية إنّ هناك حدث جلل سوف يحدث، وربما يكون ذلك هو التحول في التحالفات، ولو كان بسيطا، يبدو أن مصر تتحرك شيئا فشيئا تجاه الشرق، وروسيا تحديدا، وكذلك إيران في خطوة مهمة تقوي ذلك الحلف المصري الذي قد يكون قد بدأ يتشكل".
ولفت إلى أنّ: "الحلف المصري السعودي الإماراتي، حلف مهم للغاية، ومن ثم لا نستطيع القول إنه في طور التفكك؛ ولكن لكل طرف مصالحه، وهناك تباين في الرؤى السعودية والإماراتية ومجلس التعاون الخليجي من جهة، وبين مصر من جهة أخرى، وبالطبع قطر لها موقف خاص باعتبار تحالفها مع تركيا، وكذلك عدم ممانعتها التقارب مع إيران".
إلى ذلك، يعتقد الزواوي، أنه: "ربما تشهد المنطقة إعادة تشكل التحالفات مرة ثانية، باعتبار أن التهديد الأكبر لمصر هو (ممر بايدن)، ومن هنا فإن خطوات تقوية قناة السويس ووقف هجمات الحوثي على السفن في باب المندب وتعضيد التحالف مع إيران باعتباره يقوي طهران".
"أيضا، التي تدعم مشروع الحزام والطريق الصيني الذي لا يمثل أي تهديد لمصر، عكس ممر بايدن الذي يستثني قناة السويس ويهمشها" تابع المتحدّث ذاته لـ"عربي21".
وأوضح أنه "بالتالي نستطيع فهم أن القاهرة تريد تنويع علاقاتها من هذا المنطلق، وباعتبار أن الحلف الذي يتشكل جديدا بالأساس استثنى مصر، ولا يهتم بمصالحها القومية، ولم يدع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، السيسي، لقمة الرياض كما دعاه سابقا عام 2017".
الأكاديمي المصري خلص للقول: "هناك ملامح تفيد بأن تشكل التحالفات الإقليمية وإعادة مصر للضبط والتفكير في حساباتها الإقليمية يأتي بناء على توجهات أمريكا الأخيرة، التي استثنت مصر تماما وهمشتها، والتي بدأت مشروع بايدن للتنمية والذي تعد غزة إحدى معوقاته، وتسعى الآن لإنهاء قضية غزة وتهجير أهلها، لبدء المشروع، ومؤكد أن مصر تقف معترضة عليه، ومن ثم يمكننا فهم التقارب المصري الإيراني من هذه النقطة".
"صاحبة مبادرة التقارب"
قال الباحث المصري في الشأن الإيراني، أسامة الهتيمي: "المدة ليست بالقصيرة، تتصدر بين الحين والآخر بعض المؤشرات القوية والملفتة بشأن قرب حدوث تقارب مصري إيراني خاصة وأن طهران اتخذت لتحقيق ذلك عدة خطوات قوبلت بتعاطي إيجابي من قبل القاهرة".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "الأمر الذي دفع بالكثيرين إلى التكهن بحدوث تطبيع كامل للعلاقات ورفع التمثيل الدبلوماسي، ومن ثم تجاوز حالة الفتور التي شهدتها العلاقات العقود الماضية، وهو ما أشار إليه صراحة الوزير عراقجي من القاهرة: (إن العقبات الأخيرة ستزال خلال أسابيع)".
لكن من زاوية أخرى يعتقد الهتيمي، أنّ: "زيارة عراقجي، هذه المرة للقاهرة جاءت بدعوة مصرية بما يعني أن القاهرة صاحبة مبادرة التقارب؛ الأمر الذي يحمل دلالات ويعبر عن أبعاد سياسة وأمنية، أهمها أن كلتا الدولتين فضلا عن المصالح المشتركة بينهما تتعاطيان مع ملف تقاربهما باعتباره ورقة مهمة في إدارة علاقاتهما الإقليمية والدولية".
"توتر مصري ومعاناة إيرانية"
أضاف: "من ناحية شهدت مؤخرا العلاقات المصرية الأمريكية توترا نتيجة ضغوط واشنطن بشأن قضية التهجير القسري للفلسطينيين، بالإضافة إلى حالة من الخلاف مع بعض دول الخليج تتعلق بتباين وجهات النظر حول ملفات غزة وليبيا والسودان، واستشعار مصر بتجاهل خليجي لها، ما يدفع مصر إلى السعي لتأكيد دورها الإقليمي وذلك عبر توطيد العلاقات مع بعض الأطراف الأخرى الفاعلة في المنطقة وأبرزها إيران".
وأوضح أنه "من ناحية أخرى، تعاني إيران من الضغوط الأمريكية والإسرائيلية المتزايدة والمتصاعدة مع كل تطور تشهده المنطقة، وهي الضغوط التي تستهدف عزل طهران وإضعاف قدرتها على التواصل مع محيطها الإقليمي والدولي، وعليه فإن إيران تسعى لكسر هذه العزلة وتوثيق الصلة مع كل الأطراف الإقليمية والدولية ولا سيما مصر ذات الثقل العربي والسني، وصاحبة تاريخ العلاقة المتوتر مع إيران الخمينية".
الباحث المصري في الشأن الإيراني يرى أنه "يتعلق بما سبق أن الزيارة والرغبة في حدوث التقارب تتزامن مع المفاوضات الأمريكية الإيرانية التي تسعى لتوقيع اتفاق نووي جديد؛ فعلى مستوى مصر تريد القاهرة لعب دورا في التوصل لهذا الاتفاق، وهو ما يفسر وجود مدير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بالقاهرة خلال زيارة عراقجي".
ولفت إلى أنّ: "إيران فإنها وفي إطار تواصلها مع كل حلفاء أمريكا في المنطقة تدفع بأن تقوم هذه الدول ومن بينها مصر بحث أمريكا على إنجاح هذه المفاوضات والتوصل لصيغة توافقية لإتمام الاتفاق".
ومضى يوضّح أنّ: "الملفات الأمنية والاقتصادية للبلدين تأتي كأسباب رئيسية لإحداث هذا التقارب، ومنها مثلا رغبة مصر في تأمين الملاحة في البحر الأحمر من هجمات الحوثيين ذوي العلاقة المتينة مع إيران، لضمان تخفيف الخسائر التي تكبدتها قناة السويس، والتي قدرها البعض العام الماضي بـ7 مليارات دولار".
"ماذا عن الشركاء؟"
على مستوى ردود الفعل على زيارة عراقجي، القاهرة، قال الباحث في الشأن الإيراني: "لا يمكن القول بأنها واحدة؛ فدول الخليج التي كانت تتحفظ على تقارب العلاقات المصرية الإيرانية طيلة السنوات الماضية قد بادرت إلى توثيق علاقتها بإيران منذ توقيع اتفاق بكين".
وأشار إلى أنّ: "العلاقات الإيرانية الخليجية خاصة مع السعودية والإمارات قفزت قفزات إيجابية متسارعة، وعليه فإن أي تحفظات من الرياض وأبوظبي بشأن التقارب المصري الإيراني المحتمل لا محل له من الإعراب، ولن ينظر إليه ولو مؤقتا وتكتيكيا بأهمية من قبل مصر".
وعن الجانبين الأمريكي و"الإسرائيلي"، أكد الهتيمي، أنّ: "مصر تبعث برسالة قوية لهما من خلال هذا التقارب؛ فالاحتلال الذي يعتبر أن هذا التقارب يشكل خطرا إستراتيجيا عليه يجب أن ينتبه إلى خطورة ما يقوم به في غزة والأرض المحتلة، وما يمارسه من ضغوط لدفع الطرف الأمريكي للضغط بدوره على مصر لتصفية القضية وإلقاء عبئها على مصر والأردن".
وختم بالقول: "كما أن على أمريكا إدراك أن انحيازها الكامل وغير المنطقي للاحتلال سيعمل على تفجير الموقف في المنطقة، ويُحدث حالة من الاستقطابات الحادة التي ستكون تهديدا صريحا، وفق التصور المصري للمصالح الأمريكية في المنطقة".