بوابة الوفد:
2025-05-21@02:36:25 GMT

ضابط تغيير خلق الله المنهي عنه في القرآن الكريم

تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT

تغيير خلق الله.. قالت دار الإفتاء المصرية إن المفسرون اختلفوا في تفسير قوله تعالى: ﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: 119]، أي هل المراد تغيير دين الله بتحليل الحرام وتحريم الحلال؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ الله﴾، أو المراد تغيير الأحوال التي تتعلق بالظاهر؛ كالوصل والوشم ونحو ذلك.

حكم تغيير خلق الله 

واوضحت الإفتاء أنه إذا كان المراد بهذه الآية هو تغيير الأحوال الظاهرة فإن المنهي عنه هو العدول عن صفة الخِلْقة أو صورتها التي تعرف بها بالإزالة أو التبديل؛ كالوشم وتفليج الأسنان.

قال الإمام البيضاوي في "أسرار التنزيل" (2/ 98، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ عن وجهه وصورته أو صفته] اهـ.

والضابط في تغيير خلق الله المنهي عنه، والذي نص عليه العلماء: أن يسبب ضررًا لفاعله، وأن يعمل في الجسد عملًا يُغير من خلقته تغييرًا دائمًا باقيًا، كالوشم وتفليج الأسنان ووشرها، أما إذا خلا من ذلك فلا يعد تغييرًا لخلق الله.

قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (5/ 393، ط. دار الكتب المصرية): [فقيل: لأنها من باب التدليس، وقيل: من باب تغيير خلق الله تعالى، كما قال ابن مسعود، وهو أصح، وهو يتضمن المعنى الأول، ثم قيل: هذا المنهي عنه إنما هو فيما يكون باقيًا؛ لأنه من باب تغيير خلق الله تعالى، فأما ما لا يكون باقيًا كالكحل والتزين به للنساء، فقد أجاز العلماء ذلك] اهـ.

وقال الشيخ الطاهر ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (5/ 205-206، ط. الدار التونسية): [وليس من تغيير خلق الله التصرف في المخلوقات بما أذن الله فيه ولا ما يدخل في معنى الحسن، فإن الختان من تغيير خلق الله، ولكنه لفوائد صحية، وكذلك حلق الشعر؛ لفائدة دفع بعض الأضرار، وتقليم الأظفار؛ لفائدة تيسير العمل بالأيدي، وكذلك ثقب الآذان للنساء لوضع الأقراط والتزين، وأما ما ورد في السُّنَّة من لعن الواصلات والمتنمصات والمتفلجات للحسن؛ فمما أشكل تأويله، وأحسب تأويله أن الغرض منه النهي عن سمات كانت تعد من سمات العواهر في ذلك العهد، أو من سمات المشركات، وإلا فلو فرضنا هذه منهيًّا عنها لما بلغ النهي إلى حد لعن فاعلات ذلك، وملاك الأمر أن تغيير خلق الله إنما يكون إثمًا إذا كان فيه حظٌّ من طاعة الشيطان، بأن يجعل علامة لنحلة شيطانية، كما هو سياق الآية واتصال الحديث بها] اهـ.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: خلق الله تغيير خلق الله الإفتاء دار الإفتاء تغییر خلق الله المنهی عنه تغییر ا ق الله

إقرأ أيضاً:

الابتلاء سنة الأنبياء.. والتمكين وعد الله لا يخلفه

لم تكن أصنام "اللات" و"العزى" سوى حجارة صامتة، تجسّد جهالة مرحلة ما قبل النور، لكنّ التاريخ يعيد دورته بوجه آخر. فالعرب الذين حطّم الإسلام قيود عبوديتهم الأولى، يعودون اليوم إلى طقوس خضوع مختلفة، أكثر حداثة في الشكل، وأشد امتهانا في الجوهر. إنهم يسجدون لواشنطن، ويُقبّلون يد تل أبيب، ويقيمون ولاءهم السياسي على عتبات العواصم الغربية.

لقد استبدل كثير من الحكام الدين بالدولار، والكرامة بتحالفات مشروطة، والقرآن بنشرات الأخبار. قُوّضت الأصنام، نعم، لكن تم تشييد أخرى: عملاقة، إسمنتية، لا تُعبد علنا، بل تُهاب وتُطاع باسم "المصالح العليا".

الهيمنة تصوغ العبيد بثوب السيادة

منذ اكتشاف النفط، ساد وهمٌ بأن الثروة تعني السيادة، وأن القصور تصنع الهيبة. لكن هذه الفرضية سرعان ما انهارت أمام اختبارات التاريخ. القرآن الكريم نفسه نَبَّه إلى هذا حين قال: "مَن كَانَ يُرِيدُ العِزَّةَ فَلِلَّهِ العِزَّةُ جَمِيعا" (فاطر: 10). فالعزة لا تُشترى، بل تُكتسب بالإيمان والعدل والموقف، غير أن كثيرا من الأنظمة صدّقت أن الثراء يكفي لصناعة القوة، فاستبدلت العزة بالرياء، وتحولت النعمة إلى نقمة حين اقترنت بالخضوع.

ورثة فرعون

ما قاله فرعون قديما: "أنا ربكم الأعلى" (النازعات: 24)، يُقال اليوم بصيغ دبلوماسية ناعمة؛ حكّام يبررون استبدادهم بذريعة "الاستقرار"، ويتكئون على تحالفات مع قوى الهيمنة كأنها قدر لا يُرد. لكنّ القرآن يُذَكّر بأن فرعون لم يسقط بثورة جياع، بل بضعف مظلومين آمنوا بوعد الله: "فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ.." (الشعراء: 60-61). فالمعادلات المادية ليست وحدها موازين النصر، وهذا ما تجاهله أولئك الذين ربطوا مصيرهم بالغرب بدلا من شعوبهم.

قارون في ثوب معاصر

قارون، الذي فُتن بثروته فخسف الله به وبداره الأرض، لم يكن حكاية رمزية فحسب، بل نموذجا متكررا في السياق العربي الحديث. نرى اليوم حكّاما يتفاخرون بالأبراج والأرقام والأرصدة، وكأن المال يمنحهم الشرعية ويمنع عنهم عاقبة الحساب، "فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ" (القصص: 81). لكن لا القصور تحمي من الزلازل، ولا المليارات تؤخّر لحظة السقوط.

الدرس المنسي من سبأ

في قصة سبأ، اجتمعت الخيرات والسلطة، لكن البركة تلاشت حين أعرض القوم عن شكر النعمة. جاءهم سيل العرم، فمحا كل ما ظنوه دائما، "فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ" "سبأ: 16". فهل نحتاج إلى عاصفة جديدة لنتعلّم الدرس ذاته؟ الثروات لا تصنع حضارة إذا غاب عنها البصيرة، وانفصلت عن عدالة السياسة ونقاء الروح. المفكر الجزائري مالك بن نبي أشار بدقة إلى هذه الإشكالية حين قال: "الثروة التي لا تصنع الوعي، تصنع التبعية".

مصر وذاكرة الفرعون

من أرض الكنانة بدأ الخلاص، حين واجه موسى طغيان فرعون، لكن المفارقة أن مصر اليوم تمضي نحو استنساخ النموذج ذاته؛ مدن ذكية تُبنى على خرائط الفقر، ومشاريع عملاقة تُلمّع واجهات متصدعة اجتماعيا. والغائب الأكبر هو النداء الإلهي الذي قال: "وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ" (الأعراف: 137). لم تعد المسألة تنموية بقدر ما هي بنيوية، ترتبط بإرادة سياسية مغيبة عن أولويات الأمة.

من يقرأ القرآن لا تفوته حقيقة أن مصائر الطغاة ليست مجرد قصص وعظية، بل هي سننٌ ربانية تمهل ولا تهمل. القصور مهما علت، يطويها التراب، وكل استعلاء لا يستند إلى الحق، هو هبوط مؤجل. وما نشهده اليوم لا يمكن وصفه بالانحدار السياسي فحسب، بل هو ارتداد عن لحظة التنوير التي فجّرها الوحي يوم نزل على قلب محمد صلى الله عليه وسلم.

الرسول ومعاناة الطغيان: العزة تبدأ من اليقين

لم تكن العزة شعارا مرفوعا في صدر الإسلام، بل كانت طريقا محفوفا بالألم، محفورا بالدموع والجراح. لقد ذاق رسول الله صلى الله عليه وسلم من صنوف الأذى ما لم يتحمله بشر، لا لذنب جناه، بل لأنه قال: ربّي الله. شُجّ وجهه في أُحد، أوذي في الطائف، حُوصِر في الشِّعب ثلاث سنين، مات عمه وزوجه في عام واحد، لكنه ثبت. لم تهتزّ في قلبه ذرة يقين، لأنه يعلم أن الله لا يُخلف وعده.

قال الصحابي خباب بن الأرتّ: "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا؟ ألا تدعو لنا؟ فقال: لقد كان مَن قبلكم يُؤتى بأمشاط الحديد، ما يصرفه ذلك عن دينه.. ولكنكم تستعجلون" (رواه البخاري). هكذا كانت التربية النبوية: الصبر مع وضوح البوصلة.

إن حكمة الله في الابتلاء ليست تعذيبا، بل تمييزا. لا يولد النصر من رحم الوفرة، بل من عمق المحنة، وإن الأمة التي تستبدل هذا اليقين بالارتهان للخارج، لن تحصد إلا الخيبة. العزة لا تُستورد، ولا تُنتزع من بين ركام التحالفات، بل تُولد من قلب مؤمن بأن الكرامة لا تُشترى، وأن القرآن ليس وثيقة تراث، بل دستور نجاة.

مقالات مشابهة

  • صلاة الشكر .. حكمها ودعائها وشروط صحتها
  • فضل صلاة الضحى.. فوائد عظيمة اغتنمها ولا تتكاسل عن أدائها
  • حكم تغيير وجهة التبرع دون إذن المتبرع.. المفتي يوضح
  • التصفيات الختامية لمسابقة القرآن الكريم لطالبات المدارس الصيفية بالأمانة
  • الابتلاء سنة الأنبياء.. والتمكين وعد الله لا يخلفه
  • لماذا نحر الأضحية في العيد الكبير .. 7 أسباب لا يعرفها كثيرون
  • ارتياح بين طلاب الشهادة الإعدادية الأزهرية بالشرقية عقب أداء امتحان مادتى القرآن الكريم والكمبيوتر
  • هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر؟.. دار الإفتاء تجيب
  • تكريم 300 دارسة في ختام الأنشطة السنوية بمدارس القرآن الكريم بالعوابي
  • حرم المرحوم شفيق عبنده في ذمة الله تعالى