50 عاماً على رحيل كوكب الشرق أم كلثوم، معجزة الفن بلا منازع، فى 3 فبراير 1975 كانت النهاية لجسدها، لكن ظلت روحها تتمتع باستمرارية العطاء، لتكمل مشوارها فى النجومية.
فى فبراير 2025، ما زالت الست محور الكُتاب فى البحث عن تفاصيل حياتها، وأغنياتها متصدرة الأعلى استماعاً عبر كافة منصات «السوشيال ميديا»، لتثبت أنها لم تكن مجرد صوت، بل أيقونة ثقافية إبداعية غيّرت مشهد الغناء العربى إلى الأبد.
«الوفد» تحتفى على مدى شهر بسيدة الغناء، وتكشف أسرارا وخبايا عن سحر كوكب الشرق وقدراتها فى صياغة مجد الغناء العربى، وتنشر حكايات جديدة عن حياة «ثومه» على لسان شهود عيان عايشوها، ونجوم تعلموا فى مدرستها.
سيدة الغناء فى كل العصور
وسائل الإعلام العالمية قالت عنها:
ليس لها نظير فى الغرب.. وصاحبة تأثير امتد أبعد من الغناء
فاطمة إبراهيم السيد البلتاجى هى أم كلثوم، كوكب الشرق، وشمس الأصيل، وصاحبة العصمة، وقيثارة الشرق، وثومة، والست، وسيدة الغناء العربى.
فى فبراير 1975 اصطف المصريون فى الشوارع لحضور موكب جنازة أم كلثوم، وقد نشر خبر وفاتها فى كبريات الصحف ووسائل الإعلام العالمية، ومن هذا التاريخ تزايد العد التصاعدى لنجومية تفردت على مدار77 عاماً واستمرت حتى كتابة هذه السطور بالبقاء.
كانت شعبيتها جارفه لدرجة أن خبر وفاتها أثار موجة من الحزن الهستيرى، ونجومتيها أقوى لدرجة أن يكون لها مريدون حتى هذه اللحظة.
تمتعت كوكب الشرق بموهبة صاحبتها قوة شخصية، حيث مزجت الذكاء بالموهبة فخرجت معجزة حقيقية مستمرة، تميزت مسيرتها بتعاونها مع أبرز شعراء وملحنى عصرها، ما ساهم فى إنتاج مجموعة من الأعمال التى أصبحت من أعمدة التراث الموسيقى العربى. فقد عملت مع أحمد شوقى فى أغنيات خالدة مثل «سلوا كئوس الطلا»، كما تعاونت مع الملحن رياض السنباطى، الذى شكّل معها ثنائيًا استثنائيًا أخرج العديد من الروائع، مثل «الأطلال» و«رباعيات الخيام». ولاحقًا، انضمت إلى هذه القائمة أسماء كبيرة مثل محمد عبدالوهاب فى أغنيات شهيرة كـ«أنت عمري»، وكان تعاونها مع محمد الموجى مميزا بـ«الصبر حدود»، و«اسأل روحك» وجاء تعاونها مع بليغ حمدى رحلة إبداع مع «حب إيه» و«كل ليلة» و«ألف ليلة وليلة»، و«الحب كله»، و«سيرة الحب» و«فات الميعاد».
بدأت أم كلثوم حياتها الغنائية عام 1923، وتألقت حتى وصلت لأوج تألقها خلال الأربعينيات وقدّمت أغانى الحب بالعامية، كما غنّت شعرًا أنيقًا ومتطورًا باللغة العربية الفصحى، ساعد تدريبها على الإنشاد الدينى وتلاوة القرآن فى وقتٍ مبكرٍ من حياتها فى تشكيل أسلوبها الفريد من ألحان زكريا أحمد، مثل أغنية «أنا فى انتظارك»، حتى انطلقت بسهولة لتجذب ملايين المستمعين على مدى أربعين عامًا تقريبًا ظلت حفلاتها الشهرية التى كانت تقام فى ليلة الخميس تُذاع على الهواء مباشرة، حتى بلغ عدد جمهورها الإذاعى الملايين فى مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
تمتعت أم كلثوم بصوتٍ فاخرٍ من نوع كونترالتو قوى جدًا (أكثر الأصوات النسائية عمقًا وندرة)، والذى يصل إلى منتصف منطقة الميزو سوبرانو (الصوت متوسط النبرة للمرأة)، ويوجد فى هذه المنطقة الصوتية 16 نغمة موسيقية.
ذكاؤها الحاد فى اختيار الكلمات كان جزءا أساسيا من هذا التألق، حيث كانت دائمة البحث عن جواهر الشعر العربى، وأخذت على عاتقها ان تصل بهذه النجومية إلى العالم.
كما أنها تميّزت بقدرات هائلة على تغيير طبيعة الأداء الغنائى حسب الحاجة، فتصرخ حزنًا أو تهتف فرحًا، أو تتأوه ألمًا أو تغضب. وقد تضطر إلى الابتعاد عن الميكروفون، ويصاحب ذلك مشاعر جسدية قوية ورصينة وصادقة، وهى تهز منديلها الممسك بأصابعها التى لا تكفّ عن الاحتكاك ببعضها البعض.
لقد كانت رمزًا ثقافيًا لأمتها، وقد عُرفت بأسلوبها الغنائى الفريد وحسها الشخصى فى الأناقة، وكانت تعتبر نموذجًا معاصرًا للفن العربى، كما لعبت دورًا فى السياسة المصرية، حيث قامت بجولات فى العالم العربى والغربى بعد حرب 1967 وتبرعت بعائدات حفلاتها للمجهود الحربى.
احتلت أم كلثوم، المركز 61 فى قائمة أعظم 200 مطرب فى التاريخ، والتى أعدتها مجلة رولينج ستون الأمريكية المتخصصة فى الموسيقى، وكانت المطربة العربية الوحيدة فى القائمة، ووفقا لتقرير المجلة فإن كوكب الشرق ليس لها نظير فى الغرب، إذ تعتبر روح العالم العربى، وصاحبة تأثير امتد لما هو أبعد من الغناء.
ووصفت المجلة صوت أم كلثوم بأنه رنان، يعبر بسهولة عن المشاعر والعواطف، رغم تنوع الموضوعات التى تتناولها أغانيها. وذكرت أن المغنية بيونسيه استخدمت أغنية أم كلثوم «أنت عمري» فى تصميم جولتها الفنية فى عام 2016. وقد تمت الاختيارات بناء على الأصالة والتأثير وعمق منتجات الفنان واتساع تراثه الموسيقى.
صحيفة لوموند الفرنسية قد اختارت فى عام 1999، بناء على استطلاع أجرته الصحيفة لاختيار روائع القرن العشرين الفنية والأدبية، أغنيتها «الأطلال» من بين أفضل 100 عمل فنى وأدبى شكلت ذاكرة القرن العشرين. وفى الأطلال وهى من شعر إبراهيم ناجى وألحان رياض السنباطى، تحلق أم كلثوم فى فضاء المعانى والكلمات، ثم تغوص فى بحار اللحن، لتخطف قلوب السامعين والعشاق بشباك صوتها.
وفى ليلتى الإثنين 13 والأربعاء 15 نوفمبر من عام 1967 غنت أم كلثوم على مسرح الأوليمبيا فى العاصمة الفرنسية باريس لصالح المجهود الحربى.
وقال جان ميشال بوريس أحد مديرى الأوليمبيا فى تلك الفترة إن 3 مغنين حفروا أسماءهم فى ذاكرة الأوليمبيا وهم أم كلثوم، وأديث بياف، وجاك بريل.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: کوکب الشرق أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
تهديد لاستقرار كوكب الأرض.. درجات الحرارة ترتفع إلى مستويات غير مسبوقة في آيسلندا وغرينلاند
في ظل ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل يفوق ضعف المعدل العالمي، بدأت المجتمعات المحلية، وخصوصًا السكان الأصليين من الإنويت، في مواجهة تحديات غير مسبوقة. اعلان
تشهد المناطق القطبية الشمالية تحولات مناخية حادة لم تعد تقتصر على الدول المعروفة بمناخها الحار. فقد أظهرت دراسة حديثة أجرتها مجموعة "إسناد الطقس العالمي" (WWA) أن الموجة الحارة غير المسبوقة التي ضربت آيسلندا وغرينلاند الشهر الماضي أصبحت أكثر حدة بنحو 3 درجات مئوية بسبب التغير المناخي الناتج عن النشاط البشري.
في 15 مايو/أيار، سجلت محطة مطار إغيلستادور في آيسلندا 26.6 درجة مئوية، في رقم قياسي وطني جديد لهذا الشهر. وبعد أيام قليلة، في 19 مايو، بلغت الحرارة في محطة إيتوكورتورميت بشرق غرينلاند 14.3 درجة مئوية، مقارنة بمتوسط درجات الحرارة القصوى اليومية البالغ 0.8 درجة فقط.
الدكتورة سارة كيو، الباحثة في المعهد الملكي الهولندي للأرصاد الجوية، تقول: "غالبًا ما نفكر في دول مثل الهند أو إيطاليا عند الحديث عن موجات الحر، لكن حتى الدول الباردة مثل آيسلندا باتت تشهد ظواهر مناخية متطرفة".
وتشير الدراسة إلى أن موجة الحر الأخيرة تسببت في ذوبان الجليد في غرينلاند بمعدل يعادل 17 ضعف المعدل المعتاد، خلال الفترة بين 15 و21 مايو، وفقًا للمركز الوطني الأمريكي لبيانات الثلوج والجليد.
مجتمعات مهددةفي ظل ارتفاع درجة حرارة القطب الشمالي بمعدل يفوق ضعف المعدل العالمي، بدأت المجتمعات المحلية، وخصوصًا السكان الأصليين من الإنويت، في مواجهة تحديات غير مسبوقة. تقول مايا فاهلبيرغ، المستشارة الفنية في مركز الصليب الأحمر والهلال الأحمر للمناخ: "المجتمعات المحلية في القطب الشمالي لطالما اعتمدت على استقرار المناخ، لكننا اليوم نرى مؤشرات خطر متزايدة".
ذوبان الجليد أدى إلى تقليص المساحات الآمنة للتنقل والصيد، مما يهدد نمط الحياة التقليدي للإنويت، كما تسبب في تراجع عدد كلاب الزلاجات التي استخدمت منذ آلاف السنين. وفي آيسلندا، بات كبار السن والمصابون بأمراض مزمنة أكثر عرضة لتأثيرات الحرارة، رغم انخفاض معدلات الوفاة المرتبطة بها مقارنة بدول جنوب أوروبا.
التحذيرات الرسمية من حروق الشمس، وتلطيف الطرقات بالإسفلت البارد في آيسلندا، تكشف عن واقع جديد لم يكن مألوفًا في البلدان الباردة.
Relatedدراسة تحذر: الاحتباس الحراري يضاعف قوة الأعاصير الأطلسيةكيف يمكن الاعتماد على "تشات جي بي تي" أن يزيد من الاحتباس الحراري في العالم؟الدكتور هالدور بيورنسون، رئيس قسم المناخ في مكتب الأرصاد الجوية الآيسلندي، يؤكد أن الأحداث الأخيرة تخرج عن نطاق البيانات التاريخية المعتادة. ويقول: "ما شهدناه في مايو من موجة حر كاسحة حطم أرقامًا تعود لأكثر من قرن. 94% من محطات الطقس في البلاد سجلت درجات حرارة قياسية".
ويحذر بيورنسون من أن هذه ليست حوادث منعزلة، بل مؤشرات على تغيرات منهجية في أنماط الطقس، وقد تشهد آيسلندا موجات حر أشد بنحو درجتين مئويتين في العقود المقبلة، إذا استمر الاحترار المناخي على مساره الحالي وتجاوزت حرارة الكوكب 2.6 درجة بحلول عام 2100.
في غرينلاند، أظهرت التحليلات أن اليوم الأكثر حرارة في مايو كان أكثر دفئًا بـ3.9 درجات مئوية مقارنة بما كان سيكون عليه الحال في مناخ ما قبل الثورة الصناعية. ويُرجّح الباحثون أن هذه الفروقات ناجمة بالكامل تقريبًا عن التغير المناخي.
تأثير على كوكب الأرضتحذيرات العلماء لا تتوقف عند حدود القطب الشمالي. يقول الدكتور فريدريك أوتو، أستاذ علوم المناخ في إمبريال كوليدج لندن: "ما يحدث في القطب الشمالي له تأثيرات عالمية. ذوبان الجليد يسرّع من ارتفاع مستوى سطح البحر، ما يهدد بقاء المجتمعات الساحلية والجزرية حول العالم، من فانواتو إلى كيريباتي".
تشير البيانات إلى أن غرينلاند تخسر حوالي 43 مليار طن من الجليد سنويًا، مع تزايد القلق من اقتراب نقطة التحول التي قد تجعل ذوبان الغطاء الجليدي أمرًا لا رجعة فيه.
كما أن ذوبان الجليد يهدد تيارات المحيط الأطلسي الدافئة، التي تلعب دورًا رئيسيًا في استقرار المناخ في أوروبا. انهيار هذه التيارات قد يؤدي إلى تغيرات مناخية حادة قد تُغرق أوروبا في موجات برد قاسية غير معتادة.
تختم الدراسة بالتأكيد على أن مصدر هذه التحولات واضح: حرق الوقود الأحفوري. وتضيف الدكتورة كيو: "لدينا المعرفة والتكنولوجيا، ولكن ما نحتاجه هو الإرادة السياسية لحماية حقوق الإنسان في مواجهة أزمة تطال الجميع، وليس فقط الأقوياء والأغنياء".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة