تمر بعد غد السبت الذكرى الخامسة لتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق حفظه الله، مقاليد الحكم في 11 يناير 2020، وخلال هذه السنوات الخمس التي مرت، تم الاعداد للخطط والبرامج إعداداً جيداً، ولذلك فإن سياسة جلالته وفقه الله في هذ المضمار، لا تسير باستعجال أو القفز على الواقع، وإنما تسير وفق أسس ومنهجيات وتخطيطية وتمنح الوقت الكافي للمراجعة الإيجابية، قبل التطبيق، وبعضها قد تم التوجيه بشأنه في الخطة الاستراتيجية لرؤية عمان 2040، التي أشرف عليها جلالته وتابع خططها وبرامجها، في كل مرحلة من مراحل الخطط السنوية، ووجه ومضامينها وفق الخطط التي تم وضعها من خلال الحوارات والجلسات، من خلل الخبرات والكفاءات الوطنية، ومن تم الاستعانة بهم من خارج البلاد خاصة الخبرات الكبيرة المتخصصة لفترات محددة ومؤقتة.

ولا شك أن التوجيه السامي في مجال التنمية الشاملة، وتحقيق الرفاه الاجتماعي للمواطنين أخذت الألوية بعد تسلمه السلطة، أو التي تمت مراجعتها، وتجديد النظم والقوانين التي تسير عليها الدولة ومؤسساتها وهيئاتها، التي تقوم بها الأجهزة المختلفة المكلفة بها. وحدد جلالته حفظه الله، في خطاب في الثالث والعشرين من فبراير 2020، عندما وضع المسار المقبل الذي ستسير عليه بلادنا بإذن الله، في المرحلة المقبلة في الخطة الاقتصادية المقبلة، والتي تم تنفيذها آنذاك منذ العام الأول لقيادته البلاد، وقال جلالته في هذا الأمر: «إننا نقف اليوم، بإرادة صلبة، وعزيمة لا تلين على أعتاب مرحلة مهمة من مراحل التنمية والبناء في عمان، مرحلة شاركتم في رسم تطلعاتها، في الرؤية المستقبلية (عمان2040)، وأسهمتم في وضع توجهاتها وأهدافها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بما يجسد الرؤية الواضحة، والطموحات العظيمة لمستقبل أكثر ازدهارا ونماء، وإننا لندرك جميعا التحديات التي تمليها الظروف الدولية الراهنة، وتأثيراتها على المنطقة وعلينا، كوننا جزءا حيا من هذا العالم، نتفاعل معه، فنؤثر فيه ونتأثر به».

ولا شك أن الأهداف والتوجهات التي رسمها جلالته، أعزه الله، في هذا الخطاب التاريخي، وضعت الأهداف والتوجيهات خلال الخمس السنوات الماضة وفق ما تم رسمه وتحديده ـ سنوات الخطة الخمسية ـ لهذه الخطة والخطط المقبلة، موضع التنفيذ الفعلي، مع تجديد الكثير من المسارات في هذه الخطة التي وضعت بحكمة ورؤية ثاقبة وفق المستجدات التي تجري في العالم في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتحولات الاستراتيجية والسياسية، إلى جانب أهمية التجسيد والتطبيق الكامل إلى ما تم تحديده وتخطيطه، مع المراجعات التي تجري بين الفترة والأخرى، في مسار الخطط والبرامج في الواقع الملموس حتى يتم تلافي أخطاء قد لا تكون واضحة الوضوح التام عند التطبيق، كما وُضع لها من الخطط والمحددات، بما يضمن لهذه الخطط الإستراتيجية الطموحة النجاحات المستمرة عند تنفيذها دون معوقات، لتحقيق الأهداف المرجوة التي حدد معالمها جلالته المفدى في هذا الخطاب المشار إليه، وما تحدث عنها قبل ذلك، ومن هذه الأسس والمحددات التي ستكون ضمن هذه الخطة الإستراتيجية، أهمية الارتقاء بالتعليم والتأهيل، فهما يسيران معاً جنباً إلى جنب، برؤى جديدة ومتجددة، مع الثورة المعلوماتية ونتاج تقنياتها العلمية، وكذلك أهمية تنويع مصادر الدخل القومي، مما تزخر به بلادنا من ثروات طبيعية هائلة، في مجالات متعددة، وبما يعزز التطوير والتخطيط السليم في مراحل الخطة التي بدأ تطيقا منذ عدة أعوام.

ولتحقيق المزيد من الإنجازات والأهداف، خاصة فيما يتعلق بالتنمية الوطنية، والبناء الاقتصادي، والإداري، والاجتماعي، ولاستكمال مسيرة النماء التي شهدتها بلادنا.. قال جلالته في خطابه في العيد الوطني الخمسين: «إن شراكة المواطنين في صناعة حاضر البلاد ومستقبلها دعامة أساسية من دعامات العمل الوطني، ونحرص على أن تتمتع فيه المرأة بحقوقها التي كفلها القانون، وأن تعمل مع الرجل جنباً إلى جنب، في مختلف المجالات خدمة لوطنها ومجتمعها، مؤكدين على رعايتنا الدائمة لهذه الثوابت الوطنية، التي لا مُحيد عنها ولا تساهل بشأنها». ولعلنا كما تابعنا أن جلالته أعزه الله، أصد الكثير من التّشريعات المنظمة للمجالات الاجتماعية وتعزيزها بما يسهم في سعادة المواطن ورقيه، والتي أهتم بها جلالته حفظه الله، خاصة قانون الحماية الاجتماعية، ليكون بمثابة الشريعة العامة الحاكمة للخدمات والرعاية التي تقدمها الدولة للأفراد في سلطنة عُمان.

ولا شك أن قانون الحماية الاجتماعية، كان الهدف الأساسي منه - كما أكد على ذلك جلالته وفقه الله تعالى، توفير الحياة الاجتماعية الكريمة للمواطنين والعيش الكريم اللائق، والتخفيف من أعباء الحياة وتحولاتها بظروفها المختلفة، فكان هذا التوجيه الأسرع لكون هذا النظام شاملا لكل الأسر، لكبير السن والصغير أيضا من أبناء هذا الوطن العزيز ممن تتوافر فيهم هذه الصفات، وقد وعد جلالته في خطابه في العيد الوطني الخمسين، فقال بالنص: «بالرغمِ مِنَ التحدياتِ التي تواجهُ اقتصادَنا إلا أننا على يقينٍ بأنَّ خطةَ التوازن ِالماليِّ والإجراءاتِ المرتبطةِ بها، والتي تمَّ اعتمادُها مِنْ قِبَلِ الحكومةِ مُؤخراً ستكونُ بلا شكٍّ كافيةً للوصولِ باقتصادِنا الوطنيِّ إلى برِّ الأمان ِوسوفَ يَشهدُ الاقتصادُ خلالَ الأعوامِ الخمسةِ القادمةِ معدلاتِ نموٍّ تلبي تطلعاتِكم جميعاً أبناءَ الوطنِ العزيز. وتأكيداً على اهتمامِنا بتوفيرِ الحمايةِ والرعايةِ، اللازمةِ لأبنائِنا المواطنين، فقد وجّهْنَا بالإسراع ِفي إرساءِ نظامِ الحمايةِ الاجتماعيةِ؛ لضمان ِ قيامِ الدولةِ بواجباتِها الأساسيةِ، وتوفيرِ الحياةِ الكريمةِ لهم وتجنيبِهم التأثيراتِ التي قد تنجمُ عن بعضِ التدابيرِ، والسياساتِ المـالية، كما سنحرصُ على توجيهِ جزءٍ من عوائدِ هذه السياساتِ الماليةِ إلى نظامِ الحمايةِ الاجتماعيةِ؛ ليصبحَ بإذن ِاللهِ تعالى مِظلةً وطنيةً شاملةً لمختلفِ جهودِ وأعمالِ الحماية الاجتماعية».

ولا شك أن النهضة العمانية الحديثة التي قادها جلالة السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ والنهضة المتجددة التي يقودها الآن جلالة السلطان هيثم بن طارق وفقه الله، وضعت خططها برؤية ثاقبة راجعت فيها خطة رؤية عمان 2020، ووضعت خطة 2040 وفق منهجية جديدة تستقرئ تحولات العصر ومتغيراته.

ولذلك عمان الحاضر، رسمت الملامح الأساسية لهذا التحرك نحو المستقبل بظلال الحاضر، ووازنت بين ما يجب أخذه وبين ما يجب تركه، بين الأخذ بتكنولوجيا العصر والعناية برصيد القيم الوطنية الثابتة، مع التفاعل مع الحضارات الإنسانية وبين ما يجب أخذه وما يجب تركه، وفق المصالح المشتركة، وبين الاستمساك بالهوية الذاتية، والأهم أن تكون المصلحة العامة، هي المعيار في تنفيذ كل السياسات التي تنفذها الجهات المعنية، بتطبيق الخطط والبرامج، فهذه المنجزات هي ملك لعمان كلها، والأمانة والإخلاص، تتطلب الحفاظ على الانجازات التي تحققت في كل المجالات والمسارات، بما فيها المنجزات التي تحققت في نهضة عُمان الحديثة، أو التي تحققت وستتحقق في نهضتها المتجددة، وان تكون التطبيقات لهذه المهام الموكلة لجهات الاختصاص في غاية الدقة والأمانة، وأن تكون عُمان هي الهدف والمسعى لكل إنجاز تحقق ويتحقق على هذه أرضها الطيبة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التی تم ما یجب

إقرأ أيضاً:

خبير عسكري: ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة يخدم إستراتيجيتها الكبرى

قال الخبير العسكري والإستراتيجي العميد إلياس حنا إن تصاعد وتيرة العمليات التي تنفذها فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة يعكس تحولا إستراتيجيا واضحا في أسلوب المواجهة، ويخدم هدفا أكبر يتمثل في منع الاحتلال من السيطرة على الأرض.

وأشار حنا في تحليل للمشهد العسكري بقطاع غزة إلى أن مشاهد استهداف الجنود الإسرائيليين في حي الشجاعية بمدينة غزة تُظهر تنوعا في التكتيك ودقة في اختيار نوع السلاح المناسب لكل موقع، موضحا أن استخدام بندقية القنص "الغول" يعكس تكيّفا ميدانيا عاليا لدى المقاومة.

وكانت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، قد بثت في وقت سابق من اليوم الجمعة مشاهد جديدة من عملية نفذتها في الشجاعية، ضمن سلسلة عمليات أطلقت عليها اسم "حجارة داود"، تضمنت قنص جندي إسرائيلي وتفجير عبوات ناسفة في قوة راجلة.

وأوضح العميد حنا أن الشجاعية تمثل جبهة قتال شديدة التعقيد، وقد شهدت منذ بدء الحرب أكثر من 45 عملية نوعية، من بينها اشتباكات مباشرة وعمليات استشهادية، الأمر الذي يؤكد أن السيطرة الإسرائيلية على هذا الحي ما زالت بعيدة المنال.

نسق تصاعدي

وتابع بأن توالي هذه العمليات وفق نسق تصاعدي يشير إلى أن المقاومة تعتمد تكتيك الاستنزاف، من خلال إجبار الجيش الإسرائيلي على خوض معارك متعددة ومتزامنة في محاور مختلفة، مما يعيق تقدمه ويرهق بنيته العسكرية.

إعلان

وأكد أن المقاومة تخلت عن إستراتيجية التمركز، وباتت تعتمد على المناورة والكرّ والفرّ، بحيث تتخلى مؤقتا عن الأرض مقابل إبطاء التوغل الإسرائيلي، على أمل أن تفضي هذه المعادلة إلى فرص سياسية مواتية على المدى المتوسط.

وأضاف أن ما يجري يعكس قدرة واضحة على استخدام "منظومة سلاح" فعالة، تتنوع بين القنص، والعبوات الناسفة، والذخائر غير المنفجرة، بما يحقق أعلى درجات التأثير في صفوف الاحتلال بأقل قدر من الموارد.

ولفت إلى أن أسلوب التخطيط في هذه العمليات يتميز بالمرونة والسرعة، إذ يجري بناء الموقع، وتحديد الهدف، وتنفيذ الهجوم في وقت قياسي، مما يدل على فعالية في التقدير اللحظي واحترافية في التنفيذ.

مسارات إجبارية

وأشار إلى أن المقاومة تنجح أحيانا في فرض مسارات إجبارية لحركة قوات الاحتلال، كما حدث في خان يونس، حيث تم استدراج قوة إلى محور معين وزُرعت عبوات ناسفة مسبقا لتفجيرها في التوقيت الحرج.

وأوضح أن لكل ساحة قتال خصوصيتها، وبالتالي تختلف تكتيكات الشجاعية عنها في بيت لاهيا أو خزاعة، مما يعكس فهما ميدانيا عميقا للبيئة القتالية ومرونة تكتيكية تمنح المقاومة قدرة أعلى على الصمود.

وقال إن خطة الاحتلال تقوم على تهجير سكان الشمال وتكريس السيطرة على 75% من مساحة القطاع، وهو ما تسعى المقاومة إلى تقويضه عبر معارك استنزافية تمنع تثبيت واقع ميداني جديد في المناطق المفرغة.

وأكد أن جيش الاحتلال يتحرك وفق خطوات بطيئة، كما أشار قادته، بسبب حرصه على تجنب الخسائر المباشرة، ولهذا يلجأ أحيانا إلى استخدام آليات مدنية كما حدث مع الجرافة التي ظهرت في مشاهد العملية الأخيرة.

وأشار حنا إلى أن الاحتلال يسعى حاليا لتوسيع ما يسميه "المنطقة العازلة" في الشمال، وتحويل الغزيين إلى مجموعتين محاصرتين، إحداهما في محيط مدينة غزة، والأخرى جنوبا قرب المواصي، تمهيدا لتنفيذ خطة أوسع لتفكيك المقاومة.

إعلان

مقالات مشابهة

  • أستاذ الفقه المقارن: فلسفة بناء البيت الحرام هي الامتثال لأوامر الله
  • من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا
  • تأجيل محاكمة المتهمين في «رشوة وزارة الري» لجلسة 1 يوليو لاستكمال المرافعة
  • مؤتمر في نزوى يناقش تحديث التشريعات والقرارات الإدارية
  • انطلاقُ أعمال مؤتمر صياغة التشريعات بولاية نزوى لتعزيز الحوكمة وجودة الأداء المؤسسي
  • «تيته» تدعو إلى ضمان سلامة المتظاهرين وتسريع العملية السياسية في ليبيا
  • خبير عسكري: ارتفاع وتيرة عمليات المقاومة يخدم إستراتيجيتها الكبرى
  • وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل: رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا يمنح الأمل في التعافي
  • مفتي الجمهورية يكرم حفظة القرآن الكريم بمحافظة الشرقية.. صور
  • وزير الدفاع اللواء المهندس مرهف أبو قصرة: إلى العاملين في الجيش والقوات المسلحة، إن التزامكم بلوائح السلوك والانضباط -التي ستصدر بعد قليل- يعكس الصورة المشرقة التي نسعى لرسمها في جيش سوريا، بعدما شوّهه النظام البائد وجعله أداةً لقتل الشعب السوري، فيما نعم