دمشق- في شوارع دمشق المكتظة، تشهد الطرق ازدحامًا غير مسبوق منذ مطلع الأسبوع الجاري، إذ عادت عجلة العمل للدوران مرة أخرى في مساراتها المختلفة.

ويتساءل الجميع عن سبب هذا الازدحام غير المعتاد وغير المسبوق في الشوارع، فقد امتلأت دمشق بالسيارات القادمة من كل أنحاء سوريا، بل ومن دول متعددة ومجاورة أيضًا.

بينما تبدو الحياة في شوارع دمشق وأسواقها وحاراتها طبيعية، حيث يكدح الناس لكسب قوتهم وتحصيل لقمة العيش، هناك مشهد آخر يغفل عنه الكثيرون، يتمثل في الحركية بصالات الفنادق الفارهة، تلك التي كانت حكرًا على رجالات النظام والطبقات المخملية في المجتمع!

سياحة سياسية!

لطالما عرف العالم أنماطا مختلفة للسياحة منها السياحة الترفيهية أو الدينية أو العلاجية، غير أن الواقع بسوريا يطور نوعا جديدا يمكن تسميته بـ"السياحة السياسية".

فالوافدون من مختلف البلدان يقصدون الفنادق ليس فقط للاستمتاع بمشاهد دمشق التي تتنفس عبير الحرية من جديد، وإن كانوا يلتقطون صور الفرح في ساحات الأمويين وعلى قمة قاسيون وفي أسواق دمشق العتيقة، بل جاؤوا لأسباب متنوعة، وغايات أخرى.

فإذا دخلت بهو أي فندق، تفاجئك دينامية غير مسبوق، وحركية دبت في صالاته وأروقته، التي تحتضن تنظيم جلسات نقاش وملتقيات للتداول وتبادل الآراء، وأخرى للتشاور والتفاوض.

إعلان

وفي أروقة الفنادق أصناف متعددة من الناس؛ سوريون وغير سوريين، جميعهم يتحاورون ويتناقشون، وربما يتفقون على آليات العمل والانخراط في الواقع الجديد أو ربما يبحثون عن موطئ قدم في بنية الدولة الجديدة.

تخصص وتنوع

وقد تخصصت الفنادق حسب نوعية نزلائها. على سبيل المثال، إذا دخلت "فندق الشام" وهو المعروف لدى السوريين بصالة السينما التي كانت مرتبطة به، والتي تعتبر أفضل صالة سينما في دمشق لعرض أحدث الأفلام الراقية. غير أنه لا وقت هنا لرؤية الأفلام ولا متسع للترف، فالفندق يستقبل الجمعيات الإغاثية والمنظمات الإنسانية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات الأهلية.

أما في فندق الشيراتون، فتجد معظم النزلاء من مؤسسات الإعلام العربية والعالمية المختلفة المرئية والمقروءة والمسموعة، إلى جانب شخصيات متنوعة من مختلف الخلفيات، كلهم منهمكون في نقاشات حول مستقبل سوريا الجديدة.

ويوجد أيضا أشخاص من مختلف الأصناف، فهناك من يرتدون البدلات الفاخرة وربطات العنق، ومن يفضلون الملابس الشبابية "الكاجوال"، ومن يرتدون العمائم، ومن يرتدون العباءات والغترة والعقال، ومن يعتمر سلاحه على خصره، جميعهم يتحدثون ويتناقشون، قد يتفقون أو لا يتفقون، لكنهم جميعًا يبحثون عن مكان تحت الشمس في سوريا الجديدة.

وفي فندق الفورسيزون، الأكثر فخامة ورفاهية في دمشق، تجد البعثات الدبلوماسية العالمية والسياسيين والمسؤولين والمبعوثين الدوليين. ورغم الهدوء الظاهر في بهوه مقارنة بباقي الفنادق، فإن المحادثات الهامسة هناك قد تكون الأكثر تأثيرًا والأعلى صوتًا في صناعة ورسم ملامح المرحلة المقبلة.

أما في فندق داماروز (الميريديان سابقًا)، فتجتمع المؤسسات الحكومية القادمة من إدلب لتؤسس وجودها في العاصمة، فتجد أفرادًا من كل مؤسسة يتواصلون مع الناس ويحاورونهم، والناس بدورهم يلتقون بهم ويتبادلون معهم الآراء.

إعلان

وتتوزع الفنادق الأخرى بين رجال الأعمال والتجار من مختلف الجنسيات، كالأتراك والخليجيين، حيث تدور النقاشات حول الواقع الحالي والمستقبل المنشود.

هذا المشهد، البعيد عن شوارع دمشق وعن أعين الناس المنشغلين بتأمين احتياجاتهم الأساسية، يمر دون أن يلحظه الكثيرون.

وبينما يعيش الشعب فرحة التحرير ونشوة الانتصار، فهناك في أروقة الفنادق وبعيدًا عن الأنظار، قد يكون جزء من سوريا الجديدة يُصنع حقا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات سوریا الجدیدة من مختلف

إقرأ أيضاً:

احتفالات تعم سوريا في الذكرى الأولى لانتصار الثورة

تشهد عدة مدن في سوريا فعاليات احتفالية بالذكرى الأولى لانتصار الثورة وإسقاط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، حيث تجمع الآلاف في الميادين الرئيسية للاحتفال ورفعوا شعارات تدعم الدولة السورية الجديدة وتؤكد وحدة الشعب السوري.

وقال مراسل الجزيرة إن الساحات العامة في مختلف المدن تشهد تجمعات وتحضيرات للاحتفالات. كما تشهد انتشارا أمنيا مكثفا فرضته قوات الأمن العام السوري لتأمين الاحتفالات باليوم الوطني.

وبدأت أعداد من السوريين التجمع في ساحة الأمويين في دمشق للاحتفال بهذه الذكرى. وأشارت وكالة سانا إلى فعالية لأهالي حي الميدان بدمشق بمناسبة "الذكرى الأولى ليوم التحرير"، تحت عنوان "أسبوع النصر".

احتفالية أهالي مدينة حماة في ساحة العاصي بمناسبة عام على تحرير المدينة.#عيد_التحرير#لنكمل_الحكاية#سوريا pic.twitter.com/nKLzg1bqQh

— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@Sana__gov) December 5, 2025

وفي حماة، احتشد الآلاف في ساحة العاصي بوسط المدينة، للاحتفال بالذكرى السنوية الأولى لوصول قوات ردع العدوان إلى المدينة بعد طرد قوات نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد منها.

ورفع المحتفلون أطول علم للبلاد بطول 500 متر. وبثت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) مقطع فيديو لحشود في ساحة العاصي وهم يرفعون العلم، وسط أناشيد ثورية، بينما رفع المشاركون أعلاما سورية وهم يرددون "ارفع راسك فوق، أنت سوري حر".

انتشار أمني في محيط ساحة العاصي بحماة لتأمين المشاركين بالاحتفال بمناسبة مرور عام على تحرير المدينة.#عيد_التحرير#لنكمل_الحكاية#سوريا pic.twitter.com/YFghtwJwHz

— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@Sana__gov) December 5, 2025

تجدر الإشارة إلى أن قوات "ردع العدوان" كانت قد خاضت أعنف المواجهات على أطراف المدينة قبل أن تسيطر على جبل زين العابدين الإستراتيجي، مما مهد الطريق لها لدخول مدينة حماة وريف حمص.

إعلان

ولمحافظة حماة رمزية ثورية في ذاكرة السوريين؛ إذ شهدت مجزرة دموية عام 1982، على يد نظام حافظ الأسد، والد بشار، راح ضحيتها نحو 40 ألف قتيل، في حين لايزال مصير 60 ألف شخص مجهولا رغم مرور عقود.

انطلاق "مسير التحرير" على الدراجات الهوائية من مدينة إدلب إلى دمشق، ضمن فعاليات الاحتفال بذكرى النصر والتحرير.#عيد_التحرير#لنكمل_الحكاية#سوريا pic.twitter.com/iaaZkfBt3M

— الوكالة العربية السورية للأنباء – سانا (@Sana__gov) December 5, 2025

"مسير التحرير"

كما احتشد المئات في ساحة الرمل الجنوبي بمدينة اللاذقية للاحتفال بالذكرى الأولى لسقوط النظام المخلوع.

ورفع المحتشدون شعارات تطالب بالتمسك بوحدة الأراضي السورية وضرورة تعزيز السلم الأهلي والعيش المشترك، كما طالبوا الحكومة الحالية بمحاسبة رموز النظام المخلوع الذين ارتكبوا جرائم حرب بحق السوريين خلال سنوات الثورة.

وضمن فعاليات الاحتفال بالذكرى، انطلق "مسير التحرير" على الدراجات الهوائية من مدينة إدلب إلى دمشق.

كما شاركت حشود جماهيرية في احتفالية شعبية بمدينة سلقين في ريف إدلب إحياءً للذكرى. وشهدت مدينة حريتان بريف حلب الشمالي احتفالات جماهيرية واسعة.

والجمعة الماضية، لبى آلاف السوريين دعوة الرئيس أحمد الشرع واحتشدوا بالآلاف في الساحات العامة في محافظات سورية عدة إحياء لذكرى انطلاق عمليات ردع العدوان التي أطاحت بنظام الأسد، مؤكدين تمسكهم بالوحدة الوطنية ورفض التقسيم، وتضامنهم مع سكان بلدة بيت جن في ريف دمشق ونددوا بالاعتداءات الإسرائيلية.

ويحتفل السوريون في مختلف محافظات البلاد بالخلاص من نظام الأسد عبر معركة ردع العدوان التي بدأت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024 في محافظة حلب شمال البلاد، قبل أن يتمكن الثوار من دخول دمشق بعد 11 يوما.

وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، تمكن الثوار السوريون من دخول العاصمة دمشق، معلنين إطاحة نظام بشار الأسد (2000- 2024)، الذي ورث الحكم عن أبيه حافظ (1970- 2000).

مقالات مشابهة

  • انسحاب إيران من سوريا قبل سقوط الأسد..كواليس الساعات الأخيرة
  • تقرير: 25 يومًا مهلة لأكراد سوريا.. رسالة تهديد من تركيا!
  • عودة عمليات تنظيم الدولة في سوريا.. إعلان عابر أم نقطة تحوّل؟
  • وسائل إعلام سورية: انفجار عبوة ناسفة بالقرب من فندق فورسيزونز دمشق
  • فيديو.. انفجار قرب فندق "فورسيزون" في دمشق
  • مبعوث ترامب إلى سوريا يخيب آمال الأكراد
  • واشنطن تغيّر مسارها.. أبرز ملامح إستراتيجية الأمن القومي الأمريكية الجديدة
  • احتفالات تعم سوريا في الذكرى الأولى لانتصار الثورة
  • ماذا وراء زيارة وفد مجلس الأمن إلى سوريا؟.. دعم أم رقابة؟
  • المجموعات المسلحة الجديدة التي ظهرت في غزة مؤخرا