قالت دار الإفتاء المصرية إن الله تعالى خلق الإنسان مفضلًا على غيره من جنس الحيوان؛ قال تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]، وأباح له الزينة بضوابطها الشرعية؛ فقال تعالى: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 32].

حب النبي محمد صلى الله عليه وسلم للتزين 

وجاء في السنة النبوية المطهرة حبِّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم للتزين، ولما سأله رَجُلٌ: إِنَّ الرَّجُلَ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ ثَوْبُهُ حَسَنًا وَنَعْلُهُ حَسَنَةً، قَالَ: «إِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الْجَمَالَ» أخرجه مسلم.

كما بيَّن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن من الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وكان عليها النبيون عليهم السلام خصالًا ينبغي أن يأخذ الناس بها؛ فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَالَ: «الْفِطْرَةُ خَمْسٌ -أَوْ خَمْسٌ مِنَ الْفِطْرَةِ- الْخِتَانُ، وَالِاسْتِحْدَادُ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَقَصُّ الشَّارِبِ» متفق عليه، وأخرج البخاري نحوه عن ابن عمر رضي الله عنهما.

وأخرج مسلم عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَإِعْفَاءُ اللِّحْيَةِ، وَالسِّوَاكُ، وَاسْتِنْشَاقُ الْمَاءِ، وَقَصُّ الْأَظْفَارِ، وَغَسْلُ الْبَرَاجِمِ، وَنَتْفُ الْإِبِطِ، وَحَلْقُ الْعَانَةِ، وَانْتِقَاصُ الْمَاءِ» قَالَ زَكَرِيَّا: قَالَ مُصْعَبٌ: وَنَسِيتُ الْعَاشِرَةَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَضْمَضَةَ.

قال العلامة الخَطَّابي في "معالم السنن" (1 /31، ط. المطبعة العلمية، حلب): [قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عَشْرٌ مِنَ الْفِطْرَةِ»، فَسَّر أكثر العلماء الفطرة في هذا الحديث بالسنة، وتأويله: أن هذه الخصال من سنن الأنبياء الذين أُمرنا أن نقتدي بهم؛ لقوله سبحانه: ﴿فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ﴾ [الأنعام: 90].

وأول مَن أُمِرَ بها إبراهيم صلوات الله عليه؛ وذلك قوله تعالى: ﴿وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ﴾ [البقرة: 124]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: أمره بعشر خصالٍ ثم عددهن، فلما فعلهن قال: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾، أي: ليُقتدى بك ويُستن بسنتك، وقد أمرت هذه الأمة بمتابعته خصوصًا، وبيان ذلك في قوله تعالى: ﴿ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا﴾ [النحل: 123]، ويقال: إنها كانت عليه فرضًا وهن لنا سنة] اهـ.

وقال العلامة المُناوي في "فيض القدير" (4/ 316، ط. المكتبة التجارية): [تنبيه: يتعلق بهذه الخصال مصالحُ دينيةٌ ودنيويةٌ تدرك بالتتبع، منها: تحسين الهيئة، وتنظيف البدن جملةً وتفصيلًا، والاحتياط للطهر، والإحسان إلى المخالط بكفِّ ما يتأذَّى بريحه، ومخالفة شأن الكفار من نحو مجوس ويهود ونصارى، وامتثال أمر الشارع، والمحافظة على ما أشار إليه بقوله سبحانه: ﴿فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ﴾، فكأنه قال: حسَّنتُ صوركم فلا تشوِّهوها بما يقبِّحها، والمحافظة عليها محافظة على المروءة والتآلف؛ لأن الإنسان إذا كان حسن الهيئة انبسطت إليه النفوس فقُبل قوله، وحُمد رأيه، وعكسه عكسه] اهـ. 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: النبي النبي محمد السنة النبوية السنة التزين صلى الله علیه وآله وسلم ال ف ط ر ة رضی الله ى الله ع ه وآله

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: الاستغفار والصلاة على النبي ولا اله الا الله طريق المسلم للثبات

قال الدكتور علي جمعة ، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ، إن سفيانُ بنُ عبدِ اللهِ جاء إلى النبيِّ ﷺ فقال له: يا رسولَ الله، تشعَّب بنا الإسلامُ، فقل لي في الإسلامِ قولًا لا أسألُ عنه أحدًا بعدك. فقال ﷺ: «قُلْ آمَنْتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اسْتَقِمْ».وجاءه شخصٌ آخر فقال: يا رسولَ الله ﷺ، أريد شيئًا لا أسأل أحدًا بعدك عنه، يَجتمع لي به أمرُ الإسلام، فقال ﷺ: «لا يزال لسانُكَ رَطْبًا مِن ذِكْرِ اللهِ».

واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، إذًا الذي يُساعِد على الالتزام بالدين وأوامرِ الله تعالى هو الذِّكر. يقول الله عز وجل: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ}؛ أي: ولذِكرُ الله أكبرُ من كلِّ شيء، ومن ذلك الصلاةُ نفسُها.

عندما يبدأ الإنسانُ بذِكرِ الله كثيرًا، يبدأ بما يُسمِّيه أهلُ الله «الأساس»، وهو أن يقول: «أستغفرُ الله» أو «أستغفرُ الله العظيم» مائةَ مرة، ثم يُصلِّي على النبي ﷺ بأي صيغةٍ مائةَ مرة، ثم يقول «لا إله إلا الله» مائةَ مرة؛ بهذا الترتيب: الاستغفار، ثم الصلاة على النبي ﷺ، وهو الواسطة بين الحقِّ والخلق، صاحبُ الوحيَيْنِ: الكتابِ والسُّنَّة، النبيُّ المرسَل صلى الله عليه وآله وسلم الذي ارتضاه الله لنا، فنُكثِر من الصلاة والسلام عليه؛ قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}.

ثم بعد ذلك نذكر كلمةَ التوحيد؛ قال النبي ﷺ: «خيرُ ما قلتُ أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله».

هذه هي حقيقةُ الكون، وهذه هي مُلخَّصات الإسلام، وهذه هي حقيقةُ الدين، وهذه هي حقيقةُ الإنسان: أنَّه لا إله – خلقه ورزقه وأحياه وأماته – إلا اللهُ سبحانه ربُّ السماواتِ والأرضِ وربُّ العرشِ العظيم.
نقول – صباحًا ومساءً – هذه المئات الثلاثة:
مائةَ مرة «أستغفرُ الله»، ومائةَ مرة «الصلاةُ على النبي ﷺ»، ومائةَ مرة «لا إله إلا الله».

والليلُ يبدأ من الغروب إلى الفجر، والصبحُ أو النهارُ أو «اليومُ» يبدأ من أذانِ الفجر إلى أذانِ المغرب؛ قال تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، فالليلُ يدخل بأذانِ المغرب، وقال تعالى: {حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْرِ}، فهذا هو ابتداءُ النهار.

علينا إذن أن نذكر الله كثيرًا، وأقلُّ ما يُسمَّى «ذكرًا كثيرًا» هو هذه المئاتُ الثلاثة التي تُشِير إليها الآيةُ الكريمةُ في الاستغفار: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا ¤ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا ¤ وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}.

إذًا الإنسانُ في مسيرتِه إلى الله يبدأ خطوةً خطوة؛ فقد قيل: «إنَّ المنبِتَّ لا أرضًا قطع، ولا ظهرًا أبقى»؛ أي إنَّ مَن أحبَّ أن يُسرِعَ جدًّا بمشقَّةٍ على نفسِه، يُتعِب راحلتَه – الجمل – وفي الوقتِ نفسِه لا يقطع مسافةً تُذكَر؛ فعَلينا بالهُوَيْنَى.

ومَن يشعر بالتقصير، فهذا شعورٌ طيِّب، لكن ينبغي ألا نجعله يُعطِّلنا عن الاستمرار، ولا أن يُحدِث في نفوسِنا شيئًا من الإحباط، بل يكون باعثًا على مزيدٍ من الإقبال على الله بذكرِه وطاعتِه.

طباعة شارك ذكر الله فوائد ذكر الله الا بذكر الله تطمئن القلوب

مقالات مشابهة

  • دعاء طلب الرحمة والمغفرة والعتق من الله سبحانه وتعالى
  • علي جمعة: الاستغفار والصلاة على النبي ولا اله الا الله طريق المسلم للثبات
  • ماذا قال رسول الله عن ركعتي الفجر
  • الدعاء نزول المطر.. أهم أوقات وأماكن استجابة الدعاء في السنة النبوية
  • دعاء المطر كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم .. احرص عليه الآن
  • حكم الحلف برحمة النبي.. وفضل الصلاة عليه في الليل
  • تفسير قوله تعالى صم بكم عمي فهم لا يعقلون.. علي جمعة يوضح
  • مفهوم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
  • فضل الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم
  • دار الإفتاء تشرح معنى الصلاة على النبي ﷺ وحكمها وفضلها