ردود حذرة ومتأنية.. ماذا يعني سقوط الأسد لدول الخليج؟
تاريخ النشر: 8th, January 2025 GMT
نشرت صحيفة "فوكس بلس" التركية مقال رأي للكاتبة فيزا غوموش أوغلو تتناول فيه ردود فعل دول الخليج المتباينة على سقوط نظام الأسد بعد جهود حثيثة للتطبيع معه وإعادة تعويمه عربيًّا.
وعلى الرغم من أن ردود الفعل كانت حذرة ومتأنية، فإن دولا مثل السعودية والإمارات والبحرين سارعت في إعادة فتح سفاراتها في العاصمة دمشق، مما يوحي بنوع من الدعم للقيادة الجديدة.
وفي المقال، الذي ترجمته "عربي21"، قالت الكاتبة، إن سقوط نظام الأسد كان مفاجأة كبيرة، إذ أنه انهار بشكل أسرع مما كان متوقعًا، مما صدم العديد من الأطراف في المنطقة، بما في ذلك دول الخليج، والتي كانت منذ فترة ليست طويلة، قد استعادت علاقاتها مع الأسد بعد فترة من الانقطاع، واحتفلوا بعودته.
وكان هناك تصور سائد في المنطقة بأن الأسد قد "فاز" وأن النظام أصبح مستقرًا، مما دفع بعض الدول إلى إعادة بناء علاقاتها مع سوريا، لكن مع سقوط دمشق بيد المعارضة، انقلبت الأمور رأسًا على عقب، مما أجبر الدول على إعادة ترتيب أوراقها.
وكانت ردود الفعل الأولية لدول الخليج حذرة، حيث أصدرت جميع الدول الخليجية بيانات تدعم استقرار الدولة السورية ووحدتها. حيث إن سقوط دمشق ونهاية حكم الأسد خلقا معادلة جديدة تمامًا في المنطقة.
وبينت الكاتبة أن سبب ذلك التطبيع كان نتيجة لتصاعد التكلفة الإستراتيجية لعزل الأسد، بالإضافة إلى زيادة النفوذ الإيراني في المنطقة.
بعد تحركات الإمارات والبحرين في كانون الأول/ ديسمبر 2018، أصبحت السعودية آخر دولة خليجية تعيد فتح سفارتها في دمشق في أيلول/ سبتمبر 2024. في المقابل، حافظت قطر على موقف ثابت ضد نظام الأسد ورفضت تطبيع العلاقات.
وفي أيار/ مايو2023، عاد الأسد رسميًا إلى جامعة الدول العربية خلال قمة في السعودية. وفي الوقت ذاته، كانت الإمارات تسعى إلى تخفيف العقوبات الأمريكية على الأسد عبر التفاوض مع واشنطن بشأن قضايا تتعلق بإيران.
ومع سقوط دمشق في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2024 وهروب الأسد إلى موسكو، أصبحت استثمارات دول الخليج في دعم النظام السوري عديمة الجدوى، لكن هذا التحول في الأحداث قد يتيح لهذه الدول فرصة للعمل معًا بشكل أكبر للتأثير على مستقبل سوريا سياسيًا وماليًا، وتنسيق جهودها لمواكبة تزايد تأثير تركيا في سوريا.
وأضافت الكاتبة أنه وبعد سقوط بشار الأسد؛ بدأت دول الخليج مثل السعودية والإمارات والبحرين وعمان في استئناف نشاطاتها الدبلوماسية في دمشق.
وفي 12 كانون الأول/ ديسمبر، عبرت البحرين، التي كانت تتولى رئاسة جامعة الدول العربية في ذلك العام، عن دعمها للانتقال إلى القيادة الجديدة في سوريا.
في 22 كانون الأول/ ديسمبر، استقبلت سوريا برئاسة أحمد الشرع وفدًا رسميًا من السعودية، وسط تقارير عن استعداد الرياض لتوريد النفط إلى دمشق. كما قام وزير الخارجية السوري في 2025 بأول زيارة رسمية له إلى السعودية.
الإمارات، التي بدأت عملية التطبيع مع الأسد، أبدت دعمها أيضًا عبر الاتصال بين وزراء الخارجية في 23 كانون الأول/ ديسمبر، لكن لا يزال غير واضح ما إذا كانت ستقدم مساعدات إنسانية أو مالية مباشرة للنظام الجديد.
وفي 14 كانون الأول/ ديسمبر، عبّر مستشار رئيس الدولة الإماراتي عن قلقه بشأن الروابط المحتملة للنظام الجديد مع الجماعات الإسلامية.
ورغم هذه المخاوف، تشير تحركات دول الخليج منذ 8 كانون الأول/ ديسمبر إلى استعدادها السريع والبراغماتي للتكيف مع واقع سوريا الجديد وفتح صفحة جديدة في العلاقات مع دمشق.
وأكدت الكاتبة أن سقوط نظام الأسد بعد 13 عامًا من المقاومة أحدث موجة من الأمل والاهتمام في منطقة الشرق الأوسط، مشابهة لتلك التي حدثت في بداية الربيع العربي. هذه التغييرات تُعتبر تهديدًا داخليًا بالنسبة للأنظمة القائمة في المنطقة.
أما من الناحية الخارجية، فإن أكبر تهديد يأتي من تركيا، التي يُتوقع أن تلعب دورًا أكثر طموحًا في المنطقة بعد سقوط الأسد، مما قد يزيد من نفوذها في سوريا ويشكل توازنًا ضد إيران.
وبحسب الكاتبة؛ يكمن القلق بين دول الخليج في كيفية تعاملها مع النفوذ التركي المتزايد في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بمسألة إعادة بناء سوريا. وبالتالي، يُنصح بأن تتعاون تركيا مع دول الخليج لضمان استقرار سوريا وجلب الموارد المالية اللازمة لإعادة الإعمار.
وفي الختام تناولت الكاتبة دور قطر، فمن المتوقع أن تظل من اللاعبين المؤثرين بعد تركيا في سوريا.
ومع التحسن في العلاقات بين تركيا وقطر من جهة، والإمارات والسعودية من جهة أخرى، يتساءل البعض ما إذا كانت هذه التغيرات ستؤدي إلى تجدد التوترات بين الرياض-أبوظبي وأنقرة-الدوحة أم إلى مزيد من التعاون بين تركيا ودول الخليج في الساحة السورية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الخليج الأسد سوريا العلاقات سوريا الأسد الخليج العلاقات صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة کانون الأول دول الخلیج نظام الأسد فی المنطقة فی سوریا
إقرأ أيضاً:
اكتشاف أثري تحت الركام.. ما مصير القرى الأثرية بعد سقوط نظام الأسد؟
عثر الأهالي في مدينة معرة النعمان على مدافن رومانية وبيزنطية تعود لأكثر من 2000 عام، وذلك في الحيين الشمالي والجنوبي أثناء إزالة ركام القصف الجوي والمدفعي، وكانت المدينة قد تعرّضت لحملة قصف عنيفة عام 2019، انتهت بتهجير سكانها وتدمير معظم مبانيها، بما في ذلك المتحف الأثري الشهير الذي نُهب بالكامل من قِبل قوات النظام السابق.
بالقرب من المدينة تقع قرى أثرية مثل شنشراح وسرجيلا، وهي مدن رومانية قديمة كانت مقصدا للسياح قبل اندلاع الثورة. غير أن هذه المواقع تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى مراكز عسكرية، وتعرضت لعمليات حفر وتخريب للبنى التحتية الأثرية، كما أصبحت ساحة قتال واسعة أدت إلى تدمير أجزاء منها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2من غرناطة إلى تستور.. كيف أعاد الموريسكيون بناء حياتهم في شمال أفريقيا؟list 2 of 2فلسطين في ثلاثة كتب باللغة البرتغالية.. نافذة للقارئ البرازيلي على القضية الفلسطينيةend of listيقول أحمد عنان، مسؤول في دائرة آثار إدلب، في حديث خاص لـ"الجزيرة نت"، إن سوريا تمتلك إرثا حضاريا يمتد لآلاف السنين، وكانت من أبرز مراكز الحضارة في العالم. لكن هذا التراث لم يسلم من التعديات، سواء من قِبل قوات النظام والمليشيات الموالية لها أو نتيجة الفوضى في بعض المناطق.
وأوضح عنان أن العديد من المواقع الأثرية تعرضت للتخريب والنهب، بالإضافة إلى التنقيب العشوائي واستخدام الحجارة الأثرية في البناء وتجريف المواقع لأغراض زراعية، ورغم الظروف الصعبة، واصلت دائرة آثار إدلب جهودها لحماية التراث، من خلال توثيق المواقع وتقييم الأضرار، والتنسيق مع الجهات المحلية لرصد المخالفات ضمن الحرم الأثري.
إعلانوأشار إلى توقيف عدد من المواطنين وكتابة تعهدات بحقهم بعد تعديات على مواقع أثرية، مؤكدا أن العمل يواجه صعوبات كبيرة، أبرزها نقص الكوادر ووسائل النقل بعد فصل معظم العاملين السابقين من قِبل النظام.
تزخر سوريا بعشرات المواقع الأثرية التي تعكس غناها الحضاري والتاريخي، وتعد من أبرز الكنوز الثقافية في العالم، ففي شمال البلاد، تنتشر المدن المنسية، وهي 7 باركات أثرية تعود إلى العصور الرومانية والبيزنطية، خمس منها تقع في محافظة إدلب واثنتان في حلب.
كما تحتضن إدلب مدينة إبلا القديمة، ومتحف معرة النعمان، والجامع الكبير في معرة النعمان، ومتحف إدلب الوطني، إلى جانب معالم المدينة القديمة، وقلعة حارم، والشغر، وسرمدا. أما حلب، فتتميز بقلعتها الشهيرة ومتحفها العريق، إضافة إلى معبد عين دارة قرب عفرين.
وتضم دمشق القديمة معالم فريدة مثل قلعة دمشق، وأسواق الحميدية، وخان أسعد باشا، إلى جانب المدرسة الظاهرية ومتحف الطب. وفي حمص، تبرز قلعة الحصن إحدى أعظم الحصون الصليبية، إلى جانب مسجد خالد بن الوليد.
أما في قلب البادية السورية فتقع آثار تدمر الشهيرة، في حين تحفل محافظات حماة واللاذقية وطرطوس بكنوز مثل قلعة ومتحف مصياف، وأفاميا، وأوغاريت، وقلعة صلاح الدين، وقلعة المرقب، وجزيرة أرواد. كما تزخر المنطقة الجنوبية بمدن تاريخية كبرى مثل بصرى، وشهبا، وماري، ودورا أوروبوس، بينما تنتشر في الشرق قلعة جعبر وسور الرقة، فضلا عن عشرات التلال الأثرية المنتشرة في محافظة الحسكة، التي تعود إلى حضارات موغلة في القدم.
أشار عنان إلى أنه كانت هناك خطة موجودة قبل "التحرير" لإعادة تأهيل متحف إدلب، وتوثيق المواقع باستخدام نظام GIS، وتحديث قانون الآثار. لكن المعارك أعاقت التنفيذ. ومع تعيين وزير جديد للثقافة، وُضعت حماية الآثار ضمن الأولويات، وشاركت وفود من منظمات دولية في جهود الدعم، كما شاركت المديرية العامة للآثار في معارض دولية كإيطاليا.
إعلانودعت المديرية جميع الموظفين السابقين الراغبين بالعودة إلى العمل لترميم الكادر البشري. أما بخصوص القطع المسروقة، فأكد عنان أن سوريا عضو في اتفاقيات دولية تلزم الدول بإعادة الآثار المسروقة، وتعمل المديرية على توثيق المفقودات وتعميمها عبر الإنتربول.
ساهم الفقر والفراغ الأمني في انتشار التنقيب العشوائي وبيع القطع في السوق السوداء، ما جعل الآثار موردا ماليا لبعض الجماعات المسلحة.
في حديث للجزيرة نت، كشف الباحث ومدير مركز آثار إدلب أيمن النابو عن انتهاكات واسعة طالت المواقع الأثرية، متهما الأجهزة الأمنية والمليشيات بعمليات تهريب منظمة، ومشيرا إلى ضعف أداء المديرية العامة للآثار والمتاحف.
وأوضح أن حماية المواقع قبل الثورة كانت تعتمد على الأجهزة الأمنية وليس المؤسسات الثقافية، ما أدى إلى مركزية مفرطة وغياب الرؤية المهنية. وبعد الثورة، تحولت تلك الأجهزة إلى مليشيات تُعنى بتهريب الآثار تحت أنظار المديرية، التي فقدت صلاحياتها، باستثناء بعض مراكز المدن الكبرى حيث يمكن إثارة الإعلام.
وأشار النابو إلى أن المواقع ذات الشهرة العالمية فقط حظيت باهتمام رسمي، في حين تُركت آلاف المواقع، لا سيما الطينية أو العائدة لفترات الشرق القديم، عرضة للإهمال والنهب. وكشف عن سرقات طالت متاحف حماة وتدمر والرقة، حيث وصلت بعض القطع إلى إدلب ولبنان وحتى متاحف في تل أبيب.
وأكد أن تهريب كل قطعة يعني فقدان جزء من الهوية الوطنية، وأن التنقيبات العشوائية أفرزت مكتشفات مهمة لكنها نُهبت دون توثيق علمي.
وانتقد النابو منظمة اليونسكو التي تعاملت فقط مع النظام بوصفه "الجهة الشرعية"، متجاهلة الفرق العاملة في مناطق المعارضة، مؤكدا أن أغلب مشاريعها اتسمت بالفساد، خاصة تلك التي أشرفت عليها "الأمانة السورية للتنمية".
وختم النابو بالتعبير عن أمله في أن تخرج المديرية العامة للآثار من عباءة النظام السابق، وأن تتبنى رؤية قائمة على المهنية الثقافية والإدارية، لحماية التراث السوري بوصفه هوية وطنية وواجهة مشرفة لسوريا المستقبل.
جدير بالذكر أن هناك محاولات حكومية لتوثيق المواقع والقطع الأثرية رقميا باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والـGIS، بهدف الحفاظ على المعلومات في حال تعرضت المواقع للتدمير الكامل. هذه المبادرات ما زالت في بداياتها، لكنها تمثل أملا في الحفاظ على "الذاكرة الرقمية" للتراث السوري.